إيران وأمريكا والتطبيع.. حرب غزة تضع دول الخليج أمام تحديات خطيرة
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
وضعت الحرب في غزة أمام دول الخليج – التي كانت عازمة على وضع خصومات الماضي خلف ظهرها، لكنها لا تزال مسؤولة أمام صوتها الشعبي العربي - تحدياً فريداً ومحفوفاً بالمخاطر، وسيكون عليها أن تتصرف بمسؤولية وتركيز، لا سيما إزاء تداخل إيران فيما يجري، واحتمالية تفجر تلك الحرب لتدور بعض تفاصيلها على الميدان الخليجي.
ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" للأكاديمي والباحث السياسي الكويتي محمد الرميحي، الأمين العام السابق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من الموجة الجديدة من القادة المتطلعين إلى المستقبل في جميع أنحاء دول الخليج، وسلسلة من الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى وضع حد للتوترات الجيوسياسية القديمة، فإن أزمات المنطقة لا تزال تنمو، وأصبحت الحلول بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.
اقرأ أيضاً
غزة تسيطر على اجتماع رؤساء برلمانات الخليج في قطر.. وهجوم على الاحتلال
المسؤولية الشعبيةوأضاف: يشكل اندلاع الحرب في غزة تحدياً مميزاً وخطيراً لدول مجلس التعاون الخليجي، التي رغم حرصها على المضي قدماً بعد نزاعات الماضي، تظل مسؤولة أمام مشاعر شعوبها.
وكان قادة الخليج، لا سيما الذين طبعوا علاقاتهم بالفعل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، يدرسون كيفية الاستمرار في جني الفوائد الاقتصادية والأمنية لتوثيق العلاقات مع تل أبيب، مع المحافظة على قدر من الاحتجاج على سلوك دولة الاحتلال خلال الحرب في غزة، كما يقول الرميحي.
ويشير الكاتب أيضا إلى أن الحرب التي بدأت في غزة، لا يستطيع أحد أن يتنبأ، حتى الآن، بمداها الزمني وآثارها الجيوسياسية، والأهم هو مدى تدخل القوى الإقليمية، مثل إيران وتركيا، في الصراع الدائر لتعظيم مصالحها ونفوذها.
اقرأ أيضاً
ف. تايمز: حرب غزة تهز اقتصادات الشرق الأوسط.. ودول الخليج ستتضرر
القلق من إيرانويرى أن أبرز المخاوف تتعلق بإيران، والتي ترعى شبكة واسعة من الجماعات الوكيلة التي بدأت تتدخل في حرب غزة بعدة أساليب عسكرية.
لكن الجيد هنا، أن إيران لم تتدخل رسميا في الحرب، وبدلا من ذلك، قدمت نفسها كلاعب إقليمي مؤثر، على استعداد – ظاهريا- لتقديم مساعدتها للأطراف المتضررة، مقابل توسيع نفوذها، وهو ما كش فعنه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حينما قال إن طهران مستعدة للعب دور في إطلاق سراح الأسرى الذين بحوزة المقاومة الفلسطينية في غزة، وأنها تلقت اتصالات من دول لها رعايا أسرى في القطاع تطلب وساطتها.
الرأي العام الخليجيويقول الرميحي إن الأزمة الكبرى أمام قادة الخليج الآن هو الرأي العام الشعبي الذي يغلي جراء استمرار مشاهد المروعة لآلاف الأطفال الفلسطينيين القتلى وقصف المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية في غزة.
اقرأ أيضاً
بلومبرج: هكذا تضغط الولايات المتحدة على دول الخليج لوقف جمع التبرعات لحماس
وتسبب الأمر في خلق معضلة لا تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي الهروب منها. فمن ناحية، حققت علاقاتهم مع إسرائيل، العلنية أو غير ذلك، مكاسب حقيقية في مجالات الاقتصاد والأمن والتكنولوجيا، ومن ناحية أخرى، قبل اندلاع الحرب المستمرة، أوضح قادة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل لا لبس فيه أن مسؤوليتهم الأساسية هي رعاية مواطنيهم، وليس الفلسطينيين.
ولكن عندما يدعو هؤلاء المواطنون قادتهم إلى إدانة إسرائيل، فليس أمامهم خيار سوى اتباعهم، يقول الكاتب.
الدور الأمريكيولا يؤدي الدور الأمريكي إلا إلى تفاقم الوضع بالنسبة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعاني من الارتباط بسبب علاقاتها الوثيقة مع واشنطن.
وتزايدت الدعوات في الكويت لطرد السفيرة الأمريكية المعينة حديثا، ودعا آخرون دول الخليج إلى استخدام سلاح النفط لمحاولة وقف الحرب في غزة، وواجهت دول تقيم علاقات مع إسرائيل دعوات لطرد السفراء الإسرائيليين.
ويقول الكاتب: في ظل كل هذا التوتر، من المهم أن نفهم أن الإجراءات والسياسات في خضم هذا التصعيد العسكري يمكن أن تؤدي إلى عواقب كارثية على أمن دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تحاط تلك الدول بإيران، والحوثيين في اليمن، والميليشيات المدعومة من إيران في العراق؛ وجميعها قادرة على زعزعة استقرار دول مجلس التعاون الخليجي إذا اتسعت الحرب في غزة.
اقرأ أيضاً
نصرة لفلسطين.. الحرس الثوري يجري مناورة بحرية شمال الخليج
وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات مؤخراً بشأن النزاعات الإقليمية، مثل الجزر الإماراتية المحتلة، وحقل الدرة النفطي، وممر خور عبدالله المائي بين الكويت والكويت. العراق. ورغم أن هذه الخلافات لا علاقة لها بحرب غزة، إلا أنها قد تكون بمثابة وقود إضافي لبرميل البارود في الخليج.
ويختم الرميحي تحليله بالقول: إن الإحباط المتزايد بين الجمهور العربي ضد الظلم الذي يواجه الفلسطينيين، والقدرات المتزايدة التي تتمتع بها الجهات الفاعلة غير الحكومية المدعومة من إيران، هي الوصفة المثالية لاندلاع الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقد يؤدي هذا المنعطف الخطير إلى عواقب غير مسبوقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويردف: على أقل تقدير، من المرجح أن يؤدي التهديد بتوسع الصراع في الشرق الأوسط إلى زيادة العسكرة الإقليمية، والإنفاق الدفاعي، وربما حتى التصعيد داخل الخليج للحصول على برامج نووية.
المصدر | محمد الرميحي / منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: دول الخليج حرب غزة إيران دول مجلس التعاون الخلیجی الحرب فی غزة دول الخلیج اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تحتفل بالذكرى الـ 44 لتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية
العُمانية: تحتفل سلطنة عُمان غداً مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشقيقة بالذكرى الـ 44 لتأسيس المجلس في 25 مايو 1981، الذي مثّل انطلاقة نحو تحقيق التكامل بين دوله الست على مختلف الصُّعد، وبما يُعزّز مصالح الشعوب، ويُحقق تطلعاتها نحو الاستقرار والازدهار والتطوُّر والنماء.
وقد أكّد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم ـ حفظه الله ورعاه ـ في خطابه السامي في يوم تولّي مقاليد الحكم في البلاد في الحادي عشر من يناير 2020م على مواصلة دعم المجلس حيث قال - أعزّه الله-: «وسنواصل مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسهام في دفع مسيرة التعاون بين دولنا لتحقيق أماني شعوبنا ولدفع منجزات مجلس التعاون قُدمًا إلى الأمام».
وتواصل سلطنة عُمان التزامها الثابت بمبادئ المجلس وأهدافه، مساهمةً في صياغة قراراته ومبادراته، ودعم آليات التكامل الاقتصادي، وتنسيق المواقف السياسية، وتعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي؛ انطلاقًا من إيمانها بأنّ تماسك المجلس ركيزةٌ لصمود المنطقة أمام التحوّلات العالمية المتسارعة والمتغيرة.
وفي هذا الشأن قال سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، رئيس دائرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجوار الإقليمي بوزارة الخارجية لوكالة الأنباء العُمانية: إنّ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981 شكّل محطةً تاريخية فارقة في العمل العربي المشترك، ولبنة أساسية لبناء منظومة تعاون إقليمي فاعلة وراسخة ومنذ انطلاقته، وقد قطع المجلس شوطًا مهمًا في ترسيخ أسس التكامل والتنسيق بين دوله الأعضاء في شتى المجالات، مستندًا إلى الروابط التاريخية والمصالح المشتركة بين شعوبه.
وأضاف سعادته: إنّ من أبرز إنجازات المجلس سياسيًّا، قدرته على توحيد المواقف في المحافل الإقليمية والدولية، ودوره في تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة، وعلى الصعيد الاقتصادي، يُعدُّ الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، بالإضافة إلى شبكة الربط الكهربائي ومشروعات النقل، من ثمار التعاون المؤسسي.
وذكر سعادته أنه بالرغم من هذه الإنجازات، واجه المجلس بعضًا من التحدّيات، منها التباينات في الرؤى السياسية والتحدّيات الاقتصادية والتحولات الإقليمية المتسارعة، إلا أن آليات الحوار والتشاور التي أرساها المجلس ساعدت على تجاوز العديد من العقبات بروح من المسؤولية والحكمة.
وأشار سعادته إلى أنّ طموحات التأسيس للمجلس كانت ولا تزال كبيرة، وقد تحقق الكثير منها، غير أن هناك مجالات لا تزال بحاجة إلى دفع أكبر وتسريع في وتيرة التنفيذ، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، مضيفًا أنّ المجلس يظل إطارًا حيًّا ومتطورًا يعكس الإرادة السياسية لدوله الأعضاء في مواصلة البناء وتعزيز الترابط والتكامل في مختلف المجالات.
وحول دور مجلس التعاون في تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام أكّد سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، رئيس دائرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجوار الإقليمي بوزارة الخارجية على أنّ مجلس التعاون يؤدي دورًا محوريًّا في تعزيز الأمن الجماعي، والتصدي لمصادر التهديد، والدفع باتجاه الحلول السلمية للأزمات الإقليمية. كما يعمل على تقوية شراكاته الاستراتيجية مع القوى الدولية والفاعلين الإقليميين بما يضمن توازن المصالح وحماية أمن واستقرار الخليج والمنطقة.
وأشار سعادته إلى أنّ مجلس التعاون ينتهج سياسة مسؤولة ترتكز على احترام مبادئ القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما يسعى إلى المساهمة الفاعلة في تسوية النزاعات عبر الوساطة والدبلوماسية الوقائية، ومن الأمثلة على ذلك تأكيده الدائم على مركزية القضية الفلسطينية، ورفضه لأشكال التصعيد والتدخلات الخارجية في المنطقة.
وفيما يتعلق بدور سلطنة عُمان في تعزيز التعاون الخليجي، خاصة في الملفات ذات الطابع التوفيقي قال سعادته: لطالما تبنّت سلطنة عُمان سياسة خارجية قائمة على الحوار والتوازن، وسعت بكل إخلاص إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز وحدة الصف الخليجي، مؤكّدًا أنّ سلطنة عُمان تحرص على دعم مسيرة مجلس التعاون في جميع مراحلها، وتشجيع المبادرات التي تُسهم في تقوية العمل الخليجي المشترك، ولا سيما في الملفات التي تتطلب معالجات توافقية وتفاهمات مدروسة.
وبيّن سعادته أنّ الرؤية المستقبلية للمجلس تتطلب مواكبة التحولات العالمية من خلال تحديث الآليات، وتفعيل أدوات التكامل، وتعزيز السياسات الموحدة في ملفات استراتيجية كالأمن السيبراني، والتغير المناخي، والتنمية المستدامة، إلى جانب مواصلة العمل نحو اتحاد اقتصادي متكامل يحقق الأمن والرفاه لشعوب دول المجلس.
وحول مستقبل التكامل الخليجي في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي، والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة وضّح سعادته أنّ هذه المجالات تشكّل أولوية قصوى في أجندة التعاون الخليجي حاليًا، ومن المتوقع أن يشهد التنسيق الخليجي فيها تطورًا ملموسًا، من خلال استراتيجيات موحدة ومبادرات مبتكرة.
وأكّد سعادة الشيخ أحمد بن هاشل المسكري، رئيس دائرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجوار الإقليمي بوزارة الخارجية أنّ سلطنة عُمان تؤمن بأنّ وحدة وتكامل البيت الخليجي، القائم على المصير المشترك والاحترام المتبادل، هو الركيزة الأهم لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وهو ما تحرص السلطنة على ترسيخه بالتعاون مع أشقائها في مجلس التعاون، انطلاقًا من رؤية شاملة لمستقبل أكثر ازدهارًا وتماسكًا لدول المجلس وشعوبه.