(عدن الغد)خاص:

الجبهات تتحفز للقتال مجددا.. وغروندبرغ يضغط من طهران لدفع الحوثيين نحو السلام..

هل هناك مؤشرات لعودة الحرب في اليمن؟

ما مصير الهدنة الأممية بين الأطراف اليمنية في حالة عودة القتال؟

ما المتوقع من زيارة غروندبرغ لطهران على عملية السلام في اليمن؟

(عدن الغد) محمد ربيع/ توفيق الشنواح:

مؤشرات العودة للحرب تطل بقرونها في اليمن مجدداً مترجمة حال الانسداد السياسي في قنوات التفاهم التي شهدت خلال الأشهر الماضية جهوداً إقليمية ودولية مكثفة بغية التوصل لتهدئة دائمة تكتب المقدمة لنهاية الصراع.

وعقب أيام من حديث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الذي حمل خيبة أمل من عدم التوصل لسلام مستدام وبقاء البلد تستنزفها حال اللا حرب واللا سلم، باشرت قوات الجيش التابعة لحكومته استعداداتها العسكرية التي تقابلها حشود حوثية على خطوط التماس ما ينذر بعودة اشتعال ألسنة نار الحرب وتلاشي آمال التهدئة التي شهدتها على مدى العام الجاري.

وأطلع العليمي خلال رئاسته لاجتماع مجلس الوزراء في العاصمة المؤقتة عدن الأسبوع الماضي رئيس وأعضاء الحكومة على المستجدات المتعلقة بجهود الأشقاء في السعودية وسلطنة عمان، من أجل تجديد الهدنة وإطلاق عملية سياسية شاملة تضمن إنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، بموجب المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً.

واستبعد حتى اللحظة التوصل لصيغة سلام وذلك نظراً لاستمرار ميليشيات الحوثي بانتهاكاتها العسكرية والحقوقية والتنصل من كافة التزامات التهدئة، وتغليب مصالح قادتها وداعميها (في إشارة لإيران) على مصالح الشعب اليمني.

ووسط تصعيد الجماعة الحوثية ميدانياً، لا سيما في جبهات محافظة تعز ومأرب مؤخرا، أنهى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارة إلى طهران ضمن مساعيه للضغط على الجماعة من أجل دفعها نحو السلام.

ومن أكثر من عام على انتهاء الهدنة الأممية لا تزال التهدئة العسكرية قائمة في معظم الجبهات اليمنية، إلا أن الجماعة المدعومة من إيران رفضت تجديد الهدنة وتوسيعها في الملفات الإنسانية، بما في ذلك صرف الرواتب وفتح الطرقات وإنهاء حصار تعز.

وأفاد بيان من مكتب المبعوث غروندبرغ (الاثنين) الماضي، بأنه زار طهران والتقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وعدداً من كبار المسؤولين الإيرانيين، حيث تبادلوا الآراء حول أهمية إحراز تقدم للتوصل إلى اتفاق حول تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد بشكل مستدام، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وشدد المبعوث الأممي غروندبرغ- وفق البيان- على الدور المهم للمجتمعين الإقليمي والدولي في تقديم الدعم المستدام لجهود تحقيق سلام دائم يلبي تطلعات نطاق واسع من أصحاب المصلحة اليمنيين.

> مساعٍ متواصلة

كان المبعوث الأممي اختتم الشهر الماضي زيارة إلى لندن، عقد خلالها سلسلة من الاجتماعات، حيث التقى اللورد طارق أحمد، لورد ضاحية ويمبلدون، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا والأمم المتحدة في وزارة الخارجية والتنمية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين من وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO).

وتضمنت المناقشات التطورات الأخيرة في اليمن وجهود الأمم المتحدة لتسهيل التوصل إلى اتفاق على تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وعملية سياسية يمنية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وأكّد غروندبرغ على الحاجة الملحة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، كما شدد على أهمية تضافر جهود كل من المجتمع الدولي والدول الأعضاء في مجلس الأمن معاً لتقريب اليمنيين من السلام العادل الذي يطمحون إلى تحقيقه.

كما شارك المبعوث الأممي أيضاً في مناقشات الطاولة المستديرة التي نظمتها المجموعة البرلمانية المشتركة بين جميع الأحزاب لصالح اليمن، والتي جمعت أعضاء برلمان المملكة المتحدة المكرسين للقضايا المتعلقة باليمن.

وتناولت المناقشات تطورات الوضع والجوانب التنموية الحاسمة لتعافي اليمن وتهيئة الظروف المواتية لعملية سلام مستدامة.

> إيران مستمرة

وترجمة لحال الانسداد هذه، جاءت تحركات قادة الجيش اليمني في عدد من جبهات القتال، قابلته الجماعة الحوثية بإرسال مزيد من عناصرها وعتادها إلى الضالع وتعز (جنوب غرب) وحجة والحديدة (شمال غرب) ومأرب (شرق)، وفقاً لاتهامات حكومية، مترافقة مع قيامهم بعدد من المناورات العسكرية في محافظات ذمار والبيضاء وصنعاء (شمال)، يوم الأحد الماضي بالتزامن مع ما تضيفه الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة من توتر في المنطقة.

وفي وقت يحشد فيه وزير الدفاع في الحكومة الشرعية، محسن الداعري، معنويات مقاتليه في المنطقة العسكرية السابعة التي يختص مسرح عملياتها القتالي بمناطق صنعاء وذمار (شمال)، نفذت قوات أخرى للجيش يوم أمس عملية انتشار عسكري جديد تضمن الدفع بمزيد من المقاتلين على تخوم محافظة مأرب الاستراتيجية.

وبالحديث إلى جنوده، قال الداعري، إن مقاتلي المنطقة السابعة هم "رأس حربة القوات المسلحة"، متطرقاً إلى "ما تقوم به مليشيات الحوثي الإيرانية من تحشيد لمقاتليها وتنفيذ عمليات عدائية في مختلف الجبهات"، وحذرهم من الجماعة المدعومة من إيران كونها "دأبت على نقض الاتفاقيات والعهود لتثبت في كل مرة أن عدوها الوحيد هو الشعب اليمني".

وخلال لقاء جمعه الخميس الماضي بالسفيرة الفرنسية لدى اليمن، كشف الوزير الداعري عن "استمرار النظام الإيراني بتهريب الأسلحة إلى المليشيات الحوثية لاستخدامها في زيادة التوتر وإقلاق سكينة المنطقة وتهديد الملاحة الدولية".

ونتيجة لبقاء هذا الدعم لفت إلى "رفض المليشيات الانصياع للسلام العادل الذي يحقق تطلعات الشعب اليمني، زاعمة حقها الإلهي بالسلطة والثروة، وهذا ما لم ولن يقبل به اليمنيون الأحرار على امتداد الوطن".

وخلال زيارة قام بها الأسبوع الماضي للوحدات العسكرية في جبهات مران ورازح بمحافظة صعدة، معقل الجماعة الحوثية ومركز انتشارها التاريخي (شمال)، توعد رئيس هيئة أركان الجيش، صغير بن عزيز، بـ "التصدي لتنظيم جماعة الحوثي الإرهابية ومشروعها الإيراني الذي يسعى خائباً إلى زعزعة أمن واستقرار اليمن وتهديد أمن دول الجوار والعبث بالأمن القومي الإقليمي والعالمي في المنطقة".

> غزة للتكسب الداخلي

ومع تزايد الضغوط الدولية لدفع عملية السلام الذي عززت من آماله الجهود السعودية والعمانية وعودة العلاقات السعودية الإيرانية بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، تواصل الجماعة الحوثية في المقابل تصعيد تحركاتها ولغتها الرافضة لدعوات السلام المستدام.

وهدد زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي الشهر الماضي بعودة القتال، زاعماً أن السلطة الشرعية والتحالف الداعم لها يسعيان إلى كسب الوقت، بعد أن أعطت ميليشياته مساحة لجهود سلطنة عمان.

وإزاء حالة التحشيد العسكري المتبادل حذر المبعوث الأممي في أغسطس/ آب من التحشيد العسكري الأخير لميليشيات الحوثي، وقال إنه "على رغم الانخفاض الملموس في القتال منذ بداية الهدنة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، إلا أن الجبهات لم تصمت بعد إذ وقعت اشتباكات مسلحة في الضالع وتعز والحديدة ومأرب وشبوة".

ودعا الأطراف إلى وقف الاستفزازات العسكرية والانخراط في اتفاق شامل لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني ومفاوضات سلام تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في اليمن.

يأتي هذا على وقع الأحداث الفلسطينية الدامية وحديث الحوثيين عن إطلاق صواريخ إلى إسرائيل "نصرة للقدس" انتهى المطاف بجميعها في عرض البحر.

ووفقاً لمراقبين فإن استمرار مليشيات الحوثي في استغلال الأحداث الفلسطينية هدفه التحشيد الداخلي للمعركة المقبلة، ما يعني أن الملف اليمني ما زال مرشحاً لمزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة.

إذ يحاول الحوثيون في الوقت الحالي "صنع تأثير" في إسرائيل، على رغم المسافة الطويلة التي تفصل اليمن عن فلسطين، حسبما يقول نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، ونائب رئيس "الهيئة الإعلامية لأنصار الله".

وعقب نفي طهران المتكرر عن دعمها للحوثيين، ذكر الناطق باسم قواتها، أبو الفضل شكارجي، في سبتمبر (أيلول) 2020 أنهم "وضعوا تقنيات إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة تحت تصرف اليمن"، في إشارة إلى جماعة الحوثي.

وقال شكارجي حينها "نحن لا نرسل الصواريخ إلى اليمن، لكنهم باتوا يصنعونها بأنفسهم ليطلقوها على أعدائهم"، مضيفاً أن اليمنيين يمتلكون خبراء تمكنوا من صناعة طائرات مسيرة "متطورة" في زمن قياسي.

ورفعت الميليشيات الحوثية شروطها ومطالبها للقبول بالانخراط في مفاوضات السلام إلى سقف غير مسبوق، حيث حددت القبول بها وبالنفوذ الذي حققته محدداً للموافقة على بدء مفاوضات السلام.

> غليان شعبي

ومع بوادر عودة اشتعال آلة الحرب على امتداد نحو 50 جبهة قتال، تتزايد مخاوف الشارع اليمني مصحوبة بحالة من الغليان الشعبي جراء الانهيار المتلاحق للعملة المحلية وموجة الغلاء المتزايدة، التي تقابل برفض حوثي مستمر لصرف رواتب الموظفين العموميين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهي مؤشرات قد تدفع لموجات عنف مقبلة ضد المليشيات.

وسبق أن طالبت الحكومة الشرعية بإلزام ميليشيات الحوثي ببنود الهدنة وفتح الحصار عن تعز التي تضم أكبر تجمع سكاني في اليمن وتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها من عائدات النفط، كما دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على الميليشيات وداعميها لوقف إطالة أمد الحرب وما نتج بسببها من زيادة معاناة المواطنين، وتهديد استقرار دول الجوار والمنطقة وممرات الملاحة البحرية.

 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الجماعة الحوثیة المبعوث الأممی الأمم المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

ما وراء تصعيد الحوثي في البحر الأحمر؟ عودة الهجمات رغم اتفاق التهدئة مع واشنطن

بعد أكثر من سبعة أشهر من الهدوء النسبي، عاد التوتر إلى واجهة البحر الأحمر مع استئناف مليشيات الحوثي لهجماتها ضد السفن التجارية، ما أعاد إلى الأذهان المخاوف العالمية من تهديدات متجددة لأحد أهم الممرات الملاحية في العالم.

استئناف الهجمات: من التهدئة إلى التصعيد

حسب مراقبين دوليين، فإن آخر هجوم حوثي قبل التصعيد الأخير وقع في 18 نوفمبر 2024، عندما استهدفت المليشيات إحدى السفن التجارية.
لكن ومع حلول يوم الأحد 6 يوليو 2025، عادت الأوضاع للتصعيد مجددًا، حيث أغرقت المليشيات سفينة "ماجيك سيز"، تبعها الهجوم على سفينة "إترنيتي سي" التي تعرضت لمصير مماثل.

اللافت أن هذا التصعيد المفاجئ يأتي بعد شهرين فقط من اتفاق الحوثيين مع الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي، والذي نص على وقف الهجمات ضد السفن الأمريكية وتهدئة الأوضاع في البحر الأحمر.

منابر مُكمّمة: الحوثيون يطاردون الدعاة ومعلمي القرآن في اليمن حملة قمع حوثية جديدة: اختطاف عشرات المدنيين في اليمن تساؤلات حول الدوافع: ما الذي تغيّر؟

التحول السريع من التهدئة إلى التصعيد يطرح علامات استفهام كبرى حول أهداف الحوثيين الحقيقية ومدى التزامهم بأي تفاهمات سياسية أو أمنية.
وبينما لم تُصدر الجماعة تصريحات مباشرة توضح سبب استئناف الهجمات، يرى محللون أن ذلك قد يكون مرتبطًا بمحاولة إعادة الضغط على الأطراف الدولية أو بسبب تغير في المعادلة السياسية أو الميدانية في اليمن والمنطقة.

قوارب انتحارية وتكتيكات متقدمة

وفقًا لتقارير ميدانية، اعتمد الحوثيون في هجماتهم الأخيرة على قوارب مفخخة تُدار عن بعد، بالإضافة إلى استخدام طائرات مسيّرة وصواريخ متعددة، ما يدل على تطور في التكتيك البحري للجماعة.
هذا النوع من الأسلحة يجعل عملية التصدي للهجمات أكثر صعوبة، ويزيد من خطورة التهديدات على الملاحة البحرية الإقليمية والدولية.

إعادة تعبئة... أم رسالة سياسية؟

تطرح عودة الهجمات أيضًا تساؤلات حول ما إذا كانت جزءًا من إعادة تنظيم صفوف الحوثيين بعد فترة من الهدوء، أم أنها رسالة سياسية موجهة للولايات المتحدة والتحالفات البحرية الدولية في المنطقة.
ويُحتمل أن يكون التصعيد وسيلة ضغط في مواجهة التحركات السياسية أو العسكرية المرتبطة بالملف اليمني أو الوجود الأمريكي في البحر الأحمر.

تداعيات محتملة: تهديد الأمن الملاحي والاقتصاد العالمي

عودة الهجمات الحوثية على هذا النحو تمثل تهديدًا مباشرًا لسلسلة الإمداد العالمية، خاصة وأن البحر الأحمر يعد شريانًا حيويًا لحركة الشحن بين آسيا وأوروبا.
كما تُنذر هذه الهجمات بإمكانية ارتفاع أسعار النقل والتأمين، وربما اضطرار بعض الشركات إلى تغيير مسارات السفن نحو رأس الرجاء الصالح، وهو ما يؤدي إلى تأخير الشحنات وزيادة التكاليف العالمية.

سيناريوهات الرد: هل تتدخل واشنطن مجددًا؟

في ظل هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى رد الفعل الأمريكي والدولي على خرق الحوثيين للاتفاق الأخير.
ويبقى السؤال المطروح: هل تعود واشنطن لتفعيل عمليات الردع البحري؟ أم أن التصعيد الأخير سيدفع نحو موجة تفاوض جديدة أكثر حذرًا وشروطًا؟
المرحلة القادمة ستحدد ما إذا كان البحر الأحمر مقبلًا على مزيد من التصعيد، أم أن هناك فرصة لتدارك الوضع قبل انفجار أكبر.

«قصر سيئون» يستعيد بريقه: مشروع ترميم شامل يعيد الحياة لرمز حضاري في اليمن اليمن: تفكيك خلية إرهابية خطيرة مرتبطة بالحوثيين والقاعدة وداعش

مقالات مشابهة

  • انطلاق فعاليات عودة الماضي بحلة تعكس روح التراث والأصالة ضمن موسم خريف ظفار 2025
  • ما وراء تصعيد الحوثي في البحر الأحمر؟ عودة الهجمات رغم اتفاق التهدئة مع واشنطن
  • روسيا تنفي تعثر محادثات السلام مع أوكرانيا
  • الحوثي: لا مرور للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر
  • بعثة للأمم المتحدة في اليمن تتحول الى داعم رئيسي لتمويل مليشيا الحوثي.. تحقيق دولي يكشف فضيحة بعثة دولية بمحافظة الحديدة
  • الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بصورة غير مسبوقة
  • وزارة التجارة:التعريفة الجمركية التي فرضها ترامب لا تؤثر على العراق لضعف صادراته
  • منظمة بريطانية: هل حققت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل أهدفها العسكرية في اليمن ؟!
  • السودان: تحذير أممي من تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل استمرار العنف ونقص تمويل
  • الصومال بين نيران الإرهاب والهشاشة الإنسانية (تقرير)