تلتقي وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع كبار المسؤولين الصينيين في بكين اليوم الجمعة، في محاولة لتهدئة العلاقات التجارية المتوترة بين أكبر اقتصادين في العالم.

وقالت يلين بعد وقت وجيز من وصولها إلى العاصمة الصينية إنها مسرورة لوجودها في بكين، وتتطلع إلى إحراز تقدم في هدف الرئيس الأميركي جو بايدن المتمثل في توطيد التواصل بين البلدين اللذين تربطهما علاقات اقتصادية لكنهما في حالة عداء متزايد.

ولفتت إلى أن "هذه الزيارة فرصة للتواصل وتجنب أخطاء الاتصال وسوء الفهم". وكتبت على تويتر في وقت سابق "نسعى إلى منافسة اقتصادية شريفة يستفيد منها الموظفون الأميركيون والشركات الأميركية وإلى التعاون في (مواجهة) التحديات العالمية".

وأضافت "سنتخذ إجراءات لحماية أمننا الوطني إذا لزم الأمر، وتمثل هذه الرحلة فرصة للاتصال وتفادي أي خلل في التواصل أو أي سوء فهم".

وهذه أول زيارة تجريها يلين للصين منذ توليها منصبها في 2021، ومن المقرر أن تلتقي الجمعة رئيس الوزراء لي تشيانغ المسؤول خصوصا عن القضايا الاقتصادية في بلاده.


رغبة بايدن

وتأتي الزيارة في وقت يدعو فيه بعض السياسيين الأميركيين إلى تقليل اعتماد واشنطن على العملاق الآسيوي، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.

كما تأتي الزيارة بعد أسابيع قليلة على زيارة أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لبكين وتُجسد رغبة إدارة بايدن في إعادة الاتصال مع الصين.

وبالتزامن مع وصول المسؤولة الأميركية، نقلت رويترز عن وزارة المالية الصينية قولها "نأمل أن تتخد واشنطن إجراءات ملموسة لتهيئة بيئة مواتية لعلاقات تجارية صحية".

ولاقت يلين استقبالا متواضع المستوى من مسؤول بوزارة المالية الصينية ونيكولاس بيرنز المبعوث الأميركي إلى الصين.

ويشك كلا الطرفين في أن زيارة يلين ستخفض كثيرا من حدة التوتر في العلاقات الأميركية الصينية، مع إقرار مسؤولين بأن كلا البلدين يقدم حماية مصالح الأمن الوطني على تعميق العلاقات الاقتصادية.

وحذر مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية من أن الولايات المتحدة لا تتوقع تقدما محددا خلال هذه الزيارة، لكنها تأمل في تبادلات بناءة يمكن أن تمهد الطريق لمزيد من المناقشات الملموسة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أبعاد أمنية وإستراتيجية وراء زيارة عراقجي إلى باكو

طهران- تسود بين إيران وأذربيجان واحدة من أكثر العلاقات حساسية وتعقيدا؛ فالتاريخ المشترك، والامتدادات السكانية عبر الحدود، والمشاريع الاقتصادية العابرة للقارات، تتداخل جميعها مع صراعات النفوذ الإقليمي وهواجس الأمن وحدود الاصطفاف بين الشرق والغرب.

وفي هذا المشهد المتشابك، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى العاصمة الأذرية باكو بوصفها محاولة لفتح صفحة أكثر هدوءا، وربما أكثر براغماتية، بين الجانبين.

???? عراقجي: طهران وباکو اختارتا طريق الحوار لحل أي سوء تفاهم

قال وزير الخارجية الإيراني السيد "عباس عراقجي" في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأذربيجاني إن أهم اتفاق توصلنا إليه اليوم هو مواصلة المحادثات والمشاورات وتعزيز التبادلات والزیارات. وأضاف: "لدينا العديد من القواسم المشتركة… pic.twitter.com/JsF6iA8p6s

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) December 8, 2025

رسائل تهدئة

قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن زيارة عباس عراقجي خطوة في سياق "تعميق العلاقات الثنائية وتوسيع مساحات التفاهم مع الجيران"، مؤكدة أن طهران "ترى في الحوار الطريق الأضمن لمعالجة سوء الفهم وتجنب التوتر".

وقال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي إن "إيران وأذربيجان ترتبطان بروابط تاريخية وثقافية، والزيارة تهدف إلى فتح فصل جديد من التعاون"، مضيفا أن المرحلة الحالية تتطلب "تعزيز قنوات الاتصال المباشر منعا لأي استغلال خارجي للتباينات".

وخلال الاجتماعات في باكو، شدد وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بايراموف على أن "تعزيز الثقة المتبادلة أساس لتطوير العلاقات"، مؤكدا رغبة بلاده في دفع التعاون السياسي والاقتصادي مع طهران.

أما الرئيس إلهام علييف، فقال -وفق وسائل الإعلام الأذربيجانية- إن بلاده "تثمّن العلاقات مع إيران" وإن الزيارة "خطوة مهمة لترسيخ الاستقرار في جنوب القوقاز".

إعلان

من جانبه، أكد عراقجي أن الطرفين "اتفقا على أن يكون الحل السلمي والحوار المباشر مسارا ثابتا لمعالجة أي خلاف"، مضيفا أن إيران "ترحب بأية مبادرة تعزز الأمن الإقليمي وتمنع تدخل القوى غير الإقليمية". وأوضح أن لقاءاته في باكو تناولت ملفات الطاقة والممرات البرية وأمن الحدود، ووصف المحادثات بأنها "صريحة وبنّاءة".

وتقول مصادر إيرانية إن طهران تعتبر هذه الزيارة جزءا من "جهد دبلوماسي أوسع" لإزالة أسباب الاحتقان، ولا سيما بعد التصعيد الإقليمي الأخير. وتؤكد الدبلوماسية الإيرانية أن العلاقة مع باكو "قابلة للتطوير" وأن الجانبين يمتلكان "إرادة مشتركة لطي صفحة التوتر".

القرب والقلق

يرى الباحث السياسي رضا غبيشاوي أن العلاقات بين طهران وباكو لا يمكن قراءتها بمعزل عن البنية السكانية والثقافية للمنطقة؛ فالأذريون يشكلون نسبة معتبرة من المجتمع الإيراني، وروابط القربى تتجاوز الحدود السياسية، كما أن أذربيجان -بعد إيران- تضم أعلى نسبة من الشيعة في العالم، مما يخلق حالة تداخل اجتماعي وديني فريدة.

ويذكّر غبيشاوي في حديثه للجزيرة نت، بأن أذربيجان كانت جزءا من إيران قبل أن تُنتزع منها في مطلع القرن الـ19 بموجب معاهدتي كلستان وتركمانشاي، وهو حدث لا يزال حاضرا في الوعي الإيراني.

ومع ذلك، يقول الباحث، إن إيران كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال باكو عام 1991، وواصلت بعد ذلك تطوير تعاون اقتصادي مهم، أبرزُه مشروع السكك الحديدية الرابط بين روسيا والخليج عبر الأراضي الإيرانية والأذربيجانية.

لكن خلف هذا القرب، يشير الباحث إلى تصاعد الشكوك الإيرانية تجاه الدور الإسرائيلي في أذربيجان، خصوصا بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، حيث تتهم أصوات داخل طهران باكو بالتعاون الأمني مع تل أبيب.

ويرى غبيشاوي أن إيران استخدمت الزيارة للتحقق من "عدم مشاركة" أذربيجان في الهجوم، وللتأكيد على ألا تكون أراضيها منصة لأي تحرك مستقبلي.

كما لا يستبعد احتمال تحوّل أذربيجان إلى "محطة لتمرير رسائل" بين طهران وتل أبيب بحكم علاقاتها القوية مع إسرائيل.

وتزداد الحساسية الإيرانية -وفق الباحث- مع مشروع ممر زنغزور الذي تنفذه شركات أميركية، وترى فيه طهران تهديدا يقلص دورها الجغرافي ويفتح الباب أمام حضور أميركي وإسرائيلي على حدودها.

دبلوماسية التوازن

من زاوية مكمّلة، يوضح الخبير السياسي أشكان ممبيني أن الزيارة تأتي ضمن "سياسة ثابتة لتعزيز العلاقات مع الجيران وتفعيل التعاون الإقليمي البنّاء"، مشددا على أن أذربيجان دولة ذات مكانة خاصة في حسابات طهران بحكم الروابط الثقافية والدينية والموقع الجغرافي.

ويرى ممبيني في حديثه للجزيرة نت، أن الرسائل التي حملها عراقجي إلى الرئيس ووزير الخارجية ورئيس البرلمان في باكو تعكس "إرادة واضحة لفتح مسار بنّاء يقوم على الاحترام والصداقة"، مشيرا إلى أن إيران تعتبر أن استقرار جنوب القوقاز "لا يمكن ضمانه دون مشاركة فعّالة للدول الإقليمية"، وأن إدخال القوى الغربية في معادلاته الأمنية "يخلّ بالتوازن الطبيعي" في المنطقة.

ويبرز الخبير أهمية الحفاظ على "إطار 3+3" كمنصة لتنسيق مصالح دول القوقاز ودول الجوار الكبرى، معتبرا أن هذا الإطار الإقليمي هو السبيل الأمثل لحماية الأمن الجماعي ومنع تحول المنطقة إلى ساحة صراع بين القوى الكبرى.

إعلان

وتتشكل الآلية الإقليمية "3+3" من 3 دول في جنوب القوقاز هي أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، و3 دول جارة هي إيران وروسيا وتركيا.

ويرى ممبيني أن إيران تسعى من خلال هذه الزيارة إلى إطلاق "مرحلة جديدة من الأمن المستدام"، قائمة على مشاريع تعاون تمنح العلاقات بين طهران وباكو بُعدا أكثر استقرارا.

مقالات مشابهة

  • سفيرة رومانيا: نستهدف رفع حجم التبادل التجاري مع مصر إلى ملياري دولار
  • وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستقبل النائب الأول لرئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لبحث نتائج الزيارة ومستقبل العلاقات الاستراتيجية مع البنك
  • الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على شبكة تُجند عسكريين كولومبيين وأطفال للقتال في الدعم السريع
  • السعودية وإيران تؤكدان التزامهما بمسار بكين 2023
  • الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على شبكة تجنيد للدعم السريع
  • اجتماع للجنة السعودية الصينية الإيرانية لمتابعة اتفاق بكين
  • طهران.. انعقاد الاجتماع الثالث للجنة السعودية الصينية الإيرانية لمتابعة اتفاق بكين
  • انعقاد الاجتماع الثالث للجنة الثلاثية السعودية الصينية الإيرانية المشتركة لمتابعة اتفاق بكين في طهران
  • تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن والمكسيك.. وهذا تأثير الرسوم الجمركية على سوق العمل الأمريكي
  • أبعاد أمنية وإستراتيجية وراء زيارة عراقجي إلى باكو