صدى البلد:
2025-05-09@06:34:56 GMT

أحمد سالم يكتب: بشائر النصر ودلالات الهزيمة

تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT

في اليوم الـ 39 من العدوان الإسرائيلي والقصف الغاشم على المدنيين في قطاع غزة، يثبت لنا التاريخ أن عقيدة الاحتلال واحدة، وأن مبادئهم العفِنة التي لا تستند إلى إنسانية أو قانون تلازمهم مع اختلاف الأجيال وتغير الظروف، منذ أن بعث الله سيدنا موسى إليهم ناصحًا وهاديًا فعبدوا العجل، وحتى يومنا هذا الذي يعبدون فيه الطاغوت ولا يشبعهم سوى الدم.

الطيش الإسرائيلي الذي يقود ضربات الكيان الصهيوني في غزة، واستهداف المدنيين العُزّل والعقاب الجماعي وحرب الإبادة الممنهجة لقطاع غزة، إنما يخفي من خلفه خوفا وارتعابا متزايدا في نفوس قادة الكيان وشعبه الذي بدأ في التفكك والهجرة وفقدان الثقة في الحكومة التي لُطمت على “القفا” في 7 أكتوبر الماضي، لطمة لن يمحوها التاريخ أو تزول آثارها مهما حاول نتنياهو ومن معه إثبات عكس ذلك.

النقطة التي وصلت التاريخ بالماضي، ووثقت هزيمة الكيان الصهيوني، هو ما فعله جيش الاحتلال بالتزامن مع حرب الاستنزاف المصرية التي ضعضعت قوى العدو الصهيوني وأوهنت عزائمه، فبات يتصرف بلا شرف ويستهدف المدنيين حتى وصلت بهم الدناءة لقصف تلاميذ مدرسة بحر البقر في مجـ زرة شهيرة كشفت عن مرض نفسي خبيث للإسرائيليين.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فأبناء القردة لا يتركون مستشفى ولا مدرسة ولا مسجدًا في غزة إلا قصفوه، ولا ترهبهم أو تردعهم مشاهد الموت وعدد الأطفال الذي استشهدوا تحت نيران طائراتهم .. إنه الطيش الذي جاء بعد العمى، والحماقة والسفاهة والهوِج الذي يصاحب الخزي والخذلان وخسارة كل شيء.

إذن.. إسرائيل هُزمت في هذه المعركة، مهما طالت أمد الحرب أم قصرت ، فالهزيمة والعار التصق بإسرائيل وصار يوم 7 مثل سابقه 6 أكتوبر يومًا أسود على إسرائيل، ويا أهلًا و100 مرحبًا بكل الليالي السود على رؤوس الصهاينة.

إسرائيل المزعومة، بنَت كيانها على فكرة الاغتصاب والمستوطنات، من خلال دعوة أراذل العالم والطبقات الدُنيا من أوروبا وأمريكا واليهود المشتتين في البقاع، ومجرمي البلاد وصعاليك الكرة الأرضية من أجل الاستيطان لديها في الأراضي الفلسطينية المغتصبة، وهي سياسة السلب والنهب التي أعمى عنها العالم عيونه وباركتها أمريكا وأوروبا للتخلص من ساقطيها ودعمتها بالأموال والأسلحة، وعلى مرأى ومسمع من العالم اتسعت المستوطنات حتى كادت تبتلع غزة والضفة الغربية أيضًا، لكن ضربة 7 أكتوبر أطاحت بـ ترتيبات عشرات السنوات من سياسات الاستيطان وأعادت الدعاية الإسرائيلية لها إلى المربع صفر.

بعد يوم 7 اكتوبر، لم يعد المستوطنون لديهم الثقة في حماية جيش الاحتلال لهم، لقد عاشوا ساعات من الرعب دفعت بالكثير منهم إلى مستشفيات نفسية وعصبية، بينما من استطاع أن يقف على قدميه منهم هجّ الى خارج البلاد تاركًا أرضًا ليست أرضه ومنزلًا ليس منزله. 

وإننا نستطيع القول بشكل مؤكد أن إسرائيل لم تفقد آلاف القتلى ومئات الأسرى فحسب، وإنما فقدت ايضًا آلاف المستوطنين الذين ضمنوا لها التوسع على أراض فلسطينية، وفقدت الكثير من تعدادها السكاني وفقدت هيبتها كجيش إدّعت أنه لا يقهر، ودولة مزعومة بدأت تضع الغرب كله في مواقف محرجة فـ انسل من دعمها يومًا تلو الآخر، لتبيت إسرائيل وحدها من تبارك الحرب وتقودها بغطاء على استحياء من أمريكا الشيطان الأعظم.

غزة العزيزة.. دارت بها الدوائر وامتدت الحروب، لكنها بقيت ذات أصول متجذرة ثابتة في الأرض لا تتزعزع، ستبقى ما بقيت الأرض تتنفس والشمس تشرق، ستحيا حتى تبتلع إسرائيل بأكملها وتقضي على غطرستها، ستنتصر ولو بعد حين.

في المقابل فإن الشوكة في جسد اللص ترعبه، وما ألحقه أبو عبيدة وزملاؤه بجسد إسرائيل وصمة عار لا أستطيع ان أراها سوى احمرار قفا شبع من الضرب حتى انثنى وانحنى وانعمى فلم يعد يبصر سوى مستقر قدمه.   

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحمد سالم

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: الفيزياء.. لغة المستقبل وجسر الحضارات

في قلب الصحراء التي شهدت ولادة أكبر تحولات الطاقة في القرن العشرين، استقبلت الظهران مؤخرا تحولا آخر، قد لا يقل تأثيرا عن اكتشاف النفط؛ إنه تحول تنتجه العقول الشابة، تشعله أفكار تأبى الحدود، وتكرسه إرادة أمة اختارت أن تكون جسرا بين الماضي والمستقبل. هنا، تحت سماء المملكة العربية السعودية، حيث يلتقي تراث الحضارات بآفاق العلم اللامتناهية، أنطلق أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025، حاملا رسالة مفادها أن الطاقة الحقيقية ليست تحت الأرض، لكن في العقول التي تفكر.  

  
استضافة المملكة العربية السعودية لهذا المحفل العلمي الدولي تتويج لمسيرة بدأت قبل ربع قرن، حين قررت دول آسيا أن تنشئ أولمبيادا خاصا بفيزياء المستقبل، فجاءت النسخة الأولى في إندونيسيا عام 1999، بمشاركة 12 دولة. اليوم، بعد 25 عاما، يصل الأولمبياد إلى الشرق الأوسط لأول مرة، حاملا معه 240 طالبا من 30 دولة، وكأنما يقول العالم: إن الفيزياء لغة لا تعترف بالحواجز، وأن التنافس في ميادينها ليس سوى محبة مشتركة للكون وأسراره.  


هذه الاستضافة ليست مفاجئة لمن يتابع مسيرة السعودية في السنوات الأخيرة؛ فمنذ إطلاق رؤية 2030، تحولت المملكة من دولة تدير ثروات الأرض إلى دولة تستثمر في ثروات العقول، وهو ما تؤكده مؤسسة "موهبة" التي حولت اكتشاف المواهب إلى نظام مؤسسي قادر على صناعة إنجازات دولية، مثل الـ16 ميدالية التي حققها الطلاب السعوديون في الأولمبياد منذ 2012.  


إلا أن السؤال الأعمق يبقى: كيف نصنع من الفيزياء فلسفة حياة؟ هنا يبرز التحدي: كيف تحافظ على هويتك بينما تسبح في محيط العولمة؟ الإجابة تكمن في "موهبة"، المؤسسة التي حولت المواهب المحلية إلى نجوم عالمية. إنها معادلة السعودية الجديدة: ألا تكون تابعًا، ولا منعزلاً، إنما جسرًا بين الحضارات.

عندما تلتقي الثقافة بالفيزياء  
ليس غريبا أن يفتتح الأولمبياد بعرض للتراث السعودي، فالعلم والثقافة توأمان؛ كلاهما يعبران عن هوية الأمم، وكلاهما يقاسمان الأسئلة نفسها: من أين نأتي؟ وإلى أين نذهب؟ وفي هذا الجمع بين الفيزياء والفنون، تكمن إجابة ضمنية: أن التقدم العلمي لا ينفصل عن الجذور، وأن التفوق في معادلات اليوم لا يعني نسيان حكايات الأمس.  
ولعل في اختيار شعار الأولمبياد "معا، نولد طاقة المستقبل" إشارة ذكية إلى التحول السعودي من دولة مصدرة للنفط إلى دولة مصدرة للمعرفة، وهو تحول تقوده شركة أرامكو- الراعي الماسي للحدث - التي باتت نموذجا لتحول شركات الطاقة من الاعتماد على الموارد إلى استثمار العقول، وكأنها تردد مع الفيزيائيين: إن الطاقة لا تفنى، بل تتحول.  
لماذا الفيزياء الآن؟  
في عصر يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي والأسئلة الوجودية عن مصير البشرية، تبرز الفيزياء كعلم قادر على إعادة تشكيل الواقع. فمن خلالها نستطيع فهم التحديات الكبرى: تغير المناخ، ندرة الموارد، مستقبل الطاقة. ولهذا، فإن تنافس الطلاب في حل مشكلاتها النظرية والعملية هو تدريب أكاديمي عملي على قيادة العالم نحو أجوبة قد تنقذه.  
هنا، يذكرنا الدكتور كويك ليونغ تشوان، رئيس الأولمبياد، بأن هذه المسابقة هي "لحظة تاريخية"، ليس لأنها تعقد في الشرق الأوسط فحسب، بل لأنها تأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى علماء قادرين على رؤية ما وراء النظريات، والتواصل عبر الثقافات.  
رسالة من الظهران إلى العالم  
قد يسأل سائل: ما الذي يريده العالم من السعودية اليوم؟ الإجابة ببساطة: أن تظل جسرا - كما كانت دائما - لكن هذه المرة، جسرا بين شمال العلم وجنوبه، بين شرقه وغربه. فالمملكة، برؤيتها الطموحة، تثبت أن الاستثمار في الإنسان هو الطريق الوحيد لصناعة مكانة دولية، وأن الفيزياء - بكل تجريدها - قد تكون أصدق تعبير عن واقع نعيشه: كل شيء متحرك، وكل شيء ممكن.  
في الختام، لا ينبغي أن ننسى أن هؤلاء الطلاب الـ240، الذين تنافسوا في اختبارات استغرقت نحو 10 ساعات، هم سفراء دولهم، لكنهم أيضا سفراء عصر جديد، فقد تحولت الصحراء إلى مختبر عالمي، وأصبحت الجامعات السعودية منصات لحوار الحضارات. ربما لن يتذكر التاريخ أسماء الفائزين بالميداليات، لكنه سيتذكر أن الظهران كانت نقطة انطلاق لشيء أكبر: إيمان بأن المستقبل لا يبنى إلا بالعلم، والعلم لا يبنى إلا بالجسور.

طباعة شارك القرن العشرين المملكة العربية السعودية أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025

مقالات مشابهة

  • وفيات الجمعة .. 9 / 5 / 2025
  • سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر
  • عبد السلام فاروق يكتب: الفيزياء.. لغة المستقبل وجسر الحضارات
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (والسلاح الأعظم)
  • أحمد نجم يكتب: حماية الأطفال.. واجب أسري ومجتمعي
  • ضربة جديدة من اليمن تهز إسرائيل: صاروخ يقترب من قلب الكيان دون اعتراض
  • ما هو “محور موراج” الذي تريد إسرائيل حشر الغزاويين فيه؟
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: .. (آخر التنهيدات)
  • من الحصار البحري الى الحظر الجوي.. الصاروخ اليمني يخترق الكيان “الأكثر حماية في العالم”
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: ( نرجع….)