المتحدة والتحالف الوطني وحياة كريمة.. دور القوة الناعمة المصرية في دعم غـزة
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
عرض برنامج «صباح الخير يا مصر»، المذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية، من تقديم الإعلاميين محمد الشاذلي ومنة الشرقاوي، تقريرا تلفزيونيا بعنوان «المتحدة والتحالف الوطني وحياة كريمة.. دور القوة الناعمة المصرية في دعم غـزة».
وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياتهوذكر التقرير، أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية دعمها لقطاع غزة والقضية الفلسطينية والانتصار للإنسانية فيما قدمته من إرسال مساعدات لغزة وزيارتها للمصابين الفلسطينيين بمستشفى العريش، فضلا عن دورها الإعلامي في إبراز قنواتها الحقائق للعالم كله ومواجهة أكاذيب إسرائيل ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.
ونظمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وحياة كريمة مؤتمرا صحفيا أمام معبر رفح البري، وثمنوا جهود مصر في تيسير دخول المساعدات الإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين مؤكدين دعمهم الكامل لقرارات القيادة السياسية التي تهدف إلى التصدي لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم.
انتهاكات لكل معاني الإنسانيةكما كانت هناك مشاركة واسعة من التحالف في المؤتمر الصحفي الذي جرى تنظيمه عند معبر رفح، وأكدت الدكتورة غادة البهنساوي رئيس المركز الإعلامي للتحالف الوطني وحياة كريمة، أن الشباب المصري المتطوع من جميع أطياف المجتمع الذي أصبح الشريان الوحيد لقطاع غزة يرفض ويدين ما تشهده فلسطين وخاصة قطاع غزة من انتهاكات لكل معاني الإنسانية والقوانين والمواثيق الدولية في عدوان واضح على حقوق الإنسان هو الأصعب وعدوان على الحق في الحياة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية غزة معبر رفح وحیاة کریمة
إقرأ أيضاً:
المنتخب الوطني كـ"مشروع دولة"
معاذ الصالحي
ما شأن باحث في علم النفس والمجتمع بتحليل مباراة كرة قدم؟ ولماذا أخوضُ اليوم في مساحة مخصصة عادةً للمحللين الفنيين ونقاد الرياضة؟
الإجابة نلتمسها في التحول الجذري لهوية اللعبة؛ فكرة القدم غادرت مربع التنافس الرياضي البحت منذ عقود، لتستقر في صلب "العلوم الاجتماعية". لقد أصبحت كرة القدم اليوم هي أكبر "مختبر حي" لدراسة سلوك الشعوب، وانفعالات الجماهير، وتشكُّل الهوية الوطنية.
ومن داخل هذا المختبر، حين تأملت المشهد الأخير، استوقفني ذلك السكون الثقيل الذي خيّم على منصات التواصل والمجالس، معلنًا عن وصول الجماهير إلى مرحلة من الزهد التام في إبداء أي رد فعل. هذه المرة، بدا وكأنَّ الجمهور قد فقد شهية الكلام، وانسحب إلى حالة من الهدوء اليائس. لم نرَ تلك الحشود الغاضبة، ولا ذلك النقد اللاذع، بل رأينا جمهورًا يتعامل مع الخسارة وكأنها "تحصيل حاصل". وهذا "التبلد الشعوري" هو المؤشر الأكثر فزعًا؛ فهو يعني أنَّ الرابط العاطفي بين المشجع والمنتخب قد بدأ يتآكل، وأن الأمل قد حلَّ محله التسليم بالواقع.
ولكي ندرك فداحة هذا الانسحاب النفسي، علينا أن نفهم أولًا ماذا يمثل المنتخب في الوعي الجمعي؟ فبالنسبة للمواطن العُماني، لم تكن الـ90 دقيقة يومًا مجرد نزال رياضي ينتهي بصافرة الحكم، بل هي امتدادٌ للهوية، وتجسيدٌ للثقافة، واستدعاءٌ حي لذكريات الطفولة البريئة. حين يقف اللاعبون لترديد النشيد، يرى المشجع فيهم "الوطن" بكل ثقله وتاريخه؛ يرى انتصارهم انتصارًا لقيمه، ويرى في انكسارهم خدشًا لصورة "الذات الوطنية" التي يريدها دائمًا في القمة.
هذا التلاحم الوجداني يعيدنا إلى نظرية عالم الاجتماع بنيديكت أندرسون حول "المجتمعات المتخيَّلة"؛ فالوطن في الأوقات العادية قد يكون مفهومًا مجردًا، لكن "الملعب" هو المكان الذي تتحول فيه هذه الصورة الذهنية إلى واقع ملموس.
في عُمان، نحن نسيج غني من مناطق وقبائل وثقافات متعددة؛ ولكن في اللحظة التي تهتز فيها الشباك بهدف للمنتخب، تتلاشى كل هذه الفوارق؛ حيث يذوب الظفاري، والباطني، والشرقي، والداخلي، والمسندمي تحت مظلة شعورية واحدة، ليتحول ملايين العُمانيين إلى "جسد واحد" بذاكرة جمعية مشتركة، محققين بذلك أقصى درجات الاصطفاف الوطني التي تعجز المناسبات الأخرى غالبًا عن صناعتها.
وعلميًا، يمثل ما يحدث تطبيقًا دقيقًا لما يعرف بتأثير "الالتفاف حول العلم" (Rally Round the Flag). تاريخيًا، كانت الأمم تحتاج إلى تهديد خارجي أو حرب لتوحيد صفوفها الداخلية، لكن كرة القدم قدمت للبشرية بديلًا سلميًا يُحقق نفس النتيجة.
فقد كشفت دراسة تحليلية دقيقة (نُشرت في NBER) شملت بيانات من عدة دول أفريقية، أن الـ90 دقيقة قادرة على إعادة هندسة الولاءات. فقد وجد الباحثون أن انتصار المنتخب يقلل بشكل ملموس من احتمالية حدوث النزاعات العرقية والقبلية خلال الأشهر التي تلي المباراة، عندها ينجح الفوز في توسيع أفق الانتماء لدى المواطن، لينتقل من ضيق الحيز القبلي أو المناطقي إلى رحابة الفضاء الوطني، في عملية توحيد طوعية مذهلة، تحركها نشوة الإنجاز.
وإذا اتجهنا شمالًا، سنجد أن الكرة أعادت هندسة الهوية الألمانية بشكل مذهل. فبعد عقود من "الخجل الوطني" ومحاولة تواري العلم الألماني خجلًا من إرث الحرب العالمية الثانية، جاءت استضافة كأس العالم 2006 لتكسر هذا الطوق.
ورغم أن المنتخب لم يحقق اللقب حينها واكتفى بالمركز الثالث، إلّا أن أداءه البطولي كان كافيًا لإحداث التحول الجذري. وفي هذا السياق، تصف الباحثة كيرستين واغنر ما حدث بظاهرة "الوطنية الاحتفالية"؛ حيث نجح المنتخب في ترميم الكبرياء المجروح، وتحول التشجيع في المدرجات إلى فعل من أفعال 'التصالح مع الذات'، ليعود العلم الألماني للرفرفة بفخر في الشوارع.
ولا داعي للذهاب بعيدًا بحثًا عن الإلهام، ففي محيطنا العربي كان الدرس أكثر وضوحًا. ولعلنا نتذكر جميعًا ما فعله "أسود الأطلس" في مونديال 2022؛ إذ تشير دراسات المركز العربي في واشنطن (ACW) إلى أن ذلك الإنجاز تجاوز حدود الرياضة ليصبح أعظم حملة "قوة ناعمة" للثقافة العربية. لقد نجح المغرب في تصدير "القيم العائلية" ومشاهد بِر الوالدين للعالم، معززًا شعور "الندية" الحضارية مع الغرب، ومرممًا العلاقة بين المهاجرين ووطنهم الأم.
وفي المقابل، قدم لنا العراق في 2007 درسًا في الترميم الداخلي. ففي ذروة الاقتتال الطائفي، وحين عجزت السياسة عن رتق الفتوق الاجتماعية، كان المنتخب هو المؤسسة الوحيدة الفعالة في دولة منهكة. لقد كان الفوز بكأس آسيا حينها لحظة "تعافٍ جماعي"؛ توحدت الطوائف المتناحرة تحت راية واحدة، وتوقفت أصوات الرصاص في الشوارع لتعلو أصوات الاحتفال، مثبتة أن الكرة قادرة على فرض السلم الأهلي حين تفشل البنادق.
أمام هذه النماذج الملهمة، نجد أنفسنا في عُمان أمام مفارقة مؤلمة تستدعي المكاشفة؛ فنحن نملك "المادة الخام" للنجاح؛ لدينا تاريخ عريق، وشغف جماهيري متأصل، ومواهب فطرية تنبت في الحواري. ولكننا، وللأسف، ندير هذه الثروة الوطنية بعقلية 'الهواية' في زمن تحولت فيه الرياضة إلى "صناعة" ثقيلة ومعقدة.
تصريح المدرب الأخير حول الفوارق في البنية الأساسية بيننا وبين دول أخرى، كان تشخيصًا طبيًا دقيقًا لجسدٍ رياضي متهالك. نحن نحاول مناطحة "مشاريع دول" و"صناعات مليارية" بجهود فردية واجتهادات تعتمد على "البركة". إننا باختصار، كمن يدخل سباق "الفورمولا 1" بسيارة دفع رباعي قديمة؛ قد نملك شجاعة السائق، لكننا حتمًا سنخسر السباق أمام التكنولوجيا والتخطيط.
وهنا، نضع الورقة الأخيرة على الطاولة أمام المعنيين بالتخطيط الاستراتيجي. ففي صلب رؤية "عُمان 2040"، وتحديدًا في أولوية "المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية"، نجد تركيزًا شديدًا على خلق جيل معتز بهويته ومسؤول عن وطنه.
والمفارقة الكبرى تكمن هنا: قد تُنفق المؤسسات الملايين على إقامة ندوات ومحاضرات نظرية لتعزيز هذه الهوية، بينما يثبت الواقع والعلم أن مباراة واحدة لمنتخب وطني قوي ومنافس، قادرة على غرس قيم الولاء والفخر في نفوس المواطنين، بفاعلية وعمق يتجاوزان تأثير 1000 محاضرة.
إنَّ الاستثمار في تحويل كرة القدم العُمانية من "هواية" إلى "صناعة محترفة" عبر الخصخصة الحقيقية وتطوير البنية التحتية، ليس ترفًا، ولا هدرًا للمال العام. إنه استثمار مباشر في الإنسان العُماني، واختصار ذكي للطريق نحو تحقيق أهداف الرؤية في بناء مجتمع متماسك ومعتز بذاته.