الثورة / أسماء البزاز

لا شك أن النساء والأطفال هم الضحايا الأكثر تأثرا جراء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ناهيك عن الأبعاد النفسية والجسدية التي ستظل رفيقة حياتهم جراء هذا الإجرام الوحشي الأخير على المدينة.
وهو ما أكدته منظمة اليونيسف، أنه لطالما كانت حياة الأطفال في قطاع غزة صعبة جداً، حتى قبل التصعيد الأخير.

. وأنه لا مكان آمن للأطفال في أي من أنحاء قطاع غزة.
وارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة، إلى أكثر من 11500 شهيد، بينهم 4710 أطفال، و3160 امرأة، إثر العدوان الإسرائيلي على القطاع المتواصل الذي بدأ في 7 أكتوبر الماضي، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.
وأضاف أن إجمالي المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال في القطاع بلغ 1200 مجزرة، وبلغ عدد المفقودين 3640 مفقوداً، منهم 1770 طفلاً لا يزالون تحت الأنقاض.
وأشار إلى أن عدد الإصابات بلغ 29800 إصابة، أكثر من 70 % منهم من الأطفال والنساء.
وبين أن عدد المدارس المدمرة بلغ، 255 مدرسة، منها 63 مدرسة خرجت عن الخدمة بشكل كامل، كان آخرها استهداف الاحتلال لمدرسة الموهوبين في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة التي ارتكب داخلها مجزرة أسفرت عن ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى بينهم أطفال حرقوا وتفحموا.
ظروف إنسانية لا مثيل لها في العالم ولم يسبق لها مثيل يعيشها أطفال ونساء غزة خاصة ممن تعرضن للإجهاض أو الولادة في ظروف صعبة للغاية، ومن المحظوظات من توفرت لهن الرعاية الطبية من قبل المنظمات العاملة في غزة، حيث قدمت منظمة الأونروا للقابلات الرعاية الطبية للنساء بعد الولادة والحوامل المعرضات لمخاطر عالية في المراكز الصحية التسعة العاملة. وقالت المنظمة إن ما يقدر بنحو 50,000 امرأة حامل في غزة، ويتم تسجيل أكثر من 180 من حالة ولادة كل يوم. وقد تم علاج ما مجموعه 277 حالة حمل بعد الولادة وحالة حمل عالية الخطورة في المراكز الصحية وتم رعاية ما مجموعه 765 من الأمهات بعد الولادة في الملاجئ منذ بداية تشرين الأول.
وأشارت المنظمة إلى أنه تم تطعيم 1,067 طفلا في سبعة مراكز صحية وفقا لبرنامج التطعيم الوطني.
وأمام هذه المجازر بحق النساء والأطفال تعالت الأصوات الحقوقية لوقف المجازر الإسرائيلية المتكررة، حيث قالت “هيومن رايتس ووتش” إن على الحكومة الإسرائيلية أن ترفع فورا الحصار عن قطاع غزة الذي يعرّض الأطفال وغيرهم من المدنيين الفلسطينيين لأخطار جسيمة، وان العقاب الجماعي للسكان بأكملهم هو جريمة حرب.. على السلطات الإسرائيلية السماح بدخول الغذاء، والمساعدات الطبية، والوقود، والكهرباء، والمياه التي تمس الحاجة إليها في قطاع غزة، وأن تسمح بخروج المدنيين المصابين والمرضى لتلقي العلاج الطبي في مكان آخر.
ويقول أطباء إنهم لا يتمكنون من رعاية الأطفال ومرضى آخرين بسبب اكتظاظ المستشفيات بضحايا الغارات الإسرائيلية.
وقال بيل فان إسفلد، مدير مشارك في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: “قصفُ قطاع غزة وحصاره التام غير القانوني من قبل إسرائيل سيؤديان إلى موت أعداد لا حصر لها من الأطفال الجرحى والمرضى، ومدنيين كثر غيرهم، بسبب حاجتهم إلى العناية الطبية. على الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن يضغط على المسؤولين الإسرائيليين لرفع الحصار غير القانوني بالكامل، وضمان حصول جميع السكان فورا على المياه، والغذاء، والفيول، والكهرباء”.
فيما قال كبار المسؤولين الصهاينة إن الحصار التام لقطاع غزة – حيث يشكل الأطفال نصف الـ 2.2 مليون نسمة – جزء من مساعي القضاء على حماس، ردا على عمليتها في 7 أكتوبر ضد “إسرائيل”.
وكان صرّح وزير دفاع العدو الإسرائيلي يواف غالانت قائلا: “حصار تام … لا كهرباء، لا مياه، لا غذاء، لا وقود.. نحن نحارب حيوانات بشرية، وسنتصرف على هذا الأساس”.
مما يعكس حجم الإجرام الوحشي المتعمد لهذا الكيان في استهداف الأطفال والنساء والأبرياء والضوء الأخضر المتاح له من قبل دول الاستكبار العالمي وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
ويشكل الحصار التام الذي تفرضه “إسرائيل” على سكان قطاع غزة جزءا من الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، اللتين ترتكبهما السلطات الصهيونية بحق الفلسطينيين.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

طفلي لا يحب اللعب.. هل هذا طبيعي؟!

 

 

ريتّا دار **

 

في عالمٍ يركُض بسرعةٍ، ويقيس الطّفولة بالصّوت والحركة والحيويّة، هناك أطفالٌ لا يركضون. لا يقفزون على الأرصفة، ولا يتشاجرون على من يبدأ أوّلًا في لعبة الغميضة. هناك أطفالٌ يفضّلون الزّوايا الهادئة، يكتفون بالمُراقبة، أو يصنعون لأنفسهم عالمًا خاصًّا لا يحتاج إلى شركاء. فهل هؤلاء أقلّ "طفوليّة"؟ وهل يجب أن نقلق؟

"طفلي لا يحبّ اللعب"؛ جملةٌ نسمعها كثيرًا من أمّهات وآباء يعبّرون بها عن قلقٍ دفين، أحيانًا يتلوه سؤال بصوت خافت: "هل هو طبيعي؟". وكأنّ اللّعب معيار للصحّة النّفسيّة والاجتماعيّة، وأيّ خروجٍ عنه إشارة خلل.

لكن فلنقف قليلًا عند المعنى الحقيقيّ للّعب.

اللّعب، في جوهره، ليس مجرّد حركة ولا صخب. هو تعبير، هو وسيلة. بعض الأطفال يعبّرون بأجسادهم، آخرون بالكلمات، وغيرهم بالصّمت أو الخيال. لا يمكن أن نُخضع الطّفل لعناوين جاهزة: "منفتح"، "منعزل"، "كسول"، "مختلف". فهل نسينا أنّ الطفل، مثل البالغ، له طبيعته، ومزاجه، وميوله؟

تخيّلوا طفلًا في الخامسة، يجلس في ركن الحديقة يصفّ سياراته بهدوء، بينما يقفز الآخرون من لعبة إلى أخرى. نظنّه منطويًا، بينما هو غارقٌ في حبّ التّرتيب، في رسم سيناريوهات لا نراها. هو لا يتهرّب من العالم، بل يخلق عالمه الخاصّ، على طريقته.

عادل، مثلًا، كان طفلًا هادئًا في صفّه، لا يشارك في الألعاب الجماعية، ولا ينخرط في الجري أو الركض. كانت معلّمته تلاحظ جلوسه في زاوية الصف يكتب أو يرسم أو يُراقب بصمت. أمّه كانت قلقة: "لماذا لا يلعب مثل باقي الأطفال؟". لم تفهم، في البداية، أنّ ابنها لا يرفض اللّعب، بل يبحث عن طريقةٍ يشعر فيها بالأمان.

كان "يلعب"، ولكن بطريقته، وكان يعيش مغامراته في خياله، ويجسّدها بالرّسم أو بالكلام مع نفسه. لم يكن يحتاج ملعبًا؛ بل من يفهم أنّ اللّعب لا يُقاس بالصّخب فقط.

هناك أطفالٌ يجدون في اللّعب الجماعي ضغطًا لا مُتعة. يخافون من الخسارة، من أن يُنتَقدوا، من أن يُدفعوا أرضًا، من أن لا يُحسنوا الرّدّ. وهناك أطفالٌ حذرون، يُجرّبون الحياة خطوةً خطوة، ويحتاجون وقتًا ليشعروا بالأمان. هل نلومهم؟ أم نحتضن بطء خطاهم؟

سارة، على سبيل المثال، كانت تكره لعبة الغُمِّيضة. لم تكن تُجيد الاختباء، وكانت تخاف من أن لا يجدها أحد. عندما بدأت والدتها تُلاحظ خوفها، اقترحت عليها أن تكون من يعدّ، بدلًا من أن تكون من يختبئ؛ فبدأت سارة تضحك معهم، على طريقتها. هكذا فقط، حين نحترم حساسيّة الطّفل، نفتح له بابًا ليفرح دون أن يشعر بالتّهديد.

الدّراسات التربويّة تؤكّد أنّ الأطفال يملكون أساليب تعبير متنوّعة، وأنّ التّصرّف المختلف ليس بالضرورة دليلًا على خلل. بل إنّ فهمنا لنمط كلّ طفل وميله الطبيعيّ، هو ما يساعده على النّمو بسلاسة. كما تشير بعض الأبحاث النّفسيّة إلى أن إجبار الأطفال على اللّعب بأساليب لا تروق لهم قد يُشعرهم بالفشل، ويؤثّر على ثقتهم بأنفسهم.

لذا.. علينا أن نعيد تعريف معنى "الّلعب"، وأن نكفّ عن حصره في الحركة والجري والمنافسة، ونشجّعه أن ينفتح على التّخيل، على التّصميم، على المراقبة، على التّعبير الفنيّ. فالطّفل الذي يفضّل أن يصمّم بيتًا من المكعبات بدلًا من أن يركض في السّاحة، لا يعاني شيئًا، بل يعبّر عن طبيعته.

ليس مطلوبًا من جميع الأطفال أن يحبّوا السّباحة أو الرّكض أو الألعاب الجماعيّة. المطلوب فقط أن يشعروا أن طرقهم في التّفاعل ليست غريبةً ولا مرفوضة. وأن يجدوا فينا نحن الكبار من يقول لهم: "أحبّ طريقتك"، بدلًا من: "ليش ما تلعب مثل الباقين؟".

فإن كان طفلك لا يحبّ اللعب، اقترب منه. اسأله دون حُكم: "كيف تحبّ أن تمضي وقتك؟". راقبه، وافتح له خيارات لا تشبه القوالب الجاهزة. دعه يختر بين الرّسم، القصص، البناء، الحديث مع الحيوانات، أو مجرّد مراقبة النّاس.

في النّهاية، الطّفولة ليست سباقًا، ولا اختبارًا للانفتاح. هي مساحة لاكتشاف الذّات. وبعض الذّوات تنمو في الهدوء. بعضها يحتاج ظلًّا أكثر من ضوء. فلنمنحها ما تحتاج، لا ما نريده نحن.

وأخيرًا.. كلّ طفل، في عمق ذاته، يعرف كيف يفرح. فقط علينا أن نصغي!

** كاتبة سورية

مقالات مشابهة

  • مجزرة جديدة.. 13 شهيدا في قصف صهيوني مدرسة تؤوي نازحين بخان يونس
  • حادث مروّع شمال الكفرة.. 12 وفاة بينهم أطفال ونساء في تصادم بين سيارة وشاحنة
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • قتلى وجرحى في انفجار مخزن أسلحة للحوثيين بمفرق ماوية شمالي شرق تعز
  • انفجار محل بيع أسلحة في تعز يخلف قتلى وجرحى
  • استشهاد 16 مواطناً فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف العدو على قطاع غزة
  • 13 شهيدا بينهم أطفال ونساء في قصف الاحتلال على قطاع غزة
  • طفلي لا يحب اللعب.. هل هذا طبيعي؟!
  • “يونيسيف”: أكثر من 50 ألف طفل استشهدوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة
  • اليونيسف: استشهاد وإصابة 50 ألف طفل في قطاع غزة منذ بدء العدوان