«اقتصادية الشورى» تناقش مشروع الميزانية العامة للدولة للعام القادم
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
ناقشت اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى أمس مشروع الميزانية العامة للدولة للعام 2024م والمحال من الحكومة، حيث استعرضت اللجنة المشروع من مختلف الجوانب والبنود والأهداف الاقتصادية والاجتماعية الواردة في الميزانية، كما ستناقش اللجنة الأسس التي على أساسها تم احتساب التقديرات المالية مع العديد من المختصين واستيضاح بشكل مفصل عما ورد في المشروع.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أكاديمي في جامعة عدن يضع خطة إنقاذ سريعة للاقتصاد والمالية العامة خلال 90 يوم
شمسان بوست / د.علي ناصر سليمان الزامكي
تشهد بلادنا منذ ما يزيد عن تسع سنوات، أزمة اقتصادية ومالية خانقة هي الأسوأ في تاريخها المعاصر، نتيجة الحرب الممتدة والانقسام السياسي والمؤسسي الحاد، وقد أدت هذه الظروف إلى شلل شبه تام في البنية الاقتصادية، وانهيار مؤسسات الدولة، وتآكل الاحتياطيات النقدية، وانعدام الموارد العامة الفعلية للحكومة المعترف بها دوليًا.
*توطئة*
إن انهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز ال2500 ريال يمني، ما أدى إلى فقدان الريال اليمني لأكثر من 500% من قيمته خلال السنوات الأخيرة، والتوقف شبه الكلي لصادرات النفط والغاز، والتي تمثل المورد الرئيس للموازنة العامة، بفعل الاستهداف للبنية التحتية في مناطق الإنتاج والتصدير من قبل المليشيات الحوثية، وقد أدى الاعتماد المتزايد على الطباعة غير المغطاة للعملة لتغطية النفقات الحكومية إلى تفاقم معدلات التضخم وفقدان الثقة بالريال، فضلًا عن ضعف أداء القطاع المصرفي وتفككه، وتوسع السوق الموازية للعملات، وغياب التنسيق بين السياسة النقدية والمالية، وكذا تراجع الإيرادات الضريبية والجمركية بسبب ضعف السيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وغياب قاعدة بيانات موحدة للتحصيل، أدى ذلك كله إلى انهيار الاقتصاد الوطني واتساع رقعة الفقر والبطالة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وضاعف من معاناة المواطنين وزاد من هشاشة الوضع الإنساني.
إن هذا الواقع الخطير يتطلب تدخلاً سريعًا ومدروسًا، من خلال إعداد وتنفيذ خطة إنقاذ طارئة قصيرة الأجل، تستند إلى إجراءات واقعية، وتركّز على إيقاف الانهيار، واستعادة الحد الأدنى من الاستقرار المالي والنقدي، وتهيئة الأرضية اللازمة لخطط إصلاح شاملة في المدى المتوسط والطويل.
*أهداف خطة الإنقاذ الطارئة*
وتهدف هذه الخطة إلى تحقيق جملة من الأهداف العاجلة والمترابطة التي تمثل الحد الأدنى من مقومات استعادة التوازن الاقتصادي للدولة، من خلال وقف التدهور المتسارع للعملة الوطنية عبر إجراءات نقدية عاجلة تعزز من العرض النقدي الآمن وتحد من المضاربات، وتحقيق قدر من الاستقرار في أسعار السلع والخدمات الأساسية، بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين والتخفيف من تداعيات الأزمة المعيشية، والعمل على استعادة جزئية للإيرادات العامة السيادية (الضريبية والجمركية والنفطية)، من خلال تفعيل مؤسسات التحصيل وتوحيد المنافذ والسيطرة على الموارد العامة، والعمل بحزم على إيقاف النزيف المالي الحكومي، وتقليص العجز النقدي عبر ترشيد الإنفاق، وتطبيق موازنة طوارئ ( خطة إنفاق ) واقعية تعتمد على الأولويات الوطنية، من خلال استعادة الثقة بالسياسات والمؤسسات المالية الحكومية، بتعزيز الشفافية والرقابة والمساءلة العامة، وكذا تهيئة الأرضية المؤسسية والفنية اللازمة لإطلاق خطة إصلاح اقتصادي شاملة، بدعم من الشركاء الدوليين، بما يعزز التعافي الاقتصادي التدريجي.
*محاور الخطة الطارئة*
وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية تظافر الجهود المتكاملة لدعم الحكومة بتنفيذ خطة الإنقاذ الطارئة قصيرة الأجل على طريق إعداد الخطة الاقتصادية التنموية الشاملة والمستدامة تحت رعاية واشراف مباشر من رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وفق ضوابط العمل، والمقر العمل بها مؤخرًا إلى حين الإقرار النهائي من مجلس النواب، حيث يتولى مجلس القيادة الرئاسي الإشراف المباشر وتقديم كل الدعم للحكومة وكذا التوجيه والإشراف على تفعيل دور لجنة التشاور والمصالحة لدعم التوافق السياسي والمؤسسي وتظافر الجهود نحو تحقيق نجاح خطة الإنقاذ الطارئة، وتفعيل جنبًا إلى جنب اللجنة القانونية لتهيئة البنية القانونية اللازمة لدعم خطة الإنقاذ الطارئة، وبكل تأكيد لابد من استكمال قوام اللجنة الاقتصادية العليا وتفعيل دورها المأمول لتهيئة ودعم نجاح خطة الإنقاذ الطارئة الحالية، ورسم ملامح خطة التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.
*محور السياسة النقدية وإعادة تفعيل البنك المركزي*
يُعد استقرار سعر صرف العملة وضبط الكتلة النقدية أولوية قصوى لإنقاذ الوضع الاقتصادي، ويتطلب ذلك تعزيز الاستقلالية المؤسسية للبنك المركزي اليمني للمساهمة في زيادة فاعلية السياسة النقدية، والعمل على تحسين النظام المصرفي المحلي بما يسهم في تعزيز الشمول المالي ودور الحكومة في استعادة الثقة، وأيضًا تفعيل دور المؤسسات المالية الأخرى في نجاح السياسة النقدية، بتطوير سياسات نقدية متوازنة للتحكم في التضخم دون التأثير على النمو الاقتصادي، والعمل على توحيد إدارة البنك المركزي وعملياته في العاصمة المؤقتة عدن، وإغلاق أي نوافذ مالية موازية تُدار خارج الإطار الشرعي، وكذا تفعيل أدوات السياسة النقدية، مثل مزادات بيع العملة، وعمليات السوق المفتوحة، وتحديد سقوف مؤقتة للسحب النقدي، مع مراعاة ضبط ومراقبة سوق الصرف، من خلال لجنة مشتركة بين البنك المركزي، النيابة العامة، واللجنة الاقتصادية العليا.
*محور السياسة المالية وترشيد الإنفاق العام*
في ظل محدودية الموارد المتاحة، فان اليمن بحاجة إلى الدعم المالي غير المباشر والأهم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ومجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي مقابل التزامات إصلاح واضحة، ويكون ذلك الدعم بتصفير الدين الخارجي لليمن لفتح مسار سياسي واقتصادي جديد يساعد اليمن على بناء الشراكة مع البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات المالية الدولية والعربية، للاقتراض الخارجي وإدارته من قبل الدولة ممثلة بالحكومة، وإلى حين تحقيق ذلك يجب ضبط النفقات العامة للدولة بصرامة، لنجاح خطة الإنقاذ الطارئة من خلال وقف شامل لجميع أوجه الإنفاق غير الضروري، خصوصًا في مجالات السفر والمشتريات الحكومية والموازنات التشغيلية الثانوية، وكذا إعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة (خطة الإنفاق المعتمدة) لتوجيهها نحو المرتبات، والخدمات الأساسية، والاحتياجات الأمنية والغذائية العاجلة، والعمل على تبني نظام “موازنة نقدية شهرية”(خطة انفاق)، يحدد السقف الشهري للإنفاق على أساس الإيرادات الفعلية المتاحة، وأيضًا تفعيل آلية مراجعة مزدوجة للرواتب بهدف كشف ومعالجة الازدواج الوظيفي، والتخلص من الموظفين الوهميين، وربط جميع جهات الصرف الحكومية بنظام رقابة مالية مركزي تديره وزارة المالية والبنك المركزي معًا.
*محور الإيرادات العامة واستعادة الموارد السيادية*
إن تحريك الإيرادات السيادية ولو جزئيًا، يمثل خطوة حاسمة لاستعادة النشاط المالي، ويتحقق ذلك من خلال توحيد وتفعيل المنافذ الجمركية والضريبية تحت إشراف وزارة المالية، ومنع أي ازدواج أو تعدد مراكز جباية، وإدخال نظام تحصيل إلكتروني موحد للضرائب والجمارك والإيرادات المحلية، وربطه بالبنك المركزي مباشرة، فضلًا عن رفد اللجنة العليا لإدارة ومراقبة الإيرادات السيادية، بمختصين من المالية، والجمارك، والضرائب، والأمن، والسعي لإعادة تصدير النفط والغاز تدريجيًا عبر التفاوض مع الجهات المسيطرة على مناطق الإنتاج، وطلب إشراف دولي محايد، وفتح حساب مركزي خاص للإيرادات في البنك المركزي تحت رقابة ثلاثية: (المالية – البنك – الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة )، ونشر تقارير دورية عنه.
*محور الشراكة الدولية والدعم الخارجي*
لا يمكن تحقيق الاستقرار دون دعم خارجي فني ومالي، لذا توصي الخطة بتقديم الخطة الاقتصادية الطارئة إلى الشركاء الدوليين (صندوق النقد، البنك الدولي، البرنامج السعودي، مكتب المبعوث الأممي)، والتنسيق مع صندوق النقد العربي للحصول على دعم فني وهيكلي لتعزيز قدرات المؤسسات المالية الوطنية، والعمل على فتح قنوات حوار اقتصادي منتظم مع الشركاء، وعرض مؤشرات الأداء المالي بشفافية لبناء الثقة واستمرار الدعم للنجاح خطة الإنقاذ الطارئة وتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي نحو التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.
*محور الحوكمة، الشفافية، ومكافحة الفساد*
الرقابة والمساءلة حجر الزاوية لإنجاح أي خطة، ولذلك تشمل التدخلات إنشاء لجنة عليا للرقابة المالية ومحاربة الفساد تتبع مباشرة مجلس القيادة الرئاسي، وتتمتع بصلاحيات استثنائية، وأيضًا تفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، ومنحهما صلاحيات تفتيش فوري على سير خطة الإنقاذ الطارئة وفي جميع الجهات، والعمل على إلزام كل الوزارات والمؤسسات بنشر تقارير شهرية عن الإيرادات والمصروفات عبر موقع الحكومة، وفتح خط بلاغات مباشر للشكاوى المالية، وتشجيع دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة المجتمعية، والحرص على منع ازدواج الصرف والموازنات عبر وضع نظام مركزي للرقابة الإلكترونية على كل الحسابات الحكومية.
*البرنامج الزمني لتنفيذ خطة الإنقاذ خلال 90 يوماً*
المرحلة الأولى تمتد من (يوم إلى 30 يومًا)، يتم خلالها تشكيل “لجنة الطوارئ الاقتصادية” برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي، ووزيري المالية والتخطيط والتعاون الدولي، ويتم خلالها إصدار قرارات عاجلة الإنفاق غير الضروري، وإعلان خطة الإنقاذ رسميًا وعرضها على المانحين الدوليين، والعمل على إنشاء غرفة عمليات لمراقبة أسعار الصرف والسلع، ومراجعة كشوفات المرتبات للكشف عن الازدواج الوظيفي، والتواصل الرسمي مع التحالف العربي ومجلس التعاون الخليجي وصندوق النقد العربي بشأن الدعم المالي والنفطي، على أن ينفذ هذه المرحلة رئاسة الوزراء، البنك المركزي، وزارة المالية، وزارة الخارجية، والأجهزة الرقابية، والمخرجات المتوقعة من هذه المرحلة هو إطلاق الخطة رسميًا، وضبط أولي لسوق الصرف، وكذا فتح قنوات التواصل مع الداعمين، بالإضافة إلى خفض مؤقت لنفقات الدولة.
أما المرحلة الثانية تمتمد من (31 إلى 60 يومًا)، يتم خلالها إطلاق نظام موازنة طارئة شهرية (خطة) إنفاق لجميع الوحدات الحكومية، وكذا تفعيل تحصيل الإيرادات من المنافذ الجمركية والضريبية بإشراف مباشر من وزارة المالية، والعمل على نشر التقارير الأسبوعية حول الإيرادات والنفقات، وتوقيع اتفاق مؤقت لتصدير النفط (إن أمكن) بإشراف أممي، وكذا فتح خط ساخن للبلاغات عن الفساد والمخالفات المالية، والبدء في ضخ تدريجي للعملات الأجنبية المستلمة من المانحين لدعم الاستقرار النقدي، على أن تكلف وزارة المالية، البنك المركزي، الأجهزة الأمنية، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وزارة النفط والمعادن، والمانحون الدوليون، لتنفيذ هذه المرحلة، ويتوقع أن تخرج هذه الخطة بنتائج أبرزها انتظام صرف الرواتب ضمن السقوف الجديدة، وتحسن مؤشرات الصرف والتضخم، وأيضًا استقرار نسبي في أسعار السلع الأساسية، وتعزيز ثقة المواطنين والخارج.
في حين تمتد المرحلة الثالثة من (61 إلى 90 يومًا)، يتم خلالها تقييم نتائج المرحلة الثانية ومراجعة السياسات وفقًا للبيانات، ونشر التقرير الأول عن أداء الخطة، وإدخال تعديلات على السياسات النقدية والمالية وفق المستجدات، والاتفاق على خطة دعم متوسطة الأجل مع الشركاء الدوليين، وكذا وضع الأسس الفنية للإصلاحات الهيكلية (تحديث النظام المصرفي، رقمنة التحصيل، نظام شفافية الإنفاق)، على أن يكلف بتنفيذ هذه المرحلة اللجنة الاقتصادية، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، شركاء التنمية، البنك المركزي، ووزارة المالية، ويتوقع أن تكون هناك نتائج موثقة لأول 90 يوم، وتأطير خطة إصلاح ممتدة، واستعادة ثقة المانحين والمجتمع الدولي، وانطلاق المرحلة الثانية: الإصلاح الشامل.
*الملخص التنفيذي للخطة*
في هذا السياق، جاءت خطة الإنقاذ الطارئة كاستجابة عاجلة تهدف إلى إيقاف التدهور الاقتصادي واستعادة حد أدنى من الاستقرار المالي والنقدي، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات والإصلاحات القصيرة الأجل موزعة على خمسة محاور رئيسية هي إصلاح السياسة المالية وضبط النفقات من خلال تقليص الإنفاق غير الضروري، وضبط المرتبات، وأيضًا استقرار السياسة النقدية وسعر الصرف عبر تنشيط أدوات البنك المركزي وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية، بما يضمن تعزيز الإيرادات العامة وتحسين كفاءة التحصيل في المنافذ الجمركية والضريبية، وتعزيز الثقة والشراكات الدولية من خلال تواصل فاعل مع المانحين ودول الدعم، وتوفير ضمانات للشفافية، والعمل على تفعيل مؤسسات الدولة والرقابة لضمان الالتزام والانضباط المالي والإداري.
تمتد الخطة على مدى 90 يومًا مقسمة إلى ثلاث مراحل، الأولى إجراءات فورية لوقف النزيف، الثانية تحفيز الموارد وتفعيل الرقابة، أما الثالثة مراجعة وتقييم وتخطيط لما بعد الطوارئ، وتهدف إلى تمهيد الطريق نحو إصلاحات متوسطة وطويلة الأجل في المالية العامة، السياسة النقدية، والحوكمة.
*خطة التواصل والإعلام المساند*
تهدف هذه الخطة إلى توحيد الخطاب الإعلامي الرسمي حول خطة الإنقاذ، وتعزيز الشفافية وكسب ثقة المواطنين والمانحين، وتوعية الجمهور بمبررات وأهداف الإجراءات الحكومية، وأيضًا إشراك الإعلام والمجتمع المدني في دعم تنفيذ الخطة، من خلال الاعتماد على مجموعة من الأنشطة المقترحة كتنظيم مؤتمر صحفي رسمي لإطلاق الخطة بمشاركة كبار المسؤولين، وإطلاق منصة إلكترونية لمتابعة تنفيذ الخطة (موقع قنوات تواصل اجتماعي)، فضلًا عن إنتاج فيديوهات قصيرة توضح أهداف ومراحل الخطة بلغة مبسطة، وكذا نشرات أسبوعية عن الأداء المالي والنقدي والتقدم في التنفيذ، وتنفيذ برامج إذاعية وتلفزيونية توعوية بمشاركة خبراء ومسؤولين، وتنظيم حملات على وسائل التواصل لتفنيد الشائعات وبناء الثقة، والتواصل المباشر مع الصحفيين والإعلاميين عبر موجزات منتظمة ومقابلات.
أما الجهات المنفذة لهذه الخطة هي وزارة الإعلام، مكتب رئيس الوزراء، والناطق الرسمي باسم الحكومة، بالتنسيق مع وزارة المالية، والبنك المركزي، واللجنة الاقتصادية المشكلة.
إعداد/د.علي ناصر سليمان الزامكي
ـ أستاذ الإدارة المالية المشارك بجامعة عدن