الثورة / متابعة / إبراهيم الأشموري
جرائم وانتهاكات الكيان الصهيوني ومجازره الوحشية التي ينفذها على مدار الساعة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر بحق المدنيين في قطاع غزة تتحدث عن نفسها، وقد آلمت الضمير الإنساني في مختلف بقاع المعمورة، ومع ذلك لا تزال تسمع دعوات دولية خجولة لضرورة التحقيق فيما تسميها تقارير عن جرائم “إسرائيلية” محتملة قد ترقى إلى جرائم حرب.

.
وفي هذا الصدد قالت منظمة العفو الدولية أمس إنها وفي إطار تحقيقاتها في انتهاكات قوانين الحرب وثّقت حالتين نموذجيتين قتلت فيهما الغارات الإسرائيلية مدنيين فلسطينيين بينهم 20 طفلاً، أصغرهم عمره 3 أشهر، مؤكدةً أنّه لم يكن في الموقعين أي دليل على وجود أهداف عسكرية.
وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة أمس الأول عن المكتب الإعلامي الحكومي، فقد ارتفع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 13 ألف شهيد، منهم أكثر من 5,500 طفل، و3,500 امرأة، في حين زاد عدد الإصابات عن 30 ألف إصابة، أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء.
وأكدت منظمة العفو الدولية أنّ هذه الضربات كانت هجمات عشوائية أو هجمات مباشرة ضد مدنيين أو أهداف مدنية، مشدّدةً على ضرورة التحقيق فيها بشكلٍ كامل باعتبارها جرائم حرب.
وأشارت إلى أنّ “إسرائيل” نشرت مقطع فيديو لطائرة من دون طيار يُظهر لحظة الغارة الجوية على كنيسة القديس بورفيري لليونان الأرثوذكسية على أنه مركز قيادة تابع لـ”حماس”.
وأضافت أنه “بعد ذلك تمّ حذف المقطع ولم يقدّم الجيش أو السلطات الإسرائيلية أي معلومات لدعم الادّعاء بأنّ المبنى المدمّر كان مركز قيادة وسيطرة لحماس، ولا لأي جهة أخرى”.
كذلك، حثّت المنظمة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ خطوات ملموسة فوراً لتسريع التحقيق في جرائم الحرب وغيرها من الجرائم، بموجب القانون الدولي في الأراضي المحتلة بدءاً من عام 2021.
يُشار إلى أنه قبل أيام، أكد خبراء من الأمم المتحدة أنّ الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين، ولا سيما في قطاع غزة، تشير إلى “حدوث إبادة جماعية”.
وأشار الخبراء إلى أنّ الأدلة تؤكد تزايد “التحريض على الإبادة الجماعية، والنية العلنية لتدمير الشعب الفلسطيني، ووجود دعوات صاخبة إلى نكبة ثانية في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وفي وقتٍ سابق، قدّم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، اقتراحاً يهدف إلى “وقف استمرار المذبحة في غزة”، في وقت يتعرّض القطاع لعدوان إسرائيلي متواصل، منذ أكثر من شهر.
وقبل أيام، وجّه نحو 35 سفير دولة في الأمم المتحدة نداءً عاجلاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة فوراً، وذلك مع استمرار العدوان الصهيوني على القطاع، منذ 7 أكتوبر الماضي.
ورغم هذه الدعوات الصادرة من هنا وهناك يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه على قطاع غزة، مستهدفاً المستشفيات والأحياء السكنية وكل مقوّمات الحياة، وسط حصار خانق يعانيه القطاع، حيث لا ماء أو غذاء أو دواء أو وقود.
في السياق أكّد المستشار الإعلامي لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في غزة، عدنان أبو حسنة، أمس الاثنين، أنّ عدد النازحين في جميع أنحاء قطاع غزّة وصل إلى نحو 1.7 مليون شخص منذ بداية الحرب.
وأضاف أبو حسنة في حديث تلفزيوني أنّ أعداد النازحين في مدارس وكالة الغوث وصل إلى 900 ألف، وأنّ هناك مئات الآلاف في الشوارع ولا مكان لهم للإيواء، مضيفاً أنّ عدد الشهداء من وكالة الغوث وصل إلى 104.
موضحا أنّ أكثر من 70 مؤسسة ومدرسة تابعة لوكالة الغوث تعرّضت للاستهداف، مؤكّداً أنّ هذه المراكز يرفع عليها علم الأمم المتحدة.
وأشار إلى أنّ وكالة الغوث تبلغ الجانب الإسرائيلي بإحداثيات مراكز الوكالة ومدارسها، ورغم ذلك يتم استهدافها، وهذا يؤكد أن لا مكان آمناً في غزة.
وقال المستشار الإعلامي للأونروا، إنّ الوقود في غزّة غير كافٍ، فهناك حاجة إلى 120 ألف ليتر يومياً وما يدخل يومياً 60 ألف ليتر فقط، وهذا يعني أنّ محطات الصرف الصحي لن تعمل بحدها الأقصى وهذا سيؤدي إلى ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الشوارع ما ينذر بانتشار الأوبئة.
وأشار أبو حسنة إلى أنّ اضطرار الناس لشرب المياه الملوثة تسبب بانتشار أمراض مثل الإسهال والصداع والنزلات المعوية، معرباً عن الخشية من انتشار الكوليرا هناك.
كذلك، تطرّق في حديثه إلى المواد الغذائية، مؤكّداً أنّ تلك المواد تنفد من الأسواق، بينما ارتفعت الأسعار بشكلٍ جنوني ويجب إدخال مساعدات غذائية وملابس في ظل الأجواء الباردة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إبادة لا تستوفي شرط التضامن العربي

مؤلم وشاق العثور على موقف وسلوك عربي رسمي، باستطاعته لجم فاشية صهيونية تتصاعد في غزة وبقية مدن فلسطين المحتلة، طوال عشرين شهرا من العدوان والجرائم والعربدة الإسرائيلية. لم يطرأ تغيير يقلب المشهد، تُنسف مربعات سكنية ويتكرر تدمير القطاع الصحي وحرق المستشفيات وتقصف خيام النازحين ويُستهدف آلاف المتجهين للبحث عن مساعدات، والسياسة العربية ثابتة في طلبها من "الغير" (المجتمع الدولي) بضرورة التحرك، تعفي نفسها من هذه الأولوية وضرورة التحرك، وفق قناعة تكبيل القدرة الذاتية بعدم الانتماء لمجتمع دولي، وتأثيرها ناجع فقط في حدود سيطرتها على مجتمعات عربية.

ومن السهولة تحري مواقف غربية ودولية، تستجيب لنداء ومطالب شعوبها الغاضبة من سياسات إسرائيل ومن جرائم الحرب وضد الإنسانية، فحشود المظاهرات من روما ولندن ومدريد ولاهاي وباريس وغيرها من مدن حول العالم، المطالبة بوقف العدوان وتحقيق العدالة لفلسطين وقطع العلاقة مع الاحتلال والغاضبة من مشاهد جرائم الإبادة في غزة، تعني أن تغييرا ما طرأ في رفض السردية الصهيونية، وصعوبة بهضم وتبرير فاشية الاحتلال على شعبٍ يكافح للتحرر منه، ويرفض محاولة نزع الصفة الإنسانية والوطنية عنه.

بالتزامن مع هذا الرفض، تعيد سلسلة بشرية ضخمة محاصرة البرلمان البريطاني وتطالب بفرض عقوبات على إسرائيل وبوقف تصدير السلاح لها، وسفينة أسطول الحرية "مادلين" التي تقل نشطاء دوليين، تبحر من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية، جنوبي إيطاليا في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة، رغم التهديد الذي تعرض له المركب ومن فيه من جيش الاحتلال الذي سيطر عليه ومنع وصوله، إلا أن الخطوة والسلوك والشجاعة والإخلاص لمبدأ الوقوف إلى جانب الضحية لم يكن سلوكا عربيا.

فقد سبق كل ذلك سلسلة من مواقف وتحركات ومظاهرات غضب من إسرائيل، لم تتوقف عند حرم الجامعات حول العالم، فالتعاطف مع غزة وشعب فلسطين بوصلة إيمان بعدالة قضية وكرامة وحق شعب بحريته من الاحتلال، ورفض لسياسات الفصل العنصري التي ندد بها مؤخرا وزير خارجية فرنسا السابق جان إيف لودريان.

لم يعد غريبا على المطلعين والمهتمين ببعض المواقف الدولية من جرائم الإبادة الجماعية في غزة، أن يلاحظوا تطورا كبيرا في بعض المواقف من جهة وصف سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة بالفصل العنصري، أو التنديد بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة، ونعت هذه السياسة بالمخزية. لم يتوقف الأمر هنا، بل كانت هناك إجراءات من بعض العواصم والمدن الغربية، بقطع العلاقة مع إسرائيل ناهيك عن الضغط الذي تقوم به شعوب حول العالم، لدفع حكوماتها للضغط على الاحتلال لوقف جرائم إسرائيل ومحاكمة قادتها عن جرائم الحرب والتطهير العرقي. لكن الغريب استمرار الصمت والعجز العربي المخزي والمهين في كل شيء، وإذا تعمق الإنسان العربي فيما يتفوه به نتنياهو وبن غفير وسموتريتش منذ عشرين شهرا، باستعارة عبارات وشعارات تلمودية صهيونية تدعو للقضاء على العرب وتنفيذ الإبادة الجماعية، ورسم خطط الاستيطان والتهويد وضم الأرض وتهجير سكانها وتدمير شمال الضفة وخطط هدم الأحياء العربية في القدس، فلا يجد في المقابل العربي أي رد سوى استمرار العلاقة والتطبيع مع هذه المؤسسة الصهيونية وعقليتها الفاشية.

في كل ذلك، يغيب الفاعل العربي، حتى في خطوة ورمزية السفينة "مادلين" لمحاولة كسر الحصار، فهي لم تنطلق من موانئ عربية قريبة من غزة، والنشطاء على متنها "دوليون"، بغض النظر عن أصول بعضهم، والمساعدات أيضا. لا يذكر الشارع العربي ولا يحفظ كل الكلام العربي الذي قيل عن فلسطين عموما، ولا يأبه بكل القرارات التي اتخذت في القمم والاجتماعات التي لم ينفذ منها شيء بخصوص غزة وإنقاذها من الإبادة، فالعربي يدرك مصير آلاف شاحنات المساعدات المكدسة على حدود غزة، وقد أصابها التلف وانتهت صلاحيتها مع مسرحية إسقاط مساعدة عربية بالمظلات قبل أكثر من عام.

تغيب أيضا حالة الغضب في الشارع العربي، فالأحزاب والقوى السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والنخب وغيرها؛ فاعليتها تتطابق تماما مع سلوك أنظمتها المطبعة أو الخانعة للأوامر الأمريكية، لا بل إن العديد من الأصوات والمواقف العربية الرسمية تؤكد على "فائدة" استسلام الشعب الفلسطيني والتخلي عن المقاومة باعتبارها سبب بلاء الفلسطينيين لا المشروع الصهيوني، والخضوع له كخلاص منتظر لإسرائيل والنظام العربي.

التعويل على مواقف دولية لوقف الإبادة -رغم أهميتها- لا يكفي، ما لم يكن مقترنا بإسناد عربي وفلسطيني رسمي، فتسليط الضوء على مواقف غربية من إسرائيل، وحفظ شوارع عربية ما يقوله رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز والموقف الذي اتخذه بلده من الاحتلال، كذلك مواقف أيرلندا وبوليفيا ونيكاراغوا وكولومبيا وتشيلي ومملكة بليز، التي سارعت كلها لقطع العلاقة مع الاحتلال ووصفت سلوكه بالإجرامي، مع تقدير موقف جنوب أفريقيا في محكمتي العدل والجنائية الدولية، وما تعرب عنه نخب سياسية وفنية وثقافية ورياضية وأكاديمية حول العالم؛ من رفض لسياسات إسرائيل الاستعمارية، وانهيار سردية الخوف من كذبة معاداة السامية.. كل ذلك لم يدفع باتجاه بلورة مواقف عربية وبخطوات تسجل في تاريخ المذبحة الفلسطينية من باب الإنصاف للضحايا وللقضية وللمشتركات العربية، على الأقل منها إنسانيا وأخلاقيا لتنسجم وتكمل مواقف دولية.

وعلى ما يبدو، أن شرط التضامن العربي مع غزة والموقف من جرائم إسرائيل لم يستوف بعد، وإجرام المحتل ووضوح فاشيته نابع من موت الصلابة العربية والفلسطينية وسقوط شروط بديهية، وجلال موت البشر جوعا وقصفا وتحطيم كل حياتهم لم يبدل قاموس البلادة العربي بمواجهة جرائم الإبادة الجماعية وتحديات التطهير العرقي في غزة وبقية فلسطين. فمن يشهد مأساة غزة لأكثر من 600 يوم، وما أفرزته من نتائج أفصحت بوضوح عن مكنونات صهيونية فاشية، يمكنه القول إن إسرائيل حققت قسطا من أهدافها بالعدوان والجرائم، وأسقطت شرط التآزر العربي الرسمي والشعبي الفعلي لإسناد غزة ورفع الحصار عنها والضغط لوقف جرائم الإبادة الجماعية ومنع مشروع التهجير. وليس القصد من إثبات ما قدمناه الإيحاء بأن عوامل الفعل والقوة والتأثير على إسرائيل هي غربية وأمريكية فقط، بل القول بأنها صارت كذلك بفعل تخل عربي وفلسطيني رسمي عن ثقل ووزن قدراتهما وتأثيرهما، ورهن كل ما لديهما لصالح أمريكا وأمن المحتل بشروط يتم استيفاؤها من النظام العربي، وتتعلق بمفاهيم وفوائد متبادلة مع المحتل على حساب القضية الفلسطينية.

x.com/nizar_sahli

مقالات مشابهة

  • إبادة لا تستوفي شرط التضامن العربي
  • “الأحرار الفلسطينية” :العدو الصهيوني يتحد القانون الدولي باستهدافه طواقم الاسعاف
  • حملة إسرائيلية دعائية مدفوعة لتبرير جرائم الإبادة في قطاع غزة
  • “الإعلامي الحكومي” في غزة: مؤسسة GHF ذراع للاحتلال “الإسرائيلي” تسببت باستشهاد أكثر من 130 شخصا
  • العفو الدولية: “مادلين” كانت بمهمة إنسانية واعتراضها انتهاك للقانون الدولي
  • بمشاركة الجاليتين اليمنية والفلسطينية.. مسيرة في مدينة هامبورغ الألمانية ضد الإبادة الجماعية في فلسطين
  • مسؤول سابق في الأمم المتحدة يطالب بعقوبات رادعة على “إسرائيل”
  • هيئة دولية تؤكد استمرار “إسرائيل” في ارتكاب جرائم الإبادة في غزة بدعم أمريكي
  • العدو الإسرائيلي يصعد مجازر الإبادة الجماعية بحق المدنيين بغزة في 3 أيام العيد .. فيديو
  • حرب إسرائيل الأبدية ومنطق الإبادة الجماعية في غزة