التداعيات الاقتصادية لاحتجاز الحوثيين للسفينة الإسرائيلية
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قامت قوات عسكرية تابعة لـجماعة الحوثي باليمن باحتجاز سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي تُسمى "غالاكسي ليدر"، على إثر التداعيات الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تعرض له الشعب الفلسطيني هناك من انتهاكات وعمليات إبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وقال قيادي بالجماعة إن "اقتيادنا للسفينة نصرة لأهلنا المظلومين بغزة".
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن اختطاف سفينة الشحن من قبل الحوثيين قرب اليمن جنوب البحر الأحمر "حدث خطير للغاية عالميا"، موضحا أن "السفينة المختطفة غادرت تركيا في طريقها للهند بطاقم مدني دولي دون إسرائيليين، كما أنها ليست إسرائيلية".
وتعد هذه الخطوة واحدة من إرهاصات الواقع الجديد الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أتت عملية احتجاز السفينة تنفيذا لتهديد سابق من قبل جماعة الحوثيين، من أنها سوف تحتجز أي سفن خاصة بإسرائيل، وحذرت باقي الدول من التعامل مع السفن الإسرائيلية.
وهو ما سيضع عملية مرور التجارة الدولية عبر المياه التي يطل عليها اليمن، أمام معادلة جديدة تتعلق بالتكلفة وتأمين عمليات التجارة.
والحدث يطرح عدة قضايا لها دلالاتها السياسية والاقتصادية، وتعني هذه السطور بالتداعيات الاقتصادية والتجارية.
وقبل أن نشير إلى هذه التداعيات، المرتبطة بالحدث، سوف نتناول بعض البيانات الخاصة بتجارة إسرائيل، وما يرتبط منها بالنقل عبر البحر.
قاعدة بيانات البنك الدولي، تشير إلى أن التجارة السلعية لإسرائيل تمثل نسبة 34.6% من ناتجها المحلي وفق بيانات عام 2022، حث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في العام نفسه، وحسب المصدر ذاته 522 مليار دولار.
كما تفيد بيانات البنك الدولي، أن الصادرات السلعية الإسرائيلية بلغت عام 2022 نحو 73.8 مليار دولار، وأن واردتها السلعية بلغت 107.2 مليارات دولار، ويعني ذلك أن الميزان التجاري لإسرائيل يظهر عجزا قيمته، 33.7 مليار دولار.
أما دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فتشير عبر تقريرها الموسوم بـ"إسرائيل بالأرقام 2022″ إلى أن موانئ إسرائيل في عام 2022 فرغت بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، وأنها حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.
أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألف مسافر، في 2022. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانبا مهما من حصتها في نقل الأفراد بحريا، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة.
والتجارة البحرية لإسرائيل، لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.
التداعيات الاقتصادية للحدثثمة خريطة جديدة ذات تضاريس مختلفة، من بينها التضاريس التجارية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، بل والعالم بعد طوفان الأقصى، فالعلاقات التجارية لإسرائيل مع دول منطقة الشرق الأوسط التي ترتبط معها باتفاقيات سلام، أو نشاط تجاري طبيعي (تركيا، والإمارات، ومصر، والمغرب، والبحرين) معرضة للتراجع خلال الفترة القادمة، بسبب التداعيات السلبية التي تركها العدوان الإسرائيلي على غزة.
ومن بين تلك التداعيات، ما حدث من احتجاز الحوثيين لسفينة "غالاكسي ليدر".
فوفق أرقام خاصة لبيان صحفي لبنك إسرائيل المركزي صدر في مارس/آذار الماضي، تبين أن قيمة تجارة إسرائيل السلعية مع تلك الدول بنهاية 2022 بلغ قرابة 11.3 مليار دولار، منها 8.2 مليارات دولار واردات إسرائيل من تلك الدول، و3.17 مليارات دولار صادرات سلعية من إسرائيل لتلك الدول.
وتمثل واردات إسرائيل من تلك الدول 7.7% من إجمالي وارداتها الإجمالية، كما تمثل صادراتها السلعية لتلك الدول 4.4% من إجمالي صادراتها الإجمالية.
يشار إلى أن مضيق باب المندب الذي تشرف عليه اليمن يمر عبره 10% من التجارة البحرية الدولية سنويا من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يوميا.
ومن شأن تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر باب المندب أن يؤثر على تجارتها مع الشرق، لا سيما مع آسيا.
وسوف تكون هناك تكلفة عالية لعمل السفن الإسرائيلية التي تمر من المياه القريبة من اليمن، خلال الفترة القادمة، إما لمخاطر عمليات احتجازها، أو ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها سواء من الشركات الإسرائيلية، أو من قبل الغير، الذي يقبل أن يتعامل مع الشركات أو الأفراد الذين يمتلكون السفن الإسرائيلية.
وفي حال استمرار المخاطر في مضيق باب المندب، وتعرض التجارة البحرية والسفن الإسرائيلية لمخاطر الاحتجاز، قد يكون البديل، هو النقل الجوي أو البري، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلبا على تجارة إسرائيل الخارجية.
استهداف الاستثمارات الإسرائيلية
احتجاز السفينة الإسرائيلية من قبل جماعة الحوثيين، قد يشجع جماعات المقاومة الأخرى للنيل من الاستثمارات الإسرائيلية، سواء كانت تلك الاستثمارات إسرائيلية خالصة، أو مشتركة.
وبعد حادثة السفينة قد تضطر الكثير من الشركات التي لها تجارة تمر عبر مضيق باب المندب، أو من مناطق قريبة من فصائل مقاومة، لتجنب التعامل مع السفن الإسرائيلية، مما يعني منع مرور السفن الإسرائيلية، وخسارة حصتها من تجارة النقل.
ختاما، ما حدث من احتجاز جماعة الحوثيين للسفينة الإسرائيلية نقلة نوعية في إطاره التجاري والاقتصادي، وبخاصة في ما يتعلق بخسائر إسرائيل وإمكانية عجزها عن حماية مصالحها التجارية والاقتصادية في المحيط الإقليمي والدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة ملیار دولار باب المندب تلک الدول وهو ما من قبل
إقرأ أيضاً:
أهمها القمح.. مليار دولار حجم التجارة بين مصر ورومانيا خلال 2024
التقى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بـ "أوليفيا تودرين" سفيرة رومانيا بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجال الزراعة والاستثمار الزراعي.
جاء ذلك في إطار حرص البلدين على المتابعة المكثفة لنتائج ومخرجات اللجنة المصرية الرومانية المشتركة التي عُقدت العام الماضي بالعاصمة بوخارست.
وأكد "فاروق" في مستهل اللقاء أهمية العلاقات التي تربط بين مصر ورومانيا في العديد من المجالات والقطاعات، لا سيما في مجال تبادل السلع الزراعية، وخاصة الاستراتيجية منها.
وأشار وزير الزراعة إلى أن رومانيا تُعد أحد المناشئ التي اعتمدتها الدولة المصرية للقمح المستورد، حيث يصل إلى مصر حوالي مليون طن سنويًا من القمح الروماني، مشيرًا إلى رغبة الجانب المصري في زيادة التعاون مع الجانب الروماني في مجال الاستثمار الزراعي والميكنة الزراعية، والتي تمتلك رومانيا خبرات متميزة في تصنيعها وأيضًا في خدمات ما بعد البيع، وذلك في ضوء الخطة التنفيذية التي تم توقيعها على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين بنهاية العام الماضي.
وأشار إلى أهمية أن يتم تصنيع المعدات الزراعية الرومانية داخل مصر من خلال الشراكة مع القطاع الخاص المصري، لما تتمتع به الصناعة الرومانية من سمعة جيدة في المنطقة.
ولفت وزير الزراعة أيضًا إلى أن مصر هي بوابة الدخول إلى السوق الأفريقي، ويمكن من خلال التعاون المصري الروماني تنفيذ شراكات ناجحة في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
ومن جانبها، أكدت "تودرين" أنه من المقرر أن يتم دعوة وزير الزراعة الروماني إلى القاهرة لبحث عدد من الموضوعات، وعلى رأسها الصادرات الزراعية الرومانية إلى مصر، وخاصة القمح، وسيشارك في الزيارة الوزارية المتوقعة عدد من شركات القطاع الخاص الروماني.
وأكد الجانبان خلال اللقاء على الزيادة التي حدثت في حجم التجارة البينية بين البلدين، والذي وصل إلى أكثر من مليار دولار في عام 2024.
كما أكد الطرفان أيضًا ضرورة خلق دراسة جدوى خاصة بتعاون القطاع الخاص بين البلدين، وذلك من خلال عمل لقاءات افتراضية مكثفة قبيل الزيارة الوزارية المرتقبة من الجانب الروماني لمصر.
ومن ناحية أخرى، كلف وزير الزراعة العلاقات الزراعية الخارجية بالوزارة بالتواصل مع الجانب الروماني لتنظيم اجتماعات مشتركة افتراضية بين القطاع الخاص المصري والروماني للبدء فورًا في تعزيز التعاون الزراعي المشترك، لتسهيل إقامة شراكات اقتصادية جديدة في الأنشطة الزراعية المختلفة.
وحضر اللقاء من الجانب الروماني جورج بيترسون المستشار التجاري للسفارة الرومانية والسيد كاندين بوب مستثمر روماني يعمل في مجال الأغذية في جمهورية مصر العربية، ومن الجانب المصري حضر اللقاء المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية.
وفي نهاية اللقاء، تفقدت "أوليفيا تودرين" سفيرة رومانيا بالقاهرة، والوفد المرافق لها، المتحف الزراعي بالدقي، تلبية لدعوة وزير الزراعة لها، حيث أعربت عن سعادتها بما رأته من تراث زراعي هام، وتوثيق لتاريخ الزراعة المصرية، لافتة إلى أهمية مثل هذا الصرح العظيم للمهتمين بالتاريخ الزراعي ونشأة الزراعة وتطورها.