في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، قامت قوات عسكرية تابعة لـجماعة الحوثي باليمن باحتجاز سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي تُسمى "غالاكسي ليدر"، على إثر التداعيات الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تعرض له الشعب الفلسطيني هناك من انتهاكات وعمليات إبادة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. 

وقال قيادي بالجماعة إن "اقتيادنا للسفينة نصرة لأهلنا المظلومين بغزة".

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن اختطاف سفينة الشحن من قبل الحوثيين قرب اليمن جنوب البحر الأحمر "حدث خطير للغاية عالميا"، موضحا أن "السفينة المختطفة غادرت تركيا في طريقها للهند بطاقم مدني دولي دون إسرائيليين، كما أنها ليست إسرائيلية".

وتعد هذه الخطوة واحدة من إرهاصات الواقع الجديد الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أتت عملية احتجاز السفينة تنفيذا لتهديد سابق من قبل جماعة الحوثيين، من أنها سوف تحتجز أي سفن خاصة بإسرائيل، وحذرت باقي الدول من التعامل مع السفن الإسرائيلية.

وهو ما سيضع عملية مرور التجارة الدولية عبر المياه التي يطل عليها اليمن، أمام معادلة جديدة تتعلق بالتكلفة وتأمين عمليات التجارة.

والحدث يطرح عدة قضايا لها دلالاتها السياسية والاقتصادية، وتعني هذه السطور بالتداعيات الاقتصادية والتجارية.

وقبل أن نشير إلى هذه التداعيات، المرتبطة بالحدث، سوف نتناول بعض البيانات الخاصة بتجارة إسرائيل، وما يرتبط منها بالنقل عبر البحر.

الأسطول البحري الإسرائيلي

قاعدة بيانات البنك الدولي، تشير إلى أن التجارة السلعية لإسرائيل تمثل نسبة 34.6% من ناتجها المحلي وفق بيانات عام 2022، حث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في العام نفسه، وحسب المصدر ذاته 522 مليار دولار.

كما تفيد بيانات البنك الدولي، أن الصادرات السلعية الإسرائيلية بلغت عام 2022 نحو 73.8 مليار دولار، وأن واردتها السلعية بلغت 107.2 مليارات دولار، ويعني ذلك أن الميزان التجاري لإسرائيل يظهر عجزا قيمته، 33.7 مليار دولار.

أما دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فتشير عبر تقريرها الموسوم بـ"إسرائيل بالأرقام 2022″ إلى أن موانئ إسرائيل في عام 2022 فرغت بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، وأنها حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.

أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألف مسافر، في 2022. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانبا مهما من حصتها في نقل الأفراد بحريا، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة.

والتجارة البحرية لإسرائيل، لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.

التداعيات الاقتصادية للحدث

ثمة خريطة جديدة ذات تضاريس مختلفة، من بينها التضاريس التجارية والاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، بل والعالم بعد طوفان الأقصى، فالعلاقات التجارية لإسرائيل مع دول منطقة الشرق الأوسط التي ترتبط معها باتفاقيات سلام، أو نشاط تجاري طبيعي (تركيا، والإمارات، ومصر، والمغرب، والبحرين) معرضة للتراجع خلال الفترة القادمة، بسبب التداعيات السلبية التي تركها العدوان الإسرائيلي على غزة.

ومن بين تلك التداعيات، ما حدث من احتجاز الحوثيين لسفينة "غالاكسي ليدر".

فوفق أرقام خاصة لبيان صحفي لبنك إسرائيل المركزي صدر في مارس/آذار الماضي، تبين أن قيمة تجارة إسرائيل السلعية مع تلك الدول بنهاية 2022 بلغ قرابة 11.3 مليار دولار، منها 8.2 مليارات دولار واردات إسرائيل من تلك الدول، و3.17 مليارات دولار صادرات سلعية من إسرائيل لتلك الدول.

وتمثل واردات إسرائيل من تلك الدول 7.7% من إجمالي وارداتها الإجمالية، كما تمثل صادراتها السلعية لتلك الدول 4.4% من إجمالي صادراتها الإجمالية.

يشار إلى أن مضيق باب المندب الذي تشرف عليه اليمن يمر عبره 10% من التجارة البحرية الدولية سنويا من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يوميا.

ومن شأن تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر باب المندب أن يؤثر على تجارتها مع الشرق، لا سيما مع آسيا.

وسوف تكون هناك تكلفة عالية لعمل السفن الإسرائيلية التي تمر من المياه القريبة من اليمن، خلال الفترة القادمة، إما لمخاطر عمليات احتجازها، أو ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهو ما يعني ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها سواء من الشركات الإسرائيلية، أو من قبل الغير، الذي يقبل أن يتعامل مع الشركات أو الأفراد الذين يمتلكون السفن الإسرائيلية.

وفي حال استمرار المخاطر في مضيق باب المندب، وتعرض التجارة البحرية والسفن الإسرائيلية لمخاطر الاحتجاز، قد يكون البديل، هو النقل الجوي أو البري، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلبا على تجارة إسرائيل الخارجية.

استهداف الاستثمارات الإسرائيلية

احتجاز السفينة الإسرائيلية من قبل جماعة الحوثيين، قد يشجع جماعات المقاومة الأخرى للنيل من الاستثمارات الإسرائيلية، سواء كانت تلك الاستثمارات إسرائيلية خالصة، أو مشتركة.

وبعد حادثة السفينة قد تضطر الكثير من الشركات التي لها تجارة تمر عبر مضيق باب المندب، أو من مناطق قريبة من فصائل مقاومة، لتجنب التعامل مع السفن الإسرائيلية، مما يعني منع مرور السفن الإسرائيلية، وخسارة حصتها من تجارة النقل.

ختاما، ما حدث من احتجاز جماعة الحوثيين للسفينة الإسرائيلية نقلة نوعية في إطاره التجاري والاقتصادي، وبخاصة في ما يتعلق بخسائر إسرائيل وإمكانية عجزها عن حماية مصالحها التجارية والاقتصادية في المحيط الإقليمي والدولي.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة ملیار دولار باب المندب تلک الدول وهو ما من قبل

إقرأ أيضاً:

عجز التجارة الخارجية في تركيا يسجل أعلى مستوياته خلال 21 شهرا

أنقرة (زمان التركية) – تظهر بيانات التجارة الخارجية المؤقتة، ارتفاع الصادرات خلال شهر أبريل/ نيسان بنحو 7.8 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق لتسجل 20 مليار و801 مليون دولار وارتفاع الواردات أيضا بنحو 12.7 في المئة لتسجل 32 مليار و893 مليون دولار.

ووفق بيانات هيئة الإحصاء التركية عن إحصاءات التجارة الخارجية لشهر أبريل/ نيسان، بلغت الواردات خلال شهر أبريل/ نيسان المنصرم أعلى مستوياتها خلال 23 شهرا الأخيرة.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ارتفعت الصادرات بنحو 3.7 في المئة مقارنة بالفترة عينها من العام السابق لتسجل 86 مليار و113 مليون دولار وارتفاع الواردات بنحو 6.6 في المئة لتسجل 120 مليار و699 مليون دولار.

وارتفعت الصادرات بدون الذهب غير النقدي ومنتجات الطاقة بنحو 11.1 في المئة لترتفع من 17 مليار و325 مليون دولار إلى 19 مليار و253 مليون دولار.

وفي المقابل أيضا، ارتفعت الواردات بدون الذهب غير النقدي ومنتجات الطاقة بنحو 13.5 في المئة لترتفع من 22 مليار و394 مليون دولار إلى 25 مليار و420 مليون دولار.

وبلغ عجز التجارة الخارجية بدون الذهب غير النقدي ومنتجات الطاقة نحو 6 مليار و166 مليون دولار خلال شهر أبريل/ نيسان.

وارتفع حجم التجارة الخارجية بنحو 12.5 في المئة ليسجل 44 مليار و673 مليون دولار. وبلغت نسبة الصادرات دون الذهب والطاقة للواردات 75.7 في المئة.

وارتفع عجز التجارة الخارجية في أبريل/ نيسان بنحو 22.3 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق ليرتفع من 9 مليار و891 مليون دولار إلى 12 مليار و92 مليون دولار.

ويُعد هذا أعلى عجز في التجارة الخارجية يتم تسجيله منذ يوليو/ تموز عام 2023.

وتراجعت نسبة الصادرات للواردات إلى 63.2 في المئة في أبريل/ نيسان هذا العام بعدما بلغت 66.1 في المئة في الشهر نفسه من عام 2024.

وتصدرت ألمانيا قائمة وجهات الصادرات التركية بحجم صادرات بلغ مليار و769 مليون دولار تلتها المملكة المتحدة في المرتبة الثانية بواقع مليار و350 مليون دولار ثم الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة بنحو مليار و150 مليون دولار.

وجاءت إيطاليا في المرتبة الرابعة بحجم صادرات بلغ مليار و46 مليون دولار وفرنسا في المرتبة الخامسة بنحو 851 مليون دولار.

وبلغت حصة الدول الخمسة من إجمالي الصادرات نحو 29.6 في المئة.

وعلى صعيد الواردات، تصدرت الصين قائمة وجهات الواردات التركية بحجم واردات بلغ 4مليار و177 مليون دولار تلتها روسيا بواقع 3مليار و582 مليون دولار ثم ألمانيا في المرتبة الثالثة بواقع 2 مليار و773 مليون دولار.

وجاءت سويسرا في المرتبة الرابعة بواقع مليار و775 مليون دولار وإيطاليا في المرتبة الخامسة بواقع مليار و537 مليون دولار.

وبلغ إجمالي الواردات من الدول الخمس من إجمالي واردات تركيا نحو 42.1 في المئة.

وخلال الأشهر الأربعة الأولى، تصدرت ألمانيا وجهات الصادرات، بينما تصدرت الصين مصادر الواردات.

 

Tags: التجارة الخارجية التركيةالصادرات التركيةالواردات التركيةعجز التجارة الخارجية في تركياهيئة الاحصاء التركية

مقالات مشابهة

  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • عجز التجارة الخارجية في تركيا يسجل أعلى مستوياته خلال 21 شهرا
  • زعيم الحوثيين يتوعد: التصعيد ضد إسرائيل قادم وبقوة
  • تقرير حديث: ''الريال اليمني فقد أكثر من نصف قيمته منذ هجمات الحوثيين على منشآت نفطية في أكتوبر 2022''
  • مسؤول أمريكي: لا نهاية لهجمات الحوثيين على إسرائيل وواشنطن توقف المواجهة
  • متى سينسحب ترامب من عملية التسوية بشأن أوكرانيا وماذا سيحدث حينها؟
  • مجلة أمريكية: إسرائيل لا تمتلك ورقة رابحة ضد الحوثيين سوى قصف ما تبقى من بنية تحتية في اليمن (ترجمة خاصة)
  • مسؤول أممي: بوسعنا ايصال المساعدات للغزيين بطريق إنسانية خلافا للسياسة الإسرائيلية
  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • أهمها القمح.. مليار دولار حجم التجارة بين مصر ورومانيا خلال 2024