الجسيمات الشبحية في باطن النجوم قد تكشف عن فيزياء جديدة غامضة
تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT
النيوترينو هو جسيم دون ذري خفيف جدا لدرجة أن كتلته تكاد تكون معدومة مقارنة بالجسيمات الأخرى، وبالكاد يتفاعل مع المادة، إذ يمكنه المرور عبر الأرض أو حتى جسم الإنسان من دون أن يتأثر أو يُحدث أي تفاعل.
ومن هنا جاءت التسمية الأشهر لتلك الجسيمات الدقيقة جدا (الجسيمات الشبحية)، بل إنه في كل لحظة صغيرة من الزمن، يمر عدد هائل من النيوترينوات عبر جسمك من دون أن تشعر بها، يُقدّره العلماء بحوالي 100 تريليون نيوترينو.
تأتي هذه الجسيمات الأولية بثلاث "نكهات" معروفة، هي: الإلكترون نيوترينو، والميون نيوترينو، والتاو نيوترينو. وتتولد هذه الجسيمات من العمليات النووية، مثل تلك التي تحدث داخل النجوم، وفي الانفجارات النجمية العملاقة (المستعرات العظمى)، أو في التفاعلات النووية على الأرض أو مصادمات الجسيمات.
وفي دراسة نشرت في دورية "فيزيكال ريفيو ليترز"، قام فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو بمحاولة لفحص تأثير التفاعلات "السرية" بين النيوترينوات على انهيار النجوم الضخمة.
فعندما تنهار النجوم الضخمة، تنتج كميات هائلة من النيوترينوات، تسرق (تمتص) الطاقة الحرارية من النجم، فتفقده قدرا من الطاقة، الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى انكماش النجم.
في النهاية، تصبح كثافة النجم المنهار عالية جدا لدرجة أن النيوترينوات تحاصر وتصطدم ببعضها، ولكن في هذا السياق، توصل العلماء إلى ملاحظة غريبة، فإذا كانت التفاعلات بين النيوترينوات تقتصر على النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، ستكون النيوترينوات في الغالب ذات نكهة إلكترونية، وستكون المادة "باردة" نسبيا، ومن المرجح أن يُخلف الانهيار بقايا نجم نيوتروني.
النموذج القياسي للفيزياء هو النظرية التي تشرح التفاعلات بين الجسيمات الأولية التي تشكل المادة والطاقة في الكون، ويعتمد هذا النموذج على فكرة أن كل شيء يتكون من جسيمات أصغر مثل الكواركات والإلكترونات، وأن التفاعلات بين هذه الجسيمات تتم عبر قوى أساسية، ويعتبر هذا النموذج الأساس لفهمنا للكون على مستوى التركيب الصغير جدا.
إعلانأما إذا كانت النيوترينوات تتفاعل بطرق غير معروفة حتى الآن، فقد يؤدي ذلك إلى إنتاج أنواع مختلفة من نكهات النيوترينوات، الأمر الذي يؤدي إلى خلق نواة نجمية ساخنة وغنية بالنيوترونات، فيزيد ذلك من احتمال تحول النجم إلى ثقب أسود بدلا من نجم نيوتروني.
ولكن إلى أي طريق منهما تفضل جسيمات النيوترينو المضي قدما وعلى أي أساس؟ لا يزال هذا السؤال بلا إجابة، ومن المحتمل أن تساعد "تجربة النيوترينو العميقة تحت الأرض للنيوترينوات" (ديون) التي ستجريها مختبرات فيرمي الوطنية في اختبار هذه المقترحات البحثية.
ومن المتوقع أن تبدأ التجربة في عام 2029، حيث ستركب أجهزة الكشف في موقع تحت الأرض في ولاية داكوتا الجنوبية، وقد يبدأ تشغيل الحزمة النيوترينية في عام 2031، بعد الانتهاء من بناء المنشآت اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تسهم الملاحظات المستقبلية للنيوترينوات أو الموجات الجاذبية الناتجة عن انهيار النجوم في تقديم أدلة لتأكيد هذه التفاعلات السرية التي ربما تمثل فيزياء جديدة لم نكتشفها بعد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
علماء يكتشفون “نهرا كونيا” يغذي قلب مجرتنا
#سواليف
تمكن فريق من #علماء_الفلك من اكتشاف سحابة غازية وغبارية هائلة تمتد على مسافة مذهلة تبلغ 200 سنة ضوئية، تقع في منطقة غير مستكشفة سابقا من #مجرة_درب_التبانة.
وأطلق على هذه البنية اسم “سحابة منتصف الطريق” (Midpoint cloud)، وهي مثال على ما يعرف بالسحب الجزيئية العملاقة (GMCs).
وباستخدام تلسكوب “غرين بانك” الراديوي المتطور في الولايات المتحدة، تمكن العلماء من النظر عبر طبقات هذه السحابة العملاقة، ليكتشفوا أنها تشكل نظاما معقدا من القنوات الغازية التي تنقل المواد من أطراف المجرة نحو قلبها النابض. وما يجعل هذا الاكتشاف فريدا هو أن هذه السحابة كانت مخفية تماما عن الأنظار رغم ضخامتها، ولم يلاحظها أحد من قبل.
مقالات ذات صلة 7 حيل مذهلة مع شات جي بي تي ستغير طريقة استخدامك للأداة! 2025/08/02وتقول الدكتورة ناتالي باترفيلد، رئيسة الفريق البحثي: “إنها مثل اكتشاف #نهر_كبير كان يتدفق أمام أعيننا طوال الوقت لكننا لم نكن نراه. هذه السحابة تخبرنا قصة كيفية انتقال المواد من الأجزاء الهادئة في مجرتنا إلى البيئة العنيفة في مركزها”.
وتحتوي السحابة على عدة مناطق نشطة، حيث رصد العلماء إشارات على بدايات عملية تكوين #نجوم جديدة. وفي أحد الأجزاء، تظهر كتلة غازية كثيفة تتعرض لقصف من الإشعاع النجمي القوي، ما يخلق شكلا يشبه الفقاعة المتوهجة. كما اكتشف الفريق مصدرا قويا لموجات الميكروويف، وهو ما يعرف باسم “ميزر”، والذي يعد دليلا إضافيا على النشاط النجمي المكثف في المنطقة.
لكن القصة لا تتعلق فقط بولادة النجوم، بل أيضا بموتها. فقد لاحظ العلماء وجود هياكل تشبه القشور الكروية، يعتقد أنها تشكلت بسبب انفجارات نجمية عنيفة تعرف باسم المستعرات العظمى. وهذه الانفجارات النجمية الماضية ساهمت في تشكيل البيئة الحالية للسحابة.
ويشرح الدكتور لاري مورغان، أحد أعضاء الفريق: “هذه السحابة هي حلقة الوصل المفقودة التي تساعدنا على فهم كيف تنتقل المواد عبر المجرة. إنها مثل محطة وسطى بين المناطق الهادئة والأجزاء المضطربة في مركز المجرة”.
وهذا الاكتشاف لا يقدم فقط صورة أوضح عن كيفية عمل مجرتنا، بل يساعد أيضا في حل لغز طويل الأمد حول سبب تشكل النجوم بمعدلات مختلفة في أجزاء المجرة المختلفة. ففي حين أن الظروف في مركز المجرة عادة ما تكون قاسية جدا على تكوين النجوم، إلا أن حواف الأذرع المجرية مثل موقع هذه السحابة توفر الظروف المثالية لتجمع المواد وتكوين نجوم جديدة.