ورحل درة من مدراء بنك النيلين إبان عصره الذهبي
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
ورحل درة من مدراء بنك النيلين إبان عصره الذهبي ، رحل بمكة المكرمة ليلة الجمعة بابكر الأمين الشيخ ذلك العصامي الذي أتقن العمل الهندسي من منازلهم واضافه الي نبوغه الصيرفي !!..
كنا نزوره بين حين وآخر وفي المناسبات أحياناً بمواعيد مسبقة وتارة أخرى من غير مواعيد ونحن نشد إليه الرحال من ود ارو بأم درمان حيث مضارب أهله آل نجدي وآل قرشي الي داره الرحبة الكائنة عند محطة الغالي مجاورة لمقابر فاروق من الزاوية الجنوبية الغربية .
كثير مانراه بالفنيلة ( نصف كم ) والشورت مثل الخواجات تماما جالساً الي منضدته الفارهة منكبا علي الدفاتر في عمل دؤوب في وقت لم يكن للحاسوب هذا البريق ولم يكن العمل ( on line ) قد سجل أي ضربة للبداية وكان الناس في غني عن الشبكة الطاشة والكهرباء القاطعة ...
مواصلة العمل بالبيت كان روتينا يقوم به المسؤول بأريحية وكرم ويطبق فيه نفس ضوابط المكتب وبكل صرامة إذ أنه ممنوع التحدث مع الموظف أثناء العمل حتي ولو من اقرب الأقربين وممنوع التدخين والازعاج من أي نوع ...
هذا العمل اليدوي الصارم يشحذ الذهن ويقوي الذاكرة ويجود الخط وكتابة الارقام والمعادلات وكل مايمت للحسابات بصلة مع تحقيق اقصي درجات الدقة والنظافة والأناقة في كتابة التقارير وإعداد البيانات والميزانيات ...
تميز بنك النيلين بتعامله الراقي مع عملائه وقد لاحظت في موسم الحج أن الموظف يصل إلي العملاء الذين يودون اكمال تحويلاتهم الي السعودية وقد وفر لهم البنك المقاعد الوثيرة في الصالات المكيفة ويعاملهم بكل لطف وذوق ويخاطبهم بلقب حاج ويكمل لهم كل إجراءات التحويل وهم جلوس في أماكنهم وإمامهم كرم الضيافة وقمة الاهتمام ... وكان البنك أيضاً يولي نفس الاهتمام للمواطنين المسافرين للقاهرة للعلاج أو السياحة ويحملهم علي كفوف الراحة ويوفر لهم كثير من الوقت وبهم يكسب كثيراً من الثقة في خدماته الممتازة ...
عاش بابكر الأمين الشيخ حياته اشتراكيا لبراليا عاشقا للعمل ورغم مشاغله الجمة بالبنك ورغم أنه يواصل العمل المصرفي في وقته الخاص فقد كانت عنده هواية تفكيك وتركيب الآلات والمعدات فكان يصين عربته بنفسه مثله مثل اجدع ميكانيكي وكذلك صيانة الأجهزة الكهربائية بالمنزل يقوم بها مثل المحترف تماما وقد نقل هذه الهواية لأبنائه وصارت لبعضهم حرفة يكسبون منها سبل عيشهم وصارت لهم ورشة وزباين...
بعد تقاعده بالمعاش لم تنقطع صلته بالبنوك وتم اعتماده المهندس المسؤول عن صيانة أجهزة عد النقود وقد نبغ في هذا العمل الذي بدأ معه كهواية ...
وايضا في فترة المعاش جلس في حلقات مسجد الحي للتلاوة والحفظ وصار الامام الراتب للمسجد وكان له نشاط إجتماعي ملحوظ بين أهل الحي...
عرفناه بالدقة في الحديث وحبه الجم للقراءة والاطلاع مع طربه الشديد للطرف والملح التي تتميز بالرشاقة وسرعة البديهة...
سافر قبل اسبوعين لأداء العمرة ولزيارة ابنته المقيمة بمكة المكرمة ومعه ابنه وابنته ... وفي يوم الخميس ٢٠٢٣/١١/٢٣ ليلة الجمعة صعدت روحه الطاهرة الي بارئها بمكة المكرمة أحب بلاد الله سبحانه وتعالي الي رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودفن في مقابر المعلاة وهذه سعادة جعل الله سبحانه وتعالى الجنة متقلبه ومثواه والبركة إن شاء الله سبحانه وتعالى في جميع الاهل والعشيرة وكل معارفه وأصدقائه و (إنا لله و إنا إليه راجعون ) .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم بمصر .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..
هو واحد من أبرز الإعلاميين.. قضى من عمره «عقودًا» في العمل الصحفي ..عاش بين رواد الأدب والصحافة السعودية وأجيال شتى من المبدعين على اختلاف معارفهم، وسطر بقلمه ألوف الصفحات كاتبًا ومحاورًا .. الذين عملوا مع الأستاذ حامد مطاوع في جريدة الندوة يشهدون له بتجربتة الصحفية الغنية بمفرداتها ، وعمله الدؤؤب وقدرته على توظيف قدرات من حوله، وتوزيع الأدوار بينهم..
في “شعب علي”أحد أقدم أحياء مكة المكرمة ولد حامد مطاوع في عام 1347هـ وفي الثالثة من طفولته المبكره توفي والده؛ فعاش يتيمًا في كفالة جده لأمه الشيخ صالح باعيسى ونشأ في حضن أمه الرؤوم التي منحته كل عنايتها وحبها. ألحقه جده بحلقات المسجد الحرام حيث بدأ تعليمه بالقراءة وحفظ القرآن الكريم، وتعلم الحديث والتوحيد، ثم التحق بمدرسة الرحمانية ومنها التحق بمدرسة تحضير البعثات في قلعة «جبل هندي» وتخرج منها عام 1364هـ/ 1365هـ، ثم التحق بالمؤسسة العلمية للثقافة الشعبية عام 1367هـ ودرس علم الاقتصاد وإدارة الأعمال والشؤون المحاسبية، ثم خاض غمار الحياة العملية؛ فالتحق بوظيفة مساعد رئيس شعبة بالمديرية العامة للحجً بوزارة المالية سابقًا، وعن طريق صديقه الأديب والكاتب عبدالعزيز ساب، الذي كان يعمل بجريدة البلاد، دخل حامد مطاوع باب الصحافة عام 1372، وعمل أمينًا لصندوق جريدة البلاد السعودية، ثم مسؤول الحسابات بها ، وفي عام 1380 أصبح مديرًا لإدارتها، وحين صدر نظام المؤسسات الصحفية عام 1383هجرية.
.انضم حامد مطاوع لعضوية مؤسسة مكة للطباعة والإعلام، وأصبحت جريدة الندوة تصدر عنها، ولعلنا نشير هنا إلى أن جريدة الندوة تأسست في عام 1958 على يد الأديب والمؤرخ الكبير والرائد الصحفي أحمد السباعي، الذي أنشأ مؤسسة” دار الندوة للطباعة والنشر” .وأصدر عنها جريدة الندوة في مكة المكرمة، التي صدر عددها الأول يوم 26 فبراير 1958م وكانت تصدر في البداية بصفة أسبوعية، ثم مرتين في الاسبوع ثم ثلاثة أعداد في الأسبوع قبل ان تتوقف بعد أحد عشر شهرًا من صدورها.. لتندمج فيما بعد مع جريدة (حراء) التي كان يصدرها صالح محمد جمال- رحمه الله- وصدرتا باسم (الندوة) في 30 ینایر عام 1959م وفي شهر مارس من العام نفسه اشترىصالح جمال حصة الاستاذ السباعي، وآصبح صاحب امتياز نشرها. وبعد صدور نظام المؤسسات الصحفية في عام 1383 تكونت ثماني مؤسسات صحفية..كانت «مؤسسة مكة للطباعة والإعلام»إحداها، وكان حامد مطاوع أحد أعضائها وأصبحت جريدة الندوة الجريدة الوحيدة الصادرة في مكة المكرمة.. وأسندت إليه مهمة إداراتها وكان يرأس تحريرها الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان، ثم عين حامد مطاوع نائبًا له قبل أن يتولى رئاسة تحريرها عام 1384 وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى عام 1406هجرية ..حين غادرها تاركًا في في جنباتها أثرًا لايمحى ودورًا بارزًا في انتشارها، وحضورها الإعلامي وكانت فترة رئاسته لتحرير (الندوة) متميزة بالاستقرار، وبروز عدد من كتابها ومحرريها في العمل الصحفي .. وفي يوم تكريمه بالاثنينية في عام 1415 هجرية بحضور عدد كبير من الأدباء والمثقفين..
ــ قال عنه صاحب الاثنينية عبدالمقصود خوجه : (إن الأستاذ الكبير حامد حسن مطاوع ــ الذي نتشرف بالاحتفاء به هذه الليلة ــ يعتبر من الأساتذة الذين قامت على عاتقهم النهضة الصحافية في بلادنا.. وصاحب حاسة أدبية ارتفعت بالقيمة التحليلية التي امتازت بها كتاباته، الى درجة اكسبته طابعاً مميزاً أصبح معروفاً به، وبخصائصه وبصماته الذاتية).
ــ كما تحدث عنه في تلك الأمسية محمد احمد الحساني رفيق دربه في جريدة الندوة، وأحد محرربها الكبار قائلاً: (كان الأستاذ حامد
مطاوع من اصحاب الشفاعات الحسنة، يوظف علاقاته مع ولاة الأمر والمسؤولين لخدمة من حوله، ومن يطرق بابه من اصحاب الحاجات، حتى ان مكتبه في الجريدة كان يتحول كل مساء الى مكتب خدمات للمحتاجين الذين يتسلمون ــ بيد الشكر ــ خطاباته النبيلة الحاملة لشفاعاته الحسنة، وهم متفائلون بنجاح مساعيهم، وأن التوفيق سوف يكون حليفهم، لأن صاحب الشفاعة لا يريد منهم جزاء ولا شكورا، وكنا نرى الفرح يشع من عينيه عندما يبلغه أن حاجة من سعى إليه قد انقضت، ويهتف قائلاً : الحمد لله رب العالمين).
وتقديرًا لمسيرته الصحفية الثرية، منح حامد مطاوع وسام بدرجة قائد من الملك الحسن الثاني ملك المغرب..كما كرمته وزارة الثقافة والإعلام في حفلها في 27-3-2009م ضمن عدد من كبار الإعلاميين في المملكة نظير جهودهم في مسيرة الأدب والصحافة» ولحامد مطاوع العديد من المؤلفات؛ من بينها “فيصل وأمانة التاريخ “، و “شيء من الحصاد “،و”المقال والمرحلة”، و “ابن حسن ” [ مقالات باللهجة العامية المكية الدارجة] {مخطوط..}
توفي حامد مطاوع رحمة الله في ربيع الآخر عام 1431هـ، وقد ووري جثمانه ثرى مكة المكرمة الطاهرة في مقبرة «المعلاة»..