مفتي الجمهورية: على الشعوب العربية الوقوف وراء حكوماتهم لمواجهة قوى الشر
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
توجه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، باسمه وباسم الشعب المصري إلى أهلنا في فلسطين بالتقدير والثناء على إبائهم وصمودهم ووقوفهم أمام مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية العادلة.
كما توجه إلى أهالي الشهداء في فلسطين بالتعازي وأن يلهمهم الله الصبر والسلوان، داعيا الشعوب العربية والإسلامية إلى أن يقفوا وراء حكوماتهم لمواجهة ما يُخطط من قوى الشر لزعزعة الأمن والأمان والاستقرار.
وأك المفتي خلال إلقائه الكلمة الرئيسية في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي للإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان، المنعقد تحت عنوان: "مكانة بخارى الخالدة في الحضارة الإسلامية"، إن فلسطين الغالية هي قضية المسلمين الأولى منذ الاحتلال الغاشم عام 1948، والذي تمادى في ظلمه وبغيه وإفساده في الأرض، فلم يرقبوا في الضعفاء والأطفال والنساء والشيوخ إلًّا ولا ذمة، ورموا بالقانون الدولي عرض الحائط".
وقال الدكتور شوقي علام، إننا نجتمع اليومَ في بقعة مباركةٍ من بقاع الأرض، هذه البقعة الشاهدة بتاريخها العريق، ورجالها العظماء، وعلمائها الأكابر، ومساجدها العامرة، ومدارسها الزاهرة، على مرحلة عظيمة من تاريخ الحضارة الإنسانيَّة والإسلامية، حيث اجتمع فيها مكونات النموذج الحضاري الأمثل: عبادةُ الله، وعمارةُ الأرض، وتزكية النفس، تلك الثلاثية التي تمثل ماهية حضارةٍ من أعظم الحضارات وأجلها، حضارة مُصان فيها الدين والنفس والعقل والعرض والمال وهي المقاصد التي جاءت الأديان جميعا بحفظها ورعايتها.
مفتي الجمهورية : فلسطين الغالية هي قضية المسلمين الأولىوأضاف أن مدينة بُخارَى لم تكن فقط شاهدة على ما للحضارة الإسلامية من مآثر وجولات في الفكر الإنساني، بل كانت مع هذا الشهود الحضاري مشاركة وبقوة في صناعة هذه الحضارة، وعاملًا في الحفاظ عليها والدفاع عنها، إننا اليوم في مدينة بخارى، ذلك الاسم الذي ما من مسلم له أدنى قدر من الثقافة والتعليم الإسلامي، إلا وذِكر مدينة بخارى يتنبه له وجدانه وقلبه، ويُوقظ ذهنه وعقله، ويشدُّ انتباهه وفكره، ولا عجب فـ «بُخارى» اسمٌ خالدٌ محفور بحروف من نورٍ في تاريخ الأمة الإسلامية وثقافتها.
وأكد فضيلة المفتي أن مدينة بُخارى، زاحمت حواضر الخلافة ومدنها، وساهمت بشكل فعال في أبرز ما تفردت به الحضارة الإسلاميَّة ألا وهو الاهتمام بالتوثيق وعلوم التوثيق، وعلى رأس هذه العلوم بالطَّبع علم الحديث، فقد كان لمدينة بخارى السبقُ الذي لا يضاهى، والشَّرفُ الذي لا يبارى، أن كان منها أعظم علماء الحديث وأجلهم وأميرهم على الإطلاق الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه الجُعفي البخاري، وهو العَلَم الأبرز لهذه المدينة بكتابه العظيم «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه» والمعروف اختصارًا بـ «صحيح البخاري»، مشيرًا إلى أن الإمام البخاري بذل في هذا المؤلف العظيم جهده وعمره، حتى بلغ في ثبوته وتوثيقه أن كان أصحَّ كتابٍ بعد كتاب الله سبحانه وتعالى، واشتهر في حياة مؤلِّفه حتى قال الفِرَبرِيُّ راويه أنه قد سمعَ صحيحَ البخاري تسعون ألف نفسٍ، والفِرَبرِيُّ بخاريٌّ أيضًا.
كما أوضح أن المسلمون اهتموا بالصَّحيح لا من جانب رجاله فقط، بل اهتموا بلغته فصُحِّح على مستوى الحركةِ، وتفرَّغ لتلك المهمة إمام اللغة العربية جمال الدين ابن مالك الطائي الجياني صاحب الألفية والتسهيل رحمه الله، واهتمُّوا به كذلك في تراجم أبوابه وفقه مؤلفه الإمام البخاري، واهتموا بغير ذلك مما يدور حول صحيح البخاري من قريب أو بعيد، والرسائل العلميَّة في الجامعات والمؤلفات حول الصحيح التي تبلغ المئات شاهدة على ذلك الاهتمام، فصحيح البخاري عمدة المسلمين بعد القرآن، والمعين الذي لا ينضب على مر الدهور فلم تقتصر قراءته على العلماء وطلاب العلم، بل اجتمع العوام له، فقرءوه تعلُّمًا، وقرءوه تبركًا، بل وصل الحال بتعظيمه في القلوب أن أقسموا به كما الحال في ديارنا المصريَّة.
وأوضح أن علم الحديث في مدينةِ بُخارى ليس قاصرًا على الإمام البخاريِّ؛ بل إنَّ عدد البخاريين الذين شاركوا في عملية التوثيق للسنة النبوية كثير وواضح بجلاء لمن يقرأ كتب الطبقات والتاريخ الإسلامي.
كما لفت النظر إلى أن عملية التوثيق ليست هي دائرة اهتمام هذه المدينة العامرة، بل ضرب البخاريُّون بسهم في ما يأتي بعد مرحلة التوثيق للنصِّ وهو الفهم، المتمثل في الأصلين: علمي أصول الدين وأصول الفقه وكذلك علم الفقه، فالمدرسة البخارية مدرسة أصيلة من مدارس الماتريدية أحد جناحي مذهب أهل السنة والجماعة، وعلماء مدينة بخارى في الفقه والأصول علامات مضيئة في تاريخ هذه العلوم، فأبو زيد الدبوسي الحنفي بخاري، وأبو طاهر البزدوي الحنفي بخاري بل إن أبا عبد الله الحليمي من أصحاب الوجوه في مذهب السادة الشافعية بخاري أيضًا وغيرهم كثير.
في الإطار ذاته أشار فضيلة المفتي إلى أنَّ عطاء مدينة بخارى غير متوقف عند العلوم النقلية مثل الفقه والحديث، وأن بذلها وعظمتها منحصرة في بناء الحضارة الإسلامية، لكنَّ التاريخ الإنساني يسجل لهذه المدينة أن ساهمت في تشكيل الحضارة الإنسانية وتطورها، وحفلت بأعظم العقول على مر التاريخ الإنساني، فالشَّيخ الرَّئيس أبو علي ابنُ سينا ذلك العَلَم البارزُ في تاريخ الفلسفة النظرية والعملية، صاحب الشفاء والإشارات والتنبيهات، وصاحب القانون في الطبِّ، بخاريٌّ، فهو- والعبارة للذَّهبيِّ في سير أعلام النبلاء: أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخيُّ ثم البخاريُّ، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.
وأضاف فضيلته أن نتاج هذه المدينة لهو أمر مبهر للعقول، ولشرف عظيم يجعل من هذه المدينة -مدينةَ بُخارَى- عاليةَ القدر، محفوظةَ المكانة في وجدان كل مسلم، بل في وجدان كل إنسان، بعطائها الزاهر للتاريخ والحضارة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مفتى الجمهورية الإفتاء فلسطين هذه المدینة مدینة ب إلى أن
إقرأ أيضاً:
اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026
شارك وفد دولة الإمارات العربية المتحدة، في اجتماعات الدورة الثامنة والعشرين للمجلس الوزاري العربي للسياحة، التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد، أمس، حيث شهد الاجتماع اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، ما يعكس المكانة المتنامية للوجهات السياحية الإماراتية على المستويين العربي والإقليمي. ترأّس الوفد عبدالله أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد والسياحة، نيابةً عن معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة. وجاء اختيار مدينة العين عاصمة للسياحة العربية لعام 2026، بناءً على توصية المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة. ويأتي هذا الاختيار امتداداً للإنجاز الذي حققته المدينة بفوزها بلقب عاصمة السياحة الخليجية لعام 2025، مما عزّز مكانتها وجهة سياحية مميزة، وأكد ما تتمتع به من مقومات طبيعية وتراثية وثقافية، إلى جانب بنية تحتية سياحية متطورة تُرسّخ جاذبيتها وتنافسيتها. وقال معالي عبدالله بن طوق المري، بهذه المناسبة، إن اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، يُمثل إنجازاً جديداً لدولة الإمارات، ويعكس ما حققته من تطور نوعي، بفضل الرؤية الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، التي أدركت مبكراً أن تنمية وتعزيز قطاع السياحة هو استثمار في المستقبل، الأمر الذي أسهم في ترسيخ حضورها المتنامي على الخريطة السياحية الدولية والإقليمية. وأضاف أن هذا الاختيار يتماشى مع التقدم المستمر والإنجازات الإيجابية، التي يشهدها قطاع السياحة الوطني في مختلف إمارات الدولة، ويصبُّ في دعم مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، التي تهدف إلى تعزيز الهوية السياحية الوطنية، وجذب 40 مليون نزيل فندقي سنوياً، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم بحلول عام 2031، وتطوير منظومة سياحية أكثر تنوعاً واستدامة تقوم على الابتكار، ورفع جودة الخدمات، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص، واستقطاب المزيد من الاستثمارات السياحية. من جهته قال صالح محمد الجزيري، مدير عام السياحة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إن اختيار مدينة العين عاصمةً للسياحة العربية لعام 2026، يعكس ما تتميز به من تراث عريق، ومواقع ثقافية مُلهمة، ومعالم طبيعية استثنائية، والتي ترسّخ مكانتها وجهةً إقليميةً وعالميةً فريدةً. وأضاف أن هذا الإنجاز يمنح الدائرة دفعة إضافية للمضي قدماً في تحقيق رسالتها الرامية إلى بناء منظومة سياحية متكاملة في منطقة العين، من خلال تعميق أطر الشراكات المحلية والدولية، وتعزيز الاستثمارات في تطوير تجارب متنوعة تجمع بين الأصالة والابتكار، وتُثري حياة أفراد مجتمعها وزوّارها على حد سواء، وتفتح آفاقاً جديدة لتمكين الشباب، وتدعم التنمية المستدامة، بما يتماشى مع «استراتيجية أبوظبي السياحية 2030». وحقق القطاع السياحي في الدولة خلال الفترة الأخيرة مؤشرات ونتائج إيجابية، تعكس الجهود الوطنية والرؤى الاستشرافية لتطويره ودعم استدامته، من أبرزها فوز سعادة شيخة ناصر النويس بمنصب الأمين العام المنتخب لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة 2026-2029، وفوز قرية مصفوت التابعة لإمارة عجمان بجائزة «أفضل قرية سياحية في العالم» لعام 2025، إلى جانب النمو المستمر في الاستثمارات السياحية، وارتفاع عدد النزلاء الفندقيين والإيرادات الفندقية، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت 257.3 مليار درهم في عام 2024، بنسبة 13% من الاقتصاد الوطني. وخلال اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة، أكد معالي عبدالله بن طوق المري، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه سعادة عبدالله آل صالح، أن دولة الإمارات، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، حريصة على دعم الجهود العربية لتطوير قطاع السياحة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية، التي تسهم في بناء اقتصاد عربي متنوع ومستدام، وتوفير فرص تنموية واسعة، وإبراز الهوية الثقافية والحضارية للمنطقة. وأشار إلى أن قطاع السياحة العالمي يشهد تحولات متسارعة، تتطلب من الدول العربية تعزيز العمل المشترك، ووضع مبادرات عملية تسهم في الارتقاء بجودة التجربة السياحية العربية، وبناء منظومة متكاملة قادرة على مواكبة الاتجاهات العالمية في هذا القطاع الحيوي. وخلال الاجتماع، قدّم أعضاء المجلس التهنئة إلى دولة الإمارات بمناسبة فوز سعادة شيخة ناصر النويس بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة من 2026 إلى 2029، مؤكدين أن هذا الإنجاز يعكس المكانة المتقدمة، التي باتت تحتلها دولة الإمارات على خريطة السياحة العالمية، ودورها الفاعل في دعم جهود تطوير القطاع على المستويين الإقليمي والدولي. وتفصيلاً، شهد اجتماع المجلس مناقشة عدد من الموضوعات، التي تصبُّ في تطوير السياحة العربية المستدامة، وتعزيز السياحة البينية بين الدول العربية، إلى جانب دعم الابتكار السياحي والتحول الرقمي في القطاع، ومناقشة المبادرات المرتبطة بالسياحة الذكية ودورها في تحسين جودة الخدمات وتجارب الزوّار. وتطرق الاجتماع إلى ملفات السياحة الميسّرة لذوي الإعاقة، وحماية التراث الثقافي وتعزيز الجهود الرامية إلى صون المواقع التاريخية والمعالم الحضارية في المنطقة، وتطوير الإحصاءات السياحية العربية، بما يسهم في توفير بيانات دقيقة تدعم صناعة القرار وتطوير السياسات السياحية. وبحث المجلس سُبل تعزيز التعاون العربي المشترك في مجال السياحة العلاجية، وتطوير المنتجات السياحية العربية المشتركة، وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء للارتقاء بمعايير العمل السياحي وتوحيد الجهود في مجالات التدريب وبناء القدرات. وشهد الاجتماع مناقشة عدد من المبادرات الهادفة إلى الترويج للوجهات السياحية العربية وتسليط الضوء على المقومات الثقافية والتراثية التي تزخر بها المنطقة، وإبرازها كوجهات رائدة على خريطة السياحة العالمية.
أخبار ذات صلة