الاقتصاد نيوز ـ بغداد

أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، الثلاثاء، أن السياسة الاقتصادية في العراق تتجه نحو تطبيق مبدأ السيادة النقدية، وفيما أشار إلى أن سوق الصرف غير النظامي يمثل 10% من التداول فقط، شدد على أنه لا يمكن أن تتحكم عملة بلد آخر غير الدينار بالتسعير داخل البلد؛ لأن الازدواج النقدي أضر بالاقتصاد، لافتاً في الوقت نفسه إلى وجود توجه لتنويع العملات لأغراض السفر وعدم الاقتصار على الدولار.

وقال صالح في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إن "السياسة الاقتصادية بشكل عام والنقدية بشكل خاص تتجه نحو مبدأ جديد يسمى (السيادة النقدية)، والتي تعتبر الدينار العراقي الملجأ الوحيد للتبادل والتسعير وتغطية التعاملات الداخلية".

وأضاف، أنه "لا يجوز لعملة بلد آخر تخضع لسياسته النقدية أن تجري عليها عمليات التسعير والتبادل التجاري داخل الاقتصاد العراقي ومبدأ السيادة النقدية انطلق من هذا المستوى".

وتابع، أن "المشكلة في العراق هي وجود سوقين للصرف: الأولى هي النظامية التي يجري فيها التبادل عن طريق منصات البنك المركزي والتي تسعر سعر الصرف بـ 1320 دينارا للدولار كسعر مستقر ورسمي وتدافع عن السياسة النقدية".

وأوضح، أن "السوق الثاني غير نظامي يمثل 10٪ من نسبة التداول وهو سوق منفلت يتحكم به مضاربون ويضفي ضوضاء على اقتصاد العراق ككل".

وأشار، إلى أن "هنالك أمرين: الأول هو التنويع السلعي والذي بدأت به الحكومة من خلال سلال داعمة للمعيشة من بينها السلة الغذائية التي حققت استقرارا في أسعار المواد وكذلك سلة الدواء وسلة بناء وأخرى للمواد الاحتياطية ستطلقها وزارة التجارة قريباً وهذه ممولة بسعر الصرف الرسمي وتساعد على استقرار الأسعار وتواجه الضوضاء التي تضفيها السوق غير النظامية".

وشدد، على أن "التعامل بالدولار (الدولرة) وتسعيره لحركة الاقتصاد الداخلي هو أكثر ما يضر بالاقتصاد، ولكن لا بأس أن تغطي التعاملات الخارجية حصرا وعبر المنصات الرسمية".

ولفت صالح، إلى أنه "وعلى هذا الأساس مضت السياسة الحكومية وسياسة البنك المركزي نحو عدم الارتكان لعملة بلد واحد في التعاملات الخارجية وتنويع تلك العملات كالدرهم الإماراتي والليرة التركية واليوان الصيني والجنيه الإسترليني واليورو إضافة إلى الدولار، وهذا التنويع يقلل من دولرة الاقتصاد ويمنحه استقلالية كبيرة".

وأكد، أن "هذا التنويع يمكن أن يعمم على مستوى بيع العملات الأجنبية النقدية لأغراض السفر وحسب عملة البلد المسافر إليه، وهذا سيقلل كثيرا الطلب على الدولار كعملة منفردة في التعاملات والتنويعان النقدي والسلعي يضفيان استقلالية للاقتصاد العراقي".

وحول خطوات العراق لتوفير تلك العملات بين صالح، أن "السلطة النقدية في العراق مستقلة وهنالك دائرة تشاور واسعة بينها وبين الحكومة وهذا يحدث لأول مرة لفتح ترتيبات مصرفية مع البنوك المركزية في الدول التي لديها شراكة تجارية مع العراق كالإمارات والسعودية وتركيا والصين وبالإمكان التعاون مع هذه الدول مباشرة وبعملاتها الوطنية لتحقيق سهولة في التحويل والتبادل لتمويل التجارة وحركة السلع مدعومة بسعر صرف مستقر يبلغ 1320 ديناراً ما يسمح بتحقيق الاستقرار والسيادة النقدية".

وأشار، إلى أن "الطلب على العملة الأجنبية يرتبط بالطلب على سلع ومعاملات خارجية من الخطير استخدام الدولار لتغطية تعاملات داخلية والازدواج النقدي أضر بالعراق وهذا يجب أن ينتهي وهو لا يعني عدم توفير عملة أجنبية للمواطنين لأغراض تمويل التجارة الخارجية أو لأغراض السفر والسياحة لذلك فإن هنالك خطوات كبيرة لتوفير العملات الأجنبية وحسب البلد الذي تجري معه التجارة أو يتم السفر إليه وهذا تغير تنظيمي كبير يستهدف تحقيق تنوع من خلال الاتفاق مع عدة دول تجري التعاملات معها".

وشدد، على أن "الدولة تمتلك أذرعا تجارية كبيرة ومتى ما وجدت أن هنالك حاجات تتأثر بضوضاء السوق الثانوية يتدخل الجهاز التجاري لتوسيع تعاملاته مدعومة بسعر صرف مستقر وكذلك بالتعاون مع التجار العراقيين".

وحول خطوات الحكومة لتقوية النظام المصرفي بيّن مستشار رئيس الوزراء، أن "هنالك فريقا كبيرا برئاسة رئيس الوزراء يشرف بشكل مباشر على إصلاح المنظومة المصرفية وأكبر منظومة هي الحكومية التي تهيمن موجوداتها على 85٪ من موجودات الجهاز المصرفي في العراق، لذلك فإن الإصلاح يبدأ من المصارف الحكومية ونعمل على ذلك بشكل جدي وخلال الـ 6 أشهر المقبلة ستظهر نتائج هذا الإصلاح وكذلك سيكون هنالك عمل بموازاتها لإصلاح منظومة المصارف الأهلية وهنالك حراك قوي وتعاون بهذا الاتجاه مع روابط المصارف الأهلية والإسلامية".

وأكد، أن "فلسفة رئيس الوزراء تؤكد أنه لا يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي دون إصلاح الجهاز المصرفي ولذلك فإن الأولوية تبدأ من إصلاح الجهاز المالي".

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار رئیس الوزراء فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

عمر سيد أحمد

العقوبات من واشنطن إلى الخرطوم… ما بين الحساب والعقاب

في 24 أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها فرض عقوبات صارمة على السودان بموجب “قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991”، وذلك بعد تأكيد استخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيميائية في عام 2024، في خرق صريح لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تُعد السودان طرفًا فيها.

القرار، الذي سُلِّم إلى الكونغرس الأميركي مرفقًا بتقرير يؤكد “عدم امتثال السودان”، يُمهّد لتطبيق حزمة من التدابير العقابية، تشمل حظر الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية، وتقييد الصادرات، وتجميد الأصول. ومن المتوقع أن تدخل هذه العقوبات حيّز التنفيذ في أو حوالي 6 يونيو 2025، عقب نشرها في السجل الفيدرالي الأميركي.

ورغم أن هذه العقوبات تأتي ردًا على خروقات خطيرة للقانون الدولي، فإن توقيتها في ظل حرب أهلية طاحنة، وانهيار اقتصادي شامل، وتوسع المجاعة والنزوح، يطرح تساؤلات أخلاقية واستراتيجية حول فاعليتها وجدواها، ومدى تأثيرها الفعلي على النخبة الحاكمة مقارنة بما تلحقه من أضرار مباشرة بحياة المواطنين واقتصاد الدولة.

تجربة السودان السابقة مع العقوبات (1997–2020)

بين عامي 1997 و2020، خضع السودان لعقوبات أميركية شاملة فرضت عليه عزلة اقتصادية ومصرفية خانقة، بتهم دعم الإرهاب واحتضان تنظيمات متطرفة. طالت العقوبات المؤسسات الحكومية والمالية، وحرمت السودان من:

استخدام النظام المصرفي العالمي المرتبط بالدولار. استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر أو التمويلات الإنمائية. التحديث التكنولوجي والاتصال بأسواق المال.

أدت هذه العقوبات إلى تدهور البنية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على التهريب والاقتصاد الموازي، وهروب الكفاءات ورؤوس الأموال. ورغم الرفع التدريجي للعقوبات في 2017، إلا أن استمرار وضع السودان على قائمة الإرهاب حتى أواخر 2020 أعاق أي تعافٍ جاد، خصوصًا مع تعاقب الأزمات السياسية والانقلابات والحرب الأخيرة.

 العقوبات الجديدة – البنود والتوقيت

العقوبات الأميركية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، جاءت كرد مباشر على ما وصفته واشنطن بـ”استخدام موثّق للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة السودان”. وتشمل:

حظر التعاملات بالدولار الأميركي. تجميد أصول الحكومة والشخصيات المتورطة. منع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان. حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.

ما يضاعف من أثر هذه العقوبات هو هشاشة الوضع الداخلي، حيث يخوض السودان واحدة من أسوأ حروبه الأهلية، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة المدنية.

ثالثًا: التأثيرات الاقتصادية المباشرة خروج فعلي من النظام المالي العالمي

السودان اليوم شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على:

فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع. تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية. التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.

هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.

تهديد الأمن الغذائي والدوائي

مع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى:

نقص حاد في الإمدادات الأساسية. تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل. توسّع الفجوة في الخدمات الصحية. ضياع موارد الدولة من الذهب

في ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.

تعميق أزمة سعر الصرف

كل هذه التطورات تؤدي إلى:

تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار. تزايد التضخم المفرط. انهيار القدرة الشرائية للمواطنين. رابعًا: من يدفع الثمن؟

رغم أن العقوبات تستهدف النظام السياسي والعسكري، إلا أن من يدفع الثمن فعليًا هو المواطن العادي:

العامل الذي فقد وظيفته بسبب توقف المصنع عن الاستيراد. المزارع الذي لا يجد سمادًا ولا وقودًا. المريض الذي لا يحصل على دواء. التاجر الذي يُجبر على التعامل عبر السوق السوداء. خامسًا: العقوبات كأداة سياسية – فعالة أم عقوبة جماعية؟

تاريخيًا، نادرًا ما أسقطت العقوبات الأنظمة القمعية. بل كثيرًا ما زادت من تماسكها عبر:

خطاب “الحصار الخارجي”. عسكرة الاقتصاد. قمع المعارضة بحجة الطوارئ.

وفي السودان، حيث الاقتصاد منهار أصلًا، ستدفع العقوبات الناس نحو مزيد من الفقر واليأس، دون ضمان أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في سلوك النظام.

سادسًا: أهمية وقف الحرب فورًا

العقوبات في حد ذاتها خطيرة، لكن الحرب تجعلها كارثية. فكل يوم يستمر فيه القتال:

يُفقد السودان مزيدًا من موارده. ينهار الأمن الغذائي. يتوسع النزوح والدمار.

وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا للخروج من هذه الدوامة. فبدون وقف إطلاق النار، لا يمكن التفاوض، ولا يمكن الإصلاح، ولا يمكن للعالم أن يستجيب لدعوات تخفيف العقوبات.

الآثار المتوقعة على إعادة الإعمار بعد الحرب

من أبرز التداعيات الخطيرة للعقوبات الأميركية المرتقبة أنها ستُقوّض بشدة فرص إعادة الإعمار بعد الحرب، حتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. إذ أن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة – من طرق ومرافق وخدمات عامة – تتطلب تمويلات ضخمة، لا يمكن تغطيتها من الموارد المحلية وحدها، خصوصًا في ظل الانهيار الكامل للإيرادات العامة وغياب مؤسسات الدولة الفاعلة. وبما أن العقوبات تشمل حظر الوصول إلى التمويل الأميركي وخطوط الائتمان، فإنها تحرم السودان من أي فرص واقعية للحصول على قروض ميسّرة، أو دعم من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أو حتى من شركات مقاولات عالمية. كما أن استمرار العقوبات يُعزّز مناخ عدم الثقة في السودان كبيئة استثمارية، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عنه، ويطيل أمد العزلة الاقتصادية، وبالتالي يُجمّد أي مسار حقيقي نحو التعافي والتنمية بعد الحرب.

خاتمة: بين المحاسبة والإنقاذ

العقوبات الأميركية على السودان تُعبّر عن موقف دولي حازم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنها في سياق حرب داخلية وانهيار اقتصادي، تتحول إلى عقوبة جماعية تهدد بقاء الدولة ذاتها. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع العقوبات، بل تغيير المسار السياسي والاقتصادي كاملاً.

وذلك يتطلب:

وقف الحرب فورًا. تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية. إصلاح شامل للقطاع المالي والمؤسسي. الشروع في مفاوضات مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات تدريجيًا مقابل التزامات واضحة بالسلام والشفافية.

فالعالم لن يستثمر في بلد يحكمه الرصاص والتهريب، ولن يخفف عقوبات ما لم يرَ إرادة حقيقية للتغيير. والسودان، برغم الجراح، لا يزال يملك فرصة – لكنها تضيق كل يوم.

* خبير مصرفي ومالي وتمويل

مايو 2025

الوسومالإنقاذ الحرب الخرطوم السودان العقوبات الأمريكية على السودان القطاع المالي والمؤسسي النظام المالي العالمي سعر الصرف عمر سيد أحمد واشنطن

مقالات مشابهة

  • رئيس وأعضاء مجلس السيادة يعقدون اجتماعاً مع كامل ادريس رئيس الوزراء الجديد
  • كامل إدريس يؤدي القسم أمام رئيس مجلس السيادة وكشف تفاصيل أول لقاء مع البرهان
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • “البرهان” .. رئيس مجلس السيادة الانتقالي يلتقي “كامل ادريس” رئيس الوزراء
  • الفضة تستقر محليًا وتتراجع عالميًا بفعل ضغوط السياسة النقدية وتباطؤ النمو
  • د.كامل إدريس يؤدي القسم أمام رئيس مجلس السيادة رئيساً لمجلس الوزراء
  • الوزير الشيباني: خيارنا في سوريا السيادة الاقتصادية، وقوة شراكتنا مع السعودية تكمن في المصالح المشتركة
  • مستشار السوداني: العراق على عتبة تحقيق قفزات نوعية في الاقتصاد الوطني
  • ترامب يبحث مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي التطورات الاقتصادية دون التطرق لأسعار الفائدة
  • السوداني يوجه بتسهيل عمل المقاولين ومعالجة المعوقات التي تواجههم