تمر على مصر والشعب المصرى ظروف اقتصادية، كاقتصاد الحروب، لم نشهدها منذ سبعينيات القرن الماضى، التعايش معها أصبح من الأمور العضال.. ومن أسف أنها جاءت وواكبت عقودًا ثلاثة اتسمت، أو قل إن شئت طغت على آخر عقدين منها المادة، وكانت المادة هذه ميزان الحياة فيهما، رأيناها تفصل بين القريب والبعيد، الأخ وأخيه، الصاحب وصاحبه، الغنى والفقير، الصغير والكبير، حتى أضحت القيم والأخلاق الحميدة من نوادر القوم، يتعجب ابن الأربعين على بقائها، ويترحم ابن الخمسين على التعامل بها، ويحكى عنها ابن الستين وأتباعها، حتى أصبح المواطن المصرى بين حجرى الرحى: المادية وصعوبة الحياة الاقتصادية.
. لذلك لا مناص من أن ننفض عن شخصيتنا غبار المادة والأنانية، ونرجع إلى السفينة النبوية، ونعى كلمات نبينا، التى حذرتنا من الطمع والأنانية، والمصلحة مقابل المصلحة الشخصية، غير عابئ بأخيه وغيره الفقير
الذى يعيش فى حالة من الانعدامية. يأتى هذا بعد أن تطابق ما نحن فيه من جشع التجار، ومن أسلوب الشيطنة والاحتكار، حتى صارت المنتجات من فاكهة وحبوب وقطع غيار، حتى رغيف العيش الذى أصبح سعره أكوى من النار، كله لا يباع إلا للسائح وعلية القوم بالدولار وأعلى الأسعار.. نعم تطابقت أحوالنا مع حديث السفينة الأشهر الذى قال فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم أحسن المقال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا»، والذى ضرب به رسول الله مثالًا على حب النفس والأنانية، والمادة الطاغية، والإنسان الذى يعيش بمفرده فى البادية.. فمن وعاه نجا ونجا معه القوم، ومن سهاه وعاداه، غرق وغرق معه القوم.. إنه حديث أو قانون للإنسانية، نتعلم منه فى مدرسة النبوة، من كلية الحقوق الربانية، حق الأخ المشترك، والتعاون فى الشدائد أيام القحط والاقتصاد المضطرب، نتعلم المسئولية الجماعية والمصير المشترك.. فلن نخرج من عنق الزجاجة إلا بعودة الضمير للمواطن والمسئول حتى الخفير.. والقضاء على سلوكيات الجشع والاحتكار بين الناس.
اللهم احفظ مصر، وارفع قدرها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
100 شهيد خلال 24 ساعة: الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية في غزة
100 شهيد
خلال 24 ساعة:
الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية في غزة