ما دلالة مخالفة السيسي لقانون الجهات الرقابية والبنك المركزي؟
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
واصل رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، نهجه التوسعي في تقليم صلاحيات رؤساء الجهات والأجهزة الرقابية بما فيها البنك المركزي ليشمل مجالس إدارتها من خلال تقليص مدد تعيينهم المقررة في الدستور وحرمانهم من الحصانة الدستورية.
وأصدر السيسي قرارا بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة القائم بأعمال المحافظ، حسن عبدالله، اعتبارًا من 27 تشرين الأول/ نوفمبر 2023 ولمدة عام، وتضمن القرار تعيين نائب جديد للمحافظ، والتجديد لنائب آخر لمدة عام آخر.
وتنص المواد (10)، (11)، (12) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على تعيين المحافظ ونوابه ومجلس إدارته لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ويكون للمحافظ نائبان، يعين كل منهما بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح المحافظ البنك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.
ويكون للبنك المركزي مجلس إدارة برئاسة المحافظ وعضوية كل من: نائبيه ورئيس الهيئة العامة لسوق المال، وثلاثة أعضاء يمثلون وزارات المالية والتخطيط والتجارة وثمانية من ذوي الخبرة المتخصصين في المسائل النقدية والمالية والمصرفية والقانونية والاقتصادية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.
وبالتالي، فإن القرارات الرئاسية الأخيرة، اعتبرها خبراء اقتصاديون وقانونيون مخالفة لصريح الدستور والقانون وتحايل على حصانة صلاحيات رؤساء الجهات والأجهزة الرقابية؛ وتهدف إلى جعل كل تلك الأجهزة في قبضة الرئيس، وقراراتهم مرهونة برغبته.
"بدعة".. نزع الحصانة من الجهات الرقابية
وقال مصدر قانوني مطلع على عمل البنك المركزي لموقع "مدى مصر" المحلي إن قرارات إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك سابقة من نوعها في تاريخ البنك؛ لأنها تنطوي على مخالفة دستورية وقانونية وعيب في التطبيق، حيث يحدد الدستور طريقة تعيين رؤساء الأجهزة والجهات الرقابية.
المخالفة الأخرى؛ هي عدم توحيد مدد رئاسة المحافظ ونوابه ومجلس إدارته، حيث فرّقت قرارات السيسي بين مدة عمل المحافظ ومجلس إدارة البنك حيث تنتهي مدة المحافظ ومجلس إدارته في 17 آب/أغسطس المقبل، فيما تنتهي عضوية أعضاء مجلس الإدارة في 26 تشرين الأول/ نوفمبر، وهو ما يعني وجود فراغ في المنصب لمدة شهرين، بحسب المصدر ذاته.
لم يعين السيسي رؤساء هيئتي الرقابة المالية والإدارية، والبنك المركزي، واكتفى بتعيين قائمين بالأعمال للجهات الثلاث، باستثناء الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي يترأسه المستشار هشام بدوي منذ آب/ أغسطس 2016.
مصدر قضائي، شارك في صياغة مواد الدستور، وصف في تصريحات صحفية لموقع مدى مصر الاكتفاء بتعيين قائمين باﻷعمال هو "بدعة" لجأ إليها رئيس السلطة لإفراغ نصوص الدستور والقانون من مضمونها، مؤكدا أن الإفراط في اللجوء إلى مثل تلك القرارات يشير إلى أن تلك الجهات غير مستقلة.
الأزمة ليست في المخالفة
اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي، ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية، مصطفى يوسف، أن "السيسي دأب على مخالفة الدستور الذي وضعه على عينه، واختص به نفسه، ولا يحترمها وهو يهدف من قراراته الأخيرة إلى جعل استمرار رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة في مناصبهم مرهون بقرار منه ولا يتمتعون بالحصانة التي أقرها الدستور".
وأوضح يوسف لـ"عربي21": أن "هذه ليست المرة الأولى التي يخالف فيها السيسي الدستور، وأقال في وقت سابق صديقه وزير الدفاع صدقي صبحي، وأقال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينه، وتم الاعتداء عليه وسجنه بضع سنوات، وهو يمارس الديكتاتورية الكلاسيكية بشكل فج يفتقر إلى أدنى قدر من الحرفية السياسية باعتبار أن مصر "عزبته" الخاصة".
وحول دلالة عدم تعيين محافظ البنك المركزي ونوابه ومجلس إدارته لمدة أربع سنوات، يرى يوسف أن "مصر تمر بمرحلة مضطربة اقتصاديا وماليا وهناك قرارات نقدية ومالية قد تملى على مصر من الخارج، وبالتالي لا يريد أي معارضة لها من خلال تسليط السيف على رقاب المحافظ ومجلس إداراته للقبول بأي إملاءات خارجية وإلا أقالهم بجرة قلم دون الحاجة إلى العودة إلى مجلس النواب أو إلى الدستور الذي يحصن المحافظ والمجلس 4 سنوات".
أجهزة الرئيس
على الصعيد القانوني والدستوري، أكد المنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر سابقا، المستشار محمد عوض، أن "جملة القرارات المتعلقة بتعيين رؤساء الجهات الرقابية وأخيرا البنك المركزي تنطوي على مخالفات جسيمة للدستور وقوانين تلك الجهات التي تنظم عملها وفق الدستور المصري الذي أعده نظام السيسي بنفسه وعدله أكثر من مرة بدعوى أنه كٌتب بحسن نيه".
وقال عوض لـ"عربي21": "لكن يبقى السؤال الأهم هو لماذا تعمد السيسي الذي يفترض أن يحمي الدستور الذي أقسم عليه إلى تلك الحيلة للحيلولة دون وجود منصب حقيقي في تلك الجهات الرقابية الرئيسية في البلاد؛ لأن وجودهم هو وجود ظاهري وليس حقيقي، فهو واجهة أكثر منه رئيس لتلك الجهة الرقابية ولا يملك ممانعة قرارات أو رغبات الرئيس الذي بيده إقالته دون الرجوع حتى للبرلمان".
ويجزم المستشار عوض أن "ما يفعله السيسي من خرق للدستور هو سابقة من نوعها ونادرة من نوادر الهيئات والجهات المستقلة في مصر، لأنه يريد أن يصبح هو صاحب اليد العليا في كل القرارات في تلك الجهات، ويمنع أصحابها من ممارسة أعمالهم بمهنية وحيادية، ويحرمهم من حقهم الدستوري في عدم الإقالة من مناصبهم، ما يؤكد أنه لا يسمح لتلك الجهات بالعمل إلا تحت تهديد مباشر".
واستعبد أن "يلجأ أي من المتضررين إلى القضاء والطعن على قرارات السيسي؛ لأنه لا يملك أحد حرية الطعن أمام القضاء لوقف مثل تلك المهازل"، مشيرا إلى أن "البرلمان الذي يفترض أنه سلطة تشريعية ورقابية يتجاوز السيسي دوره الصوري ويتجاهله وهو أيضا لا يعترض على أي مخالفات قانونية أو دستورية للرئاسة لأنه برلمان الرئيس".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري عبدالفتاح السيسي البنك المركزي الدستور مصر البنك المركزي الدستور النظام المصري عبدالفتاح السيسي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجهات الرقابیة لمدة أربع سنوات البنک المرکزی مجلس إدارة تلک الجهات
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي: خطة شاملة من خمسة محاور لمكافحة عمليات غسل الأموال
الاقتصاد نيوز - بغداد
أعلن البنك المركزي ،اليوم الخميس، عن وضع إجراءات وقائية للحد من غسل الأموال في مختلف القطاعات، فيما أشار إلى أن هناك تعاوناً دولياً على المستوى الاستراتيجي بإشراك منظمات دولية.
وقال معاون مدير عام مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك المركزي، حسين علي، إن "جريمة غسل الأموال مرتبطة بمدى وجود جريمة أصلية ترتكب في الداخل، وأيضاً مرتبطة بمدى وجود إجراءات وقائية تتخذها الدولة".
وبين، أنه "وفق عملية تقييم شاملة حصلت في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تم تحديد نقاط الضعف في هذه المنظومة، وأين تستغل، وأي من القطاعات التي تستغل في عملية غسل الأموال، وأي الجرائم الأصلية الأكثر ارتكاباً".
وأضاف، أنه "بعد تحديد تلك الجرائم وتحديد النقاط التي يتم بها غسل الأموال، تم وضع إجراءات تخفيفية لمخاطر غسل الأموال من خلال هذه القطاعات".
وتابع، أنه "تم وضع إجراءات تخفيفية في قطاع العقارات، بأن تكون البيوع العقارية من خلال القطاع المصرفي، وأيضاً في قطاع الذهب تم وضع إجراءات خاصة، وأن تقوم المؤسسات المالية بوضع إجراءات مشددة على عمليات التحويل الخاصة بالذهب".
وأشار إلى أن "البطاقات الإلكترونية التي استغلت من بعض ضعاف النفوس بالسحب الخارجي لغرض الاستفادة من سعر الصرف أو عمليات تحريك الأموال غير الشرعية، تم الحد والتخفيف من هذه الظاهرة من خلال وضع ضوابط وتحديث سقوف في تلك البطاقات بحيث لا تكون مجدية لمن يقوم بعمليات السحب الخارجي".
وأكد أن "جميع هذه المعالجات هي وفق عملية تقييم حقيقية بنتائج دقيقة جداً، ساعدت بأن تكون المعالجات محددة ومركزة"، منوهاً بأن "قانون مكافحة غسل الأموال ذكر جميع هذه القطاعات، وهناك دراسات دولية ووطنية تحدد التوجهات الجديدة التي يقوم بها مجرمو غسل الأموال، فكلما أضيف أسلوب جديد تقوم الدول بوضع إجراءات وقائية له".
وأوضح أنه "من ضمن الأساليب أيضاً، تسجيل شركات وهمية، وهناك إجراءات على هذا الموضوع بالتعاون مع دائرة تسجيل الشركات، ومنها عملية تحديد المستفيد الحقيقي من تلك الشركات، وهو موضوع مهم جداً لكي لا يتم استخدام واجهات لهذه الشركات".
ولفت إلى أن "الدولة العراقية اتخذت إجراءات مناسبة، وحتى عندما تم تقييمها من قبل مجموعة العمل المالي، كانت نتيجة التقييم بخصوص موضوع المستفيد الحقيقي مناسبة مع وضع العراق".
وأشار إلى أن "جميع الإجراءات المتخذة مستندة إلى النهج القائم على المخاطر، بحيث عندما تكون هناك مخاطر، تكون هناك إجراءات عليها، على ألا تعقد التعاملات الخاصة بالمواطنين".
وأكد أن "جميع دول العالم متعاونة في مجال مكافحة غسل الأموال من خلال أكثر من قناة، وفي مكتب مكافحة غسل الأموال لدينا المكاتب النظيرة تسمى الوحدات النظيرة"، موضحاً أن "هذه الوحدات يتم تبادل المعلومات معها بدون أي شرط، وبدون الجهات الدبلوماسية مثل وزارة الخارجية أو جهاز المخابرات".
وذكر أن "هناك تعاوناً دولياً على المستوى الاستراتيجي من خلال التقارير ومن خلال اشتراكنا في المنظمات الدولية ذات الصلة"، لافتاً إلى أنه "في ما يخص عملنا، نجري عملية تحريات، وبعد إكمال الملف تتم إحالته إلى القضاء، ونقول إن هذا الشخص قام بعملية غسل أموال، وأخرج أموال الدولة الفلانية، وهذه الأموال بلغت قيمتها كذا، وموجودة في الحسابات الفلانية، وبعدها يتم التعاون الرسمي القضائي من قضاء إلى قضاء لغرض حجز الأموال ومصادرتها".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام