الجزيرة:
2025-07-05@13:41:17 GMT

الاستبداد الوطني المقدّس!

تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT

الاستبداد الوطني المقدّس!

يُحكى أنّ امرأةً عربيةً عجوزًا في النصف الأول من القرن العشرين، عاشت حياتها في ضنك مادي، وكانت تسأل المتعلمين في القرية: متى ينتهي هذا الضنك؟، فكانوا يجيبونها: عندما يغادر الاحتلال ويأتي الاستقلال.

ثم جاء الاستقلال، وأُقيمت الأفراح، وابتهج الناس، واستبشروا خيرًا كثيرًا، لكن الذي حدث هو استمرار الضنك ودوام ما تعانيه العجوز والبلاد من بؤس، فبدل أن كانت تتساءل: متى يأتي الاستقلال، أصبح سؤالها هو متى ينتهي الاستقلال؟

لم تدرك العجوز أن الاستعمار ترك وراءه أمرَين: تحدياتٍ أكبرَ من إمكانات الشعوب، ثم نخبًا عجزت عن بناء الإمكانات بما يكفي للتغلب على التحديات.

تطوير فكرة الاستعمار

هذه النخب التي أعقبت الاستعمار ورثت طغيان الاستعمار، ثم زادت فيه وقطعت فيه أشواطًا بعيدة، كان يتورّع عنها الاستعمار، ثم أنَّ هذه النخب – بحداثة نشأتها – لم تملك دهاء الاستعمار في الحكم والسياسة والإدارة. وعندما يحكم الطغيان بغير دهاء وذكاء يكون النتاج أمرَين اثنَين: أولهما مزيد من القهر، وثانيهما مزيد من الفقر.

منذ سبقت فرنسا غيرها من القوى الأوروبية وافتتحت موجة الاستعمار الأوروبي الحديث بغزوة نابليون بونابرت على مصر والشام، وحتى تتويج هذه الموجة بتأسيس إسرائيل على أرض فلسطين عند منتصف القرن العشرين، منذ هذين التاريخين، وشعوب هذه المنطقة تكافح على ثلاث جبهات: التحرر من الاستعمار، والتحرر من الاستبداد، والتحرر من الاستغلال؛ أي الاستقلال، والحرية، والعدل الاجتماعي.

كل الإنجاز الذي تم هو أنّ الاستعمار الأوروبي انتهى، لكن حلّت محله الهيمنة الأميركيّة – الأوروبية. غادرت قوات الاحتلال، وتوقّف الحكم المباشر أو غير المباشر الذي يمارسه المحتل، لكن استمرت علاقات الهيمنة والسيطرة، سواء بفعل التفوق الموضوعي للغرب، أو بسبب احتياج الدول المستقلة حديثًا إلى معونة الغرب، بدءًا من الغذاء حتى السلاح، أو بسبب أن بعض النخب التي حلت محل الغرب كانت لديها الميول للتصالح مع الغرب أو التعاون معه، ومن شذّ عن هذه القاعدة انكسرت محاولته، ثم انكسر، ثم خلفَه على الحكم مَن قبِلَ الاندماجَ في وعاء الهيمنة الغربية المتجددة.

استطاعت الهيمنة الأميركية الأوروبية – دون احتلال مباشر – أن تطور فكرة الاستعمار دون استفزاز كرامة الشعوب أو المساس باستقلالها الوليد، تمّ تطويق دول المنطقة – دون إكراه مادي – باتفاقات عسكرية وأمنية واقتصادية ومعلوماتية، حلّت بجدارة وكفاءة محل الاستعمار القديم، وأغنت عنه.

باتت الهيمنة عادةً مألوفة تعيش ويعيش تحتها الناس دون استفزاز، ووفر هذا غطاءً للطرفَين المستفيدَين: الطرف الأول؛ هو الغرب سواء حكومات أو شركات، ثم الطرف الثاني؛ هم الحكام ومن حولهم من طبقات وفئات مستفيدة- اقتصاديًا وسياسيًا- من تبادل المنافع بين قوى الهيمنة الخارجية وقوى الاستغلال الداخلي.

تهميش الشعب

قوى الهيمنة الخارجية، وقوى الاستغلال الداخلي انتبه إليها الدستور المصري الأول بعد ثورة 23 يوليو 1952م، وبعد اتفاق الجلاء بين مصر والمحتل البريطاني 19 أكتوبر 1954م، وبعد تحقق الجلاء ذاته ورحيل آخر جندي بريطاني 13 يونيو 1956م، وقد خرج هذا الدستور إلى النور في 16 يناير 1956م، بعد فترة انتقالية استمرت ثلاث سنوات، وقد تم الاستفتاء الشعبي عليه في 23 يونيو 1956م.

ورد في ديباجة الدستور: " نحن الشعب المصري، الذي انتزع حقه في الحرية والحياة، بعد معركة متصلة ضد السيطرة المعتدية من الخارج، والسيطرة المستغلِّة من الداخل.

نحن الشعب الذي تولى أمره بنفسه، وأمسك زمام شأنه بيده، غداة النصر العظيم الذي حققه بثورة 23 يوليو 1952م، وتوّج به كفاحه على مدى التاريخ.

نحن الشعب المصري، الذي استلهم العظة من ماضيه، واستمد العزم من حاضره، ورسم معالم الطريق إلى مستقبل: متحرر من الخوف، متحرر من الحاجة، متحرر من الذل، يبني بعمله الإيجابي مجتمعًا تسوده الرفاهية، ويتم له في ظلاله: القضاء على الاستعمار وأعوانه، القضاء على الإقطاع، القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، إقامة جيش وطني قوي، إقامة عدالة اجتماعية، إقامة حياة ديمقراطية سليمة.

نحن الشعب المصري، الذي يؤمن بأن: لكل فرد حقًا في يومه، ولكل فرد حقًا في غدِه، ولكل فرد حقًا في عقيدته، ولكل فرد حقًا في فكرته، حقوقًا لا سلطان عليها أبدًا لغير العقل والضمير.

نحن الشعب المصري، الذي يقدس الكرامة والعدالة والمساواة، باعتبارها جذورًا أصيلة للحرية والسلام ".

هذه النصوص كانت معبِّرة عن مطالب المصريين قبل سبعة عقود أو أكثر من الاحتلال، وهي – اليوم – صالحة للتعبير عن مطالب المصريين بعد سبعة عقود على الاستقلال.

الفرق هو أنّ المصريين كان في إمكانهم انتقاد الاحتلال وانتقاد الاستبداد، وانتقاد الاستغلال بصورة أكبر وأقوى من قدرتهم على الانتقاد في عهود الاستقلال، تم تقليص إمكانات المواطنين وحقوقهم وهوامش حركتهم إزاء السلطة الوطنية التي خلَفت وأعقبت الاحتلال.

فلو أُعيدت كتابة هذه النصوص في ديباجة دستور جديد يُكتَب عام 2056 م؛ أي بعد مرور مائة عام من الدستور الأول 1956م، فسوف تكون تعبيرًا عن مطامح شعب، استمرّت معاناته تحت الاستقلال، في أشكال مختلفة، وتحت مبررات وذرائع وطنية، فلم يتحرر بعد سبعة عقود من الاستقلال، لم يتحرر من الخوف، لم يتحرر من الحاجة، لم يتحرر من الذل، كل ما تم هو إحلال سيطرة محل سيطرة، وتطوير أشكال الاستغلال مع بقاء مضامينه قائمة.

مصيدة الدولة

مازالت الفجوة قائمة ومتسعة بين دساتيرَ مُفعمةٍ بروح الحريات والحقوق والواجبات، وبين واقع مرير، القائم منه شر مما مضى، والقادم منه شر منهما معًا.

قانون عكسي يحكم تطور الحريات والحقوق والواجبات، فكلما مرّ الزمن تدهورت الأوضاع إلى الخلف بدل أن تتقدم إلى الأمام. وهكذا فكل مرحلة جديدة أسوأ من السالفة عليها.

من أول دستور بعد ثورة 1919 في 1923م، ثم أول دستور بعد ثورة 23 يوليو 1952م، إلى آخر دستور 2014م ثم تعديلاته في 2019م، في مائة عام من الحياة الدستورية 1923 – 2023م، حظي المصريون بنصوص دستورية رائعة جرى اقتباسُها من خير دساتير الأرض.

لكن هذا التطور النظري الدستوري لم يرافقه تطور مماثل في الواقع؛ أي في علاقة السلطة بالشعب، فما زال الشعب – كما قال سعد زغلول في أول خطاب لحكومته في يناير 1942م – ينظر لحكّامه نظر الصيد للصائد لا نظر الجندي للقائد.

ما زالت الدولةُ – في نظر المواطن – كمينًا ومصيدة وفخًا وسجنًا، عليه أن يتفادى الوقوع فيه، هي ليست سياج أمان ولا موضع اطمئنان، هي مورد شك وخوف وريبة.

المائةُ عام الدستورية 1923 – 2023م: ثلاثون منها تحت الاحتلال والملوك من سلالة محمد علي باشا (فؤاد ثم فاروق)، وسبعون منها تحت الاستقلال والرؤساء في ظل النظام الجمهوري.

الفارق بين الفترتَين: أن الفترة الأولى، ببركة ثورة 1919م استحضرت همّة الشعب وروح الشعب. أما الفترة الثانية، بالطابع العسكري لثورة 23 يوليو، فقد استبعدت الشعب.

حضور الشعب – كمجتمع ناخبين – استمر في الأولى؛ لأنها قامت على الديمقراطية البرلمانية، حيث الانتخابات الدورية بين الأحزاب.

حضور الشعب – كقوة سياسية – في الثانية تلاشى حتى اختفى؛ لأنها قامت على نظام رئاسي لا يجري فيه انتخاب الرئيس بالتنافس بين أكثر من مرشح، لكن بالاستفتاء على مرشح واحد فقط.

هذا المرشح الواحد – من موقعه كرئيس – يختار أعضاء البرلمان، ثم أعضاء البرلمان يرشحونه، وهنا لا معنى لمشاركة الشعب غير استيفاء الشكل في أشد تجلياته سطحيةً وقِشريةً تبلغ حد تفاهة الشأن.

ثم تطور نظام المرشح الواحد، إلى نظام يختار فيه المرشح عدة مرشحين شكليين إلى جواره، هم ليسوا مرشحين بالأصالة عن أنفسهم، لكنهم مرشحون شكليون، يختارهم المرشح الواحد الأوحد، ويضع لهم حدودَ ما يقولون ويفعلون، ومَن يخرجُ منهم عن المرسوم له يجري عقابُه.

خلاصة الفرق بين الفترتَين: أن الفترة الأولى 1923 – 1953م زادت من قدرات المواطن على ممارسة حقّ اختيار مَن يحكمونه. بينما الفترة الثانية 1953 – 2023م زادت من قدرات الحكام على اختيار أنفسهم بأنفسهم، بإملاء إرادتهم على المؤسسات التي صنعوها بأنفسهم، ثم المؤسسات تتولى تَسْتِيفَ الباقي سواء حضر قليل أو كثير من الناخبين، فلا فرقَ بين حضور ضعيف أو كثيف، في كلا الحالَين نتائج الانتخابات معلومة ومقدّرة سلفًا وقبل أن تبدأ.

أخطر تواريخ مصر

في 10 ديسمبر 1952م، أعلن الضباط الأحرار سقوط دستور 1923م – الدستور الوحيد الذي تمرّن المصريون تحت مظلته على لعبة الديمقراطية – فقد أعلن اللواء محمد نجيب أنه: " لا مناص من دستور جديد حتى تتمكن الأمة من الوصول إلى أهدافها وأن تكون – بحق – مصدر السلطات.

وقال السياسي المخضرم علي ماهر باشا – الذي قبل أن يكون رئيس وزراء تحت قيادة الضباط فاستخدموه ثم رموه -: " دستور 1923م كان يعبر عن ديمقراطية القرن التاسع عشر، ولم يعد صالحًا للبقاء على حالته في العصر الحديث".

مثل تلك العجوز التي لم تكن تدرك أن الحكم الوطني الذي أعقب الاستعمار لم يكن أفضل من الاستعمار.

لم يدرك اللواء أن الأمة لن تكون مصدر السلطات، ولم يكن يدور في خياله أن الرئيس سوف يكون هو المصدر الأول والأخير للسلطات.

وكذلك لم يدرك علي ماهر باشا أنّ البديل عن دستور 1923، لن يكون ديمقراطية متطورة عن ديمقراطية القرن التاسع عشر، وإنما دكتاتورية من دكتاتوريات القرن العشرين.

حتى يتم تبرير الانتقال من ديمقراطية برلمانية ذات مثالب وعيوب إلى دكتاتورية رئاسية ذات بأس شديد، كان لابد من استحضار الوطنية المقدسة لتلقي رداءها على هذا الاستبداد الرئاسي المبتكر وإضفاء المشروعية الشعبية عليه.

في عام 1956م عرفت مصر أخطر تواريخها المعاصرة:

1-  جلاء القوات البريطانية في 13 يونيو 1956م.

2- الاستفتاء على الرئيس جمال عبدالناصر بنسبة "99.9" رئيسًا للجمهورية في 23 يونيو 1956م.

3- تأميم قناة السويس 26 يونيو 1956م .

4 – العدوان الثلاثي – الإسرائيلي البريطاني الفرنسي – على مصر 26 أكتوبر 1956م .

بين هذه التواريخ الأربعة تهيأت اللحظة التاريخية لميلاد الاستبداد الوطني المقدّس.

وهذا هو موضوع مقال الأسبوع المقبل بمشيئة الله.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نحن الشعب المصری ثورة 23 یولیو

إقرأ أيضاً:

سوريا تطلق هوية بصرية جديدة.. الرئيس الشرع يؤكد: عهد الاستبداد انتهى

أطلقت سوريا، الخميس، هويتها البصرية الجديدة، في خطوة وُصفت بأنها ترمز لمرحلة انتقالية تعكس وحدة البلاد وتنوعها الثقافي، وتؤسس لهوية حديثة تعبّر عن قطيعة تامة مع حقبة القهر والاستبداد.

وأكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، خلال الاحتفالية الرسمية التي أقيمت في قصر الشعب بدمشق، أن الهوية الجديدة “تعبّر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحّدة

وقال الشرع في كلمته: “الهوية تعبّر أيضاً عن بناء الإنسان السوري، وعن بداية عهد لدولة عزيزة وحياة كريمة تنتظر السوريين، بعدما طوينا صفحة النظام الذي أذلّ البلاد لعقود”.

وأوضح أن “احتفال اليوم يمثل عنواناً لهوية سوريا في مرحلتها التاريخية الجديدة، تستمد سماتها من طائر العقاب، رمز القوة والعزم والبصر الحاد والابتكار والمناورة الذكية”.

وأشار إلى أن العقاب “يمثل روح السوريين عبر العصور”، مؤكداً أن الهوية الجديدة تسعى إلى تمكين الإنسان السوري واستعادة مكانته في الداخل والخارج، وإلى رسم ملامح دولة حديثة تقوم على الكرامة والحرية والتنوع.

من جهتها، أوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الهوية البصرية الجديدة تعتمد العقاب الذهبي السوري شعاراً للدولة، بعد تحريره من شكله السابق ليكتسب مفاهيم عصرية، تجمع بين رمزية الماضي واستشراف المستقبل، في ظل المتغيرات التي تمر بها البلاد.

وأضافت الوكالة أن “العقاب” كان حاضراً في الفتوحات الإسلامية، ومنها ما ارتبط بالصحابي خالد بن الوليد، ما يمنح الرمز بعداً تاريخياً يعزز ارتباط الهوية الجديدة بجذور القوة والقيادة.

من جانبه، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن الدبلوماسية السورية تمكنت من تجاوز مرحلة العزلة السياسية وأعادت تموضع سوريا على الساحتين الإقليمية والدولية، مشددًا على أن سوريا باتت ترسم ملامح هويتها الجديدة بعيدًا عن المرايا الخارجية.

وخلال حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية في قصر الشعب بدمشق، بحضور الرئيس أحمد الشرع وكبار المسؤولين، قال الشيباني: “لم نقبل بالواقع المتهالك الذي ورثناه، وكانت حركتنا الدبلوماسية دؤوبة لاستعادة الحضور الدولي لسوريا”.

وأشار إلى أن الوزارة حملت في كل لقاء “وجها جديدا لسوريا”، مضيفًا أن قادة دول عدة أعربوا عن استعدادهم لدعم الشعب السوري في مسيرة إعادة الإعمار.

ولفت وزير الخارجية إلى أن الخطاب الدبلوماسي الجديد يركز على تقديم سوريا بوجهها الحقيقي، بعيدًا عن الشعارات، ويحفظ كرامة المواطن السوري، مؤكدًا أن “عودتنا إلى الساحات الدولية تحولت من أمنية مؤجلة إلى حقيقة قائمة”، وأن العمل الدبلوماسي يهدف إلى إعادة دمشق إلى مكانتها كبوابة للشرق.

وأشار الشيباني إلى أن هذه الجهود تُوّجت برفع العقوبات عن سوريا، وعودة العلم السوري إلى مقر الأمم المتحدة، معتبرًا أن سوريا اليوم “تشبه شعبها، برمزيتها المنفتحة التي تعبر عن ثقافة الإنسان السوري وأرضه”.

وفي حديثه عن الهوية البصرية الجديدة، أوضح أنها “ليست زينة عابرة، بل منظومة تعبيرية تعكس وعي سوريا”، مضيفًا أن الاعتراف بالتنوع يمثّل تحولاً نحو وطن شامل يتسع للجميع.

وختم الشيباني بالقول: “نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين، وما نحتاجه اليوم هو روح وطنية تلملم ما تناثر من الهوية السورية”، واعتبر هذا اليوم “إعلان موت ثقافي لكل ما مثله النظام البائد من ظلم وفساد مقنع بالشعارات”.

وفي وقت سابق، اعتبر الشيباني أن قرار الولايات المتحدة إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا “يفتح أبواب إعادة الإعمار والتنمية التي طال انتظارها”، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح السياسي والاقتصادي للبلاد بعد سنوات من العزلة.

روبيو يتعهد لنظيره السوري بمراجعة تصنيفات الإرهاب

أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو أبلغ نظيره السوري أسعد حسن الشيباني، خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس، التزام واشنطن بمواصلة مراجعة قوائم الإرهاب الأميركية والأممية ذات الصلة بسوريا، في خطوة تعكس تواصلاً مباشراً نادراً بين الجانبين منذ أكثر من عقد.

وبحسب بيان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، تناول الاتصال الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات عن سوريا، مع التأكيد على الإبقاء على العقوبات ضد ما وصفته بـ”الجهات الخبيثة”، وفي مقدمتها الرئيس السابق بشار الأسد والمقربين منه.

يأتي الاتصال بعد يومين من توقيع ترامب على أمر تنفيذي ينهي الإطار القانوني للعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ عام 2004، والتي بدأت لاستهداف نظام الأسد، لكنها باتت تُنظر إليها كعقبة أمام تعافي البلاد اقتصادياً بعد الحرب.

القرار، الذي دخل حيّز التنفيذ الثلاثاء، ألغى إعلان حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسوريا، بالإضافة إلى خمسة أوامر تنفيذية كانت تشكل الأساس لبرنامج العقوبات. كما وجه الوكالات الأميركية المختصة لإعادة تقييم ضوابط التصدير والإعفاءات والقيود ذات الصلة.

ورغم هذا التحول، لم تُزل الولايات المتحدة بعد تصنيف سوريا كـ”دولة راعية للإرهاب” – وهو تصنيف يعود لعام 1979، ويترتب عليه حظر صادرات الأسلحة والعديد من أشكال المساعدات الأميركية.

مسؤول في الإدارة الأميركية أكد أن هذا التصنيف لا يزال قيد المراجعة، وسط مؤشرات إلى قرب إزالته، بحسب ما صرح به المبعوث الأميركي لقناة “العربية”.

وتزامن هذا المسار الدبلوماسي الجديد مع لقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأميركي دونالد ترامب منتصف مايو، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها، وتعبّر عن تحول جوهري في العلاقة بين البلدين بعد سنوات من القطيعة والتوتر.

رغم رفع العقوبات العامة، شددت الإدارة الأميركية على أن الإجراءات العقابية ستستمر ضد بشار الأسد، وأي شخص متورط في انتهاكات حقوق الإنسان، أو دعم الإرهاب، أو تصنيع وتهريب الكبتاغون، وهو الملف الذي يُعد أحد أبرز بواعث القلق الأمني في المنطقة.

هذا التطور في موقف واشنطن يُنظر إليه كجزء من استراتيجية أوسع تهدف لإعادة صياغة العلاقة مع سوريا في ظل تغيّرات إقليمية ودولية متسارعة، وسط ترقب واسع لقرار مرتقب من البيت الأبيض بشأن إزالة اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الجزائري لكرة القدم يهنئ الشعب الجزائري بمناسبة الذكرى 63 لعيد الاستقلال والشباب
  • جهود كبيرة تبذلها فرق الدفاع المدني لإخماد الحريق الحراجي الذي اندلع بين مشروع دمر وقصر الشعب
  • سوريا تطلق هوية بصرية جديدة.. الرئيس الشرع يؤكد: عهد الاستبداد انتهى
  • المهندس حازم عمر: تشكيل القائمة الوطنية يستهدف توحيد الصف الوطني والحث على المشاركة الإيجابية بالانتخابات
  • حازم عمر: تشكيل القائمة الوطنية يستهدف توحيد الصف الوطني والحث على المشاركة الإيجابية بالانتخابات
  • قواعد الاستبداد لإخضاع العباد
  • سوريا: القبض على أحد عناصر ميليشيا الدفاع الوطني على خلفية تورطه في انتهاكات بحق الشعب السوري
  • قيادة الأمن الداخلي في محافظة حلب تلقي القبض على المجرم عبد الرحمن دحروج، أحد عناصر ما يُعرف بميليشيا الدفاع الوطني، والمتورط في انتهاكات بحق الشعب السوري
  • هذه مخرجات الملتقى الدولي “جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني”
  • هذه مخرجات الملتقى الدولي جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني