الشيخوخة في المغرب … كيف يمكن الحفاظ على التوازن بين الصحة الجسدية والعقلية
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
زنقة 20. الرباط / ومع
يخشى معظم الناس بلوغ سن الشيخوخة، إذ يرى فيها البعض “بداية النهاية”. فنظرة الإنسان للشيخوخة، في المجتمع المغربي كذلك، غالبا ما تحدد تصوره لهذه “المرحلة الأخيرة” من العمر.
وبينما يرى البعض في الشيخوخة مرادفا للضعف والهشاشة، فإن بعض المسنين يقررون رفع هذا التحدي من خلال تحويل خريف العمر إلى فرصة للرفاه والاستمتاع.
بين التقدم في العمر تحت شعار تحقيق الذات ومرحلة يعيشها المرء كصورة مجزأة عن الذات، تقدم الأخصائية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية، أمينة أسكار، قراءتها حول الشيخوخة وتصورها في المجتمع المغربي.
وتطرقت السيدة أسكار، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى التداعيات الحاسمة للشيخوخة على المسنين، مبرزة أهمية الدعم الاجتماعي ومساهمة الأجيال المتعددة في ضمان رفاهية هذه الفئة المتنامية من الساكنة.
1- في نظركم كيف يتم تصور الشيخوخة في السياق المغربي؟
يتقاسم السياق المغربي مع العديد من البلدان الأخرى تمثلات الشيخوخة التي تتمحور حول كيانين مختلفين جذريا: من ناحية، صورة كبار السن النشطين والحيويين، المنخرطين في المجتمع؛ ومن ناحية أخرى، الشخص المسن المعتمد على الغير والمقعد واللامبالي.
وفي المغرب، حيث يضطلع الإطار الديني بدور رئيسي، ينظر إلى الشيخوخة على أنها المرحلة التي يتسم فيها الإنسان بالمزيد من الحكمة والاحترام، بما في ذلك تجاه كبار السن.
2- ما هي النظرة التي يحملها المسن عن المجتمع وعن نفسه؟
هذه المرحلة من الحياة، التي نقطة بدايتها لدى كثير من الناس هي “التقاعد”، تتكون من مرحلتين رئيسيتين، ترتبط بهما صورتان متعارضتان: من جهة، صورة المتقاعد النشيط الذي يستمتع بالحياة؛ ومن جهة أخرى، “المسن المعال” الذي يعاني من الوحدة والذي يجب “العناية به”.
3- كيف تعيش هذه الفئة من السكان هذه المرحلة الجديدة من الحياة؟
من الواضح أن “الشيخوخة” لها انعكاسات لا رجعة فيها على إدراك العمر النفسي والجسدي والاجتماعي، الأمر الذي يتطلب حتما بذل جهود للتكيف والتقويم وإعادة التأطير.
إن الفجوة بين جسد الشخص المسن ونفسه، أو ما نسميه “العمر الذاتي” (الميل إلى الشعور بأنه أصغر سنا من عمره الحقيقي) تتطلب تعديلا يصعب أحيانا تطبيقه.
وإذا كان السياق المغربي يضمن بيئة إيجابية إلى حد ما لصالح المسنين بفضل الدعم الاجتماعي والأسري، فمن الواضح أن بعض الناس يسقطون في حالة من الاكتئاب إلى حد فقدان زخم الحياة؛ وهذا ما يسمى “متلازمة الانهيار”.
4- ما هي متلازمة الانهيار وما هي أعراضها؟
تحدث متلازمة الانهيار عند كبار السن وتتميز بتدهور عام وسريع في الصحة البدنية والعقلية. ويتجلى في فقدان الشهية والضعف وفقدان الوزن وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والانسحاب الاجتماعي.
وقد يدفع فقدان الزوج، أو مواجهة قلق الموت، الذي يتفاقم بسبب الشعور بالوحدة، البعض إلى التخلي عن الحياة، بدل التفاني من أجل التعافي وتوظيف الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
5- كيف يمكن لكبار السن الحفاظ على التوازن بين الصحة الجسدية والعقلية؟
تتمثل أهداف شيخوخة بصحة جيدة في الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، وتجنب الاضطرابات، والبقاء نشطين ومستقلين. بالنسبة لمعظم الناس، يتطلب الحفاظ على صحة عامة جيدة بذل جهد متزايد مع تقدمهم في السن.
وهذا ينطوي، من بين أمور أخرى، على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية. ويعاني كبار السن الذين يحافظون على الاتصالات الاجتماعية (بما في ذلك الأنشطة الخارجية) من مشاكل صحية أقل. بالإضافة إلى ذلك، يظل الدعم الاجتماعي مهما للغاية للحفاظ على رفاهية وجودة حياة كبار السن وتعزيز تقدير الذات.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: الحفاظ على کبار السن
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تؤيد الحكم الذاتي المغربي في الصحراء.. والجزائر تتحفّظ بشدّة
أعلنت المملكة المتحدة، أمس الأحد، دعمها القوي لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، في خطوة مفاجئة اعتبرها مراقبون تحوّلاً استراتيجيًا في موقف لندن من أحد أقدم النزاعات في أفريقيا، بينما سارعت الجزائر إلى التعبير عن أسفها لما وصفته بـ"الازدواجية" و"التطبيع مع واقع استعماري".
خلال زيارة إلى الرباط، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن خطة المغرب لعام 2007 تُعد "الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وواقعيةً" لحل النزاع، مؤكدًا أن لندن ستعمل على دعمها سياسيًا واقتصاديًا.
موقف الجزائر.. "مقترح فارغ لفرض أمر واقع استعما"
في بيان رسمي شديد اللهجة، أعربت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن "أسفها" للدعم البريطاني لمخطط الحكم الذاتي المغربي، معتبرة أنه لم يُعرض يومًا على الصحراويين للتفاوض، ولم يتعامل معه مبعوثو الأمم المتحدة بجدية.
وجاء في البيان أن المبادرة المغربية "فارغة المحتوى"، وتهدف إلى "كسب الوقت وفرض أمر واقع استعماري غير شرعي"، مؤكدة أن المملكة المتحدة لم تعترف صراحة بسيادة المغرب على الإقليم، ولا تزال تتمسك بمبدأ "الحق في تقرير المصير".
وأضافت الجزائر أنها "تُسجّل بإيجابية" تأكيد وزير الخارجية البريطاني في الندوة الصحفية على "تمسّك لندن بمبدأ تقرير المصير"، معربة عن أملها بأن تواصل المملكة المتحدة دورها داخل مجلس الأمن في مراقبة التزامات المغرب بالشرعية الدولية.
الصحراء.. نزاع مزمن وسط تحولات دبلوماسية سريعة
يُصنَّف إقليم الصحراء، كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي منذ انسحاب إسبانيا في 1975. وتتنازع عليه المغرب، الذي يسيطر على أغلب أراضيه، وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، التي تطالب باستقلال كامل.
رغم وعود الأمم المتحدة بإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، لم يُجرَ التصويت أبدًا. وفي عام 2020، تخلّت جبهة البوليساريو عن وقف إطلاق النار الذي وُقّع عام 1991، متهمةً المغرب بخرق شروطه.
وقد اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الإقليم خلال إدارة دونالد ترامب، وتبعتها فرنسا وإسبانيا، فيما تمسكت دول أخرى بالموقف الأممي الداعي إلى تسوية تفاوضية تُفضي إلى تقرير المصير.
علاقات استراتيجية واستثمارات واعدة
قال الوزير البريطاني إن بلاده ستواصل العمل مع المغرب لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الرعاية الصحية، والابتكار، والموانئ، والمياه، والتحضير لكأس العالم 2030، الذي تستضيفه المغرب بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
من جهته، وصف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الموقف البريطاني الجديد بأنه "دعم قوي للمسار السياسي" وتسريع لحل النزاع، مشيرًا إلى مشاريع استثمارية بريطانية مرتقبة في الصحراء.
استثمارات بريطانية في الصحراء
أكد وزير الخارجية المغربي أن الدعم البريطاني يشكّل "جزءًا من الزخم الدولي لتسريع حل النزاع"، كاشفًا عن وجود مشاورات مع لندن حول الاستثمار في مشاريع داخل الصحراء الغربية.
من جهته، أشار ديفيد لامي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد فرصًا اقتصادية للشركات البريطانية، خاصة في ظل استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، ما سيجعل المنطقة محط أنظار العالم.
وشملت اتفاقيات التعاون بين البلدين مجالات مثل الرعاية الصحية، الابتكار، البنية التحتية للمياه، والموانئ، في إشارة إلى توجّه بريطاني لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع المغرب، خصوصًا بعد البريكست.
موقف الأمم المتحدة.. ثبات رغم التغيرات
ورغم تحوّلات المواقف الغربية، لا تزال الأمم المتحدة متمسكة بموقفها الداعي إلى "حل سياسي متفاوض عليه يسمح لشعب الصحراء بتقرير مصيره"، دون أن تُؤيد صراحة أي من الخيارين (الاستقلال أو الحكم الذاتي).
ويعكس هذا التباين في المواقف هشاشة التوافق الدولي حول الملف، وتعقيداته المتشابكة سياسيًا وقانونيًا، وسط استمرار توتر العلاقة بين الرباط والجزائر، وتباين مصالح القوى الكبرى.
هل يتغيّر مسار التسوية؟
ويُنظر إلى انضمام بريطانيا إلى قائمة الداعمين للمبادرة المغربية على أنه قد يشكل نقطة تحوّل في ميزان الضغط الدولي، مما يُعزز موقف المغرب في أي مفاوضات مستقبلية، لكنه لن يُنهي الصراع ما دامت البوليساريو متمسكة بالاستفتاء، والجزائر تُعزّز دعمها الميداني والسياسي للجبهة.
في المقابل، يُخشى أن يُقابل هذا التحول بمزيد من التصعيد في المنطقة، أو باتهامات جديدة للأطراف الغربية بـ"انتهاك قرارات الأمم المتحدة"، كما تقول الجزائر التي كانت قد اعتبرت دعم ترامب للمغرب "خطوة استفزازية وخطيرة" سنة 2020.