يبدو أن الهدف الإسرائيلي من العدوان الحالي على قطاع غزة لم يعد القضاء على حركة "حماس"، بل إخراج الفلسطينيين أنفسهم من المعادلة من خلال الموت والتهجير.. هكذا يرى بول بيلار، الزميل غير المقيم لمركز جامعة جورج تاون للدراسات الأمنية ومعهد بروكينجز، في مقال نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت".

ويرى الكاتب، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن النشاط الوحشي المتزايد لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والخطاب الرسمي في تل أبيب، والعنف الذي يقوده المستوطنون في الضفة، يزيد من صعوبة إنكار أن سياسة دولة الاحتلال الآن تهدف إلى طرد الفلسطينيين.

ويضيف أن الحجم الهائل والطبيعة العشوائية للهجمات العسكرية الإسرائيلية تشي بأن هناك أهدافا أخرى لدولة الاحتلال غير تدمير "حماس" في غزة، فتسوية أحياء بأكملها بالأرض وإيقاع خسائر ضخمة في صفوف المدنيين تفوق كثيراً أية خسائر عسكرية لـ"حماس"، مع عدم وجود أدلة تذكر على أي نتيجة إيجابية غير الاستيلاء على بعض الأنفاق الفارغة وعرضها، لا يمكن وصفها بأنها عملية تركز بشكل حاد على تدمير الحركة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً

مصر تحذر إسرائيل وأمريكا من "قطيعة" حال تهجير الفلسطينيين لسيناء

مفارقات ساخرة ومؤلمة

ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أن عمليتهم في غزة أدت حتى الآن إلى مقتل 5000 من مقاتلي "حماس"، وبما أن تقديرات جيش الاحتلال نفسه تشير إلى أن مقاتلي الحركة يبلغ عددهم 30 ألفا، فإن هذا يعني أن لا يزال 25 ألفا من مقاتلي "حماس" أحياء ويقاتلون.

وبما أن عدد الضحايا المدنيين تجاوز الآن 16 ألف فلسطيني، مقابل قتل 5 آلاف من "حماس"، فإنه بالوتيرة الحالية، وفي ظل الأساليب التي تتبعها إسرائيل، فإن إتمام المهمة المفترضة المتمثلة في تدمير الجناح العسكري لحماس سوف يترتب عليه مقتل ما يقرب من مائة ألف فلسطيني، بما في ذلك أكثر من ثلاثين ألف طفل.

وما سبق لا يشمل الأضرار الناجمة عن ملاحقة إسرائيل لبقية أعضاء "حماس" إلى جانب جناحها العسكري، بما في ذلك القيادة العليا التي تعهدت إسرائيل بقتلها، فضلاً عن الإدارة المدنية التي تديرها "حماس" في قطاع غزة، والتي تعهدت إسرائيل أيضا بقتلها، يقول الكاتب.

لذلك، فإن ما سبق أيضا يشير إلى أن إسرائيل تريد، عبر قتل المدنيين بالجملة، دفع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين إلى الخروج من غزة.

اقرأ أيضاً

نائب مصري: تهجير أهالي غزة إلى سيناء دخل مرحلته الأخيرة.. وحذار من غضب جيشنا

مزحة قاسية

ويرى الكاتب أن ادعاء الجيش الإسرائيلي بأنه استخدم التحذيرات لمحاولة تقليل الخسائر في صفوف المدنيين لم يعد أكثر من مجرد مزحة قاسية.

ويضيف: يُطلب من السكان الفرار من منازلهم، لكنهم يتعرضون للقصف على أي حال، إما في طريقهم أو في الموقع الذي طُلب منهم الفرار إليه، ثم يُطلب منهم التحرك مرة أخرى - إذا كان هناك أي مكان يمكنهم الذهاب إليه - ويتعرضون للقصف مرة أخرى.

ويتابع: أصبحت رموز الاستجابة السريعة الموجودة على المنشورات التي تعد بمعلومات حول المناطق الآمنة عديمة الفائدة مع انقطاع الاتصالات وعدم تمكن معظم الفلسطينيين من الوصول إلى الإنترنت.

اقرأ أيضاً

إبادة جماعية ونزوح نحو مصر.. تنديد أممي باستئناف حرب غزة

الضفة الغربية أيضا

وهناك مزيد من الأدلة على أهداف إسرائيل في غزة تأتي مع أحداث متزامنة في الضفة الغربية، يقول الكاتب.

وعلى مدى الشهرين الماضيين، استخدم المستوطنون الإسرائيليون هناك، الذين يتصرفون إلى حد كبير بموافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلية، العنف والترهيب لطرد السكان الفلسطينيين القدامى من قراهم.

الخطاب الرسمي الإسرائيلي

ثم هناك خطاب القادة السياسيين الإسرائيليين، والذي وصفه بعض المراقبين بالإبادة الجماعية.

والأمثلة على مدى الشهرين الماضيين كثيرة.

وفيما يتعلق بغزة، قال وزير الدفاع يوآف جالانت من قبل: "سوف نزيل كل شيء".

في هذه الأثناء، قال نائب رئيس الكنيست نسيم فاتوري عن الفلسطينيين في غزة: "اطردوهم جميعاً"، في حين قال وزير الزراعة آفي ديختر: "نحن الآن ننشر نكبة غزة" (النكبة الأصلية، أو الكارثة، هي التهجير القسري لـ 750 ألف فلسطيني عند قيام إسرائيل عام 1948)، بينما اقترح وزير التراث أماشاي إلياهو أن تفكر إسرائيل في إسقاط سلاح نووي على غزة.

اقرأ أيضاً

سقط في اختبار.. فيسبوك يقر إعلانات تدعو إلى إبادة الفلسطينيين

التهجير نحو سيناء

يضاف إلى كل هذا دليل على وجود تخطيط داخل الحكومة الإسرائيلية لتهجير أهالي غزة، حيث كشف تقرير صدر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن اقتراح من وزارة المخابرات بنقل جميع سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، ليتم إيواؤهم أولاً في خيام ثم في مدن مبنية بشكل دائم.

ولم يوضح هذا الاقتراح كيف ستتغلب إسرائيل على معارضة مصر القوية لأي عملية نقل للسكان على هذا النحو، لكن تقارير أخرى أكدت أن القادة والدبلوماسيين الإسرائيليين كانوا يقترحون بهدوء على الحكومات الأخرى نقل عدة مئات الآلاف من سكان غزة إلى مصر.

وزعم الإسرائيليون أن هذا سيكون تحركًا مؤقتًا طوال مدة الحرب الحالية، لكن محاوريهم رفضوا الفكرة نظرًا لاحتمال أن يصبح مثل هذا التهجير، مثل عمليات التهجير السابقة للفلسطينيين، دائمًا.

وفي الآونة الأخيرة، أفادت التقارير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلف وزير الشؤون الاستراتيجية المولود في الولايات المتحدة، رون ديرمر، بوضع خطة "لتخفيف" عدد سكان قطاع غزة إلى الحد الأدنى.

وقد كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية هذه القصة، التي دعمت نتنياهو ويعتقد أنها تتمتع بوصول جيد إليه.

وكانعكاس محتمل لمثل هذا التخطيط، أفادت صحف إسرائيلية أخرى أن اقتراحاً قد تم طرحه بهدوء مع أعضاء الكونجرس الأمريكي يقضي بنقل مليوني من سكان غزة عبر مصر للتوصل إلى تسوية نهائية هناك وفي العراق وتركيا واليمن. ومن المتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة المساعدات المقدمة لتلك الدول كوسيلة ضغط للضغط عليها لقبول هذا الترتيب.

اقرأ أيضاً

استنكار عالمي لأغنية إسرائيلية ينادي فيها الأطفال بـ"إبادة غزة"

رفض الحلول الشاملة

وبما أن هجوم "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أظهر أن الصراع مع الفلسطينيين لا يمكن إزالته من المعادلة الإقليمية، فقد رفضت الحكومة الإسرائيلية بقوة أكثر من أي وقت مضى السبيل الوحيد لإنهاء مثل هذه المشاكل، وهو حل الصراع من خلال المفاوضات السلمية التي توفر السلام الشامل.

ويختتم الكاتب مقاله، محذرا من أن الاستراتيجية الواضحة التي تتبناها إسرائيل ليس من المرجح أن تحقق السلام للإسرائيليين أو لأي شخص آخر مقارنة بمناوراتها السابقة، ما دام هناك منفيون غير راضين.

ويردف: فكر في الكيفية التي لاحقت بها إسرائيل منظمة التحرير الفلسطينية المنفية بداية من الثمانينيات، وكيف أدى ذلك إلى حروب متعددة، وصعود "حزب الله" اللبناني، وفقدان أي أمل تقريبًا في الاستقرار في لبنان.

اقرأ أيضاً

ن. تايمز: حلفاء إسرائيل منزعجون من فكرة تهجير فلسطينيين لمصر

يجب على واشنطن التصرف

ويقول الكاتب إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أظهرت بعض العلامات على إدراك ما يجري، حيث صرحت نائبة الرئيس كامالا هاريس، خلال اجتماع المناخ في دبي، بأنه "لن تسمح الولايات المتحدة تحت أي ظرف من الظروف بالترحيل القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية".

وبدأت واشنطن كذلك في فرض حظر على منح تأشيرات الدخول للمستوطنين الإسرائيليين المتهمين بارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية.

لكن هذه العلامات لا ترقى إلى مستوى فصل واشنطن بشكل كامل عن السياسات والممارسات البغيضة، وهو الانفصال الضروري لتجنيب الولايات المتحدة المزيد من الازدراء الدولي الذي تعرضت له بالفعل من خلال ارتباطها بالسلوك الإسرائيلي، كما يقول الكاتب.

المصدر | بول بيلار / ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تهجير الفلسطينيين النكبة الفلسطينية حماس غزة الضفة الغربية إبادة الولایات المتحدة الضفة الغربیة اقرأ أیضا قطاع غزة غزة إلى فی غزة

إقرأ أيضاً:

حماس تشترط وقف انتهاكات إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة

الاراضي الفلسطينية المحتلة. "وكالات": أكد قيادي في حركة حماس أن الحركة تشترط وقف الخروقات الإسرائيلية قبل بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال عضو المكتب السياسي في حماس حسام بدران "أي نقاش حول بدء المرحلة الثانية يجب أن يسبقه بشكل واضح ضغط من الوسطاء والضامنين بما في ذلك الولايات المتحدة، لضمان التطبيق الكامل من الاحتلال لكل بنود المرحلة الأولى" التي تنص على تبادل الرهائن والمعتقلين ووقف الأعمال القتالية ودخول المساعدات الى قطاع غزة.

وأضاف بدران أن "كل الجهات المتابعة للملف الفلسطيني تُجمع على أن الاحتلال لم ينفذ التزاماته في المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار".

وأوضح أن استكمال تنفيذ بنود المرحلة الأولى يعني "وقف كافة الخروقات والانتهاكات وإدخال المساعدات بكميات كافية"، مشيرا الى أن الاتفاق ينص على "إدخال ما بين 400 إلى 600 شاحنة يوميا وفتح معبر رفح (بين مصر وقطاع غزة) للأفراد والبضائع والمساعدات".

وينص الاتفاق الذي تمّ بوساطة أميركية ومصرية وقطرية وتركية على وقف الأعمال القتالية في قطاع غزة بعد حرب مدمّرة اندلعت في أكتوبر 2023، وتبادل الرهائن والمعتقلين وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة وتكثيف دخول المساعدات الى القطاع الذي أعلنت الأمم المتحدة في عدد من مناطقه المجاعة خلال الأشهر الأخيرة من الحرب.

وذكر بدران أن "الاحتلال يقلّص بشكل كبير كميات المساعدات الإنسانية الواردة إلى القطاع، ويواصل ارتكاب جرائم القتل في غزة، وتدمير المباني ومنازل المواطنين داخل الخط الأصفر (أي خط الانسحاب) وهذا يمثل مواصلة للأعمال العسكرية".

من جهة ثانية،اعتبر بدران أن تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير التي قال فيها إن الخط الأصفر في قطاع غزة يمثل "حدودا جديدة"، "تكشف بوضوح عدم التزام الاحتلال المجرم ببنود اتفاق وقف إطلاق النار".

وقالت إسرائيل اليوم انها بصدد إعادة فتح معبر اللنبي (جسر الملك حسين) مع الأردن اليوم الأربعاء لنقل البضائع والمساعدات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة لأول مرة منذ أواخر سبتمبر.

وكانت إسرائيل أغلقت المعبر الرئيسي لدخول شاحنات البضائع والمساعدات من الأردن في 24 منسبتمبر على إثر هجوم بإطلاق النار نفذه سائق شاحنة تنقل مساعدات إلى قطاع غزة وأسفر عن مقتل عسكريَين إسرائيليَين. وبعد يومين من الهجوم، أعادت إسرائيل فتح المعبر أمام حركة المسافرين فقط.

وقال مسؤول إسرائيلي إنه "وفقا للتفاهمات وتوجيهات المستوى السياسي، سيسمح ابتداءً من يوم (الأربعاء) بنقل البضائع والمساعدات من الأردن إلى منطقة (الضفة الغربية) وإلى قطاع غزة عبر جسر الملك حسين".

وأضاف أن "جميع شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة ستسير تحت مرافقة وتأمين، بعد خضوعها لفحص أمني دقيق.. تم تشديد إجراءات الفحص الأمني وتحديد الهوية للسائقين الأردنيين والحمولات، كما جرى تخصيص قوات أمنية مختصة لتأمين المعبر"

والمعبر الواقع في غور الأردن هو الوحيد الذي يتيح لفلسطينيي الضفة الغربية المغادرة من دون عبور الأراضي الإسرائيلية.

وتمنع إسرائيل الفلسطينيين من السفر عبر مطاراتها إلا في حال كانوا يحملون تصاريح خاصة.

ويتعين على الفلسطينيين الذين يريدون السفر الانتقال إلى الأردن عبر جسر الملك حسين للوصول إلى أحد المطارات الأردنية، في رحلة يصفونها بالشاقة والمكلفة.

من جهة أخرى أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم إغلاق ملف "أسرى العدو" لديها بعد تسليم آخر جثة يوم الأربعاء الماضي .

وقال الناطق العسكري باسم سرايا القدس، أبو حمزة، في تصريحات اليوم، أوردتها وكالة "شهاب" للأنباء الفلسطينية: :"أغلقنا ملف أسرى العدو لدينا بعد أن قمنا بتسليم آخر جثة يوم الأربعاء الماضي شمال القطاع ضمن صفقة مشرفة نتيجة معركة بطولية خضنا غمارها بكل عزة وشرف ووفاء أكدنا فيها أن أسرى العدو لن يعودوا إلا بقرار من المقاومة أو في توابيت وقد لا يعودوا أبدا".

وأكد أبو حمزة أن حركته و"فصائل المقاومة التزمت بكافة بنود الاتفاق المنصوص عليه للمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الهمجية الصهيونية على أبناء شعبنا".

ودعا "الوسطاء والضامنين للضغط على العدو لتنفيذ التزاماته المتعلقة بالاتفاق ووقف خروقاته الإجرامية المتكررة".

مقالات مشابهة

  • حكم إخراج الزكاة في تسقيف البيوت.. مفتي الجمهورية يوضح
  • دبلوماسي أمريكي سابق: إسرائيل تسعى لاستعادة السيطرة الكاملة على غزة إذا سنحت لها الفرصة
  • سيناتور أمريكي: محمد بن سلمان سيُقتل إذا لم يحقق نتيجة أفضل للفلسطينيين
  • سيناتور أمريكي: ابن سلمان لن يطبع مع إسرائيل دون ثمن للفلسطينيين
  • ساعر: إسرائيل ملتزمة بإنجاح خطة ترمب
  • حماس: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • “حماس”: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • هند الضاوي: واشنطن دعمت تدمير غزة وتبحث إعادة إعمارها الآن .. إسرائيل صناعة أمريكية
  • إسرائيل تتجسس على أمريكا فى غزة.. و«حماس» مستعدة لتجميد سلاحها
  • حماس تشترط وقف انتهاكات إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة