ليبيا – قال رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية جمال الفلاح إن المسؤولين الموجودين حاليًا في ليبيا يتحملون مسؤولية الفساد الذي تحول إلى ثقافة لدى الليبيين؛ نتيجة فساد السلطات التي هي داعمة حقيقية لهذه الظاهرة بحسب تقديره.

الفلاح بيّن في تصريح لموقع “إرم نيوز”، أنه لمكافحة الفساد يجب أن يكون هناك جسم تشريعي جديد وحكومة ويجب تقوية الأجهزة القضائية وما فيها من مؤسسات.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

كتّاب ومختصون: مواجهة الأفكار المتطرفة مسؤولية مجتمعية ومؤسسية

تعاني الكثير من المجتمعات حول العالم من آفة التطرف، التي تفتك بالبشرية، وتدخل البشر في حالة من الصراع والاقتتال، ما ينتج عنه انهدام الأمن والاستقرار وتأثيرات سلبية على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

وتتسلل الأفكار المتطرفة عبر عدة أجندات، وتتستر خلف شعارات براقة في ظاهرها ومظلمة في أهدافها، لجذب وتجنيد عناصر يتم استخدامهم كأدوات لتنفيذ أجندات إرهابية تتسبب بدمار الأوطان.

وأكد كتّاب ومحللون أهمية التصدي للأفكار المتطرفة التي تؤدي إلى الإرهاب، عبر تكاتف مجتمعي ومؤسسي، ورسالة إعلامية موجّهة وواضحة تغرس اليقظة في نفوس الأجيال، وتحميهم من الانخراط في براثن التطرف والإرهاب، وتعزيز ثقافة الحوار، وتمكين الشباب للتعبير عن أفكارهم والاستماع إليهم.

قاعدة بحثية

وقال الباحث بدر بن سالم العبري: إن التطرّف حالة اجتماعيّة قديمة، وهي حالة نسبيّة، بيد أنّها إذا هدّدت السّلم البشري واستقراره، وهدّدت النّفس البشرية بإفسادها وجودًا وتنعمًا وعدلًا، وكافة حقوقها الطبيعية، كما تهدّد عرضها ومالها وحرية تعقّلها وتفكيرها؛ تصبح حالة التطرف هنا أمرًا مجمعًا على ضرورة مواجهته، فكريًا وعمليًا، وقانونيًا ومدنيًا، وقد عبر عنه القرآن بالفساد في الأرض.

وأكد العبري أن الجماعات المتطرّفة وجدت لها اليوم وسائل حديثة سهلة الوصول إلى أكبر شريحة في المجتمعات، متجاوزة حدود الدول وبُعد المسافات، في الشبكة العالمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا التليجرام، والإنستجرام، والتيك توك، من خلال المقاطع القصيرة الجاذبة، والتي تُستأنس نتيجة كثرة المشاهدة، وتصبح حالة طبيعية، وإن استهجنت في الابتداء، فهناك طرق سهلة اليوم في التأثير وحتى التجنيد، أي صنع أجندات ناعمة في المجتمعات البشرية.

وقال: إن للمجتمعات البشرية اليوم، من خلال الدولة، ومؤسساتها المدنية؛ أصبح وضعها أكثر تعقيدًا في مواجهة الجماعات المتطرّفة، ولم يعد سهلًا يقتصر عند نشر الوعي العام من خلال الخطب المسجدية، أو القنوات الإعلامية الرسمية والمدنية، بل لا بد من صنع مواجهة إعلامية أعلى وأقوى مما تصنعه هذه الجماعات، وفق رؤية واستراتيجية واضحة، مع الدخول في هذه الوسائل وفق أساليبها وطرقها.

وأشار العبري إلى ضرورة وجود قاعدة بحثية استراتيجية، من قبل باحثين وخبراء في كافة الجوانب، حيث تُدرس من المجتمع المدني، ويُسهل لهم الحصول على المعلومات المهمة في ذلك، ليعطوا توجيهاتهم وخلاصة قراءتهم للمواضيع المدروسة، وعلاقتها بالجوانب الخدمية والإعلامية والخطابية والدينية والثقافية وغيرها، وطرق مواجهتها والتعامل معها، لنتجاوز الانطباعات، والقراءات الهامشية، والحلول الآنية والمؤدلجة، والتي هي أقرب إلى المسكنات منها إلى القراءات الموجدة لحلول أعمق وأجدى في حفظ المجتمعات الآمنة.

وأكد بدر العبري أنه لا بد من تجاوز علاج الطرف الواحد المتمثل في الإعلامي أو الخطيب أو الفنان أو الموجه أو المعلم أو الواعظ، فهذه الجماعات المتطرّفة تشتغل على القوى الناعمة، والنقط المتباينة، فلا بد من مواجهتها بمثلها، من خلال تكوين قوى ناعمة وتمكينها خصوصًا في الإعلام الرقمي الحر، لتنشر الوعي السلمي، والمناعة الإيجابية في مواجهة التطرف بأشكاله وتمظهراته.

أجندة شيطانية

من جانبه، قال الكاتب خميس القطيطي: إن المروجين للفكر المتطرف غالبًا ما يستغلون السُّذّج وبسطاء الفكر، وأحيانًا وللأسف الشديد يكون من بينهم بعض المؤدلجين المحسوبين على الفئة النخبوية في المجتمع، ويأتي الاستغلال المشين لتلك الفئات بتمكين الفكر المتطرف الضال في عقول تلك الفئات استثمارًا للعاطفة الدينية المذهبية والأيديولوجية، ويتم العمل عليها لإخراجها من الواقع الإنساني إلى سلوك قد تأباه وترفضه حتى البهائم، ومن المعيب هنا على الإنسان الذي فُطر على الفطرة السليمة أن يكون أسيرًا لهكذا أفكار منحرفة.

وأكد أن المشغل الذي يقوم ببرمجة هذه العقول لديه تجارب وخارطة طريق يعمل عليها لسلب هذه الفئة من عقولها، وجعلها تستسلم لتلك الأفكار الخارجة من الفطرة السليمة، وبعد أن يستغلها بالتمهيد والتحضير والبرمجة، يأتي إلى مرحلة البدء بممارسة الفعل، وهنا للأسف يكون الضحايا الأبرياء الذين يتحمل مسؤولية أي أضرار بهم إلى يوم القيامة.

وأوضح أنه ينبغي من الإنسان سويّ الفطرة أن يكون مستعدًا لمثل هذه التيارات الخبيثة المغرضة التي تعمل لأجندة شيطانية ولا إنسانية تضر بالحياة العامة والحركة الوطنية والإنسانية عمومًا.

وأشار إلى أن هناك الكثير من المداخل للسيطرة على هذه العقول، منها استغلال الجانب المظلم من الانحرافات الدينية (المذهبية) والسياسية أحيانًا، والأفكار المظلمة الناقمة التي تقضي على الأمن والسّلم المجتمعي من باب حق أُريد به باطل، ويُسَوّق هذا الفكر المنحرف المتشدد للإضرار بالمجتمع، ويستخدم الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتغذية هذا الجانب المظلم بعد تحديد الهدف الذي يتم العمل على برمجته لتنفيذ بعض الأعمال المتنافية مع الإنسانية.

وأكد القطيطي أن الأدوار الحكومية والأهلية والمجتمعية، وخصوصًا أدوار السلطات الأمنية، في إجراء مسح ومتابعة وإجراءات وقائية مهمة للغاية في مجابهة هذا الفكر الضال، كما يأتي دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من قبل أبناء الوطن الواحد، ويجب على الجهات الدينية أن تقدم أيضًا إضاءات في هذا الجانب، وهنا يظل دور المجتمع والإعلام الرسمي والخاص بارزًا في مواجهة هذه الأفكار المنحرفة.

ثقافة الحوار

وترى جواهر الشبلية المختصة في الشؤون الاجتماعية أن لظاهرة التطرف الفكري أبعادًا كثيرة (نفسية، ودينية، وثقافية، واجتماعية واقتصادية وغيرها)، لذلك فإن مسألة التصدي لها تحتاج جهدًا كبيرًا من قِبل الفرد، والأسرة، والمدرسة، والمجتمع ككل، حيث تبرز أهم الاستراتيجيات الفعالة في التصدي لهذه الظاهرة التوعية ونشر ثقافة التربية الفكرية والتفكير النقدي، وذلك من خلال غرس ثقافة الحوار والنقاش أولًا، وتعليم الفرد قبول الآخر وتقبل المختلف، كما تتم أيضًا من خلال نشر ثقافة التفكير النقدي وتعليمها للطلبة في المدارس والجامعات بالتحليل والتفسير، وعدم تقبل الأفكار بشكل أعمى، كما يجب أيضًا غرس مفاهيم التسامح والعدل من خلال خطب الجمعة والمحاضرات الثقافية واستحضارها في المناهج الدراسية.

وقالت: إن دور الأسرة يتبلور جليًا في بناء ثقة متينة بين الآباء والأبناء، حتى لا يبحث الأبناء عن بديل، وملاحظة أي تغير مفاجئ أو علامات كراهية لفئة في المجتمع أو للمختلف عنهم، وحديث الوالدين الدائم مع الأبناء بشكل متوازن ومفتوح عن كل ما يخص الدين والسياسة والمجتمع وغيره.

وبيّنت الشبلية أهمية الاعتدال في الخطاب الديني، وترسيخ الوسطية والاعتدال واحترام المختلف، والذين يجمعون في دعوتهم بين الأصالة والمعاصرة.

وقالت: إن للجهات الأمنية دورًا مهمًا من خلال تطبيق القانون ومراقبة أي مصدر لنشر الأفكار الضالة.

وأكدت أهمية تمكين الشباب، وذلك من خلال توفير فرص عمل لتقليل أوقات الفراغ والتهميش لدى الشباب، والتي تعد عوامل جذب لهذه الأفكار، وإعطائهم فرصًا للمشاركة والتعبير وصنع قرارات مجتمعية، كذلك زيادة مساحة الأنشطة والفعاليات التي تشغل أوقات فراغهم؛ فالتطرف عبارة عن خلل في هذه الجوانب يجب معالجته، ويجب وضع أمل بجانب هذا العلاج، وفرص حقيقية وواقعية.

الوعي والاحتواء

وأكدت فاطمة العمرية، عضوة بجمعية الاجتماعيين العُمانية، أن تحقيق رسالة الوعي والاحتواء التي يجب أن يتبناها كل من المجتمع والحكومة تتمثل في "أنه لا مكان للتعصب في وطن يتسع للجميع"، هذه ليست مجرد عبارة، بل رؤية وطنية يجب أن تتحول إلى واقع من خلال تضافر جهود الحكومة والمجتمع ونخبته الفكرية والثقافية.

وأوضحت أن الدور المؤسسي الحكومي يتمثل في أن تتحمل الدولة مسؤولية أساسية في توجيه المجتمع نحو الاعتدال، من خلال سياسات واضحة تُشجّع على التسامح، وتكافح خطاب الكراهية بمحاربة المسببات ومعالجة الظروف التي تُهيئ له الظهور، عبر سنّ تشريعات تُجرّم التحريض على الكراهية والتمييز، وتدعم قيم المواطنة والتسامح والتعددية وقبول الاختلاف، وتطوير المناهج التعليمية لتعزيز التفكير النقدي، وتقبّل الاختلاف، وغرس قيم الحوار منذ المراحل الأولى.

وأوضحت أهمية تفعيل دور الإعلام الرسمي ليكون منبرًا توعويًا يُسهم في بناء وعي مجتمعي مقاوم للفكر المتعصب، ودعم مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها في التوعية، والوقاية والعلاج من التعصب، وتبني برامج وقائية وعلاجية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للفئات الأكثر عرضة للاستقطاب.

وعن دور المجتمع، قالت العمرية: يمتلك المجتمع، بمؤسساته التربوية والدينية والإعلامية، دورًا محوريًا في الوقاية من الفكر المتعصب والضال، وتبدأ هذه المهمة من الأسرة، باعتبارها البيئة الأولى لتشكيل وعي الإنسان؛ فالأسرة الواعية تزرع في أبنائها قيم التفاهم والتسامح والانفتاح، بينما تخلق البيئات العنيفة أو المتسلطة أفرادًا إما خانعين أو متمردين.

كما تؤدي المؤسسات التعليمية، ودور العبادة، ووسائل الإعلام دورًا مهمًا في ترسيخ ثقافة الحوار واحترام الآخر، وتعزيز الانتماء الواعي للمجتمع، وتصحيح الأنماط الفكرية والتشوهات المعرفية، حيث تُظهر الدراسات أن بعض حالات التطرف تنشأ نتيجة "تشوهات معرفية" مثل التفكير الثنائي، والتعميم، والشعور بتدني القيمة الذاتية، وسوء الظن، تعمل هذه المؤسسات معًا وبشكل متكامل لعلاج أي أفكار غير سوية ناتجة عن الاختطاف الفكري في ظل التعرض للفضاء الرقمي المفتوح.

وأكدت فاطمة العمرية أن تحقيق الوعي والاحتواء مسؤولية جماعية، تبدأ من السياسات وتنتهي عند الفرد، حين تعمل الدولة والمجتمع بتكامل، وتتجه الرسائل التربوية والإعلامية نحو ترسيخ التسامح، وقبول الاختلاف، لنصنع وطنًا قويًا، يتسع للجميع، ويُقاوم الكراهية بالوعي، والتعصب بالعدالة، والتطرف بالانتماء والعمل الجاد المثمر.

تقبل النقد

من جانبها، قالت لطيفة البادية، مختصة في الشأن الاجتماعي: عُرف الفكر المتطرف بأنه تبني معتقدات وأفكار ومواقف تتعدى حد الاعتدال والوسطية، وتتميز بالانغلاق والتعصب والإكراه، وفي غالب الأحيان يدعو الفكر المتطرف إلى العنف والإقصاء والتشدد، مما يترتب عليه أفعال تؤثر على الفرد ومجتمعه سلبًا.

وبيّنت أن هناك مداخل بارزة تؤدي لنشوء الفكر المتطرف لدى الأجيال في هذا العصر، من بينها الجانب التعليمي والتربوي؛ حيث إن الأسباب تتعدد في هذا الجانب، ويمكن أن نذكر منها: غياب قيم التعدد والتسامح في المناهج التعليمية، وقد يؤثر المعلم بدوره في نشوء الفكر المتطرف إذا ما كان ناقلًا للأفكار المتشددة والمتعصبة، ومن جهة أخرى نجد أن طريقة التعليم التقليدية تخضع إلى التلقين الذي يرسخ الطاعة والأفعال العمياء دون أن يمحصها أو يتفكر في صحتها، فيُسهم هذا في جعل العقول تستقبل الفكرة ولا تناقشها، فتضعف مهارة الإبداع والتفكير وتبادل الأفكار بين أفراد هذا الجيل.

وأشارت البادية إلى الجانب الإعلامي والرقمي، الذي نجده يحتوي على فرص للجماعات المتطرفة لنشر محتواها وغزو فكر الجيل إذا ما سقط فريسة.

وتُعد برامج التواصل الاجتماعي أحد الوسائل التي تُنشر بها الأفكار المتطرفة بكل سهولة وبأساليب مختلفة من صور ومقاطع الفيديو، ومع كثرة التعرض لهذه الأفكار تصبح أمرًا عاديًا، بل وقد يكون مقبولًا لدى المتلقي، وهذا يُعد من أخطر وسائل تشويه الوعي لدى الأفراد، فضلًا عن أن بعض الألعاب الإلكترونية تُعد مدخلًا كبيرًا لتشكل الفكر المتطرف، لكونها أصبحت جزءًا كبيرًا من حياة الأجيال، حيث نجد بعضها يُطبع العنف والتبلد اتجاه المعاناة، وتجعله يبدو مقبولًا بل وحتى ممتعًا لتحقيق الأهداف المرجوة في اللعبة، وتجعل من اللاعب العنيف والمدمر بطلًا نبيلًا يحظى بالوصول بهذا الطريق لمراده.

وأكدت أن غياب الحوار الصحي بين الوالدين والأبناء يترتب عليه الافتقار لمهارة تقبل النقد والانفتاح، وكذلك عدم تصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم، كما أن تربية الأبناء بشكل صارم وتسلطي لا يقبل المرونة، وإهمالهم عاطفيًا، يُعد من أبرز العوامل التي تؤدي إلى نشوء الفكر المتطرف.

مقالات مشابهة

  • شرطة أبوظبي تشارك بالمعرض التوعوي لمكافحة المخدرات بمنطقة الفلاح
  • الحوكمة والشفافية.. بوابة الاستثمار الآمن
  • داخلية كوردستان تحمل بغداد مسؤولية حماية الإقليم من الهجمات المتكررة
  • كتّاب ومختصون: مواجهة الأفكار المتطرفة مسؤولية مجتمعية ومؤسسية
  • إعانة الرياضيين المرضى.. مسؤولية من؟!
  • كبار المسؤولين يعزون في وفاة عائشة الخاجة
  • الزيدي: الدبيبة يتحمل مسؤولية ما حدث لـ”عبدالمنعم المريمي”.. ويجب محاسبة المسؤولين
  • من ليبيا إلى فرنسا.. تدريب عالمي يعزز صمود النيابة العامة ضد الجرائم المالية
  • نهيان بن مبارك وكبار المسؤولين يعزون في وفاة عائشة الخاجة
  • مصدر أمني:وصول رسائل تحذيرية من جهات دولية إلى عدد من المسؤولين الإطاريين