اشتية: إسرائيل تريدنا سلطة أمنية ونحن لسنا على مقاس أحد
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن إسرائيل تريد من السلطة الفلسطينية أن تكون "سلطة أمنية إدارية"، مؤكدا أن "القيادة الفلسطينية ليست على مقاس أحد، وشرعيتها من شعبها، وصوت الشعب في صندوق الاقتراع".
جاء ذلك في كلمة اليوم الاثنين خلال افتتاح الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني.
ومؤخرا، تزايد الحديث عن شكل ودور السلطة الفلسطينية بعد الحرب على قطاع غزة، حيث ترفض إسرائيل شكل السلطة الفلسطينية الحالي في رام الله.
وتشهد رام الله وتل أبيب منذ أسابيع زيارات مكثفة لعدد من المسؤولين الأوروبيين والأميركيين.
وتدفع ثقة الإدارة الأميركية في قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وقيامها بأنشطة فعالة لمنع العديد من الهجمات على إسرائيل، إلى مناقشة إعادة تفعيل تلك القوات والأجهزة الأمنية التابعة لها للعب دور في قطاع غزة بعد الحرب، وفق تقارير نشرتها وسائل إعلام غربية وإسرائيلية.
والأسبوع الماضي، ذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية نقلا عن اشتية أن السلطة الفلسطينية تعمل مع مسؤولين أميركيين على خطة لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
ماذا تريد إسرائيل من السلطة الفلسطينية؟وفي كلمته، شدد اشتية على ضرورة تمكين السلطة من إجراء الانتخابات بما يشمل مدينة القدس، وتنفيذ برنامج الإصلاح الذي تبنته منذ سنتين.
وتابع أن "السلطة المتجددة التي تريدها إسرائيل وحلفاؤها ليست سلطتنا، إسرائيل تريد سلطة أمنية إدارية، نحن سلطة وطنية نناضل من أجل تجسيد الدولة على الأرض وصولا إلى الاستقلال وإنهاء الاحتلال".
وقال اشتية إن إسرائيل تريد سلطة بمنهاج مدرسي متعايش مع الاحتلال، مضيفا "نحن منهاجنا الوطني يقول عن القدس عاصمتنا، ويتحدث عن حق العودة، وهو منسجم مع المعايير الدولية ومبني على العلم والتعلم، ويعكس تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا".
واعتبر أن إسرائيل تريد سلطة تتخلى عن الأسرى والشهداء، متابعا "نحن نقول هؤلاء أولادنا، ونحن حكومة مسؤولة عن أبناء الشهداء والأسرى، وهم ضمير الحركة الوطنية الفلسطينية".
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد الاستعداد لمحاربة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مشددا على أن قطاع غزة سيبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب.
وأضاف نتنياهو -وفق تصريحات سربتها وسائل إعلام إسرائيلية عنه أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست- أنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة للحكم في القطاع بأي حال من الأحوال.
الحصار الماليودعا رئيس الوزراء الفلسطيني العالم إلى المساعدة على وقف العدوان وإنهاء الاحتلال، و"أن لا يدخلنا في متاهات تضييع الوقت ولا في دوامات فارغة المحتوى"، مضيفا "في غزة الوقت من دم، وفي غزة الوقت من جوع وهدم ودمار".
وأشار إلى أن المطلوب من العالم والأمم المتحدة وضع برنامج زمني ينهي الاحتلال، وينهي عذابات الشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولة فلسطين عاصمتها القدس، فضلا عن حق العودة للاجئين.
وأضاف اشتية أن هناك من يتحدث عن تجديد وتنشيط السلطة أو تعزيزها، ونحن نريد تعزيز عمل السلطة، ذلك يعني أن تستطيع العمل على أرضها ووقف العدوان واجتياحات المسجد الأقصى والمدن والمخيمات والقرى، ورفع الحصار المالي المفروض علينا، ووقف الاقتطاعات من أموالنا ووقف الاستيطان وإرهاب المستعمرين.
ويأتي حديث رئيس الوزراء الفلسطيني عن الحصار المالي في وقت تعهد فيه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بعدم تحويل أي مبلغ مالي لمن سماهم النازيين في رام الله. وكتب الوزير على منصة إكس "إذا كان هناك من يظن أننا سنحوّل شيكلا للنازيين في رام الله ليحولوه للنازيين في غزة، فهو لا يعرف أين يعيش. لن تكون هناك خدعة إسرائيلية".
وتأتي تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بعد يومين من إعلان التوصل إلى اتفاق بين السلطة وإسرائيل بشأن تحويل الاحتلال الأموال المستحقة للفلسطينيين برعاية أميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رئیس الوزراء الفلسطینی السلطة الفلسطینیة إسرائیل ترید رام الله قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون
في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.
واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of listوأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.
لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.
انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية
ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.
وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.
لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.
إعلانوأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.
ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.
يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.
ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.
بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة
ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.
لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهزويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.
ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.
دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين
ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.
إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمةوفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.
ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.
إعلانواتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.
ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".