أصدر مشروع حلول للسياسات البديلة تقريره الجديد (عدسة) والذي ناقش خلاله معدلات الادخار في مصر، وأين يستثمر المواطنون أموالهم حفاظا عليها من التضخم؟

ذكر التقرير الحديث والمعنون بـ كيف تزداد معدلات الادخار وسط التضخم؟ أن معدلات الادخار في الذهب والعقارات والمنتجات البنكية تشير إلى وجود فئات قادرة على الاستثمار رغم الوضع الاقتصادي، مثلما حدث وقت أزمة كوفيد-19 في عدد من الدول حيث ارتفعت معدلات الادخار في الطبقات الأغنى وانخفضت لدى الطبقات الأقل دخلًا، ما يشير إلى تأثيرات غير عادلة للأزمات الاقتصادية في طبقات المجتمع وأنماطها الادخارية.

الذهب.. طلب مرتفع بسعر السوق السوداء

أوضح التقرير أيضا أن النظرة التقليدية إلى الذهب كمخزن للقيمة، أدت إلى زيادة معدلات الطلب عليه خلال التسعة أشهر الأولى من 2023، وسجلت مشتريات المصريين منه خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام نحو 46.4 طنًّا في مقابل 38.5 طنًّا خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة 20.5%، وتشير معدلات شراء الذهب إلى أن هناك مدخرات لدى المصريين خارج الأوعية الرسمية المتعارف عليها.

كما أشار التقرير إلى أنه يتم تداول الذهب في مصر بسعر أعلى من السعر العالمي بنسبة 55%، حيث سجل متوسط سعره محليًّا 2760 جنيهًا (89 دولارًا) للجرام عيار 21 -الأكثر تداولًا- بدون المصنعية، في حين سجل متوسط نفس العيار عالميًّا 57.23 دولارًا للجرام بما يعادل 1765 جنيهًا، وهو ما يعني احتساب سعر الذهب محليًّا وفقًا لسعر الدولار بالسوق السوداء (48 جنيهًا).

شدد التقرير على أن الزيادة في الطلب على الذهب كوعاء ادخاري لم تقتصر عليه وامتدت إلى أوعية ادخارية أخرى، مثل العقارات والودائع المصرفية التي أظهر استطلاع محرك البحث عقارماب تصدر هذه الأوعية الثلاثة لتفضيلات المصريين للاحتفاظ بمدخراتهم. يحدث هذا مع مواصلة معدلات التضخم الصعود مسجلة نحو 40.3% في سبتمبر الماضي وهو مستوى لم تصل إليه من قبل.

العقارات.. ملاذ المدى الطويل

ووفق التقرير الجديد لمشروع حلول للسياسات البديلة يحقق الادخار في العقار عوائد تنموية محدودة للناتج القومي تتمثل في الطلب على مواد البناء والعمالة المصاحبة للإنشاء، وتنتهي القيمة المضافة للعقار بمجرد تسويقه.

وشهدت معدلات الطلب السنوي على العقار ارتفاعًا بلغ 34% في يوليو الماضي، وهو ما ترجمته أرقام مبيعات كبار الشركات العقارية في ظل غياب إحصاءات رسمية عن الحجم الإجمالي للسوق وفق بعض محللي قطاع العقارات بأحد بنوك الاستثمار.

المنتجات البنكية.. أمان أكثر بعوائد أقل

وأشار التقرير إلى أنه وبالرغم من تآكل عوائد المنتجات المصرفية أمام معدلات التضخم فإن انخفاض معدلات المخاطرة في الادخار من خلال المنتجات المصرفية مقارنة مع الأوعية الأخرى، دفع ودائع القطاع العائلي بالبنوك إلى نمو مستمر، وخاصة بالتزامن مع تحركات سعر الصرف المتبوعة بطرح منتجات تبدو مرتفعة العائد لامتصاص السيولة المحلية من السوق في إجراء تقليدي لمكافحة التضخم.

وأوضح التقرير أن الادخار في المنتجات المصرفية من أكثر الأوعية الادخارية التي تعمل بشكل مباشر على زيادة معدلات نمو الناتج القومي بإعادة استثمارها عن طريق الحكومة كاستثمارات عامة أو المقترضين (قطاع خاص).

وكانت البنوك العامة طرحت في يناير 2023 شهادات استثمار بفائدة سنوية 25%، ورغم ارتفاع سعر الفائدة على هذه الشهادات مقارنة بباقي المنتجات الأخرى فإن الفائدة عليها تعد سالبة في ظل متوسط معدل تضخم بلغ 33.7% خلال الـ10 أشهر الأولى من العام.

لماذا لدينا معدلات ادخار متدنية؟

أولًا، مستويات الدخول: تصنف مصر ضمن الدول متوسطة الدخل في مستواه الأدنى بحسب الدكتورة هبة الليثي مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: إن معدلات الادخار ترتبط بمستويات الدخول بشكل طردي.

ثانيًا، معدلات التضخم: تؤدي الارتفاعات المتواصلة في معدلات التضخم إلى تآكل القوة الشرائية للدخول، وبالتالي يتطلب الحفاظ على معدلات ادخار مرتفعة زيادة الدخول بنفس مستوى زيادة الأسعار وهو ما لا يحدث. في الوقت الذي سجل التضخم متوسطًا تجاوز الـ33% فإن الزيادات الرسمية في الرواتب تراوحت بين 15% للعاملين في القطاع الإداري، و25% لأصحاب الدخول الفئوية، مثل المعاشات وفقًا لـ"الليثي".

ثالثًا، معدلات الاكتناز (الادخار غير المنتج أو خارج القطاع الرسمي): يتم احتساب معدل الادخار على أساس المدخرات في القطاع الرسمي، وغالبًا ما يساهم القطاع المصرفي -نظرًا إلى إمكانية استثمار هذه المدخرات- في زيادة معدلات النمو، بينما لا يمكن احتساب عمليات الاكتناز ضمن معدل الادخار.

وتتعدد صور الاكتناز (الاحتفاظ بالمدخرات خارج القطاع المصرفي أو أوعية غير منتجة)، وتتمثل في مشتريات الذهب والدولرة وشراء الأصول مثل الأراضي، وهي طريقة ادخار تؤثر سلبًا في المعدل العام للادخار القابل للاستثمار.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الذهب البنوك العقارات معدلات التضخم الادخار فی

إقرأ أيضاً:

فرص وظيفية بالقطارة

راشد بن حميد الراشدي

أتعجب من أعداد أبنائنا الباحثين عن عمل، والتي بلغت عشرات الآلاف بين خريجين ومُسرّحين، وأتعجب أكثر من زيادة عدد الوافدين، الذي بلغ مليوني وافد، وأتعجب أكثر وأكثر من أن الحلول لهذه المشكلة خجولة، وأتعجب أكثر وأكثر وأكثر من أن يتنافس على وظيفة مطلوب فيها 200 شخص، 35 ألف باحث عن عمل.

شخَّص الجميع المشكلة، ونادى الجميع بالحلول، وذهب الوضع عند بعض الغيورين إلى مطالبتهم الحكومة بإسناد أمر التوظيف لهم، من أجل إيجاد حلول فورية وفعّالة تُنقذ الوطن وأبناءه من هذا الأمر الجلل، الذي لامس كل بيت في عُمان، في زهرة الشباب وبُناة المستقبل الذين قذفتهم أمواج الحياة من حولهم نحو أتون العوز والفراغ، بدون وظائف تُعينهم على مدارك الحياة.

عُمان، ولله الحمد، بلاد الثروات والإمكانيات والعقول المستنيرة بالعلم، وهي وطن التعاضد والتكاتف والهدوء والخُلق الكريم، الذي يمدحه كل الزوار على مدار العام.

فالنمو الاقتصادي للوطن، وتحقيق الفوائض المالية، وتقدُّم السلطنة في مختلف المؤشرات، يجب أن ينعكس أثره على أبناء المجتمع أولًا، ويجب أن نرى الرفاه والسعادة في كل بيت، من خلال وجود مصادر دخل ثابتة لأبناء المجتمع، فالوطن أولى بأبنائه لبنائه قبل الغريب.

مشكلة الباحثين عن عمل تُدق ناقوس الخطر، مع سماعنا لقصص كثيرة تُدمي القلب، من عائلات بذلت الغالي والنفيس في تعليم أبنائها، والنتيجة جلوسهم في البيوت بلا عمل، فأصبحوا عالة على أسرهم، ومن عائلات سُرّح القائمون عليها، فتفكك البيت، وأصبحوا عالة على المجتمع، يعتاشون على ذُلّ السؤال من أصحاب الخير والجمعيات الخيرية الأهلية.

الفرص اليوم تُعلن بالقطّارة، تتفاوت بين عشرات ومئات الفرص الوظيفية في العام، يتسابق لها علية القوم قبل فقرائهم، بينما يقف في طابور الانتظار مئات الآلاف من الباحثين عن عمل، مع زيادة نمو الوافدين، البالغ عددهم اليوم أكثر من مليوني وافد، يتسيّدون سُلّم الوظائف العالية والمتوسطة والمتدنية، وبدون رقيب في منافستهم لقوت المواطن وحقه في التوظيف والعمل في وطنه.

ومع مشكلة الباحثين عن عمل، يضطر الكثير من الشباب لضرورة إيجاد سُبل نحو تحقيق طموحاتهم، وإيجاد مصدر دخل لهم من خلال القطاع الخاص، وإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي بات العمل فيها يحمل مخاطر وتحديات، وقع فيها الشباب، وجعلتهم مديونين ومطالبين، بدل تحقيقهم أرباحًا مجزية تُعينهم وتُعين أسرهم، من خلال عوامل أوجدتها قوانين العمل وأنظمته التي خدمت الوافد، ومن خلال الرسوم المتعددة من مختلف الجهات الحكومية المترتبة عليهم، ومن خلال سوق عمل يشهد ركودًا بلا حلول مجزية تُعين رائد العمل.

نحن سمعنا وعلمنا عن مبادرات كثيرة، وحلول، وتصريحات، وبرامج، وقوانين مختلفة، نحو إيجاد حلول لمشكلة الباحثين عن عمل، منها حلول التوظيف المدعومة برواتب شهرية متدنية جدًّا، لا تكاد تسد احتياجات الشخص من مأكل ومشرب ونقل وعيش كريم. ومع كل تلك الهالات الإعلامية التي تُقام حولها، لم نجد أثرًا على الأرض؛ فآلاف الخريجين كل عام، وآلاف الباحثين تتفاقم مشاكلهم يومًا بعد آخر، فلا حلول جذرية لتلك المشكلة إلا بالإرادة الصادقة من المسؤولين عن هذا القطاع الحيوي، الذي يضمّ تحته خيرة أبناء عُمان، جيل الغد القادم، الذي يجب أن يحظى بحياة كريمة، ووظيفة مُعينة، وسعادة هانئة وسط وطنه وبين أهله.

إن الأمر عظيم في ترك هذه المشكلة بلا علاج فوري شامل، بعيدًا عن ذر الرماد في العيون بإعلانات وظيفية لا ترقى إلى حل ١% من نسبة الباحثين المتزايدة عامًا بعد عام، وإلى زيادة عدد العاملين الوافدين مقابل أبناء الوطن.

ومن خلال هذه المقالة أُقترح: تنظيم مخرجات التعليم، ورسم التخصصات المستقبلية التي يحتاجها الوطن، ولدينا قطاعات كثيرة واعدة. إيجاد قاعدة بيانات حقيقية للعاملين من الوافدين في القطاعين الخاص والحكومي، وحصر وظائفهم، وإحلالها فورًا للمواطنين الأكفاء في تلك الوظائف. إعداد الكفاءات المناسبة لإحلالها بدل الوافد في مختلف المجالات، ولمختلف القطاعات التي فيها نسبة كبيرة من الوافدين، كالقطاع الصحي، والتربوي، والجامعي، والصناعي، والتخصصي، وغيرها من قطاعات العمل. تنظيم قوانين العمل التي تخدم المواطن، وليس الوافد، وإعادة صياغتها، كقانون المستثمر الأجنبي، وقانون انتقال العامل الوافد بدون سماح الكفيل، والذي أضرّ بأصحاب العمل، فأصبحوا في عداد المسرّحين بعد أن تم إغلاق مؤسساتهم. تشجيع مجال ريادة الأعمال، بخفض الرسوم والضرائب المترتبة عليهم، ودعمهم في الخدمات الحكومية المقدمة، من إعفاءات سنوية، ورسوم، وتراخيص أثقلت كاهلهم. إقامة مشاريع كبيرة يديرها أبناء عُمان، ذوو الكفاءات المؤهلة في مختلف التخصصات. ختامًا:

أتمنى أن تكون هناك جهات تُصغي لمناشدات المواطنين، من مسؤولين، وأصحاب الشركات الكبرى، وكل من له علاقة بهذا الملف العصيب، فلقد بلغ الأمر مبلغًا عظيمًا، يجب إيجاد طرائق لحله، فليس الحل بالقطّارة، إنما الحل بسيل ماطر يسقي الأرض جفاف سنين.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وأدام عليهم نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
فالحل ليس بالقطّارة.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • «آي صاغة»: أسعار الذهب ترتفع وسط ضغوط دولية وتحوّلات في سلوك المستهلك المصري
  • وكيل عام وزارة الصحة يناقش نتائج جولته التفقدية مع “مصباح دومة”
  • بعائد شهري ثابت يصل إلى 18.5%.. شهادات الادخار في 5 بنوك مصرية خلال الإجازة
  • ارتفاع أسعار الذهب يكبح طلب البنوك المركزية في الربع الثاني
  • نائب محافظ الأقصر يبحث مع سيتشوان الصينية فرص التعاون والاستثمار المشترك
  • نائب محافظ الأقصر يبحث مع مسؤولي «سيتشوان» فرص التعاون والاستثمار المشترك
  • انخفاض أسعار الذهب والفضة بعد تثبيت الفيدرالي لسعر الفائدة
  • متحدث الوزراء: انخفاض سعر الصرف يعكس نجاح الحكومة في ضبط معدلات التضخم
  • الفيدرالي الأمريكي يثبّت أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي
  • فرص وظيفية بالقطارة