حكم حشو الأسنان بالذهب.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟ فأنا أعاني من ألم في أسناني وذهبت إلى الطبيب لمعالجتها، فأخبرني بأنه سوف يقوم بحشوها بالذهب، فما حكم ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: إن عمل حشو للأسنان المسوَّسة بأي شيء أو تركيب غطائها -الطربوش- من الذهب لا حرج فيه شرعًا؛ سواء أخذنا بمذهب من أجازه من الفقهاء، أو أخذنا بجهة الضرورة المبيحة لاستعمالهما للتداوي بحسب ما يقرره الطبيب المختص.
حث الشرع الشريف على العلاج والتداوي فهو أمر مطلوبٌ شرعًا؛ والأصل في ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وروى أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يَضَع داءً إلَّا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ» (والهَرَمُ: الكِبَر). وهذان الحديثان جاء فيهما الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة: أنَّ المطلقَ يُجرى على إطلاقه حتى يَرِد ما يُقَيده.
وفي تقرير أهمية العلاج وأنَّه مما يحتاج إليه المكلف كاحتياجه للشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد، قال الإمام عزُّ الدين ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك] اهـ.
حكم حشو الأسنان بالذهب والأدلة وأقوال الفقهاء
العلاج إذا كان مأذونًا فيه ابتداءً كانت وسائله وما يتوقف عليه مأذونًا فيها أيضًا؛ لأن القاعدة أن الإذن في الشيء إذنٌ في مُكَمِّلات مقصوده، كما في "إحكام الإحكام" لابن دقيق العيد (2/ 288، ط. مطبعة السُّنَّة المحمدية).
والأصل في استعمال الوسائل العلاجية أنها مأذون فيها ما دام أنها غير محرمةٍ في أصلها، ومع ذلك فقد أجاز جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة استخدام المحرم في التداوي؛ تنزيلًا للحاجة منزلة الضرورة، وقياسًا على الأنف المنصوص عليها في حديث عرفجة رضي الله عنه.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (6/ 362، ط. الحلبي): [إذا جدع أنفه أو أذنه أو سقط سنه، فأراد أن يتخذ سنًّا آخر: فعند الإمام يتخذ، وذلك من الفضة فقط، وعند محمد من الذهب أيضًا].
وقد نقل الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (12/ 119، ط. دار الكتب العلمية) روايةً عن الإمام أبي حنيفة بأنَّه لا يرى بأسًا في شد الأسنان بالذهب نقلًا عن صاحب "الأمالي".
وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 63، ط. دار الفكر): [وربط سن) أي: وله أيضًا اتخاذ الأنف وربط السِّن معًا، والمراد بالسِّن: الجنس الصادق بالواحد والمتعدد، (قوله: أو سقط) أي: فإذا سقطت السِّن جاز ردها وربطها بشريطٍ من ذهبٍ أو من فضةٍ.. وكذا يجوز أن يرد بدلها سنًّا من حيوانٍ مذكى] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (1/ 256، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: فيباح له الأنف والسِّن من الذهب ومن الفضة، وكذا شد السِّن العليلة بذهب وفضة جائزٌ] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 275، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يباح للذكر من ذهب (ما دعت إليه الضرورة كأنف) وإن أمكن اتخاذه من فضة.. والحكمة في الذهب أنه لا يصدأ بخلاف الفضة (وكربط سن أو أسنان به).. وهي ضرورة فأبيح كالأنف] اهـ.
والأصل في ذلك: حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه أنه قد: «قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، والإمام أحمد في "المسند"، فدلَّ الحديثُ على إباحةِ استعمال اليسير مِن الذهبِ للرجالِ عند الضرورة، كربطِ الأسنان به.
قال الخطابي في "معالم السنن" (4/ 215، ط. المطبعة العلمية): [وفيه إباحة استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان به وما جرى مجراه ممَّا لا يجري غيره فيه مجراه] اهـ.
ومِمَّا يدل على مشروعية شد الأسنان بالذهب أيضًا ما أخرجه الإمام الطبراني في "الأوسط" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن أباه سَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ، «فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يَشُدَّهَا بذهبٍ».
وقد فعله جملة من الصحابة وأصحاب الفضل والعلم، فقد روى الأثرم، عن موسى بن طلحة، وأبي جمرة الضبعي، وأبي رافع، وثابت البناني، وإسماعيل بن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله: أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وقال الإمام أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس، فلا بأس به عند الضرورة، كما في "المغني" لابن قدامة الحنبلي (3/ 46، ط. مكتبة القاهرة).
وحجة ذلك ما ذكره الإمام الترمذي في تعقيبه على حديث عرفجة، فقال: "هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة، وقد روى سلم بن زرير عن عبد الرحمن بن طرفة نحو حديث أبي الأشهب، وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم".
كما أنَّه مِمَّا يدل على مشروعية اتخاذ السن وجواز شدها بالذهب ما نقله غير واحدٍ من العلماء مما يفهم منه إجماع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على مشروعية ذلك من أنَّ سيدنا عثمان وغيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد شدُّوا أسنانهم بالذهب ولم ينكر عليهم أحدٌ في ذلك.
قال العلامة الجمال الملطي الحنفي في "المعتصر" (2/ 287، ط. عالم الكتب): [واختلف في شد الأسنان بالذهب إذا تحركت: فعن أبي حنيفة قولان: الكراهة والإباحة، وفي إباحته بالفضة قول واحد، وعن جماعة من السلف أنهم ضببوا أسنانهم بالذهب، منهم المغيرة أمير الكوفة والحسن وموسى بن طلحة وعبيد الله بن الحسن قاضي البصرة وأبو حمزة وأبو نوفل ويزيد الرِّشْكُ وغيرهم، ولا نعلم فيه خلافًا إلا ما ذكرناه عن أبي حنيفة، وقوله في الإباحة أولى لما روينا في قصة عرفجة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 379، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(و) له تعويض (أنف منه) أي من الذهب.. وقيس بالأنف السن وإن تعددت، والأنملة ولو لكل أصبع، وقد شد عثمان وغيره أسنانهم به ولم ينكره أحد، وجاز ذلك بالذهب وإن أمكن بالفضة الجائزة لذلك بالأولى؛ لأنه لا يصدأ ولا يفسد المنبت] اهـ.
ويستفاد من هذه النصوص الواردة عن الفقهاء إباحة حشو الأسنان بالذهب إذ هو إصلاح لها ورفع للضرر الذي من أجله أَذِن الشرع الشريف في استعمال الذهب؛ عملًا بالرخصة الواردة في ذلك؛ لأنه من الذهب اليسير، وفيه رفع للضرر، فمن المقرر شرعًا أنَّ "الضرر يزال"، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى: «أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (12/ 123): [(والضرورة فيما روي لم تندفع في الأنف دونه حيث أنتن) ش: يعني لما كانت الإباحة للضرورة، والضرورة لم تندفع في حديث عرفجة رضي الله عنه دونه، أي دون الذهب؛ لأنه أنتن، فلذلك أمره بالذهب، ومسألة الأنف على الاتفاق إذا أنتن أو خيف ذلك، وأما تضبيب الأسنان فتحال عن هذا القدر، وقال تاج الشريعة: يعني أن الضرورة لم تندفع بالفضة؛ لما روي من النتن ولو كان كذلك فأبو حنيفة يُجَوِّز ذلك أيضًا، هكذا أشار إليه محمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "السير الكبير"] اهـ.
وقال الشيخ الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 63): [قال ابن مرزوق: ما ذكره من جواز اتخاذ الأنف وربط الأسنان بالذهب والفضة صحيح بحسب القياس، لكن نصوص المذهب إنما هي في إباحة الذهب لذلك، ولم يذكروا الفضة إلا ما وقع في بعض نسخ ابن الحاجب، وقد يقال: إنما جاز ذلك في الذهب للضرورة إليه لما فيه من الخاصية -وهي عدم النتن- دون الفضة] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 96، ط. دار الكتب العلمية): [والحكمة في الذهب أنه لا يصدأ إذا كان خالصًا بخلاف الفضة، (و) إلا (الأنملة) فإنه يجوز اتخاذها لمَن قطعت منه ولو لكل أصبع من الذهب قياسًا على الأنف] اهـ.
وقال الإمام الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 93-94، ط. المكتب الإسلامي): [(و) يباح لذكر من ذهب (ما دعت إليه ضرورة كأنف) وإن أمكن اتخاذه من فضة.. والحكمة في الذهب أنه لا يصدأ بخلاف الفضة] اهـ.
وتخصيص الذهب بذلك مقيَّدٌ بعدم وجود غيره من المواد أو العناصر التي تحل محل الذهب وتكون أقل كلفة منه وأطول مدة، مع التحقق من عدم وجود ضررٍ في استخدام غيره من المواد على حسب ما يقرره أهل الاختصاص، فإن كان سيترتب على استخدام غيره ضررٌ مُحَقَّق أو غالب على الظن، فإنه حينئذٍ يكون هذا العلاج ممنوعًا، ويتوجب استخدام الذهب درءًا للضرر وإزالةً له إن كان واقعًا؛ عملًا بالقاعدة الشرعية المقررة من أن "الضرر يزال"، قال الإمام البَغَوي في "شرح السُّنَّة" (12/ 147، ط. المكتب الإسلامي): [والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورًا] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وآله وسلم دار الکتب العلمیة اهـ وقال الإمام رضی الله عنه قال الإمام الحنفی فی فی الذهب من الذهب ن الذهب
إقرأ أيضاً:
الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟
ورد سؤال لدار الإفتاء، جاء مضمونه: «كيف يتم تقسيم ذهب الأم المتوفَّاة؟ وهل يجوز للبنات إعطاء مقابله مالًا لشقيقهم الذكر؟ وما حكم اعتقاد البعض أن الذهب من حق البنات فقط؟».
الإفتاء تحسم الجدل حول هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟وجاء رد دار الإفتاء على النحو الآتي:
وقالت دار الإفتاء: ذَهَبُ الأم المتوفَّاة ملكٌ لها وتركةٌ عنها تقسم بعد وفاتها على جميع ورثتها الشرعيين كلٌّ حسب نصيبه الشرعي، لأن التركة هي كلُّ ما تركه الميت من الأموال خاليًا عن تَعَلُّقِ حَقِّ الغَير بعينٍ من الأموال، كما جاء في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (7/ 350 ط. دار الفكر) نقلًا عن «شروح السراجية»، وعرَّفها الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في «مواهب الجليل» (6/ 406، ط. دار الفكر) بأنها: «تُرَاثه، وهو الميراث، وضبطه بعضهم بأنه حقٌّ قابِلٌ للتجزِّي ثَبَت لمستحقٍّ بعد موتِ مَن كان له، لوجود قرابة بينهما أو ما في معناها»، وعرَّفها الإمام أبو البقاء الدَّمِيرِي الشافعي في «النجم الوهاج» (6/ 111، ط. دار المنهاج) بأنها: «ما يخلفه الميت»، وعرَّفها الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في «شرح منتهى الإرادات» (2/ 499، ط. عالم الكتب) بأنها: «الحق الْمُخَلَّف عن الميت».
وأضافت: وإذا كان الذهب الذي تركته الأم ملكًا لها فهو إذَن تركة عنها وليس ملكًا للبنات وحدهن إلا إذا كانت الأم قد أوصت لبناتها بهذا الذهب كله أو بعضه، فإنه حينئذٍ يكون وصيةً.
وتابعت: والوصية تنعقد شرعًا إما باللفظ أو بالكتابة، لكن لا تسمع دعوى الوصية عند الإنكار بعد وفاة الموصي، إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفَّى، وعليها إمضاؤه، طبقًا للمادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م.
واستطردت: وإن لم تكن الوصية مكتوبة على النحو السابق بأن كانت شفهية أو نحو ذلك، فإذا أقر الورثة جميعًا بصحة نسبتها للموصي فهي صحيحة نافذة في حقهم، وإن أقر بصحتها بعضُهم دون الآخرين فهي صحيحة نافذة في حق من أقرها فقط، وتنفذ في حدود نصيب من أقر بها.
وقالت: وفي كل حال فإن الوصية تنفذ في حدود ثلث التركة، فإذا زادت عن الثلث فهذه الزيادة تحتاج إلى إجازة الورثة، فإن أجازها جميعُ الورثة نفذت في حقهم جميعًا، وإن أجازها بعض الورثة ورفضها البعض الآخر نفذت الزيادة في حق من أجازها فقط، ثم تقسم باقي التركة بين جميع الورثة كلٌّ حسب نصيبه.
وهو ما نصَّ عليه القانون المذكور في المادة (37- الفقرة الأولى) منه: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ مِن غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.
واختتمت: وبخصوص أخذ البنات ذهب الأم المتوفَّاة وإعطاء مقابله مالًا لشقيقهم الذكر، وظنِّ البعض أن الذهب من حق البنات فقط، فإنه قد تقرر أن ذهب الأم المتوفَّاة يُعدُّ جزءًا من تركتها، فيقسم بين الورثة جميعًا قسمة الميراث كلٌّ حسب نصيبه الشرعى، ولا سبيل لانفراد بنات المرأة المتوفَّاة به دون أبنائها الذكور، إلا إذا تم التراضي بينهم على ذلك، سواء بالتنازل عنه لهن أو بدفع قيمة ما زاد عن حقهن في الميراث في هذا الذهب.
ما يظنه البعض من أن الذهب من حق البنات فقط ظن غير صحيح، ولا يترتب عليه أى أثر شرعيّ.
اقرأ أيضاًدار الإفتاء تحذر من «البشعة»: ممارسة محرمة شرعًا وتعرّض الإنسان للأذى
الحكم الشرعي في من أمسك بالمصحف «ناسيا» وقرأ القرآن وهو على غير طهارة
الإفتاء تحتفل بمرور 130 عامًا على مسيرة الفتوى الرشيدة والعطاء المؤسسي