الكوفية الفلسطينية تكسر ركود الأسواق في اليمن... مكاسب للمنتجين والتجار
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
انتعشت في اليمن صناعة وتجارة الكوفيات والأعلام الفلسطينية، مع إقبال المواطنين على شرائها تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وذلك بالتزامن مع حملات واسعة لمقاطعة سلع الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الوحشي على قطاع غزة واعتداءاته على الضفة الغربية المحتلة.
وينتشر الباعة الجائلون بالأعلام الفلسطينية في شوارع وأحياء مختلف المدن اليمنية، حيث يعمد المشترون إلى رفعها على أسطح المنازل وواجهات المحال التجارية وعلى السيارات والمركبات إلى جانب العلم اليمني.
يقول البائع العشريني أصيل حمود، الذي يتجول في شوارع صنعاء لبيع الأعلام والكوفية الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، إن مبيعاته كغيره من الباعة تصل إلى ذروتها كل جمعة بسبب التظاهرات الشعبية التي تجرى في ميدان السبعين، إذ لا تقل مبيعاته في هذا اليوم عن 3000 قطعة ما بين أعلام وشالات، بينما تفاوتت المبيعات في الأيام الأخرى بين 50 و100 قطعة، خصوصاً في الشهر الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وانتقل الرواج إلى معامل ومشاغل الخياطة، التي نشطت في حياكة الكوفية الفلسطينية، التي وجدت قبولاً بجانب الأزياء الشعبية الرجالية اليمنية. ويؤكد عدد من التجار والمهنيين والحرفيين وملاك مشاغل عاملة في مجال الخياطة أن سوق بيع الأعلام والشالات (الكوفيات) الفلسطينية شهدت انتعاشاً ورواجاً وإقبالاً كبيراً من اليمنيين على شرائها، ما دفعهم للعمل في إنتاجها، حيث ساهمت بشكل لافت في تحريك الأسواق المحلية التي كانت تمر بحالة ركود منذ فترة قبل العدوان الإسرائيلي على غزة.
يقول ماهر الدبعي، مالك مشغل خياطة في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إن الكوفيات والأعلام الفلسطينية ساهمت في انتعاش أعمالهم التي كانت تمر بحالة ركود منذ أشهر. ويضيف أن الحركة كانت واسعة خلال أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين، إذ كان هناك إقبال كبير على الأعلام والكوفيات الفلسطينية، إذ ساهمت هذه المعامل والمشاغل في توفير احتياجات عشرات الباعة الجائلين الذين انتشروا في الأسواق لبيع الأعلام ومنتجات أخرى عليها ملصقات العلم أو الكوفية الفلسطينية. في حين يشير فهد محسن؛ العامل في مشغل خياطة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى تجاوز كمية الإنتاج منها أكثر من 5 آلاف قطعة في اليوم الواحد.
فضلاً عن استغلال عدد من الأنشطة الإنتاجية والمشاريع الصغيرة لهذا الرواج الواسع والتضامن الشعبي اللافت في اليمن مع الشعب الفلسطيني وقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي متواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يُلاحظ انتشار منتجات عطرية كالبخور وغيره بأسماء مثل غزة و"طوفان الأقصى".
ويتزامن هذا الرواج مع انتشار حملات مقاطعة منتجات الدول الداعمة لإسرائيل التي أفادت صغار المنتجين في العديد من المجالات لتغطية جزء من حصة السلع التي طاولتها المقاطعة. واستغلت العديد من الشركات والمصانع المحلية زخم الإقبال على العلم والكوفيات الفلسطينية في القيام بوضع صورها على منتجاتهم كما لاحظ "العربي الجديد" ذلك على عدد من المنتجات مثل المياه المعدنية والعصائر والمشروبات والحلويات.
يتحدث في هذا الخصوص إبراهيم فيصل، وهو موظف تسويق في إحدى الشركات التجارية والصناعية، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن هناك استثماراً في الاهتمام الشعبي الواسع بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي يساعد في الترويج لمنتجات مختلف الشركات وازدهار الحركة في الأسواق.
ولم يقتصر الرواج على صناعة وبيع الأعلام والكوفيات الفلسطينية وإنما أيضاً امتد إلى أنواع من الأزياء الشعبية اليمنية، حيث اتجه مهنيون وحرفيون إلى رسم الكوفية الفلسطينية وصور المتحدث الرسمي لكتائب القسام أبو عبيدة الذي يغطي وجه بالكوفية على "أحزمة الجنابي" التي ينتجونها في مشاغلهم ومعاملهم الحرفية كنوع من الترويج والتسويق لزيادة مبيعات منتجاتهم التي تعتبر من التقاليد والأزياء الشعبية الرجالية المعروفة في اليمن.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الکوفیة الفلسطینیة العربی الجدید فی الیمن
إقرأ أيضاً:
معاملة عادلة وحب غير متساو.. متلازمة الطفل المفضل تكسر قلوب الأبناء
"أنت تحب أخي أكثر مني!" عبارة كهذه قد تهز مشاعر أي أب أو أُم، خاصة عندما تصدر عن طفل يشعر بأنه أقل أهمية. فرغم حرص معظم الآباء والأمهات على معاملة أبنائهم بعدل، واقتناعهم بأن مشاعر الحب موزعة بالتساوي بينهم، فإن الواقع قد يكشف عن فروقات عاطفية تحدث غالبًا دون قصد أو وعي.
ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "أبينيو" الألمانية لقياس الرأي، بمناسبة عيد الأم، أقر 18% من المشاركين بأن لديهم طفلًا مفضلًا. هذه النتيجة لا تُدهش سوزانه دول-هينتشكر، أستاذة علم النفس الإكلينيكي والعلاج النفسي في جامعة فرانكفورت للعلوم التطبيقية، إذ تقول إن الآباء يميلون، منذ اللحظات الأولى بعد ولادة الطفل، إلى البحث عن أوجه الشبه بينهم وبين المولود الجديد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2السكر ليس السبب الوحيد.. لماذا يفرط الأطفال في الحركة قبل النوم؟list 2 of 2فقدت أمها وهربت من الموت.. الطفلة سجود تقود أسرتها بخيام غزةend of listوتوضح أنه "نوع من الإسقاط النفسي، فعندما يرى الوالدان أنفسهما في طفلهما، فإن ذلك ينعكس على طريقة تعاملهما معه".
إن أوجه التشابه أو الاختلاف في الطباع، والاهتمامات، وحتى في الأدوار الأسرية، تلعب دورا كبيرا في تشكيل علاقة خاصة بين أحد الوالدين وأحد الأبناء. تقول فابين بيكر-شتول، مديرة المعهد الحكومي لتعليم الطفولة المبكرة والكفاءة الإعلامية في أمبرغ: "بعض الأطفال يتمتعون بطباع هادئة، بينما يكون الآخرون أكثر تطلبًا. كما أن هناك مراحل عمرية يصبح فيها من الصعب على الوالدين فهم سلوك الطفل أو التعامل معه".
وتضيف أنه في مثل هذه المراحل -كأن يرفض الطفل أداء واجباته المدرسية- قد يشعر الوالدان بالنفور من المساعدة، وهو أمر طبيعي. المهم هو أن يدرك الأهل أن مسؤولية بناء علاقة متوازنة تقع على عاتقهم وليس على الطفل.
وتؤكد: "يجب أن يشعر الطفل بأنه محبوب بلا شروط"، فالعلاقة الآمنة مع الوالدين تعزز الثقة بالنفس، وتمنع شعور الطفل بأنه أقل حبًّا من شقيقه في فترات يكون فيها الأخير محطا لاهتمام خاص بسبب ظروف معينة.
إعلانمن جانبها، تشير دول-هينتشكر إلى أن "المعاملة غير المتساوية أمر لا مفر منه"، لأن لكل طفل احتياجات مختلفة. وتعطي مثالًا: "من غير المنطقي معاملة طفل يبلغ عامين كما لو كان عمره 4 سنوات"، لكنها تؤكد أن شرح أسباب هذا التفاوت للأطفال يُساعد على تقبله.
ومع ذلك، تحذر من أن التفاوت المؤقت لا يجب أن يتحول إلى تفضيل دائم، فالطفل الذي يلاحظ أن شقيقه يحظى دائمًا بالمزيد من الحنان والرعاية قد يتأذى نفسيا بشدة.
تحذر أنيا ليباخ-إنغيلهارت، أستاذة علم النفس النمائي والتربوي في جامعة "بي إف إتش" (PFH) الخاصة في غوتنغن، قائلة: "عندما يشعر الطفل بالإقصاء أو الإهمال بشكل دائم، فإن هذا يؤثر سلبًا على تقديره لذاته وصورته عن نفسه".
ولا يقتصر الضرر على الطفل المُهمش فقط، بل حتى الطفل المُفضل قد يتحمل أعباء غير متوقعة، وتوضح إنغيلهارت: "في كثير من الأحيان، يُكلف الطفل المُفضل بمسؤوليات إضافية تتعلق برعاية الوالدين".
أما عن الأسباب التي قد تجعل طفلا مفضلا، فتقول إن ترتيب الولادة يلعب دورًا في ذلك. "فغالبا ما يحظى الطفل البكر باهتمام خاص، كونه الأول، لكنه أيضا يُطالَب بمزيد من المسؤولية". كما أن الطفل الأصغر قد يحظى برعاية استثنائية، في حين يعاني أطفال الوسط من الإهمال النسبي.
ويبدو أن الجنس يلعب دورا أيضا، وفقا لتحليل شمولي نُشر عام 2024 من قِبل الجمعية الأميركية لعلم النفس، استنادا إلى بيانات من حوالي 20 ألف شخص. وخلص التحليل إلى أن الآباء قد يُظهرون ميلًا لتفضيل البنات، وكذلك الأطفال المتعاونين أو الذين يتسمون بالضمير الحي.
وتشير نتائج التحليل إلى أن الأطفال الذين يحصلون على معاملة تفضيلية يميلون إلى التمتع بصحة نفسية أفضل، ومعدلات أقل من السلوكيات المشكِلة، ونجاح دراسي أكبر، وتنظيم ذاتي أفضل، وعلاقات اجتماعية أكثر صحة. كما أن البيانات تدعم العكس تمامًا بالنسبة للأطفال الذين لم يحظوا بهذه المعاملة.
وكتب الباحثون: "المعاملة التفاضلية من قبل الوالدين لها آثار واضحة ومتميزة تتجاوز تأثيرات التربية العامة. وهذا يعني أن نتائجها -سلبية أو إيجابية- لا ترتبط بجودة الأبوة بقدر ما ترتبط بالاختلاف في أسلوب التعامل مع كل طفل على حدة".
وغالبًا لا يكون هذا التفضيل مقصودا. ومع ذلك، فإن الاعتراف بأن جودة العلاقة تختلف بين الأبناء لا يزال من المحرمات بالنسبة للعديد من الآباء، وبالتالي يتم إنكاره في الاستطلاعات العلنية، حسب ليباخ- إنغيلهارت.
لكنها توضح أن هناك دراسات عديدة تثبت أن التفضيل اللاواعي موجود فعليا، ويتجلى مثلا في منح طفل معين مزيدًا من الانتباه أو التساهل أو الثناء.
فماذا يفعل الأب أو الأم إذا لاحظ أنه أقرب عاطفيا إلى أحد أبنائه؟ إذا كان من السهل التحدث مع طفل معين، أو أنه أكثر حنانًا؟ تنصح ليباخ-إنغيلهارت بالبدء بـ"الصدق مع النفس والتأمل الذاتي".
وتقترح أن يسأل الوالدان أنفسهما: كيف أتحدث مع كل طفل؟ كم من الوقت أقضيه مع كل منهم؟ ما الذي يُزعجني أو يُقلقني أو يُخيب أملي فيهم؟ وما الذي أقدّره لديهم؟
إعلانثم تأتي الخطوة التالية، وهي: لماذا أمنح طفلا معينًا اهتمامًا أو تساهلًا أكثر؟ هل يتكرر ذلك؟ وكيف أستطيع موازنة الأمور؟ كأن أوزع الوقت والاهتمام بشكل واعٍ، أو أن يتفاعل كل والد مع كل طفل على حدة من وقت لآخر.
وتقول إن "المعاملة العادلة لا تعني بالضرورة المعاملة المتساوية، بل أن تكون منصفة وتراعي اختلاف الاحتياجات".
ولا تقتصر آثار التفضيل على الطفل نفسه، بل تمتد إلى العلاقة بين الإخوة، فالغيرة والتنافس والشعور بالذنب قد تضر بشكل كبير بروابط الأخوّة. وقد يجد الأطفال أنفسهم في أدوار مفروضة عليهم دون اختيار.
وتختتم دول-هينتشكر بالقول: "بعض علاقات الإخوة تتضرر تماما بسبب هذا التفضيل، وربما تظل متوترة مدى الحياة".
ومع ذلك، تؤمن بيكر-شتول بإمكانية الشفاء العاطفي إذا أُتيح المجال لحوار صريح بين الأهل والأبناء، وإذا اعترف الوالدان بالألم الذي تسبب فيه التفضيل، خاصة لدى الطفل الذي عانى من التهميش.
وتضيف أن تحمّل المسؤولية عن العلاقة مع كل طفل، وطرح سؤال بسيط: "ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين هذه العلاقة؟"، يُعتبر خطوة مهمة لرؤية كل طفل وحده، واحترام مشاعره وأخذه على محمل الجد.