شاهد: فلسطينيون في غزة يروون كيف تغيرت حياتهم بشكل كامل جرّاء الحرب
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
حولت الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس حياة سكانه إلى صراع دائم للبحث عن أبسط مقومات الحياة من طعام ومياه وحتى الحمام.
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر نتيجة هجوم غير مسبوق نفذته الحركة الفلسطينية على إسرائيل من قطاع غزة وأسفر عن مقتل 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين قضى غالبيتهم في اليوم الأول، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل على الهجوم الأسوأ في تاريخها بعملية جوية وبرية على غزة، وتعهدت القضاء على حركة حماس.
قتل في الرد الإسرائيلي ما لا يقل عن 20057 شخصا بحسب حكومة حماس.
ونزح نحو 1,9 مليون شخص في قطاع غزة منذ بدء الحرب أي 85 % من السكان.
فيما يأتي تروي ثلاث نساء في قطاع غزة لوكالة فرانس برس كيف فرضت الحرب عليهن واقعا جديدا.
الطبيبة نور الوحيدي (24 عاما)مكثت الطبيبة نور 38 يوما في مستشفى الشفاء في مدينة غزة بعد بداية الحرب، لتضطر للنزوح بعدها إلى رفح في جنوب القطاع.
وتعمل حاليا في قسم الاستقبال والطوارئ في المستشفى الكويتي في مدينة رفح.
تروي نور كيف عملت لمدة 38 يوما متواصلا، وتقول لوكالة فرانس برس "لم أذهب للبيت إطلاقا، تمت محاصرة المستشفى فنزحت في اليوم ال38 (..) منذ أكثر من شهر".
تؤكد نور وجود "اختلاف شاسع بين حياتي السابقة في بيتي حيث جميع مقومات الحياة متوافرة، وبين وجودي في مكان غريب بدون مواد غذائية أو مياه، أي مقومات الوضع كارثي، إنسانيا واقتصاديا ومعيشيا وصحيا".
وتقول إنها تقيم في رفح الآن مع "أكثر من عشرين شخصا في شقة صغيرة جدا، المكان لا يتسع للجميع. بقيت عائلتي من جهة والدتي في مدرسة تابعة للأونروا، أما باقي عائلتي، جدتي وعمي وعمتي فما زالوا في غزة للأسف والاتصال بهم منقطع، مستودعينهم الله".
وتضيف "كل يوم، أشاهد قصص معاناة لم أكن يوما اتخيل مشاهدتها. وسائل الراحة ليست متوافرة، لا يمكنني أن ارتاح وأنام بعد الدوام، عدد الموجودين في البيت كبير".
لكنها توضح "نحن أفضل من غيرنا" مشيرة إلى أنها بعد تركها العمل "أعود للبيت (..) أطبخ معهم على النار وأقوم بإشعال النار، أقوم بالغسيل على يدي حين تتوافر المياه".
وتلاحظ "أصبحنا نفكر في إمدادات الطعام والشراب والمياه وشحن الهواتف النقالة وغيرها. أشياء لم نفكر بها يوما. نفكر كيف نحيا".
وتشير نور إلى أنها "عملت خلال العامين الماضيين اثناء تصعيدات عسكرية لكن هذه الحرب مختلفة في كل شيء" موضحة "المدة طويلة وعدد الشهداء ونوع الإصابات لم يمر من قبل بسبب شدتها والنزوح".
نزوح مستمر لسكان غزة بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء جديد من مناطق بوسط القطاعمسيحيون فلسطينيون بالمهجر يجهلون مصير عائلاتهم في قطاع غزةوتروي أنها كانت خلال نزوحها "كنت أسير في الشوارع وأنا في حالة صدمة. لم أتخيل حجم هذه الحرب" مشيرة إلى أن الحرب "خلقت من كل شخص فينا شخصا مختلفا تماما. لا نستحق هذه الحياة، لا أحد يجب أن يعيش هذه الحياة".
وبعد الحرب، تؤكد نور أن "الجميع يفكر بالسفر لأن البلد لم يتبق فيها شيء. لا بشر ولا حجر ولا شجر".
وكانت نور تفكر قبل الحرب بالسفر لإكمال دراستها وتؤكد الآن "الحرب شجعتني على ذلك وإذا نجوت (..) لكن في النهاية هذه بلدي وسأعود اليها".
ربة العائلة سندس البايض (32 عاما)تؤكد سندس البايض وهي الأم لثلاثة أطفال أن حياتها "انقلبت 180 درجة" منذ بدء الحرب .
وتعيش سندس الآن في خيمة صغيرة أمام المستشفى الكويتي في مدينة رفح، تتذكر حياتها السابقة قائلة "حياتنا قبل الحرب كانت مستقرة وسعيدة. كان يوجد كل شيء في منزلي. كنت أقيم في شقة في مبنى يعود لعائلة زوجي. وأطفالي يذهبون للمدارس" موضحة أنها تشتاق لروتينها اليومي.
وتتابع "روتين حياتي اليومي إيقاظ أطفالي صباحا للمدرسة وتجهيزهم وتحضير الطعام قبل النوم مرة اخرى ثم شرب القهوة مع زوجي (..) حياة بسيطة ومستقرة ليتها تعود".
أما اليوم فتشير السيدة المتزوجة من صحافي إلى أن نزوحها مع أطفالها تم على مراحل، بينما بقي زوجها في غزة في البداية. وتوضح أنها مكثت في دير البلح لأكثر من أسبوعين لكن "اصحاب المنزل خافوا من وجودي لأن زوجي صحافي وهم يعتقدون أن الصحافيين مستهدفون، بكيت بشدة لم أعرف ماذا سأفعل" وطلبوا منها المغادرة.
وبعدها توجهت إلى خان يونس ثم فرت مرة أخرى إلى رفح.
وتوضح "الاستحمام صعب جدا وبماء بارد. أغسل في وعاء بلاستيكي" مشيرة إلى أنه "لا يوجد خبز. ونحضر وجبات غذائية لكن الأطفال يرفضون أكلها. الأكل سيء جدا وملوث. ونعتمد على الخضار وبعض المعلبات" ما تسبب لهم بأعراض معوية حادة.
وتضيف "هذه الحرب أرهقتنا نفسيا بشدة. أطفالي سلوكهم تغير وأصبحنا جميعا بمزاج حاد. جميعنا بحاجة لعلاج نفسي بعد الحرب".
وتؤكد سندس أنها اتفقت مع زوجها على البقاء "نحن متعلقون بعائلاتنا. الغربة صعبة وفراق الأهل والذكريات صعب".
تحلم سندس بالعودة إلى منزلها مؤكدة "اتمنى أن نعود لمنزلنا وألا نضطر للجوء خارج غزة ان شاء الله. حال عدنا إلى بيوتنا سنسافر مع اطفالنا للنقاهة والترفيه لشهر أو عدة شهور لترميم نفسيتنا".
التلميذة لين روك (17 عاما)تعيش لين حاليا في خيمة مع والديها وشقيقها وأربع شقيقات وابنة أحداهن. ولين طالبة في السنة الأخيرة من المدرسة كانت تحلم بدراسة الصحافة.
وتوضح "حياتي كانت روتينية لدرجة أنني كنت أتذمر منها. الحرب غيرت كل شيء. أصبحت أتمنى العودة لحياتي التي لم تكن تعجبني".
فرت عائلة لين من بيتها في خان يونس في اليوم الثاني لاندلاع الحرب "صورنا البيت ونحن نبكي، غادرنا لمنزل اختي لكنه لم يكن آمنا ايضا فنزحنا لمستشفى ناصر" في خان يونس.
وتروي "كنت اعتقد أننا سنعود إلى المنزل بعد أسبوع كحد أقصى. مر أكثر من سبعين يوما ولم نعد بعد".
رفضت لين الأكل والشرب في البداية "حتى لا اضطر للذهاب إلى الحمام. الحمامات قذرة وعليها طوابير طويلة" ومرضت مرات عدة.
تغطية مستمرة: الجيش الإسرائيلي يعلن أن عدد قتلاه في قطاع غزة بلغ 152 جندياتفاصيل القرار الذي تبناه مجلس الأمن بخصوص زيادة المساعدات الإنسانية لغزةفقدت لين الوعي في أحد المرات مشيرة إلى أنه تم نقلها لقسم الطوارئ.
وتتابع "لم أتوقع أن اعيش هذه الحياة. في منزلنا أربعة حمامات" مؤكدة أنها فقدت 7 كيلوغرامات من وزنها في هذه الحرب.
وتوضح لين أن العائلة تعيش على "أكل الزعتر والمعلبات. من الصعب توفير الخبز".
الاستحمام والذهاب إلى الحمام أصبحا "معاناة. دخول الحمام كأنه سفر لأن المسافة بعيدة".
وتضيف "كنت استحم يوميا قبل الحرب. والآن إذا حالفني الحظ استحم مرة واحدة في المسجد وبمياه باردة. اغسل شعري في المغاسل المخصصة للوضوء ثم اغسل جسمي في الحمام".
وتشير الفتاة وهي تبكي "أشعر بالحسرة لأنني سأفقد وكل الطلاب، هذا العام من حياتنا. لا اعتقد أننا سنعود إلى المدارس".
وتضيف "كنت متحمسة لإنهاء المدرسة بتفوق حتى أسافر وأكمل حلمي" متابعة "كل ما اتمناه الآن أن يعود الجميع لمنازلهم وأن أعود لمنزلي ويكون ما زال موجودا".
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: موظفون في مطار جنيف يضربون عن العمل بسبب نزاع مع شركة "دناتا" الإماراتية غارات تركية في العراق وسوريا بعد مقتل 12 جندياً تركياً خلال يومين واشنطن تقول إن إيران أطلقت المسيّرة التي هاجمت سفينة "مرتبطة بإسرائيل" قبالة سواحل الهند إسرائيل طوفان الأقصى غزة حركة حماس فلسطينالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل طوفان الأقصى غزة حركة حماس فلسطين إسرائيل غزة عيد الميلاد فرنسا العراق الهند فلسطين النيجر تركيا بوركينا فاسو فيضانات سيول إسرائيل غزة عيد الميلاد فرنسا العراق الهند یعرض الآن Next فی قطاع غزة هذه الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل تنجح هجمة أوروبا على إسرائيل في وقف الحرب؟
"يسعدني أن هناك اليوم عددًا متزايدًا من الأميركيين الذين سيفهمون ما فعلت، وربما يرونه أكثر الأفعال عقلانية"، هكذا عقّب إلياس رودريغيز على عملية إطلاق النار التي نفذها ضد موظفي السفارة "الإسرائيلية" في الولايات المتحدة، والتي يرى الكثيرون أنها أتت في سياق رأي عام غربي يتصاعد في رفضه حرب الإبادة، ويترافق مع مواقف رسمية أوروبية ضاغطة على "إسرائيل" مؤخرًا.
مواقف مستجدةشهدت الأسابيع الماضية تصعيدًا ملحوظًا في خطاب ومواقف أوروبية ضد "إسرائيل" على خلفية استمرار عدوانها على غزة وبشكل أكثر دقة بسبب منعها دخول المساعدات للقطاع على مدى ما يقرب من ثلاثة أشهر.
فقد أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني بيانًا مشتركًا هددوا فيه بعدم الوقوف "مكتوفي الأيدي" إزاء ما عدّوه "أفعالًا مشينة" ترتكبها حكومة نتنياهو، ملوّحين باتخاذ "إجراءات عقابية ملموسة" ضدها، إذ لم توقف العملية العسكرية وتسمح بإدخال المساعدات فورًا وبكميات كافية.
كما طالبها وزراء خارجية 22 دولة، في مقدمتها ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، "بالسماح بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري" تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، في رفض علني ومباشر الآليةَ التي اقترحتها بالتعاون مع واشنطن.
إعلانكما وصف وزير خارجية بريطانيا الحصار المفروض على غزة بأنه "غير أخلاقي ولا يمكن تبريره"، معلنًا تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة مع "إسرائيل"، وفرض عقوبات على منظّمات ومستوطنين متورّطين بالعنف في الضفة الغربية.
وفي تصعيد أوروبي غير مسبوق، بدأ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مناقشة دعوات قدّمتها عدة دول لتعليق اتّفاقية الشراكة بين الاتحاد و"إسرائيل"، في ظلّ أحاديث عن دعم أغلبية الأعضاء.
كما أكّد ماكرون أن "كل الخيارات مطروحة" للضغط على "إسرائيل" لوقف الحرب وإدخال المساعدات، مع التلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ووصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "إسرائيل" بـ "دولة الإبادة"، رافضًا التعامل التجاري معها.
قبل ذلك، كانت ست دول أوروبية، هي أيرلندا، وإسبانيا، وسلوفينيا، ولوكسمبورغ، والنرويج، وآيسلندا، قد أصدرت بيانًا مشتركًا عدّت فيه مساعي "إسرائيل" لتهجير سكان غزة "ترحيلًا قسريًا، وجريمة بموجب القانون الدولي"، منتقدة تعمّد منع دخول المساعدات.
على الجانب الآخر من الأطلسي، تواترت تصريحات أميركية بأن ترامب "يريد وقف الحرب"، في خلاف شبه علني مع نتنياهو، كما أجّل وزير الدفاع الأميركي زيارة كانت مقررة لـ "إسرائيل"، وأكد أكثر من مصدر أميركي أن إدارة ترامب مستمرة في تواصلها المباشر مع حركة حماس، رغم اعتراض نتنياهو، فضلًا عن خلافات علنية بين الجانبين بخصوص المفاوضات الأميركية – الإيرانية وطريقة التعامل مع الحوثيين.
يضاف كل ذلك إلى الحركة الطلابية في الجامعات الأميركية التي ما زالت عالية السقف ضد الحرب، وضد ترهيب الطلاب المتضامنين مع الفلسطينيين.
ويرى الكثيرون أن العملية التي نفذها رودريغيز تأتي في سياق الرأي العام الغاضب من استمرار الإبادة والتجويع، لا سيما أنها أتت من شخص غير عربي أو مسلم، فضلًا عن تعليمه وثقافته واطّلاعه على القضية الفلسطينية وحرب الإبادة بكامل تفاصيلها، وحديثه الملموس عن "المسؤولية الإنسانية"، و"تواطؤ الحكومة الأميركية"، واستمرار دعمها حكومة الاحتلال.
إعلان الدوافعلا يمكن النظر للمواقف الأوروبية على أنها مواقف مبدئية مع الفلسطينيين وقضيتهم، فقد تبنّت معظم هذه الدول سردية الاحتلال بخصوص هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأيدت ما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". بيد أن أكثرَ من سنة ونصفٍ من حرب الإبادة المستمرة، قد راكمَ عدة دوافع وأسباب ساهمت في بلورة الموقف الأوروبي – الغربي المستجد.
في المقام الأول، ليست حرب الإبادة مما يمكن تأييده، تحديدًا بشكل علني ورسمي، لا سيما بعد أن تحوّلت منذ أشهرها الأولى إلى إبادة وحصار وتجويع للمدنيين، ثم تواترت التصريحات الرسمية، ولا سيما من وزير المالية سموتريتش، بضرورة إعادة احتلال القطاع وتفريغه من سكانه.
هنا، تتبدّى رغبة أوروبية بالتنصّل من حرب الإبادة وتبعاتها، ولا سيما في البعد الإنساني، وبشكل أكثر دقة بخصوص قتل الأطفال واستهداف المدنيين بشكل مكثف ومتكرر ومقصود. حيث أكدت وزارة الصحة العالمية أن غزة تواجه "إحدى أسوأ أزمات الجوع عالميًا"، مما يتسبب بوفاة عشرات الأطفال بسبب "الحرمان المتعمّد من الغذاء".
ينطلق ذلك من رغبة أوروبية في تأكيد "المنطلق الأخلاقي" في النظر للقضايا، وكذلك استشعار المسؤولية الأوروبية عن أفعال "إسرائيل" التي نُظر لها لعقود على أنها ممثلة الغرب المتحضر في قلب الشرق الأوسط، فضلًا عن الحقائق التاريخية بخصوص دور أوروبا في إنشائها بالأساس.
إضافة إلى ذلك، يتابع القادة الأوروبيون التغير الكبير في الرأي العام في بلادهم من "إسرائيل" والقضية الفلسطينية، ولا سيما بين الأجيال الجديدة، وهو ما يخشون ارتداده عليهم بشكل سلبي، وخصوصًا في الاستحقاقات الانتخابية، وقد كانت الانتخابات البريطانية العام الفائت مثالًا حيًا على ذلك.
وكمثال يمكن تعميمه بدرجة أو أخرى، فقد أوضح استطلاع للرأي أُجري في يونيو/ حزيران من العام الفائت، أن 54% من الشباب البريطاني (18-24 عامًا) يرون أن "إسرائيل لا ينبغي أن توجد"، بينما رأى نصفهم أنها هي المسؤولة عن الحرب وليس الفلسطينيين.
إعلانكما أن الاعتداءات "الإسرائيلية" في مجمل المنطقة، في لبنان رغم وقف اتفاق إطلاق النار، وضد سوريا دون أي خطر منها، والتهديد المتكرر لإيران واليمن، تعمّق عدم الاستقرار في المنطقة، وبالتالي تسير عكس اتجاه السياسات الأوروبية وعلى النقيض من مصالحها. ولعل حادثة إطلاق النار على دبلوماسيين أوروبيين وعرب في جنين يظهر إلى أي مدى فقدت "إسرائيل" عقلها.
وأخيرًا، قد تكون المواقف الأوروبية في جزء منها مناكفة أو ردًا ضمنيًا على سياسات الرئيس الأميركي غير المرضية بالنسبة لها، ولا سيما ما يتعلق بالحرب الروسية – الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية.
أي تأثير؟السؤال الأكثر إلحاحًا الآن هو إلى أي مدى يمكن أن تؤثر المواقف الأوروبية والغربية الأخيرة على استمرار الحرب.
بالنظر إلى توجهات حكومة الاحتلال، والدعم الأميركي المستمر، والمواقف الإقليمية الرسمية، والوضع الميداني في غزة، لا يمكن انتظار تأثير أوروبي مباشر يؤدي لوقف الحرب. لكن ذلك لا يعني أن الخطوات الأوروبية بلا أثر بالمطلق.
فقي المقام الأول، ثمة موقف عابر للدول يكاد يشمل معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي ومعهم بريطانيا، برفض استمرار الحرب وضرورة إدخال المساعدات، وهي الدول الأكثر دعمًا لـ"إسرائيل" تقليديًا. يعني ذلك أن الأخيرة تفقد بشكل ملحوظ رصيدها الداعم لها في الغرب ليس فقط على صعيد النخب والشعوب، ولكن أيضًا على الصعيد الرسمي.
كما أنّ الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لدولة الاحتلال، وبالتّالي فإن مضيّه في مسار تعليق اتفاقية الشراكة وغيرها من العقوبات الاقتصادية المحتملة، قد تكون له آثار سلبية وربما كارثية على اقتصاد الحرب في "إسرائيل" المتراجع أصلًا.
من جهة ثالثة، فإن تواتر المواقف الدولية الضاغطة على نتنياهو وحكومته يشكل دعمًا كبيرًا وتحفيزًا للمعارضة الداخلية ضد نتنياهو على الصعيدين؛ الشعبي والسياسي، وهو ما لاحت بعض إشاراته في الأيام القليلة الأخيرة.
إعلانفقد حذر رئيس الحزب الديمقراطي "الإسرائيلي" يائير غولان من تحول "إسرائيل" إلى دولة منبوذة دوليًا لأنها "تقاتل المدنيين، وتقتل الأطفال كهواية، وتعمل على ترحيل السكان".
وقال رئيس الوزراء السابق إيهود باراك إن الهدف الحقيقي لما أسماه "حرب الأشرار" هو "ضمان بقاء نتنياهو، لا أمن إسرائيل"، داعيًا إلى الإطاحة به. كما دعا رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت إلى سحب الجيش من غزة وإنهاء الحرب، طالبًا "مساندة المجتمع الدولي للتخلص من بن غفير وسموتريتش ونتنياهو".
في المحصلة، فإن المواقف الأوروبية والغربية الأخيرة تشكّل ضغطًا كبيرًا على نتنياهو وحكومته، خارجيًا وداخليًا، وهو ما يمكن أن يساهم مع عوامل أخرى إضافية في وقف الحرب مستقبلًا. بينما قد يكون تأثيرها المباشر والسريع المتوقع هو السماح بإدخال المزيد من المساعدات للقطاع استجابة للضغوط كما حصل مؤخرًا.
وتبقى الحرب الحالية الخالية من أي أهداف عسكرية وبرنامج سياسي لما بعدها عبئًا على الأطراف الداعمة للاحتلال، ويبقى ملف الأسرى عامل ضغط إضافي في المدى المنظور، ما يعزز إمكانية وقف الحرب لاحقًا إذا ما توفرت عوامل ضغط إضافية.
وهنا تتبدى مسؤولية منظومة العمل العربي والإسلامي الرسمي، بشكل مباشر، وكذلك من خلال العلاقات مع الإدارة الأميركية التي أثبتت مرارًا أن ترامب قابل لتغيير المواقف وحسم القرارات إذا توفّرَ ما يقنعه و/ أو يغريه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline