مقبرة في الهواء الطلق.. كاتبة أمريكية تحذر من الكارثة الصحية المقبلة في غزة
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
"مقبرة في الهواء الطلق".. هكذا وصفت يارا عاصي، الأكاديمية المتخصصة في إدارة الصحة العالمية والمعلوماتية بجامعة سنترال فلوريدا الأمريكية الوضع في قطاع غزة بعد أكثر من 80 يوما من عدوان الاحتلال الإسرائيلي الوحشي هناك.
وتقول يارا، في مقال نشره "المركز العربي واشنطن دي سي" وترجمه "الخليج الجديد"، إن العدد الضخم من الضحايا والذي تجاوز 21 ألف شهيد، والانهيار شبه الكامل للمنظومة الصحية بالقطاع يشيران إلى عواقب صحية وخيمة داخل القطاع بشكل يجعله مكانا غير قابل للعيش تماما.
وأشارت إلى أن هذا هو ما توقعت الأمم المتحدة، في تقرير نشرته عام 2012، أن يحدث بحلول عام 2020 جراء الحصار الإسرائيلي وتأثر القطاع سلبا بالحروب السابقة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منذ 2009 وحتى الآن.
اقرأ أيضاً
الإبادة الجماعية في غزة.. متى بدأتها إسرائيل؟ وما أبشع جرائمها؟
ولفتت إلى أبرز الأزمات التي كانت تعاني منها غزة، خلال السنوات الماضية، وهي: انعدام الأمن الغذائي، والفقر، وارتفاع معدلات وفيات الأمهات والأطفال، وتلوث المياه، وتراجع الصحة العقلية، وعدد لا يحصى من القضايا الأخرى.
وتردف أن تلك الأزمات تحولت الآن، مع العدوان الإسرائيلي الوحشي، إلى "كارثة في الهواء الطلق".
ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي قرر تحويل توقعات الأمم المتحدة إلى حقيقة واقعة الآن، مع إصراره على المضي قدما في العدوان وتشديد الحصار، مدفوعا بدعم أمريكي متواصل وردود أفعال دولية باهتة على ممارساته الوحشية، تقول الكاتبة.
انهيار القطاع الصحيوتضيف: لقد أخبر العاملون الصحيون الشجعان الذين لا يكلون والذين نجوا حتى الآن العالم أن النظام الصحي في غزة ينهار أو أنه انهار أساسا، وفي الوقت نفسه، قدمت القوى العالمية دعماً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً كاملاً لإسرائيل، حتى أن رئيس الولايات المتحدة شكك في عدد القتلى الذي أعلنته السلطات الصحية الفلسطينية في غزة.
اقرأ أيضاً
دعت لتحقيق دولي.. حكومة غزة: الاحتلال ما يزال يحتجز جثامين عشرات الشهداء
وبصرف النظر عن السماح بالموت الجماعي والصدمة والدمار في غزة، فإن عواقب إنكار العالم الكامل لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد الحرب وإظهار أي مظهر من مظاهر الإنسانية عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين سوف يتردد صداها بعيدًا وفي جميع أنحاء العالم، وفقا للكاتبة.
وبعد ما يقرب من ثلاثة أسابيع من الغارات الجوية الإسرائيلية شبه المستمرة على منطقة صغيرة ومكتظة بالسكان يبدو الوضع مفزعا، حيث تم إسقاط أكثر من 12000 قنبلة على غزة، وهو ما يتجاوز بكثير عدد الذخائر التي استخدمتها الولايات المتحدة خلال عام كامل في أفغانستان، وقُتل فلسطينيون، من بينهم ما لا يقل عن 2900 طفل.
وقد أصيب ما يقرب من 20 ألف شخص، وما زال المئات محاصرين تحت الأنقاض.
ومع استعداد إسرائيل والدول الحليفة، على ما يبدو، لحرب طويلة وعدم استعدادها لمناقشة وقف محتمل لإطلاق النار، فمن المرجح أن تستمر هذه الأعداد في الزيادة، تقول الكاتبة.
وتضيف أن "حياة الفلسطينيين ليست مهددة فقط بسبب الغارات الجوية أو الغزو البري المحتمل، ولكن بشكل متزايد بسبب نقص الغذاء والماء والوقود والكهرباء والصرف الصحي والرعاية الصحية".
ومع تضرر أو تدمير المزيد من المنازل والمدارس والمستشفيات، أصبح لدى الفلسطينيين عدد أقل من الأماكن التي يمكنهم المأوى فيها وطلب الخدمات.
وقد أصبحت مخازن الوقود فارغة تقريبًا، مما يجعل المولدات القليلة المتبقية العاملة - بما في ذلك تلك التي تدعم الرعاية المنقذة للحياة في المستشفيات - على بعد أيام فقط من التوقف عن العمل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن صدمة الصحة العقلية الناجمة عن معرفة أنه لا يوجد مكان آمن حقًا في غزة - ولا أحد يأتي للإنقاذ - لا يمكن تصورها.
اقرأ أيضاً
ارتفاع حصيلة عدوان غزة إلى أكثر من 21 ألف شهيد.. وقتلى الاحتلال إلى 498
معاناة المستشفياتوتقول الكاتبة إنه في الواقع، تقتل الغارات الجوية مئات الفلسطينيين يوميًا وتجرح آلافًا آخرين، وتستقبل المستشفيات حوالي ألف مريض جديد يوميًا، في نظام صحي يضم 2500 سرير فقط. وفي غضون أيام، امتلأت أجنحة المستشفيات، حيث يتكدس المرضى على الأرضيات، وفي الممرات والساحات، وتحت السلالم.
ومع قرب نفاد الإمدادات الطبية على وشك النفاد؛ يتم إغلاق الأنظمة.،ولم يعد الأطباء قادرين على تعقيم الأدوات.
ومع استمرار تدهور الوضع، بدأ الأطباء في اتخاذ قرارات مستحيلة بشأن المرضى الذين يجب قبولهم والذين لديهم فرصة أقل للبقاء على قيد الحياة وبالتالي سيتم تركهم بالخارج.
وظهرت تقارير عن ظروف قاسية، حيث يقوم الأطباء بإجراء عمليات جراحية دون تخدير وباستخدام ضوء الهواتف المحمولة فقط، ويستخدمون إبر الخياطة بدلاً من الإبر الجراحية، ويستخدمون الخل بدلاً من المطهر، وفي نهاية المطاف، حتى الخل نفد.
اقرأ أيضاً
جيش الاحتلال يكثف عملياته العسكرية ضد غزة.. 18 مجزرة و240 شهيدا في يوم واحد
وتمضي الكاتبة بالقول: مما لا شك فيه أن العديد من مرضى الصدمات الذين ربما نجوا سيموتون بسبب هذه الظروف، وسيعاني آخرون من عمليات بتر غير ضرورية وغيرها من النتائج المنهكة والتي يمكن تجنبها.
لقد وصلت الظروف الآن إلى نقطة شديدة الحرج، بصرف النظر عن التدمير المتعمد للغارات الجوية، فإن عدم الوصول إلى الاحتياجات الصحية الأساسية سيؤدي إلى زيادة حادة في معدل الوفيات.
ومع ندرة المياه النظيفة وتوقف خدمات الصرف الصحي عن العمل، يتزايد خطر الإصابة بالأمراض المعدية بشكل كبير.
ويشكل هذا تهديدًا كبيرًا للمدنيين الذين نجوا من الغارات الإسرائيلية، خاصة مع انخفاض عدد الأماكن الآمنة التي يمكن اللجوء إليها وازدحام الملاجئ المتاحة.
وسبق أن حذر خبراء الصحة من الاحتمالية العالية للإصابة بالدوسنتاريا والكوليرا، والتي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة بسرعة كبيرة، خاصة عند الأطفال.
ومع الضغط الهائل على النظام الصحي، لن يكون لدى المرافق قدرة كبيرة على إدارة مثل هذه الحالات، خاصة إذا أصيب العاملون الصحيون أنفسهم بالمرض، تقول الكاتبة.
وهناك أيضا خطر وفيات المصابين بالسرطان، مع انتهاء المستلزمات والعلاجات الطبية الخاصة بهم، وتوقف عمليات نقلهم إلى مستشفيات مجهزة داخل الأراضي المحتلة.
اقرأ أيضاً
حكومة غزة: جيش إسرائيل سرق أعضاء جثامين 80 فلسطينيا ونطالب بتحقيق دولي
البنية التحتية الطبيةوكما فعلت في جميع الاعتداءات السابقة على غزة، تسببت إسرائيل في إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية الطبية.
وقد قُتل ما لا يقل عن 43 عاملاً في مجال الصحة، ويعمل أولئك الذين يعملون في نوبات عمل مدتها 24 ساعة، دون أن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم لأيام متتالية من أجل مواكبة التدفق المستمر للمرضى.
وفي وقت كتابة هذا التقرير، كان ما يقدر بنحو 12 مستشفى و32 مرفقًا صحيًا آخر خارج الخدمة بسبب الأضرار الناجمة عن القصف أو نقص الوقود، كما تم تدمير العديد من سيارات الإسعاف. ومع نفاد الإمدادات الأخيرة من الوقود، يحذر الأطباء من أن المستشفيات "ستصبح مقبرة جماعية".
وتسجل غزة بالفعل معدلات مرتفعة لوفيات الرضع والأمهات، حتى عند مقارنتها بالفلسطينيين في الضفة الغربية. واليوم، هناك ما يقدر بنحو 50 ألف امرأة حامل في غزة، ومن المتوقع أن تلد ما لا يقل عن 5 آلاف امرأة خلال الشهر.
وسيعاني عدد لا يحصى من هؤلاء النساء من مضاعفات الحمل أو الولادة.
اقرأ أيضاً
تحذير أممي من كارثة إنسانية تحدث أمام عدسات الكاميرات في غزة
المجاعةومع قصف المخابز والأسواق المتبقية، واستنفاد إمدادات الدقيق، هناك أيضًا خوف من المجاعة بين سكان غزة.
ولا يزال هناك مطحن دقيق واحد يعمل، ويصطف السكان في طوابير للحصول على الخبز لساعات على الرغم من خوفهم من الهجمات.
وقد بدأ البالغون في تخطي وجبات الطعام لإطعام أطفالهم، وحتى الأسر القادرة على تلقي وجبة توزعها إحدى وكالات الإغاثة غالبًا ما تتقاسمها مع العديد من أفراد الأسرة الآخرين، وقد يكون الطعام الوحيد الذي لديهم لهذا اليوم.
وأصدرت منظمة "أوكسفام" الدولية بيانًا أعلنت فيه ما حذر منه الكثيرون منذ أسابيع، حيث قالت إنه "يتم استخدام المجاعة كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة".
وفي هذه الأثناء، تنتظر شاحنات محملة بالأغذية الموافقة الإسرائيلية على حدود رفح، على بعد أميال قليلة.
اقرأ أيضاً
روسيا تحذر من تداعيات تدمير غزة: سيخلق كارثة لعقود
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: لقد وعدت إسرائيل بشن هجوم طويل وعقابي على غزة، والمستويات الحالية من الموت والدمار وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم تفوق بكثير ما شهدناه في جميع القصف السابق للقطاع مجتمعة، ولا يبدو أن هناك أية عودة إلى الوضع الطبيعي في غزة، حتى عندما كان تعريف الجيب للحياة الطبيعية معيارًا غير مقبول بأي مقياس.
المصدر | يارا عاصي / المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة مقبرة معاناة غزة العدوان على غزة مستشفيات غزة شهداء غزة كارثة صحية حصار اقرأ أیضا التی یمکن فی غزة
إقرأ أيضاً:
كاتبة روسية: ترامب لن يعاقب روسيا لأنه يحتاج لمساعدة بوتين
اعتبرت الكاتبة ليوبوف ستيبوشوفا في تقرير نشرته "برافدا" الروسية أن ما تروج له بعض وسائل الإعلام العالمية بشأن استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض عقوبات جديدة على روسيا واستئناف تقديم الدعم لأوكرانيا مجرد افتراضات لا تستند إلى معطيات واقعية.
وقالت الكاتبة إن السبب في ذلك لا يعود إلى موقف ترامب من روسيا، بل إلى موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأنه هو من يساعد ترامب وليس العكس، على حد تعبيرها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2برلماني سابق: هؤلاء هم "الإخوان" الحقيقيون في فرنساlist 2 of 2صحيفة بريطانية: رفع قيود الغرب على استخدام أوكرانيا أسلحته ضد روسياend of listوأضافت أن بوتين ليس هو من "يلعب دور الضحية" أمام ترامب، بل إن الرئيس الأميركي هو من يخشى أن يتحوّل ضحية، ومن مصلحة بوتين أن يمد له يد العون.
ثقة الكرملين
ونقلت الكاتبة عن شبكة "سي إن إن" الأميركية قولها إن الفرص المتضائلة للتوصل إلى وقف إطلاق نار واتفاق سلام في المستقبل القريب في أوكرانيا تعتمد على ما إذا كان ترامب سيجد في نفسه القوة ليدعم هجماته الكلامية ضد نظيره الروسي بخطوات عملية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وترى الشبكة أن الكرملين يراهن على عدم حدوث مثل هذه العقوبات، وهو ما تعكسه تصريحات المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، حيث قال إن شعور ترامب بالإحباط إزاء تصاعد الهجمات الروسية بالطائرات المسيّرة على أوكرانيا هو مؤشر "إجهاد عاطفي".
إعلان خصوم ترامبوتعتقد الكاتبة، بعيدا عن حرب أوكرانيا، لأن الخصم الأول لترامب ليست روسيا، ولا حتى الصين، بل الديمقراطيون في الولايات المتحدة، الذين يسعون للحفاظ على مواقعهم في النظام العالمي، معتمدين على حلفائهم الأوروبيين.
وحسب رأيها، فإن الديمقراطيين يُجيدون التفاوض مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي صرّح خلال منتدى دافوس عام 2017، عقب فوز ترامب بولايته الأولى، بأن العولمة "شيء جيد".
وقد رأى فيه كثير من الليبراليين حينذاك "زعيما" جديدا للعولمة، ودعوا إلى أن تحل الصين محل الولايات المتحدة في قيادة النظام الدولي، ولا يزالون يطمحون إليه حتى اليوم، وفقا للكاتبة.
انكفاء ترامب
في المقابل، انسحب ترامب من عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ، ومنتدى دافوس.
كما قام بتقويض الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تُعد من أهم أدوات العولمة، وشنّ حملة على المتحولين جنسيا في قطاعي التعليم والأمن، وفرض رسوما جمركية أضعفت الروابط العابرة للحدود التي كانت تُسهم في انتشار رؤوس الأموال الأميركية عالميا، ومن المتوقع أن ينسحب من حلف الناتو قبل انتهاء ولايته الحالية، تضيف الكاتبة.
وتوضح ستيبوشوفا أن فترة حكم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما شهدت نقل الصناعات الأميركية إلى الصين، مما أدى إلى تخلف الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيات الحديثة والتجارة والتحالفات، ولم تحقق مكاسب اقتصادية إلا من خلال الإقراض بالدولار.
ومن وجهة نظرها، فإن الاعتماد على الدولار كعملة احتياطية عالمية وعلى مخزون الأسلحة النووية لم يعد كافيا للولايات المتحدة من أجل الهيمنة على العالم، ما دفع النخبة الحاكمة إلى التركيز على تنمية الاقتصاد المحلي تجنبا للانهيار.
إعلان حاجة ترامب لبوتينتتابع الكاتبة أن فرض العقوبات على روسيا ليس من أولويات ترامب، بل إن ما يشغله في المقام الأول هم انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث يُعاد انتخاب ثلث أعضاء مجلس النواب كل عامين.
وفي حال نجاح الحزب الديمقراطي في الفوز بأغلبية المقاعد، سوف يبدأ الديمقراطيون -وفقا للكاتبة- بشن موجة جديدة من الدعاوى القضائية ضد ترامب.
وقد تراوحت هذه القضايا بين الطعن في قانونية عمليات الإقالة وبين الاتهامات بالخيانة. وحتى اليوم، بلغ عدد هذه القضايا 177 قضية على الأقل.
وأضافت أن ترامب يحاول في الوقت الحالي توجيه ضربة قاضية لخصومه في الداخل برفع دعوى قضائية يتهم فيها إدارة جو بايدن بأنها غير دستورية، حيث كان المستشارون يديرون البلاد في ظل عجز الرئيس السابق عن القيام بمهامه.
روسيا داعمة لترامبوفي الأثناء، تبرز روسيا -على حد تعبيرها- كطرف داعم لترامب في مواجهة أنصار العولمة، وهو ما قد يؤدي إلى إبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا، أو على الأقل التوصل إلى هدنة بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واعتبرت أن التقارب الروسي الأميركي قد يفتح المجال أيضا أمام مشاريع واعدة للشركات الأميركية في روسيا، وإلى ضمان توازن المصالح مع دول الجنوب العالمي.
وختمت الكاتبة بأنه من المستبعد في ظل الظروف الراهنة أن تفرض الولايات المتحدة أي عقوبات على روسيا، ومن المرجح أن تنفذ واشنطن وعودها بالانسحاب من أوكرانيا.