مثلما أن النوم الجيد جزء أساسي من الصحة العامة، يساعد على تعزيز مستويات الطاقة، ووظيفة المناعة، ويدعم الذاكرة، وفقا لمؤسسة النوم، كذلك تُعد ممارسة الرياضة أحد أهم الطرق للحفاظ على صحة الجسم، والوقاية من الأمراض المزمنة وإطالة العمر، ودرء الخرف، وإبطاء التدهور المعرفي، وفق الدكتورة ميكايلا بلومبرغ، الباحثة الرئيسية في معهد علم الأوبئة بجامعة كوليدج لندن، والتي أشرفت على دراسة تشير إلى العلاقة بين النشاط البدني والنوم، أظهرت أن "كلاهما مرتبطان، فيما يتعلق بجودة الصحة المعرفية ووظائف المخ".

ولأن الحرمان من النوم أمر لا مفر منه في بعض الأحيان، إذ تشير المراجعات إلى أن 40% من سكان العالم لا يحصلون على ما يكفي من النوم، وفقا لما ذكره موقع جامعة "بورتسموث" البريطانية. فلا بد من خطة للحد من آثار قلة النوم، التي قد تشمل الإرهاق وضعف الأداء المعرفي، مما يؤثر سلبا على اليقظة والتحكم والتركيز أثناء العمل والدراسة والقيادة.

مدى فعالية الكافيين والقيلولة لإيقاظ الدماغ

في محاولة لتبديد ضباب الدماغ الناتج عن الحرمان من النوم، اعتاد معظم الناس على أحد الأمرين:

أخذ قيلولة من 10 إلى 20 دقيقة، فكثير من الناس يجدون في قيلولة بعد الظهر، إحدى أكثر متع الحياة الصغيرة، التي قد تساعد في "تخفيف أعراض مثل التعب أو النعاس أثناء النهار" لكن مؤسسة النوم تقول "إن القيلولة في كثير من الأحيان لا تكون كافية للتغلب على آثار قلة النوم". تناول مزيد من الكافيين، إذ يعتمد ملايين الأشخاص كل يوم على مزيد من فناجين القهوة "للبقاء في حالة يقظة وتركيز وانتباه" وفق موقع "مايو كلينك" لكنه يحذر أيضا من أن الإفراط في استخدام الكافيين (أكثر من 400 مليغرام أو 4 أكواب في اليوم) قد يتسبب في آثار جانبية غير مرغوب بها، تشمل "تسارع ضربات القلب والصداع والأرق والعصبية والتبول المتكرر".

 

ملايين الأشخاص يعتمدون كل يوم على مزيد من فناجين القهوة للبقاء في حالة يقظة وتركيز (بيكسلز)

لذا، وبعيدا عن الحاجة الدائمة للاعتماد على الكافيين أو نوم القيلولة لاستعادة التركيز والتغلب على الإرهاق؛ نحن بصدد دراسة حديثة تُظهر أن هناك طريقة أخرى لتنشيط الدماغ وتحسين القوة العقلية والأداء المعرفي واستعادة اليقظة وتعزيز الانتباه، في مواجهة أعراض الحرمان من النوم الجيد؛ تتمثل في "20 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة"، مثل المشي أو ركوب الدراجات أو القليل من اليوغا؛ بعد ثبوت أن هذه الفترة القصيرة من النشاط، أدت إلى تحسين أداء المشاركين في اختبارات الوظائف الإدراكية بشكل ملحوظ.

الحركة دواء للجسم والدماغ

الدراسة التي أجرتها جامعة بورتسموث في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بالتعاون مع 3 جامعات بريطانية أخرى، بالإضافة إلى جامعة الاتصالات الكهربائية في اليابان، وجامعة ساو باولو في البرازيل.

وجدت الدراسة أن التمارين معتدلة الشدة يمكن أن تُحسّن الوظيفة الإدراكية، وتعزز القدرة على أداء المهام العقلية، في مواجهة الانخفاض في أداء الدماغ لدى الأشخاص المحرومين من النوم، وكذلك الذين لديهم مستويات منخفضة من الأكسجين.

وهي نتائج تدعم الفكرة القائلة بأن "الحركة هي دواء للجسم والدماغ"، وفق الدكتور جو كوستيلو، من كلية الرياضة والصحة وعلوم التمارين الرياضية بالجامعة نفسها.

التمارين معتدلة الشدة يمكن أن تُحسّن الوظيفة الإدراكية وتعزز القدرة على أداء المهام العقلية (بيكسلز)

وأكد كوستيلو أن التمارين الرياضية معتدلة الشدة مثل ركوب الدراجات -على سبيل المثال- استمرت في تحسين الأداء المعرفي والقيام بكافة المهام، لدى جميع المشاركين في الدراسة وعددهم 24 شخصا "سواء بعد نومهم لمدة 5 ساعات فقط في الليلة على مدى 3 أيام؛ أو بعد قضائهم ليلة كاملة دون نوم، ووضعهم في بيئة منخفضة الأكسجين".

لكن دكتور كوستيلو أوضح أن "التمرين إذا كان أطول أو أكثر شدة، فقد يؤدي إلى تضخيم النتائج السلبية، ويصبح في حد ذاته مصدرا لمزيد من الضغط".

كما أرجع الدكتور توماس ويليامز، المشرف الرئيسي على الدراسة، سبب تحسين التمارين الرياضية للأداء المعرفي، "لارتباطها بزيادة تدفق الدم والأكسجين في المخ، أكثر من الخلود للراحة في الظروف نفسها".

20 دقيقة يمكن أن تصنع العجائب

تقول الكاتبة الأميركية جيسيكا ستيلمان "ستظل القيلولة ممتعة، وستبقى القهوة لذيذة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتركيز وتنشيط الدماغ للتغلب على الإرهاق، فإن 20 دقيقة من ممارسة التمارين الخفيفة، يمكن أن تصنع العجائب"، وهذه أمثلة من هذه التمارين:

المشي

تقول المدربة الشخصية المعتمدة، آمبر ساير "إن المشي سلاح لحماية الدماغ من التدهور المعرفي، وتعزيز الذاكرة والتركيز" مستندة إلى دراسة نُشرت عام 2018 حول فعالية المشي لصحة الدماغ، ووجدت أن "الأشخاص الذين مارسوا رياضة المشي لأكثر من 4 آلاف خطوة يوميا، كانت لديهم ذاكرة أكثر صحة، ووظيفة إدراكية أفضل، من أولئك الذين ساروا أقل من ذلك".

وأظهرت الدراسات -أيضا- أن المشي "قد يساعد في منع التدهور العقلي وتقليل خطر الإصابة بالخرف، عن طريق زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، وإطلاق الإندورفين الذي يعزز الصحة العقلية والمزاج".

المشي قد يساعد في منع التدهور العقلي وتقليل خطر الإصابة بالخرف (شترستوك) ركوب الدراجات

أظهرت الأبحاث أن "دمج ركوب الدراجات في روتينك اليومي ليس صحيا لجسمك فحسب، بل يجعل حالتك المزاجية وقدراتك العقلية أفضل من المعتاد"، وفقا لموقع "لايف هاك".

فمجرد ركوب الدراجات 30 دقيقة بانتظام، يمكن أن يدفع الدم أكثر نحو أدمغتنا، ويضاعف إنتاج الخلايا الجديدة بمقدار 3 أضعاف، مما يُحسن الذاكرة والتفكير، ويساعد على مكافحة الاكتئاب والقلق.

كما وجد العلماء أن أدمغة أولئك الذين شاركوا بانتظام في أنشطة بدنية مثل ركوب الدراجات، تبدو في الواقع أصغر سنا من أولئك الذين لا يفعلون ذلك، "وهو ما يثبت أن ركوب الدراجات يمكن أن يساعد في إبقاء عقولنا حادة في الكِبَر".

اليوغا

أشارت دراسة نُشرت عام 2019، إلى أن "ممارسة اليوغا مرة أو مرتين فقط في الأسبوع، يمكن أن تعزز أداء وظائف الدماغ، وتعمل على تحسين الأداء المعرفي والانتباه والذاكرة".

ممارسة اليوغا مرة أو مرتين فقط في الأسبوع، يمكن أن تعزز أداء وظائف الدماغ (بيكسلز)

وبعد أن استعرض الباحثون 11 دراسة تتعلق بآثار ممارسة اليوغا على الدماغ، ووجدوا أن "اليوغا لها تأثير إيجابي على المجالات الرئيسية المسؤولة عن الذاكرة ومعالجة المعلومات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رکوب الدراجات یمکن أن ت من النوم

إقرأ أيضاً:

عامل إغاثة إيطالي: فقدت الثقة في الإنسانية بسبب أوضاع غزة

رسم عامل إغاثة إيطالي –في حوار له مع موقع "إنسايد أوفر"- لوحة قاسية عن الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدا أنه رأى هناك المعنى المؤلم لهول كارثة إنسانية لم تتكشف كل فصولها بعد.

وقال الموقع الإيطالي إن ماتيا بيدولي -الشهير على منصات التواصل بلقب "فليب" لاستخدامه ألعاب الخفة وسيلة لإدخال القليل من الفرحة لقلوب من خسروا كل شيء- نذر أكثر من عقد من حياته للعمل في أخطر بؤر النزاع عبر العالم، وإنه أكد فقد ثقته في الإنسانية بسبب صمت العالم عما يعانيه سكان غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نشطاء بأميركا يبدؤون إضرابا عن الطعام 40 يوما لأجل غزةlist 2 of 2واشنطن بوست: خطة المساعدات الإسرائيلية لغزة خطيرة وغير قابلة للتنفيذend of list

وشدد بيدولي على أن "الإنسانية لم تعد هي التي تحكمنا، بل تحكمنا مصالح أخرى، ونرى ذلك جليا في جميع أنحاء العالم، إن ما يحدث هنا يُنقل على الهواء مباشرة 24 ساعة في اليوم، كل يوم، والأمور معروفة ومرئية، لكننا لا نأبه بما يحدث".

الوضع كارثي

وعند سؤاله عن الفروقات الجوهرية التي لمسها بين غزة وغيرها من ساحات النزاع التي عمل بها، بما في ذلك أوكرانيا، أكد بيدولي أن غزة مكان مختلف تماما عن أي مكان آخر، وأنها أصعب منطقة ذهب إليها.

وأول الأسباب -من وجهة نظره- صعوبة دخول عمال الإغاثة إلى القطاع المحاصر، وإن نجحتَ في الدخول تبدأ الصعوبة الأكبر، إذ لا توجد منطقة آمنة في غزة، عكس أوكرانيا.

إعلان

أيضا في غزة -يتابع بيدولي- الوضع مغاير تماما لأي مكان آخر، فالمواجهة ليست بين جيشين، فلا توجد دبابة فلسطينية، ولا يوجد جيش فلسطيني.

وقال إن أكثر ما فاجأه هو قدرة الغزيين الهائلة على الصمود، وأضاف أن من ضمن فريق عمله توجد طبيبة نزحت داخل قطاع غزة 8 مرات.

وتابع أن نقص الغذاء والأدوية يزيد الأوضاع سوءا، ففي غزة يموت الكثيرون بسبب الالتهابات لعدم توفر المضادات الحيوية، ويخضع الأطفال لعمليات جراحية دون تخدير، وهناك مستشفيات ومراكز تابعة لمنظمات دولية تجد نفسها مضطرة للاختيار بين المرضى نظرا لعدم كفاية الموارد الطبية.

لا نداء

وبحسب الموقع الإيطالي، عندما سُئل بيدولي عن النداء الذي يريد توجيهه للعالم بشأن غزة، قال بمرارة ويأس "في العادة، كنت سأجيب، لكن ما حدث هنا أفقدني الأمل تماما في الإنسانية".

يُذكر أن وزارة الصحة في غزة أفادت اليوم السبت أن عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى 54 ألفا و381 شهيدا، و124 ألفا و54 مصابا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما قالت حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط إن أطفال غزة يموتون جراء الجوع والمجاعة اللذين وصلا إلى مستويات مرتفعة للغاية، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق، حيث تحدث وفيات بين الكبار والصغار بسبب نقص الغذاء والدواء.

وأضافت أن المجاعة في غزة بلغت مستويات مرتفعة للغاية، والناس في أمسّ الحاجة إلى الغذاء والتغذية الأساسية.

وبحسب المسؤولين في غزة، تواصل إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بالقطاع المحاصر، عبر إغلاق المعابر لمدة 90 يوما في وجه المساعدات المتكدسة على الحدود، مما أدخل القطاع المدمر مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.

مقالات مشابهة

  • كيف أكون من الفائزين في يوم عرفة.. أعمال بسيطة تجعلك من العتقاء
  • فضل يوم عرفة.. 7 أرزاق وأمنيات تجعلك تترقبه من الآن فهل تعرفه؟
  • وفد حكومي يبحث التبادل المعرفي مع روسيا
  • دراسة جديدة: الرياضة تهزم السرطان.. دور التمارين في تقليل خطر الوفاة ومنع عودة المرض
  • حول الاكتئاب السياسي للشعوب العربية
  • روبوت يجمع بين المشي والقيادة بخفة وتوازن ذاتي .. فيديو
  • يبدأ من 5 جنيهات.. تعرف على أسعار تذاكر ركوب الأتوبيس الترددي بعد تشغيله رسميًا
  • هل يمكن أن يؤثر طعامك على جودة نومك؟ إليك ما يقوله الخبراء
  • كيف يؤثر الكافيين على الدماغ أثناء النوم؟
  • عامل إغاثة إيطالي: فقدت الثقة في الإنسانية بسبب أوضاع غزة