بخصوص الجارة إريتريا حدث ما توقعناه من تطور وتحول إستراتيجي امريكي فى إطار العلاقة مع إرتريا، والذي سيكون له ما بعده من تأثير مباشر على السودان والمنطقة برُمتها.

لذلك استبقنا في كتابات ومقالات عدة بضرورة الإلتفات والإنتباه “لارتريا” الدولة الجارة الوحيدة من جارات السودان السبعة ، الثابتة علي مواقفها ووضوح رؤيتها تجاه السودان ، التي إلتمسناها من خلال متابعتنا وقراءتنا لردود أفعالها ومواقفها المعلنة تجاه السودان ومقترحاتها للحلول، نذكر منها ما جأء على لسان رئيسها “أسياسي أفورقي”، الذي أرسل رسالة ونصيحة شفهية كوصفة سحربة ” لبرهان ” قبل اربعة سنوات بواسطة وفد المجلس العسكري الإنتقالي الحاكم حينئذ (بأن يستمر المجلس العسكري الإنتقالي في السلطة لمدة عام وعدم اشراك الاحزاب السياسية والمدنيين الذين عليهم ترتيب اوضاعهم والاستعداد للإنتخابات)، ذات النصيحة قدمها افورقي للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي عمل بها ، واهملها الرئيس عبدالفتاح البرهان فحدث ما حدث.

التحول الامريكي الايجابي الجديد تجاه ارتريا ، جاء بعد عشرين عاماً من السياسية العقابية الخشنة ومتشددة تجاهها ، فقد أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن سياسة جديدة تجاه أسمرا ضمن إستراتيجيتها القطرية المتكاملة الجديدة (ICS)،التي نصت علي تحولاً جزئياً تجاه حكومة إريتريا أهمها : ( إيلاء البعثة الأميركية المعتمدة في أسمرا اهتماماً جديداً وتشجيع إريتريا على أن تصبح عضواً استباقياً وبناءً في المجتمع الدولي/ السعي المستمر لتحسين العلاقات مع الدول المجاورة وداخل منطقة القرن الإفريقي/ فتح خطوط اتصال لإقامة قواسم مشتركة تخدم مصالح شعبي البلدين/ بذل جهود مضاعفة للبناء على هذا التغيير الإيجابي وزيادة التفاهم بين شعب الولايات المتحدة وشعب إريتريا). ووفقاً لحكومة الولايات المتحدة، فان هذا التحول يهدف إلى دعم تواصل إريتريا مع القادة الإقليميين ، وانضمامها مرة أخرى إلى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD).

هذا التحول يؤكد علي ما ذهبنا اليه سابقاً، ان الولايات المتحدة من جهة تضعضع نفوذها مقابل تمدد النفوذ الصيني الروسي ، ومن جهة اهمية (ارتريا) ودورها المؤثر في السودان والمنطقة، حيث ظلت علي موقفها الداعم والمساند للقوات المسلحة منذ التغيير وفي كل مراحل الأزمة السياسية ، وبعد اندلاع الحرب لعب الرئيس الإرتري اسياسي دورا فاعلاً خلال مبادرة دول الجوار، والتي تساقطت دولها دولة بعد دولة ، فمنها ما تم شرائها ، ومنها ما توارت ، ومنها ما خضعت للضغوط وتم تحييدها ، إلا (ارتريا) التي ظلت علي مواقفها ، وبعد ابطال مفعول مبادرة دول الجوار، اعلن رئيسها للمرة الثانية عن مبادرة أخري للحل في السودان ، رفض الكشف عنها للإعلام.، الا بعد عرضها علي رؤساء دول الجوار.

بالرغم من نظريات التأمر ، والتقليل من شأن ارتريا وثقلها ووصفها “بالدولة الهشة الآيلة للسقوط ” ، لكنها كذبت كل ذلك، و استطاعت تجاوز التحديات والمؤامرات وثورات الربيع العربى فى دورتها الاولى 2013م ،و الثانية فى 2018م.

العلاقات السودانية الارترية ظلت رهينة لأهواء وأمزجة النافذين في السلطة عهد الإنقاذ ، وللفوضى السياسية والعشوائية ما بعد حكم الإنقاذ ، رغم ذلك سعت ارتريا نحو السودان كاول دولة جوارتبادر بعد التغيير في السودان في 19/5/2019م حين زار السودان وزير الخارجية الإرتري عثمان صالح في زيارة رسمية جاءت بعد قطيعة وتوتر في علاقات البلدين استمرت لنحو 18 شهراً.

تلتها العديد من المبادرات الإرترية المقدمة للمجلس العسكري الإنتقالي ، ثم الحكومة الإنتقالية ، ثم مجلس السيادة ، ثم للأحزاب السياسية والإدارات الأهلية والحركات الموقعة على إتفاق جوبا ، والذي لعبت فيه إرتريا دوراً كبيراً ومؤثراً ،ولكن الشاهد أن الحكومة السودانية بمختلف مسمياتها كانت ترفض اي مبادرة إرترية من حيث المبدأ إعتماداً على وهم وخطأ “نظرية المؤامرة” وهواجس الشكوك والظنون.

هذه الأخطاء كانت بسبب إدارة العلاقة من منظور أمني إستخباري أحادي بحت ، وغير استراتيجي عفى عنه الزمان وغبر، بإعتبار أن المهددات والمخاوف قامت على هواجس وظنون شكلت نظريات للتأمر..

خلاصة القول ومنتهاه:

– مواكبة للتحولات والمتغيرات الاقليمية والدولية – كما فعلت امريكا تجاه ارتريا – عطفاً علي التطورات والاوضاع الحالية علي السودان إعمال المنطق الإستراتيجي المدروس ، توازياً مع المنطق الأمني الصائب ، والذي يقول بان مصالح البلدين المشتركة والسودان خاصة ، تُحتم تحول وتطويرالعلاقة مع ارتريا الي آفاق استراتيجية أوسع .

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: العركي امريكا عمار يكتب الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

البديوي: الاجتماع الوزاري الخليجي يدعم تنفيذ مبادرة حل الدولتين

أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، أن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون التنسيقي، الذي عُقد في نيويورك على هامش أعمال المؤتمر الوزاري رفيع المستوى لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن (التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين)، يأتي تأكيدًا لدعم مبادرة المملكة العربية السعودية بتأسيس التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، وبحث الجهود المشتركة الرامية إلى حل القضية الفلسطينية، وتحقيق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى بحث الأوضاع المأساوية في قطاع غزة.
وأفاد بأن وزراء خارجية دول مجلس التعاون ناقشوا خلال الاجتماع عددًا من الموضوعات، في مقدمتها مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، والتنسيق بشأن الموضوعات المطروحة في المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين.
إلى جانب بحث التطورات الإنسانية في القطاع، خاصة في ظل الأوضاع غير المسبوقة التي أدت إلى نقص حاد في المساعدات الإنسانية، بسبب تعنت وحصار قوات الاحتلال الإسرائيلية واستخدامها سياسة التجويع ضد الشعب في قطاع غزة المخالفة لجميع الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية والأممية، ما أدى إلى تفشي المجاعة ونقص حاد في الأدوية الطبية.
وطالب المشاركون باستمرار الضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر من أجل التمكن من إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وأكد التأكيد خلال الاجتماع لبذل جميع الجهود الإقليمية والدولية بالتعاون مع الدول والمنظمات والمؤسسات في العالم، لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني الشقيق، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية كافة بشكل عاجل ودون قيد.

أخبار متعلقة الأمم المتحدة تدعو إلى ضمان وصول المساعدات إلى غزة دون عوائقاعتقال 14 فلسطينيًا.. استمرار جرائم الاحتلال في الضفة الغربية

مقالات مشابهة

  • البديوي: الاجتماع الوزاري الخليجي يدعم تنفيذ مبادرة حل الدولتين
  • شيخة النويس تكشف عن مبادرة «القرى الموسيقية عبر القارات»
  • نواب يشيدون بكلمة الرئيس السيسي بشأن العدوان على غزة: جسدت الثوابت المصرية تجاه فلسطين.. وعكست حكمة القيادة السياسية وتمسكها بالشرعية الدولية
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • “تيتيه” تناقش مع سفير فرنسا آخر التطورات السياسية والأمنية في ليبيا
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة الرباعية وتكتيكات الإسلاميين
  • نويصر: التزام الأمم المتحدة بدعم السودان، واحترام سيادته
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نشرة مشاعر)
  • امريكا.. حادثة طعن دامية داخل متجر تخلف 11 مصاباً
  • نساء ترهونة يطالبن بالحماية وتمثيل أفضل في العملية السياسية