أصبح النضال من أجل الحصول على ما يكفي من المياه في غزة بالنسبة لنضال البراوي وزوجته وأطفاله الثمانية،  جزءًا كبيرًا من الروتين اليومي للأسرة، وقد فرت العائلة الفلسطينية إلى رفح، بالقرب من الحدود المصرية، في الأسابيع الأخيرة مع اشتداد القتال حول منزلهم في شمال غزة، فإن مجرد ملء الحاويات بالـ 20 لترًا (5 جالونات) التي يمكنهم الحصول عليها يوميًا للشرب والطهي والاستحمام يعني الانتظار في الطابور من الصباح الباكر حتى الظهر عند نقطة توزيع المياه.

 

وبحسب تقرير يرصد تفاقم أزمة المياه داخل قطاع غزة نشرته صحيفة NPR الأمريكية، يكشف نضال أن هذا لا يكفي للأطفال، ولا يكفي له أو لزوجته أيضًا، ويقول: "أنا شخصياً لم أستحم منذ 20 يوماً بسبب نقص المياه"، توصي الأمم المتحدة بما لا يقل عن 50 لترًا (13 جالونًا) من الماء يوميًا للشخص الواحد لأغراض الشرب والطهي والاستحمام، لكن مثل البراوي وعائلته، يكتفي معظمهم بجزء بسيط من ذلك، وبتلك المقادير، فالفلسطيني بغزة يأخذ 4% من المقدار الدولي اللازم للإنسان الواحد من المياه وهكذا تتورط إسرائيل بالجريمة 

 

 

 

 

وحتى قبل الحرب، كانت غزة تعاني من إمدادات المياه

 

 

لا يوجد في قطاع غزة أي أنهار أو بحيرات أو مصادر مياه سطحية أخرى، وفي السنوات التي سبقت الحرب، كانت مياه الاستحمام وغسيل الملابس في الأراضي الفلسطينية تأتي في معظمها من طبقة المياه الجوفية الساحلية التي أصبحت ملوثة، وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 97% من المياه القادمة من هذا المصدر لا تلبي معايير منظمة الصحة العالمية للاستهلاك البشري .

 

لذلك، بالنسبة لمياه الشرب، أصبحت غزة تعتمد بشكل شبه كامل على أكثر من 150 محطة لتحلية المياه تم بناؤها في العقد الماضي، وحوالي 80٪ منها يديرها القطاع الخاص، ويشتري حوالي 90% من الأسر في غزة مياه الشرب من محطات التحلية هذه، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في عام 2019، كما يوفر خطا أنابيب إسرائيليان بعض المياه الصالحة للشرب، وقد تم إغلاق خطوط الأنابيب في الأسابيع القليلة الأولى من الحرب، ولكن تم إعادة تشغيلها الآن، وفقًا لمكتب تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في المناطق.

 

 

في غزة الجميع يستخدم المياه المالحة والملوثة

 

 

ووفقا لما جاء بالصحيفة الأمريكية، فإن محطة تحلية المياه الوحيدة التي لا تزال تعمل في رفح، حيث يتركز الآن معظم سكان غزة النازحين داخليا، تديرها شركة مياه إيتا، ويقول يوسف عبد السلام ياسين، مدير المصنع الأول، إن المنشأة كانت تخدم نحو 300 ألف شخص في المنطقة، ولكن منذ بداية الحرب، ارتفع عدد سكان رفح إلى 1.5 مليون نسمة مع فرارهم جنوباً هرباً من القتال، ولا نستطيع إنتاج ما يكفي من المياه لهم". "لكننا نبذل كل ما في وسعنا.

 

ويشير ياسين إلى نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات اللازمة لعملية تنقية المياه كثيفة الاستهلاك للطاقة، والمعروفة باسم التناضح العكسي. يأخذ النبات، وغيره من النباتات المشابهة، المياه من البحر الأبيض المتوسط، ويضخها إلى ضغط مرتفع للغاية ثم يدفعها عبر غشاء دقيق للغاية لإزالة الملح والملوثات الأخرى، وتمتلك إيتا ثلاث محطات لتحلية المياه في غزة، وهو ما يوضحه ياسين قائلا: "المحطتين الأخريين – أحدهما بالقرب من مدينة غزة والآخر في جباليا شمال غزة – غير متصلين بالإنترنت، وتعرض أحدهما للقصف، والآخر ليس لدينا أي معلومات عنه".

 

 

نقص الوقود يفاقم الأزمة 

 

 

وقبل الحرب، كانت تعبر نحو 500 شاحنة يوميا إلى غزة لتوفير الوقود والإمدادات الأخرى. وفي يوم جيد الآن، وصل حوالي 100 فقط، لذلك، ليس هناك ما يكفي من الوقود للتنقل، وكان وضع المياه في غزة هشا حتى قبل بدء حرب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وما تلاها من حرب بلا إنسانية شنتها إسرائيل في هجومها الجوي والبري اللاحق على غزة، وقد قتلت إسرائيل أكثر من 21 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية في غزة، وقطعت الكهرباء عن جزء كبير من قطاع غزة.

وحذرت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، في وقت سابق من هذا الشهر من أن الوصول إلى المياه النظيفة أصبح محدوداً للغاية لدرجة أن "الأطفال في غزة لا يكاد يجدون قطرة واحدة للشرب"، وتقول الأونروا، وكالة الأمم المتحدة التي تقدم الإغاثة للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، إن 70% من السكان يشربون المياه المالحة والملوثة.

وقد ردد هذا القلق بيدرو أروجو أجودو، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الحصول على مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، وفي ظل غياب البدائل، يقول: "بالطبع فإنهم يشربون المياه الملوثة بكل ما فيها من مخاطر، وهذه المخاطر تشمل الكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه".

 

 

كيف تطورت البنية التحتية للمياه في غزة؟

 

 

وقد رصدت الصحيفة الأمريكية تطور البنية التحتية داخل قطاع غزة، حيث احتلت القوات والمستوطنون الإسرائيليون قطاع غزة من عام 1967 حتى عام 2005، عندما انسحبت إسرائيل من القطاع، ويقول ران سوكفيرين، رئيس قسم هندسة المياه في كلية كينيريت الأكاديمية الإسرائيلية، إنه عندما انسحبت إسرائيل من غزة، كانت البنية التحتية للمياه هناك في حالة جيدة، ويضيف أنه لا يزال من الممكن سحب مياه الشرب النظيفة من طبقة المياه الجوفية الساحلية، وتقوم مرافق الصرف الصحي بمعالجة مياه الصرف الصحي.

ويقول عن سكان غزة بعد رحيل إسرائيل: "لم يديروا الأمر بشكل جيد، والحكومة في غزة سمحت بحفر آلاف الآبار بشكل غير قانوني، مما أدى إلى استنفاد طبقة المياه الجوفية الساحلية، وبدون مرافق مناسبة لمعالجة النفايات، فإنها تصبح ملوثة" ويضيف: "لم يقتصر الأمر على عدم الاهتمام بضخ المياه من الآبار، بل سمحوا بتلوث المياه بمياه البحر ومياه الصرف الصحي غير المعالجة".

 

 

هكذا ساهم الاحتلال في تفاقم الأزمة

 

 

ولطالما اشتكت إسرائيل من تسرب مياه الصرف الصحي غير المعالجة عبر الحدود ورميها مباشرة في البحر، لتجرفها المياه إلى شواطئها، ولكن في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة والحظر الذي تفرضه على دخول المواد "ذات الاستخدام المزدوج" - التي تعتبر ذات تطبيقات مدنية وعسكرية على حد سواء - إلى القطاع، أصبحت صيانة مرافق مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي صعبة.

 

وكما ذكرت محطة NPR في العام الماضي، منعت إسرائيل استخدام الأسمنت لبناء محطات جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي وقطع الغيار للحفاظ على تشغيل المحطات القائمة. وتقول إسرائيل أيضًا إن حماس تستخدم أنابيب المياه لصنع الصواريخ التي تستخدمها الحركة لاستهداف الأراضي الإسرائيلية، واعتمادا على حجم الضرر الذي لحق بمحطات تحلية المياه، قد يستغرق الأمر وقتا طويلا لإعادة تشغيل البنية التحتية للمياه في غزة مرة أخرى بعد انتهاء الحرب، كما يقول بيتر جليك، وهو زميل كبير ومؤسس مشارك لمعهد المحيط الهادئ، وهو مؤسسة فكرية غير ربحية للمياه.

 

وتابع: "سيتطلب الأمر الكثير من المال، فإصلاح نظام المياه في غزة لا يقتصر على إعادة المصادر إلى العمل فحسب، بل يشمل أيضًا إعادة البنية التحتية اللازمة لتوصيل المياه إلى مكانها مرة أخرى، وهذا يعني أن أنابيب المياه، والتي ربما تضررت أو دمرت الكثير منها خلال القصف الإسرائيلي، ولكن إذا لم تتضرر محطات تحلية المياه، فإن الأمر يتعلق فقط بتزويدها بالوقود حتى تتمكن من العمل، وإيصال الطاقة إليها حتى يمكن تشغيلها مرة أخرى، وحتى ذلك الحين، ستكون المساعدات الإنسانية على شكل زجاجات مياه.

 

 

 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

نائب وزير الإسكان يقوم بجولة تفقدية موسعة لمتابعة سير العمل بمنظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة الشرقية

قام الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية،  بجولة تفقدية موسعة لمتابعة سير العمل بمنظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة الشرقية، يرافقه المهندس أمين شوقي القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، والدكتور صلاح بيومي، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، ومسئولو جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، ومجموعة من قيادات قطاع المرافق بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
 

واستهل نائب وزير الإسكان الزيارة التفقدية بعقد اجتماع موسع بمحطة معالجة قرية ميت جابر بمركز بلبيس، لاستعراض الموقف التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بالمحافظة، حيث أكد نائب وزير الإسكان، ضرورة العمل الدائم لرفع كفاءة الروافع والخزانات بشكل خاص وجميع مكونات منظومتي مياه الشرب والصرف الصحي بشكل عام، والاستغلال الأمثل للاستثمارات القائمة لتحقيق الاستفادة القصوى.
 

كما ناقش نائب وزير الإسكان مع مسئولي الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، احتياجات المراكز والقري بمحافظة الشرقية والخطط الحالية والمستقبلية وأولويات التنفيذ المستهدفة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي والجهاز التنفيذي بالمحافظة، وذلك لتلبية جميع الاحتياجات المستقبلية واستدامة تقديم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي للمواطنين طبقًا للمعايير والمواصفات القياسية.
 

واختتم الدكتور سيد إسماعيل، الاجتماع، بالتأكيد على ضرورة المتابعات الميدانية المستمرة من الأجهزة المعنية بكل محافظة والعمل الدؤوب لتحقيق المستهدف من الخطة الاستثمارية المعتمدة للعام المالي ٢٠٢٤/٢٠٢٥.
 

ثم تفقد نائب وزير الإسكان مشروعات المبادرة الرئاسية لتطوير الريف المصري حياة كريمة بمحافظة الشرقية، ومنها: محطة معالجة الصرف الصحي بقرية ميت جابر بمركز بلبيس بطاقة تصميمية ٧ آلاف م٣/يوم، والتي تم الانتهاء من تنفيذها وفي مرحلة التجارب والتشغيل لخدمة قرى ميت جابر والسرايا والزهرية، وتابع عمل مكونات المحطة الأساسية المتمثلة في المدخل والمصافي وأحواض التهوية والترسيب النهائي وتجفيف الحمأة ومبنى الكلور ومبنى النوافخ ومبنى المحولات. كما أكد الدكتور سيد إسماعيل، ضرورة التنسيق لتواجد مسئولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالشرقية أثناء تجارب التشغيل والتنسيق الدائم بين الجهات المعنية لتسليم المحطة. 
 

كما ناقش الدكتور سيد إسماعيل، مع مسئولي الشركة القابضة والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، الإجراءات المتخذة لتحقيق الأفضلية المحلية للمعدات والمهمات الكهروميكانيكية المستخدمة بمنظومتي مياه الشرب والصرف الصحي في ظل اهتمام الدولة المصرية بملف توطين الصناعة للمهمات الكهروميكانيكية، موجهًا مسئولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالشرقية بضرورة اتباع الأساليب الحديثة لإدارة الحمأة وإعادة الاستخدام والاستفادة القصوى منها كمورد أساسي من موارد الطاقة. 
 

واستكمالا لجولته التفقدية بمحافظة الشرقية، قام الدكتور سيد إسماعيل، بالمرور على محطة معالجة الصرف الصحي بقرية سنهوا بمركز منيا القمح بطاقة تصميمية ١٢ ألف م٣/يوم لخدمة قرى سنهوا وميت سهيل بنسبة تنفيذ إجمالية حوالى ٨٥٪؜ للأعمال المدنية ونحو ٦٥٪؜ للأعمال الكهروميكانيكية.
 

كما ناقش الدكتور سيد إسماعيل، مع مسئولي الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، معدلات التنفيذ وعدد أطقم العمالة الموجودة بالموقع والتوجيه بضرورة دفع العمل وتكثيف العمالة لزيادة معدلات التنفيذ والالتزام التام بالانتهاء من الأعمال بالمحطة طبقًا للموعد المستهدف بخطة الانتهاء المعتمدة.
 

وأكد نائب وزير الإسكان، ضرورة المحافظة على اتخاذ إجراءات السلامة والصحة المهنية وضرورة التنسيق المستمر من قبل الشركة المنفذة والجهاز التنفيذي بالشرقية لإنهاء التنسيقات المطلوبة أولا بأول مع الجهات المعنية للانتهاء من كل ما يلزم لإتمام الأعمال في التوقيتات المحددة واستعداد الوزارة لتقديم كل الدعم في سبيل ذلك.
 

واختتم نائب وزير الإسكان جولته التفقدية بمحافظة الشرقية، بتفقد الموقع المقترح لإنشاء محطة تنقية المياه بقرية كفر فرج بمركز منيا القمح، وناقش الدكتور سيد إسماعيل، مع مسئولي الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، المخطط تنفيذه لتلبية الاحتياجات المستقبلية لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، كما وجه بضرورة إعداد الدراسات اللازمة والتنسيق المستمر بين الشركة القابضة والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي وعمل التنسيقات اللازمة مع الجهات المعنية للبدء في التنفيذ، مؤكدًا دعم الوزارة الكامل لتلبية احتياجات المواطنين المستقبلية واستدامة تقديم الخدمة طبقًا للمعايير والمواصفات القياسية ومواصلة السعي لتلبية طلبات المواطنين.

مقالات مشابهة

  • رئيس مياه الشرب والصرف الصحي سوهاج يستقبل مسئولى الجهاز التنظيمي وحماية المستهلك بسوهاج
  • تحذيرات اممية من استخدام “إسرائيل” المساعدات كطُعم لإجبار السكان على النزوح
  • مياه أسيوط تستبدل خط طرد الصرف الصحي المتكرر الأعطال بمحطة البركة
  • محافظ أسيوط: استبدال خط طرد الصرف الصحي المتكرر الأعطال بمحطة البركة بطول 7500 متر
  • محافظ أسيوط: استبدال خط طرد الصرف الصحي المتكرر الأعطال بمحطة البركة بتكلفة 400 مليون جنيه
  • رئيس الوزراء الفلسطيني يصف الأوضاع بـ”الجريمة الإنسانية”.. إسرائيل تلوح بضم مستوطنات جديدة
  • نائب وزير الإسكان يقوم بجولة تفقدية موسعة لمتابعة سير العمل بمنظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة الشرقية
  • اللجنة الإسلامية للهلال الدولي تُدين انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • أهمية شرب المياه في الصيف: ضرورة صحية للجميع وخاصة الأطفال وكبار السن (كامل التفاصيل)
  • محطة سمائل للصرف الصحي .. روائح كريهة تقض مضاجع الأهالي