الوطن:
2025-05-21@01:30:47 GMT

بروفايل| أم كلثوم «كوكب الفن»

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

بروفايل| أم كلثوم «كوكب الفن»

في آخر ليالي ديسمبر قارس البرودة من العام 1898، جلس الشيخ إبراهيم البلتاجي في ساحة منزله الريفي البسيط يقرأ كتابا عن أولاد النبي، بينما في الخلفية يرتفع صراخ زوجته فاطمة في مخاضها الذي استمر لساعات قبل أن تنجح الداية في أن تقبض على رأس الجنين وتسحبه إلى الحياة، تذهب للأب وتبشره بقدوم مولودته في نفس الوقت الذي تقع عيناه على اسم «أم كلثوم» ابنة الرسول في كتابه، ويختاره اسما للفتاة التي أعلنت السجلات الرسمية ميلادها في مايو 1904 أي بعد 6 سنوات من ميلادها الحقيقي.

ما بين تلاوة القرآن وإلقاء القصائد والتواشيح الدينية تلقت أم كلثوم علومها وتشكل وعيها الأول من والدها، الذي كان يعمل منشدا في حفلات الزفاف كمصدر دخل إضافي للأسرة بجانب إمامة مسجد القرية، وعندما لمس الموهبة في الفتاة الصغيرة اصطحبها إلى حفلها الأول.

لم تعبء بالغرفة الضيقة المكتظة بالحضور، وقفت الطفلة بقامتها القصيرة فوق الكنبة الخشبية في ثبات وانطلق صوتها مدويا معلنا ميلاد فنانة حقيقية ستصبح خلال سنوات صوت الشرق وأيقونته وكوكبه، أصوات التصفيق والتهليل تغمر الطفلة التي لم تتجاوز الخمس سنوات التي أحيت حفل شيخ البلد برفقة والدها، ليذيع صيت الفتاة ذات الصوت الساحر في القرية والقرى المجاورة، وتنهال عليها عروض الحفلات حتى خطت أقدامها كل قرى القطر المصري قبل أن تلحق حلمها الكبير وتنقل إلى عاصمة الفن.

«مستقبل بنتك أكبر من طماي الزهايرة.. موهبتها أكبر من أن تظل حبيسة في تلك القرية الصغيرة».. اقتراح من الشيخ أبو العلا لوالد أم كلثوم بعد ما أطربته حنجرتها الذهبية ووجد موهبتها تليق بالمدينة الكبيرة، وبدأت بالفعل في تقديم حفلاتها على مسرح «الأزبكية» ليذيع صيت المطربة الشابة التي تتخذ خطواتها الأولى، وبحلول عام 1926 لم يكن مظهر الفتاة القروية التي ترتدي عقالا وبالطو وتغني المدائح النبوية والقصائد يروق للجميع، فكان يطلب منها الجمهور أن تغني الأغاني السائدة في ذلك الوقت، وأمام رفضها بدأ الجمهور يهجمون على المسرح لإغلاق الستار ولم تشعر بنفسها سوى وهي تسب هؤلاء لتسيقظ من الموقف على صفعة مدوية من والدها.

ولم تكن تلك الصفعة سوى جرس إنذار للفتاة الشابة التي بدأت تطوير الأغاني التي تقدمها دون الإخلال بالمستوى الفني والأخلاقي الذى ترضاه لنفسها، وسجلت أول اسطوانتها «مالي فتنت بلحظك الفتاك» والتي حققت أرباحا ضخمة لشركة الأسطوانات حتى وصل أجرها على الأسطوانة الواحدة لـ 50 جنيها بينما كانت تتقاضى منيرة المهدية التي كانت النجمة الأبرز في ذلك الوقت 40 جنيها.

وبدأ نجم «أم كلثوم» في البزوغ مع أغنية «إن كنت أسامح وأنسى الأسية» والتي باعت أكثر من نصف مليون أسطوانة، وارتفع بعدها أجرها في الحفلات الغنائية التي تحييها.

الخميس الأول من كل شهر كان موعدا مقدسا تخلو فيه الشوارع من المارة، فمن لم يحالفهم الحظ بالحصول على تذاكر للحفل يجلسون أمام المذياع في انتظار صوت السيدة يصدح في المنازل ويداعب أحلامهم وأوجاعهم، ونجحت أم كلثوم في تصدر المشهد الفني بعد سنوات قليلة في القاهرة، فلم تكن يوما مطربة عادية، ولكنها كانت حالة فنية استثنائية، أجادت إدارة موهبتها بذكاء شديد لتتحول إلى مؤسسة فنية متكاملة، تعاونت مع أبرز الملحنين والشعراء في ذلك الوقت، ولم تتوقف خطواتها على مجدها الشخصي فقط بل امتدت جهودها إلى العمل العام فأسست أول نقابة للموسيقيين وترأستها على مدار 10 سنوات، وشحذت سلاحها الوحيد وهو صوتها في دعم بلادها من خلال أغانيها وحفلاتها وجمع التبرعات لإعادة بناء الجيش المصري من بعد نكسة 1967 وحتى نصر أكتوبر 1973.

«ماتت أم كلثوم» تصدر مانشتات الصحف في 5 فبراير 1975، وصدم جميع محبيها في الوطن العربي بعد ما كان آمالهم بشفائها عالية، وخرج الملايين إلى الشوارع في مشهد مهيب لتوديع النجمة الكبيرة بعد ما سطرت بفنها جزءا كبيرا من تاريخ مصر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أم كلثوم كوكب الشرق ذكرى ميلاد أم كلثوم أم کلثوم

إقرأ أيضاً:

شربات غولا الموناليزا أيقونة اللاجئين الأفغان

تحولت الطفلة الأفغانية شربات غولا إلى أيقونة عالمية بعد أن انتشرت صورة لها على غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك الأميركية عام 1985 وهي تنظر بعينين خضراوين إلى عدسة الكاميرا، مثيرة فضولا واسعا بشأن هويتها واهتماما كبيرا بمأساة ملايين اللاجئين مثلها.

في عام 2002 عرف العالم أن تلك الفتاة اسمها شربات غولا، واكتشف فصول حياتها بدءا من نزوحها وهي طفلة إلى باكستان تحت القصف الروسي، وعاشت هناك فترة طويلة قبل ترحيلها عام 2016 إلى بلادها، ثم أُجليت عام 2021 برفقة أفراد عائلتها إلى إيطاليا بعد تولي حركة طالبان مقاليد الحكم في أفغانستان.

المولد والنشأة

تختلف الروايات بشأن تاريخ ميلاد الفتاة الأفغانية شربات غولا، وتتراوح التقديرات بين عامي 1972 و1974 وفق مجلة ناشيونال جيوغرافيك التي كان سباقة إلى معالجة قصتها في عام 1985، ورجحت آنذاك أن يكون عمرها متراوحا بين 10 سنوات و12 عاما.

وبعد أن كشفت المجلة الأميركية في عام 2002 هوية تلك الفتاة اهتمت وسائل إعلام دولية كثيرة بقصتها، وأصبح متداولا في أكثر من موقع إخباري أن شربات غولا ولدت في 20 مارس/آذار 1972 في منطقة جبلية تقطنها أغلبية من عرقية البشتون قرب الحدود مع باكستان.

وترجح المجلة أن شربات غولا كانت في السادسة من عمرها عندما قصفت طائرات سوفياتية قريتها وقتلت والديها، فاضطرت إلى النزوح مشيا على الأقدام في ذروة فصل الشتاء وموسم الثلوج إلى باكستان برفقة جدتها وأخيها وأخواتها الأربع.

انتقلت شربات غولا من بيت قروي إلى خيمة في مخيم ناصر باغ المكتظ باللاجئين في محيط مدينة بيشاور الباكستانية قرب الحدود مع أفغانستان.

إعلان

وهناك قضت بقية طفولتها والتحقت بمدرسة غير نظامية تابعة للمخيم، لكنها لم تتلق تعليما كافيا، وكان نصيبها من التحصيل أنها تعلمت كتابة اسمها فقط، وفق روايتها.

شربات غولا (وسط) بعدما استقبلها الرئيس الأفغاني أشرف غني في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 (أسوشيتد برس) صورة تاريخية

وفي عام 1984 حصل موقف غير متوقع غيّر لاحقا وبشكل جذري حياة شربات غولا، إذ زار مصور أميركي مخيم ناصر باغ في إطار مهمة لتغطية أوضاع اللاجئين الأفغان بباكستان، واستأذن من معلمة للبنات من أجل الدخول إلى فصل دراسي عبارة عن خيمة من أجل التقاط صور لبعض الطالبات.

يروي المصور ستيف ماكوري أنه أثناء التقاط الصور لفتت انتباهه فتاة كانت أكثر خجلا من الأخريات لكنها لم تمانع في أن يصورها، وفعلا التقط لها بعض الصور وعندما تفحصها لاحقا فوجئ بملامح الطفلة، إذ تبدو ثابتة وهادئة، لكنه اكتشف لاحقا بعد التدقيق في ملامحها وقسمات وجهها أن لون عينيها ليس عاديا.

أما بالنسبة للفتاة فقد كانت تلك أول مرة في حياتها تقف أمام إنسان غريب ويلتقط لها صورة، لكن الموقف في مجمله لم يعن لها الشيء الكثير لحظتها في ظل حياة المخيم الصعبة والمليئة بالإكراهات والتحديات.

وفي يونيو/حزيران 1985 أطلت شربات غولا على العالم من صفحات مجلة ناشيونال جيوغرافيك بعد أن تصدرت صورتها غلاف المجلة.

فتاة أفغانية ذات عينين خضراوين تحدق في الجميع بنظرة ثاقبة، فيها مزيج من البراءة والحيرة والقلق.

كان لتلك الصورة مفعول غير عادي، سواء على المصور الذي التقط الصورة أو على كل من وقعت عيناه على غلاف المجلة الأميركية.

هنا بدأ الجميع يتساءلون عن هوية الفتاة ذات العينين الخضراوين، وأثناء البحث في ثنايا المجلة الناشرة وفي صفحات التقرير المطول عن محنة اللاجئين الأفغان عرف القراء أنها عنوان لملايين الهاربين من جحيم الحرب الدائرة في أفغانستان بعد أن غزتها قوات الاتحاد السوفياتي في أواخر 1979.

وفي السنوات اللاحقة تحولت تلك الصورة إلى أيقونة تجوب العالم، وذهبت التعليقات عليها في كل الاتجاهات إلى درجة أن الكثيرين وصفوا الفتاة بـ"الموناليزا الأفغانية"، في حين اكتسب ملتقط الصورة الأميركي ستيف ماكوري شهرة عالمية وشبهه كثيرون بالرسام الإيطالي ليوناردو دافنتشي.

وفي غضون ذلك، واصلت الفتاة الأفغانية العيش في عالم آخر، عالم المخيم وهي لا تدري ماذا حصل بعد لحظة وقوفها أمام شخص غريب يحمل كاميرا ويلتقط لها صورة.

الصورة التي نشرتها مجلة ناشيونال جيوغرافيك لشربات غولا عام 1984 (أسوشيتد برس) البحث عن الفتاة الأفغانية

في غمرة الاهتمام العالمي بحقيقة "الفتاة الأفغانية" لم يتوقف المصور الأميركي ماكوري بدوره عن السعي لمعرفة هوية الفتاة التي كان لها دور كبير في تحوله أيضا إلى نجم كبير في عالم التصوير والإعلام.

إعلان

منذ التقاط الصورة الشهيرة في أواخر 1984 ونشرها حصلت تطورات كثيرة في الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وفي أفغانستان التي خرجت منها القوات السوفياتية وآلت فيها مقاليد الحكم إلى حركة طالبان، قبل أن تتعرض البلاد لغزو جديد بقيادة الولايات المتحدة أطاح بتلك الحركة في أواخر 2001.

وفي ذلك السياق -وتحديدا في عام 2002 بعد 17 عاما على نشر الصورة- قرر المصور ماكوري التوجه على رأس فريق من ناشيونال جيوغرافيك إلى باكستان بحثا على الفتاة التي لم تبق مجرد صورة، بل تحولت إلى أثر فني.

وبعد الكثير من التحريات والاتصالات والمقارنات والمحاولات في مخيم ناصر باغ وفي محيطه اهتدى ماكوري وفريقه إلى شربات غولا.

فبعدما خفت وطأة القتال في أفغانستان في مطلع تسعينيات القرن الـ20 عادت إلى بلادها للعيش في قرية جبلية بمنطقة تورا بورا شرقي أفغانستان، وهناك وجدها ماكوري مع بناتها الثلاث.

تبعد تلك القرية عن مكان التقاط الصورة التاريخية بأقل من 200 كيلومتر، لكن الوصول إليها تطلّب من فريق ناشيونال جيوغرافيك 6 ساعات من السياقة و3 ساعات من المشي في المسالك الجبلية.

وهناك جدد ماكوري اللقاء مع "ضالته"، وقد تغيرت ملامحها بالكامل إلى درجة أن شكوكا انتابته بشأن حقيقتها.

وللتأكد من التطابق بين فتاة الصورة ذات العينين الخضراوين وشربات غولا التي هدّها العيش في المخيم بباكستان وفي جبال أفغانستان استعان الطاقم بموظف بمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي) وخبير في قزحية العين من جامعة كامبردج البريطانية.

أخبرته شربات غولا أنها لم تعلم شيئا عن تلك الصورة طوال تلك الفترة، وإن كانت فعلا تتذكر لحظة التقاطها في المخيم، وأنها بعد ذلك التاريخ بفترة قصيرة تزوجت في المخيم ذاته من لاجئ أفغاني وهي في سن تتراوح بين 13 و16 سنة.

شربات غولا لجأت إلى إيطاليا وفضلت عدم الكشف عن مكان إقامتها (أسوشيتد برس) أيقونة اللاجئين

في هذه الأجواء المفعمة بالدهشة والغرابة التقط ماكوري صورا أخرى لشربات غولا تظهر في إحداها وهي تحمل صورتها الملتقطة عام 1984، وتصدرت تلك الصورة الجديدة بدورها غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك في نسخة أبريل/نيسان 2002، واكتشف العالم هوية "الموناليزا الأفغانية".

إعلان

بعد ذلك تحولت قصة شربات غولا إلى أيقونة لمعاناة اللاجئين الأفغان، وأصبحت مصدرا لجذب انتباه الرأي العام الدولي إليهم، وهكذا تبلورت مبادرات كثيرة في شكل حملات للتبرع أو إنشاء جمعيات ومنظمات لدعم النازحين وتوفير سبل التعليم والرعاية الصحية للأطفال.

أما شربات غولا فحاولت البقاء أطول فترة ممكنة في باكستان بالقرب من زوجها الذي توفي عام 2012 بسبب التهاب الكبد الوبائي، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 اعتقلتها السلطات الباكستانية أسبوعين بتهمة تزوير بطاقة هوية باكستانية، في محاولة للعيش بالبلاد، وتم ترحيلها إلى بلادها.

تجربة لجوء جديدة

وفي العاصمة كابل حظيت شربات غولا وبناتها باستقبال من طرف الرئيس آنذاك أشرف غني وسلفه حامد كرزاي، وفي ديسمبر/كانون الأول 2017 منحتها الحكومة مسكنا في العاصمة ومعاشا شهريا قدره 700 دولار.

بعد ذلك تزوجت شربات غولا للمرة الثانية وأنجبت بنتا رابعة، وعندما استولت حركة طالبان على الحكم في أفغانستان في صيف عام 2021 حصلت على مساعدة الحكومة الإيطالية، وأُجليت برفقة أفراد عائلتها إلى إيطاليا، وهي تعيش هناك وتفضل عدم الكشف عن مكان إقامتها.

وفي حوار مع صحيفة إيطالية عام 2022 قالت شربات غولا إن الصورة التي نشرتها ناشيونال جيوغرافيك عام 1984 سببت لها الكثير من المشاكل.

وقالت "كنت أتمنى لو لم تلتقط أبدا، أتذكر ذلك اليوم جيدا، وأتذكر ذلك المصور الذي وصل إلى مدرسة مخيم ناصر باغ، كنت طفلة، لم أكن أحب الصور، في الثقافة الأفغانية النساء لا يظهرن في الصور، لكن لم يكن لدي خيار".

مقالات مشابهة

  • شربات غولا الموناليزا أيقونة اللاجئين الأفغان
  • في ذكرى ميلادها.. زينات علوي “راقصة الهوانم” التي جمعت بين الأناقة والفن(تقرير)
  • للمرة الأولى.. رصد ظاهرة الشفق المرئي بالعين المجردة على كوكب المريخ
  • في عيد ميلاده الـ67.. أحمد آدم “القرموطي” الذي صنع اسمه بالضحك والدراما(بروفايل)
  • فلكية جدة: كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم
  • "فلكية جدة": كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم
  • «فلكية جدة»: كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم
  • مصطفى الفقي يوضح مقصده من وصف أم كلثوم بـ لطيفة.. فيديو
  • اكتشاف علامات جديدة للنشاط التكتوني على كوكب الزهرة
  • اليوم.. متحفي " ام كلثوم" و"محفوظ" بالمجان للجمهور احتفاءا باليوم العالمي للمتاحف