سوف يأتى يوم يتوقف فيه التاريخ أمام البيان الذى صدر عن وزارة الدفاع الأمريكية فى ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٣، وسوف يتوقف التاريخ ليحاسب لا ليسجل!.. ففى هذا اليوم أعلنت الوزارة فى بيانها أن ادارة الرئيس جو بايدن قررت بيع ذخيرة لإسرائيل بمبلغ قيمته ١٤٧ مليون دولار.
ولم تكن القضية طبعًا فى أنها باعت، فما أكثر السلاح الذى باعته الإدارات الأمريكية المتعاقبة للدولة العربية، ولكن الجديد هذه المرة أنها فعلت ذلك من وراء ظهر الكونجرس، وإذا شئنا الدقة أكثر قلنا بأنها فعلت ذلك رغم أنف الكونجرس!
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكنه تجاوزه إلى درجة أن وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أرسل تقريرًا إلى الكونجرس يشرح فيه أسباب القفز فوق السلطة التشريعية فى البلاد ويقول، بأن هناك حالة طوارئ تبرر البيع دون العودة لها!
ولم يكن هناك ما هو أعجب من البيع دون موافقة الكونجرس، بل رغم أنفه، إلا حديث بلينكن عن الضرورات التى تبيح المحظورات!.
وليس سرًا أن بايدن كان قد قدم طلبًا إلى الكونجرس يطلب فيه ١٠٦ مليارات دولار لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان، ولكن أعضاء الكونجرس لم يوافقوا بعد، ولا يزال الطلب على مكاتبهم.. وعندما زار الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى واشنطون فى وقت سابق لم ينجح فى تحريك الطلب من مكانه، فعاد إلى بلاد شمال أوربا يطلب منها ما لم يجده فى العاصمة الأمريكية.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يجرى فيها تجاوز الكونجرس، بوصفه السلطة المسئولة عن التشريع وعن مراقبة أعمال الحكومة، فمن قبل جرى الشيء نفسه فى ٩ ديسمبر، عندما ارتكبت الإدارة الأمريكية الخطأ نفسه، وعندما ضربت بسلطتها التشريعية عرض الحائط، وباعت سلاحًا لإسرائيل دون موافقة الكونجرس!
ولأن هذا حصل ويحصل فى العلن، ولأن ادارة بايدن لا تجد حرجًا فيما تفعله، فإنها مسئولة قبل حكومة نتنياهو عما أصاب ويصيب الأطفال والنساء والمدنيين فى أنحاء غزة.. وهذا ما قصدته من جانبى عندما قلت بأن التاريخ سوف يتوقف ليحاسب لا ليسجل.
ولا يوجد شيء يعبر عن هذا المشهد على بعضه، إلا الكاريكاتير الذى يصور تمثال الحرية الأمريكى الشهير، وهو يضع يديه على وجهه من شدة الإحساس بالخجل.. فالتمثال فى وضعه الطبيعى يرفع يده فى الفضاء ممسكًا بما يشبه الشعلة، ولكنه فى الكاريكاتير قد ألقى الشعلة وراح يدارى وجهه من فرط الكسوف مما تفعله إدارة بلاده الحاكمة وتمارسه!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط احمر وزارة الدفاع الأمريكية السلاح للدولة العربية الادارات الامريكية
إقرأ أيضاً:
بعد إلغاء قانون قيصر وكشف شروط الكونجرس.. هل نصبت واشنطن فخا لسوريا ؟
صوّت الكونجرس الأمريكي، امس الأربعاء، لصالح إلغاء قانون قيصر كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026 لكن مع وضع عدد من الشروط وفقا لسياسة إعادة التأهيل التي تنتهجها واشنطن لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا.
قانون قيصر ضد سوريافرض قانون قيصر، الذي سُنّ عام 2019، عقوبات على نظام الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد وحلفائه المقربين عقابًا لهم على انتهاكات ارتُكبت ضد المدنيين خلال الحرب الأهلية السورية.
يمثل هذا الإلغاء تحولًا كبيرًا في نهج واشنطن تجاه دمشق، إذ ينتقل من سنوات من العزلة والعقوبات إلى سياسة تهدف إلى إعادة دمج البلاد في المجتمع الدولي، مع خضوعها لآليات رقابية ومراجعات دورية لسلوك الحكومة السورية.
رحبت دمشق بهذه الخطوة باعتبارها "خطوة بنّاءة نحو إعادة بناء سوريا وإعادة دمجها اقتصاديًا ودبلوماسيًا".
شروط الكونجرس لإلغاء العقوبات ضد سورياوبهذا القرار تنتقل سوريا من الوقوع تحت طائلة العقوبات، إلى سياسة إعادة تأهيل بشروط محددة، حيث تربط الولايات المتحدة إلغاء العقوبات بتقديم تقارير دورية كل 180 يومًا إلى الكونجرس الأمريكي، تُقيّم التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب، وحماية حقوق الأقليات، وضمان عدم استخدام القوة العسكرية ضد الدول المجاورة.
وتُشير هذه الشروط إلى أن إلغاء العقوبات ليس "تبرئة كاملة" لسوريا، بل هو محاولة لإعادة ضبط علاقتها مع المجتمع الدولي على أسس سياسية وأمنية.
ووصفت الحكومة السورية الإلغاء بأنه بداية "عهد جديد" لإعادة الإعمار والاستقرار، عهد من شأنه جذب الاستثمارات الأجنبية، وإنعاش المساعدات الدولية، وإعادة فتح قنوات التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.
وأضافت دمشق أن هذه الخطوة تُتيح للحكومة الجديدة فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وترميم المدن التي دمرتها الحرب.
كما أن هذا التحول سيمنح سوريا، في حال امتثالها للشروط، شرعية دولية قد تُنهي سنوات من العزلة السياسية والاقتصادية إلا أن عدم الامتثال للتقارير الدورية الأمريكية قد يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات.
تفاؤل في سوريا بعد إلغاء قانون قيصروتفتح هذه التطورات الباب أمام عودة تدريجية للاستثمارات وإعادة الإعمار وقد يُشجع رفع العقوبات، إلى جانب آليات المراقبة، الدول والشركات على الاستثمار في قطاعات البناء والطاقة والبنية التحتية والعقارات، لا سيما في المدن الخارجة من الصراع.
كما قد يُؤدي ذلك إلى تحسن نسبي في الظروف المعيشية للشعب السوري فإذا انفتحت سوريا على المساعدات الدولية والتجارية، فقد يتحسن توافر السلع الأساسية والكهرباء وخدمات المياه، وقد يعود بعض النازحين، مما قد يُخفف الضغط على السكان.
سوريا تواجه شبح عودة العقوباتوعلى الرغم من التفاؤل الكبير، إلى أن البابا يبقى مفتوحا أمام إعادة فرض العقوبات ضد سوريا، لأن إلغاء قانون قيصر مرتبط بتقييمات دورية، فإن أي تقصير في الوفاء بالالتزامات، بما في ذلك جهود مكافحة الإرهاب أو حماية حقوق الأقليات، قد يؤدي إلى فرض عقوبات جديدة.