هل قامت الشعوب العربية بما يكفي تجاه غزة؟.. العدوان مستمر والصمت جريمة
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
مر 90 على العدوان، وما زال شلال الدماء في غزة يتدفق بقوة، إذ بدا الاحتلال أكثر توحشا من ذي قبل مع اطمئنانه باستمرار الدعم الغربي والتغطية على مجازره.
وكانت المشاهد القادمة من غزة صادمة لدرجة كبيرة، هذا فضلا عن الدمار الهائل الذي عم القطاع، وهو ما دفع الجماهير منذ الأيام الأولى للخروج بتظاهرات حاشدة طافت أرجاء المعمورة.
وشهد شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حراكا شعبيا واسعا في الدول العربية خصوصا، حيث طافت التظاهرات شوارع العواصم والمدن من المحيط إلى خليج، وبدا كأنه طوفان للشعوب يسير مع طوفان الأقصى العملية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال.
ويبدو من مسار الحرب في القطاع أن الاحتلال بات لا يقيم وزنا لأي خطوط حمراء سبق أن تخوف منها، خصوصا أن المواقف الرسمية العربية تراوحت بين الصمت والإدانة والدعوات لوقف الحرب، وتلك اللغة لا يبدو أن نتنياهو يفهمها خصوصا أنه ماض بخطط التهجير والحرب الشاملة على سكان غزة.
واجبنا المزيد
لكن بعد ثلاثة أشهر من الحرب وجمود وضعف الموقف العربي الذي عجز عن إيقاف العدوان أو حتى إدخال المساعدات، بدا الحراك الشعبي أقل حضورا على الرغم من استمراره في العواصم الغربية.
وازداد العدوان توحشا مؤخرا حيث بات يرتكب عشرات المجازر يوميا كما وسع من نطاق عمليته البرية لتشمل مناطق جنوب القطاع، وسط صمت رسمي ربي، تخرقه بعض التصريحات.
وحول ذلك يقول الباحث والكاتب السياسي نظير الكندوري، "إن الشعوب العربية تفاعلت بشكل كبير مع بداية معركة طوفان الأقصى، وبالقدر الذي سمحت به الأنظمة العربية، من تظاهرات واحتجاجات ومقاطعة وغيرها من الأساليب الاحتجاجية".
وأضاف في حديث لـ "عربي21”, "أن هذا التفاعل بدأ بالتضاؤل تدريجيًا، ليس لتقصير تلك الشعوب، بحسب وجهة نظري، إنما بسبب ما قامت به الأنظمة العربية من تضيّق على شعوبها، خشية تحوّل تلك الفعاليات الشعبية، إلى احتجاجات ضد الأنظمة الساكتة على جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة".
وتابع، "وصل بنا الحال، أن بدأنا نتساءل، لماذا تفاعل الشعوب العربية مع ما يحدث في غزة هو أقل من نظيره الذي يحدث عند شعوب أوروبية وأمريكية. لكن فاتنا أن نقارن بين ما تمتلكه الشعوب الغربية حقوق تتعلق بحق التعبير وحرية أبداء الرأي السياسي واحترام حق الأنسان بعدم اضطهاده بسبب مواقفه السياسية، بينما تفتقر الشعوب العربية لكل تلك الحقوق. فروقات هائلة بين الشعوب العربية والغربية في هذا المجال".
وتساءل الكندوري، "ومع ما تقدم، هل تكتفي الشعوب العربية بما قدمت، وتستكين وتراقب بصمت ما يحدث من جرائم في غزة، بحجة أنهم معذورين لأن أنظمتها المستبدة لن تسمح لها بالتعبير عن مواقفها الحقيقية؟".
وأكد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن الشعوب العربية باتت مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لنصرة غزة.
كما قارن آخرون بالحراك الشعبي في أوروبا والولايات المتحدة وبين التظاهرات في الدول العربية، داعين لممارسة أقصى درجات الضغط على الحكومات العربية للخروج بموقف حقيقي يوقف نزيف الدماء في غزة.
الشعوب العربية بشكل عام مطالبه الأن بأعاده رسم خارطه سياسيه جديده تكون تحت مراقبه وإشراف الشعب ولا امتيازات ولا حصانه ولا حمايه للسياسيين حتى يحاسبون أن اخطأو ولا تتحكم بهم دول أخرى ولا فساد ولا هدر للمال العام
ويكون القضاء مستقل ويرجع للقانون هيبته والوطن كرامته — الثائر على الظالمين (@asdwn128) January 4, 2024
جميع الشعوب مطالبة اليوم الانخراط في الدفاع عن وجودها نفسها بعد أن شاهدت طرق تعامل الاستعمار الاستيطاني على مدة 85 سنة وما نراه من توحش شرس وخطط توسع وسرقة أراضي وسرقة موارد البلاد. إن لم تردعوهم اليزم، فهم سينتقلوا إلى الهجوم عليكم فيما بعد. فهل ستسبقون الصهاينة الاستعماريين؟ — Fouad M. Haidar-Ahmad (@fouadhaidar) December 30, 2023
بينما الشعوب العربية اكبر انجاز عملوه هو كان اضرب ومقاطعة متظاهرون امريكيون يغلقون عدة طرق مؤدية إلى مطار جون كنيدي؛ مطالبةً بوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب على قطاع غزة#غزة_تنتصر#فلسطين#حماس_تمثل_أمة_الإسلام pic.twitter.com/01cONxjo7o — محمد سالم الزعاترة ???? (@mohammad89salem) December 27, 2023
المقاطعة
منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وبالتزامن مع بدء العدوان على غزة، وبدأ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الدعوة لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال.
وشملت المقاطعة كبريات الشركات العالمية الداعمة للاحتلال على غرار "ستاربكس" و"ماكدونالدز" و"بابا جونز".. وغيرها؛ بسبب تقديمها دعما لجيش الاحتلال الإسرائيلي سواء ماديا أو معنويا.
وسريعا بدا أثر المقاطعة حيث وتكبّدت شركة "ستاربكس" ما وُصف بـ"الخسارة الهائلة" في القيمة السوقية، حيث بلغت 11 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 9.4 في المئة، مما دق ناقوس الخطر داخل كافة أروقة شركة متاجر القهوة، الأولى عالميا.
كما اعترفت شركة مطاعم "ماكدونالدز" الأمريكية للوجبات السريعة بتأثر أعمالها بسبب المقاطعة الواسعة؛ إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ودعم السلسلة فضلا عن دعم الإدارة الأمريكية للحرب.
وقال الرئيس التنفيذي للسلسلة، كريس كمبينسكي؛ إن عددا من الأسواق في الشرق الأوسط، وخارجه "تأثرت بشكل ملموس" بسبب حرب إسرائيل، إضافة إلى ما قاله إنها "معلومات مضللة" حول العلامة التجارية، بشأن دعمها للاحتلال.
الإضراب العام
ولم تكتف الشعوب بالإدانات الحكومية الخجولة، والتظاهرات فقط، بل انطلقت حملة للمشاركة في الإضراب الشامل، الذي دعا إليه ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي حول العالم، مطلع الشهر الماضي، ك، دعما لقطاع غزة المحاصر، وللمطالبة بوقف العدوان وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وتصدّر وسم #الإضراب_الشامل و strikeforgaza# مواقع التواصل الإجتماعي في عدد من الدول العربية كما أنه حظي بمشاركة واسعة من ناشطين في دول مختلفة حول العالم.
وبالفعل لاقت الدعوات العالمية للمشاركة في الإضراب الشامل؛ نصرة لأهالي قطاع غزة وللمطالبة بوقف إطلاق النار، صدى واسعا على الصعد كافة في كل من لبنان والأردن وتركيا ودول أخرى.
وأغلقت الشركات والمصانع والمحال أبوابها في عدة بلدان.
وفي إجابته عن سؤال حول إمكانيات الشعوب للوقوف عمليا مع غزة، قال الكندوري، "إنه لا يوجد عذر للشعوب العربية على سكوتها، أو غض نظرها عن الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني وتقف متفرجة على كل ذلك".
وأكد، "أن بإمكان الشعوب العربية فعل المزيد من الضغوط على أنظمتها حتى تجبرها على اتخاذ إجراءات أكثر قوة لنصرة غزة وأهلها، مثل الإضرابات والعصيان المدني والمقاطعة الشعبية وغيرها من الفعاليات الشعبية".
أثر الحراك على الشعوب
وشددت السلطات الأمنية في عدة دول عربية من إجراءاتها مع كل مجزرة جديدة يرتكبها الاحتلال في غزة، خشية تصعيد الشارع، كما تعرض العديد من المتظاهرين للاعتقال.
وبنظر الكثيرين فإن العدوان غزة سيؤسس لمرحلة جديدة من العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الدول العربية التي تعاني شعوبها من الديكتاتورية وشبه انعدام للنشاط الديمقراطي المؤثر على قرارات الأنظمة الحاكمة.
وأكد الكندوري، "أن على الشعوب العربية أن تعلم، أن حراكها في هذا الوقت، لنصرة غزة والشعب الفلسطيني، لا يعود بالنفع والفائدة للشعب الفلسطيني فقط، إنما ستنعكس تلك الفائدة على الشعوب العربية نفسها، لأنها شعوب هي الأخرى تعيش تحت أنظمة مستبدة سياسيًا ومنذ عشرات السنين، وما يحدث في غزة جرائم، لا تزيد كثيرًا عما يحدث في بلد عربي أخر، والأمثلة على ذلك كثيرة".
مفاصلة وشيكة
اتسم موقف الحكومات العربية بالضعف تجاه الأحداث في غزة، ولم يرق إلى مستوى المجازر التي ترتكب في القطاع يوميا، حيث لم تستطع الدول العربية مجتمعة إدخال مساعدات لغزة، إلا بوساطة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
كما لم تقطع الدول المطبعة علاقتها الدبلوماسية بالاحتلال على غرار دول بوليفيا أو كولومبيا وغيرهما من الدول التي اتخذت مواقف صارمة تجاه ما يحدث في غزة.
يؤكد الكندوري في معرض حديث لـ "عربي21”, "في قراءة مستقبلية لتداعيات معركة طوفان الأقصى، وما تلاها من صور لصمود الشعب الفلسطيني في غزة تجاه كل المؤامرات التي تحاك ضده، نرى أنه لابد وسيترك أثرا عظيما في الشعوب العربية".
ويضيق، "سيمثل صمود غزة أمام الشعوب العربية، حقيقة لا جدال فيها، هي أن (الحرية لا تُمنح دون ثمن)، إنما تُنتزع انتزاعًا، والحرية ثمنها إراقة الدماء، وإذا أرادت الشعوب العربية التحرر من نير الاستبداد الذي تعيشه، والفوز بحريتها وانتزاع كرامتها، فعليها المضي بنفس الطريق الذي مضى به الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة".
وختم الكندوري، "أن الشعوب العربية ليست بأقل من شعب فلسطين حبًا للحرية والتحرر والاستقلال، ولديها الاستعداد للتضحية لأجل ذلك بالغالي والنفيس. ففي الوقت الذي يقاتل الفلسطيني محتلا يريد انتزاع أرضه منه، نجد أن العربي لابد له من الوقوف بوجه الأنظمة التي تحتله بالوكالة عن دول كبرى، لا فرق كبيرا بين الحالتين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العدوان غزة الاحتلال الدول العربية التظاهرات المقاطعة الإضراب غزة الاحتلال الدول العربية المقاطعة التظاهرات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی الشعوب العربیة الدول العربیة ما یحدث فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
يومٌ عالمي.. وواقعٌ مرّ: لماذا يُترك ذوو الإعاقة خارج الاهتمام في الدول العربية؟
تشير الدراسات إلى أن المجتمع غالبًا ما ينظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة من منظور الشفقة أو التقليل من قدراتهم، مما يخلق لديهم شعورًا بالعزلة. كما أن اعتبار الشخص ذي الإعاقة "يثير الرحمة" فإن ذلك من شأنه أن يعيق دمجه الكامل في الحياة العامة.
يعيش في العالم أكثر من 1.3 مليار شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي نحو 16% من سكان الكرة الأرضية، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية عام 2023. ويعيش معظم هؤلاء في الدول النامية حيث تفتقر تلك البلدان إلى البنى التحتية اللازمة والخدمات الأساسية لتلبية احتياجاتهم، بينما يواجهون عقبات اجتماعية واقتصادية متشابكة تمنعهم من ممارسة حقوقهم كاملة.
وأكد التقرير،الصادر عن المنظمة، أن الأشخاص ذوي الإعاقة يموتون في سن أصغر، ويواجهون مخاطر صحية مضاعفة لإصابتهم بالاكتئاب والسكري والسكتة الدماغية والسمنة، إضافة إلى صعوبات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الصحية ووسائل النقل. وتنشأ هذه الفجوات نتيجة التمييز والوصمة واستبعادهم من التعليم والعمل، إضافة إلى ضعف الدعم الاجتماعي.
عقبات تحدّ من الحق في التعلميُعد التعليم حقًا أساسيًا لكل إنسان، وهو الركيزة الأولى التي تمكّن الفرد من الانخراط في المجتمع والمساهمة فيه. لكن الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة غالبًا ما يجدون أنفسهم في مواجهة عقبات بنيوية ومؤسسية تعرقل هذه الرحلة. فغياب الممرات الخاصة بهم والمصاعد الملائمة، إلى جانب نقص الأجهزة التعليمية والتقنيات المساندة، يجعل تجربة التعلم بالنسبة لهم أكثر صعوبة، ويعمق شعورهم بالإحباط والعزلة.
على سبيل المثال، في كثير من المدارس الحكومية بالدول النامية، لا توجد فصول مجهّزة بالوسائل السمعية والبصرية أو برامج تعليمية رقمية معدّة خصيصًا لتلبية احتياجات الطلاب من ذوي الإعاقة البصرية أو السمعية. أما أولئك الذين يعانون من إعاقات حركية، فيضطرون، في كثير من الأحيان، إلى الامتناع عن حضور الدروس لعدم قدرة المبنى على استيعاب كراسيهم المتحركة أو لضيق الممرات.
وتكشف التقارير أنه خلال جائحة كورونا، تفاقمت هذه العقبات بشكل كبير مع التحول المفاجئ إلى التعليم عن بُعد. إذ لم تُراعَ الفروقات الفردية بين الطلاب، فوجد كثيرون أنفسهم خارج منظومة التعليم الرقمي.
إضافة إلى العقبات المادية، تساهم النظرة المجتمعية في الحدّ من الفرص التعليمية لهذه الفئة. فالوصم الاجتماعي المرتبط بالإعاقة يصل أحيانًا إلى المدرّسين وزملاء الدراسة، حيث يشعر الطلاب من ذوي الإعاقة بأنهم أقلّ كفاءة.
Related جمعيات حقوقية تتهم حكومة نتنياهو بعدم توفير ملاجئ لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصةشاهد: أردني من ذوي الاحتياجات الخاصة يصبح نجما على فيسبوك بتحليله مباريات كرة القدمقطر: أفكار وتقنيات فريدة لتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من عيش تجربة كأس العالم "ضحايا التمييز والقصور المؤسساتي"يواجه معظم الناس صعوبات في العثور عن عمل، لكن بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، فإن الأمر يبدو أشد قسوة.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، أكثر من 80% من ذوي الإعاقة في الدول النامية لا يعملون، ويُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، لا سيما نقص السياسات الحكومية الداعمة، ضعف البنية التحتية، والوصمة الاجتماعية التي تحد من فرص إيجاد فرصة عمل.
وحتى عند توفر الوظائف، كثيرًا ما تكون غير ملائمة لاحتياجاتهم أو بعيدة عن مهاراتهم الحقيقية. وعلى سبيل المثال، قد يمتلك بعض الموظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة القدرة على أداء مهامهم بكفاءة، إلا أنهم يُحرمون من الوظيفة بسبب غياب الممرّات أو المرافق المناسبة لممارسة العمل. وفي حالات أخرى، يتعرضون للتمييز من قبل أصحاب العمل والزملاء، نتيجة الاعتقاد بأنهم أقل إنتاجية أو يحتاجون إلى "جهد إضافي" لتحقيق نفس النتائج.
وغالبًا ما يضطر هؤلاء للاعتماد على الأسرة أو المساعدات الاجتماعية، ما يزيد شعورهم بالإقصاء والعجز ويحد من فرصهم في المشاركة الفعلية في المجتمع. في المقابل، تشير دراسات إلى أن تشجيع الدمج الوظيفي وتوفير فرص عمل ملائمة مع تجهيزات مساندة يمكن أن يحقق تحسنًا كبيرًا في الإنتاجية والاندماج الاجتماعي.
تجاهل أوتمثيل إعلامي مشوّهيقدّم الإعلام ذوي الاحتياجات الخاصة إما كضحايا يعانون باستمرار أو كأبطال استثنائيين يتغلّبون على كل الصعوبات. ولا يعكس هذا النوع من التمثيل الواقع اليومي للمعاناة ولا مطالبهم الأساسية وحقوقهم الطبيعية.
و تعزز هذه التغطية الوصمة الاجتماعية وتجعل النظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة مرتبطًا بالشفقة أو الإعجاب الاستثنائي، بدلاً من الاعتراف بقدراتهم ومساهماتهم.
كما أن غيابهم عن التقارير الإعلامية المنتظمة حول التعليم والصحة والعمل يجعل معاناتهم غير مرئية. فالمسؤولون والمجتمع لا يرون حجم المشكلات اليومية التي يواجهونها، ما يؤدي إلى تأخير تطوير السياسات والخدمات المتعلقة بهم.
صعوبات غير مرئيةتتجاوز الصعوبات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة حدود المدارس وأماكن العمل، لتصل إلى الحياة اليومية بكل تفاصيلها. فالكثير من المباني العامة، والمواصلات، والمتاجر، وحتى المرافق الترفيهية غالبًا ما تكون غير مهيّأة لاستقبالهم.
ويجد الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة صعوبة في الوصول إلى المستشفيات أو المراكز التجارية بسبب غياب المنحدرات والمصاعد المناسبة. كما أن وسائل النقل العام في كثير من المدن تفتقر إلى تجهيزات تلائم ذوي الإعاقة الحركية أو البصرية.
إضافة إلى ذلك، تغيب الخدمات الصحية والاجتماعية الملائمة التي تكفل لهم حياة كريمة. ففي بعض الدول العربية، لا توجد برامج متكاملة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء عبر المراكز التأهيلية، أو الدعم النفسي، ما يجعلهم يعتمدون بشكل كبير على أسرهم ويزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليهم.
ومن الناحية المجتمعية، تشير الدراسات إلى أن نظرة المجتمع إلى ذوي الاحتياجات الخاصة غالبًا ما تكون مبنية على الشفقة أو التقليل من قدراتهم. ويخلق هذا الأمر شعورًا بالعزلة ويحد من فرصهم في المشاركة في الأنشطة اليومية. كما أن التعامل مع الشخص ذي الإعاقة كـ "موضوع للرحمة" وليس كشخص فاعل وقادر، يقلل من دمجه في الحياة العامة.
معاقو الحرب في غزة يطالبون بتأمين الأطراف الصناعيةفي سياق متصل، شارك، الأربعاء، العشرات من ذوي الإعاقة في غزة، الذين فقدوا أطرافهم خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة في وقفة احتجاجية للمطالبة برفع الحصار عن القطاع وتأمين العلاج والمواد اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن نحو 6 آلاف جريح مبتور الأطراف بحاجة إلى برامج تأهيل عاجلة وطويلة المدى. وأوضحت الوزارة أن 25% من حالات البتر هم من الأطفال، ما يعرّضهم لإعاقات دائمة في سنّ مبكرة ويضاعف من الآلام النفسية والاجتماعية التي يواجهونها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة