«البيئة» تحذر: الاحتطاب الجائر يدمر الحياة الفطرية
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
أطلقت وزارة البيئة والتغير المناخي، تحذيراً من ممارسة الاحتطاب الجائر، وأكدت عبر منصة التواصل الاجتماعي «إكس» أن هذه الممارسة الضارة تهدد البيئة، والحيوانات والنباتات وتؤدي إلى خسائر كبيرة يصعب تلافيها.
ونشرت الوزارة فيديو توعوياً بالأضرار الناجمة عن الاحتطاب الجائر، وتشمل انقراض النباتات البرية، والرعوية الهامة، والتأثير السلبي على نمو الأشجار، أو موتها بشكل كامل.
وأوضحت الوزارة عبر الفيديو، أن التأثيرات السلبية تشمل تعرية التربة، وموت الكائنات النافعة، والقضاء على الموائل الطبيعية، واختلال النظام البيئي.
وجددت الوزارة التأكيد على ضرورة حماية الروض من الممارسات الخاطئة، ومن بينها الاحتطاب الجائر، لافتة إلى أن الحفاظ على الروض من أهم مؤشرات الوعي بضرورة حماية الحياة البرية في الدولة، لتبقى مؤشراً على جمال الطبيعة البيئية القطرية.
والاحتطاب الجائر هو القيام بإزالة الأشجار بشكل جائر، وينتج عنه العديد من المخاطر التي تقوم بالقضاء على الحياة الفطرية، تقليل الغطاء النباتي، وارتفاع درجة الحرارة إلى درجات غير مسبوقة على الإطلاق.
وكانت وزارة البيئة والتغير المناخي، قد عقدت مؤخراً، ملتقى الحياة الفطرية النباتية تحت شعار “البر القطري.. إرثنا المستدام فلنحافظ عليه”، للتوعية بأهمية حماية البيئة، والتحذير من الممارسات الخاطئة لتجريف التربة وتدمير النباتات والأشجار النادرة دون مراعاة لأن تكون هذه الأشجار معرضة للانقراض من عدمه.
وأكد خبراء خلال الملتقى أن الاحتطاب الجائر قد يؤدي إلى حدوث خلل بيئي نتيجة فقدانه لأهم عنصر يعمل على تجديد الأكسجين في الهواء، وقد يتسبب في ضعف معدل نمو النبات وعدم تعويض الأشجار التي فُقدت مسبقًا، بالإضافة إلى تهديده الكبير للحياة البرية، وخطورته على الحيوانات والطيور التي تهاجر إلى أماكن أخرى بها ظروف بيئية وطبيعية أحسن.
وتناول الخبراء التحديات التي تواجه الدولة في حماية الغطاء النباتي، وتتمثل في محدودية الأراضي الصالحة للإنبات وقلة الأمطار، وتباعد مواسمها، وارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية، والتوسع العمراني، خاصة على حساب المناطق الصالحة للإنبات، وقلة الوعي بأماكن ومواعيد الاحتطاب والرعي والاشتراطات القيمية للتخييم المنضبط، لافتين إلى أن الدولة تقوم بجهود كبيرة للتغلب على هذه التحديات من خلال عمل المسوحات والرصد العلمي وصولا لقاعدة بيانات شاملة ومتكاملة ومتاحة للباحثين والخبراء وذوي الاختصاص مع سن التشريعات الحمائية، وتنفيذ المبادرات المتنوعة لتعزيز الوعي المجتمعي، وتشجيع المزارعين وأصحاب المشاتل على التشجير، وزراعة الأشجار المحلية كمصدات للرياح، وحثهم على الاهتمام بنباتات البيئة القطرية، مشددا على ضرورة حث الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص على استزراع نباتات البيئة القطرية بغرض التجميل ودعم البستنة، وتشجيع القطاع الصناعي على الاستفادة من نباتات قطر ذات البعد الاقتصادي كالعطرية والطبية.
وتناول الملتقى جانبا توعويا دينيا يتعلق بأن البيئة عنصر أساسي في حياة الإنسان وأن القرآن الكريم والسنة النبوية أكدا في مواضع عديدة على أهمية المحافظة عليها وحمايتها وأن إكثار الغطاء النباتي ينال الإنسان عليه عظيم الثواب وأن قطع الأشجار والنبات بلا هدف يعرض صاحبه للذنب العظيم فالبيئة تعد من الأمانات التي استودعها الله لدى الإنسان ويجب الحفاظ عليها.
وقد ثمن المشاركون في الملتقى جهود وزارة البيئة والتغير المناخي، في حماية الروض والغطاء النباتي والحيوانات والزواحف والطيور البرية، وحملات تنظيف الشواطئ وقاع البحر وزراعة البر والتشجير والتوعية، ودعم المبادرات التي يتم إطلاقها للحفاظ على البيئة وتشجيع الزراعات المنزلية التجميلية والإنتاجية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزارة البيئة الاحتطاب الجائر النباتات البرية
إقرأ أيضاً:
إدلب تنزف زيتونا وفستقا.. مزارعون يعودون إلى أرض بلا جذور
لم تكن صدمة إسماعيل عساف، المزارع الستيني العائد إلى بلدته "معصران"، محصورة في مشهد بيته المدمر، بل امتدت إلى الحقل المجاور، حيث كانت تقف أشجار الزيتون شامخة منذ عقود.
اليوم، لم يتبقَّ منها شيء، بعضها قُطع من الجذور، وبعضها الآخر أُحرق أو اقتُلِع بالكامل، ليخسر عساف مصدر رزقه وأمله الوحيد في إعادة بناء منزله عبر عائدات ما كان ينتظره من مائة "تنكة" زيت.
هذا المشهد لم يكن استثناء، فوفقا لما أكده مصطفى الموحّد، مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في إدلب، فإن تحرير ريفي إدلب الجنوبي والشرقي من سيطرة نظام الأسد المخلوع كشف عن كارثة اقتصادية حقيقية.
ويقول في حديث خاص للجزيرة نت "وجدنا خلف النظام دمارا هائلا، تمثّل بقطع وحرق واقتلاع أشجار الزيتون والفستق الحلبي والتين، وهي من أبرز مصادر الدخل لسكان المنطقة".
وبدأت فرق مديرية الزراعة فورا بإحصاء الأضرار، ليظهر أن:
أكثر ما تضرر كان أشجار الزيتون، حيث تم قطع وحرق مليون ونصف المليون شجرة زيتون. قطع 350 ألف شجرة فستق حلبي. قطع 100 ألف شجرة تين. قطع عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة الأخرى.وأضاف الموحد أن معظم هذه الأشجار يتراوح عمرها بين 20 و70 عاما، وبعضها يبلغ عمره قرنا من الزمن.
الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي لا تقتصر على الأشجار بحد ذاتها، بل تمتد لعقود قادمة، فالأشجار التي قُطعت تحتاج إلى 15 عاما على الأقل لتعود إلى مستوى إنتاج مقبول، فيما تبلغ تكلفة إعادة تأهيل كل شجرة نحو 75 دولارا أميركيا سنويا، ما يرفع إجمالي تكلفة التأهيل إلى 147 مليون دولار.
إعلانويضيف الموحد "إن خسارة هذه الأشجار لا تعني فقط انعدام موسم الزيت أو الفستق، بل هي ضربة قاصمة لمصدر رئيسي من مصادر القطع الأجنبي لسوريا (العملة الصعبة)، إذ إن صادرات الزيت والزيتون والفستق الحلبي كانت تشكّل أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي للبلد".
ولم يكن أمام مديرية الزراعة سوى التحرك ضمن إمكانياتها المحدودة، حيث بدأت بتوفير 60 ألف غرسة زيتون و10 آلاف غرسة فستق حلبي، وهي كميات لا تغطي سوى جزء ضئيل من احتياجات ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، وتعمل المديرية على إعادة تشغيل مشاتلها الزراعية بهدف زيادة إنتاج الغراس المحلية، استعدادا لموسم الخريف المقبل.
وجع العودة
إسماعيل عساف، الذي لم يتمالك دموعه، يقول "ورثت أشجار الزيتون عن والدي، وهي أقدم من عمري. كنت أعتني بها منذ كنت طفلا. أحرثها، أقلمها، أسقيها، وكانت تعطيني إنتاجا وفيرا. كنت أعد محصولها لبناء منزلي المدمر".
وتتكرر القصة مع أحمد لخليف، مزارع أربعيني، عاد بعد سنوات من النزوح، ليجد قريته ومصدر رزقه وقد دُمِّرا بالكامل "بيتي يمكن أن أعيده يوما ما"، يقول لخليف، "لكن من يُعيد لي شجرة الزيتون التي نمت وكبرت في أرضي طوال 50 سنة؟".
ويضيف "الأشجار المثمرة كانت المورد الأساسي لنا. نبيع الزيت، الفستق، التين، العنب.. واليوم، لا شيء يُباع".
في المقابل، بدأت فرق مديرية الزراعة بتنظيم حملات توعية ميدانية للمزارعين، وعقد ندوات إرشادية حول التعامل مع الأشجار المحروقة، وطرق تأهيل الأرض، واختيار الغراس، خاصة أن لكل نوع من الأشجار متطلبات فنية خاصة، تختلف من الزيتون إلى الفستق إلى التين.
إبادة الفستق الحلبييؤكد المزارع الثمانيني سعد الحسن، من ريف إدلب الجنوبي، أن الفستق الحلبي تعرّض لإبادة مماثلة. "النظام البائد اقتلع بعض الأشجار من الجذور، وقصّ أخرى، وأحرق الباقي. وكانت هذه الأشجار في أوج عطائها، عمرها 50 عاما، إنتاجها لا يعوَّض".
ويشير الحسن إلى أن الأشجار الجديدة تحتاج إلى 7 سنوات فقط لبدء الإنتاج، لكنها لا تصل إلى نفس كمية ونوعية الإنتاج إلا بعد مرور أكثر من 10 سنوات. كما أن الفستق الحلبي تحديدا يتطلّب عناية دقيقة ومكافحة لأمراض خاصة، مما يرفع كلفة صيانته بشكل كبير.
إعلانويضيف "الدمار الزراعي الذي خلّفه النظام في ريف إدلب ليس فقط انتقاما من الأرض، بل هو محاولة لمنع الحياة من العودة إلى هذه القرى. الزراعة ليست شجرة فقط.. هي حياة كاملة، رزق، وأمان، واستقرار".