في واقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة؛ وجّه الكيان الصهيوني سهما مسموما في صدر النظام المصري بتحميله المسئولية كاملة عن منع مرور المساعدات الإغاثية إلى أهل غزة عبر معبر رفح، خلال مرافعته أمام محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الماضي.
تواطؤ النظام المصري كان معروفا من البداية، فقد حجز كل قوافل الإغاثة في مطار العريش أو أمام معبر رفح في انتظار إذن إسرائيلي بالدخول رغم أن المعبر تحت السيادة المصرية الكاملة، ولا توجد أية اتفاقيات تلزم النظام بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.
الجديد أن تأتي الإدانة للموقف المصري من العدو الإسرائيلي نفسه الذي جاملته مصر الرسمية بتصرفاتها تلك، نعرف أن العدو يكذب، ولا تنطلي علينا أكاذيبه، وندرك أنه أراد فقط الهرب من الاتهامات الموجهة له في المحكمة الدولية فألقى بالتهمة على مصر ربما لقناعته بأنها لن ترد الرد اللائق، كما حدث في مواقف عدائية سابقة له تجاهها خلال الفترة القليلة الماضية (ضربات إسرائيلية لأهداف مصرية لم ترد عليها).
تأتي الإدانة للموقف المصري من العدو الإسرائيلي نفسه الذي جاملته مصر الرسمية بتصرفاتها تلك، نعرف أن العدو يكذب، ولا تنطلي علينا أكاذيبه، وندرك أنه أراد فقط الهرب من الاتهامات الموجهة له في المحكمة الدولية فألقى بالتهمة على مصر ربما لقناعته بأنها لن ترد الرد اللائق
الاتهام الإسرائيلي لا يصلح معه رد ناعم من رئيس هيئة الاستعلامات، ولا حتى من وزير الخارجية، بل يحتاج ردا عمليا وقد طالب به مصريون كثيرون، وهو فتح المعبر لدخول كل القوافل المكدسة أمام معبر رفح أو مطار العريش خلال يوم واحد، أو حتى يومين، وإذا كانت السلطات المصرية تتذرع بمخاوف تعرض تلك القوافل لضربات إسرائيلية فإن هذا التخوف لا يجوز من دولة كبيرة بحجم مصر التي كان يكفيها مجرد التلويح ببعض الإجراءات العقابية لردع العدو، كما أن هذا التخوف يزول مع وجود عشرات بل مئات النشطاء المصريين والأجانب الذين أعلنوا رغبتهم في الدخول مع تلك القوافل كدروع بشرية، لمنع جيش الاحتلال من تنفيذ تهديداته، إذ ليس من السهل عليه أن يقتل أو حتى يصيب نشطاء أجانب في ظل تصاعد الغضب الشعبي الدولي ضده، وسعيه لترميم صورته.
وللتذكير هنا فإن نقابة الصحفيين ومعها بعض الهيئات الشعبية المصرية والعالمية كانت بصدد تنظيم قافلة الضمير العالمي، والتي كانت تخطط لدخول المساعدات إلى غزة رفقة صحفيين ونشطاء وأطباء ومسعفين مصريين ودوليين، وتفقد المستشفيات وأماكن الإيواء، لكن السلطات الأمنية المصرية رفضت السماح لهذه القافلة، ثم ألقت القبض على بعض النشطاء الأجانب الذين تظاهروا احتجاجا على ذلك أمام وزارة الخارجية.
المسلك الإسرائيلي بإحراج وفضح الحلفاء والمتعاونين هو مسلك قديم، فهذا الكيان اللقيط لم ولن يبلغ الرشد أبدا، وسيظل سلوك البلطجة هو طابعه الأصيل، والبلطجي لا يبقي على صداقة أحد، بل يفعل دوما ما يحقق مصلحته دون أية اعتبارات أخرى، وكم كشف الكيان الصهيوني علاقات سرية مع حكام عرب منذ الخمسينات، ولم يتورع عن ذكر معلومات ووقائع محددة بخصوص بعضهم، ومع ذلك "ترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة"، فهؤلاء الحكام الذين يشعرون بهشاشة حكمهم وافتقادهم للشرعية مقتنعون تماما بأن الكيان هو القادر على حماية أنظمتهم، وقد تدخل بالفعل لمنع سقوط بعضها، والكيان الصهيوني من جانبه يدرك حاجة هؤلاء الحكام له، وتعلقهم به، فيملي عليهم شروطه، ولا يتورع عن فضحهم عند اللزوم لتيقنه من برود رد فعلهم.
المصري الصحيح على أكاذيب الكيان هو فتح المعبر بشكل تام، ودعوة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية لاستلام الشاحنات عقب عبورها معبر رفح إلى غزة، وكذا ينبغي الرد أمام محكمة العدل الدولية نفسها، عبر تدخل مصر رسميا في الدعوى دعما لجنوب أفريقيا كما فعلت ألمانيا بتدخلها دعما لإسرائيل، وساعتها ستتمكن مصر من دحض الكذبة الإسرائيلية أمام العالم كله، ورد الصاع صاعين
لن نتفاجأ إذا كشف الكيان بشكل فج طبيعة المساعدات التي قدمتها له بعض النظم العربية للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وقد كشف أحد خلصائه المقربين وهو الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، في مقال بصحيفة نيويورك تايمز في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن قادة عرب أسروا له خلال جولته الأخيرة في المنطقة "برغبتهم في تدمير حماس، بينما مواقفهم العلنية خلاف ذلك، لأنهم يدركون أنه مع استمرار انتقام إسرائيل وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية، فإن مواطنيهم سوف يغضبون، ولذلك فإنهم يحتاجون إلى أن يُنظر إليهم على أنهم يدافعون عن الفلسطينيين، على الأقل خطابيا".
لن يتورع نتنياهو حين تحاصره الاتهامات عن فشله وسوء تقديراته السياسية والعسكرية أن يذكر كل اتصالاته بأصدقائه من الحكام العرب الذين ربما شجعوه على تلك الجريمة، لكنهم لم يفوا بوعودهم لاحقا خشية شعوبهم.. محاكمة نتنياهو لن تنتظر حتى نهاية الحرب كما حدث عقب حرب 1973 بتشكيل لجنة أجرانات، ولكنها بدأت في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، كما بدأت رسميا بتشكيل رئيس الأركان فريق أمني للبدء بإجراء تحقيق في إخفاقات أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر بجوانبها الأمنية والعسكرية والاستخباراتية.
في كل الأحوال فإن الرد المصري الصحيح على أكاذيب الكيان هو فتح المعبر بشكل تام، ودعوة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية لاستلام الشاحنات عقب عبورها معبر رفح إلى غزة، وكذا ينبغي الرد أمام محكمة العدل الدولية نفسها، عبر تدخل مصر رسميا في الدعوى دعما لجنوب أفريقيا كما فعلت ألمانيا بتدخلها دعما لإسرائيل، وساعتها ستتمكن مصر من دحض الكذبة الإسرائيلية أمام العالم كله، ورد الصاع صاعين.. غير ذلك بلح!
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري غزة معبر رفح إسرائيلي مصر إسرائيل غزة معبر رفح الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فتح المعبر معبر رفح
إقرأ أيضاً:
وزير الصحة يوجه باستخدام أحدث الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها بالمرصد الإعلامي
تفقد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، اليوم، مقر المرصد الإعلامي بوزارة الصحة في العاصمة الإدارية الجديدة؛ لمتابعة آليات رصد الشائعات والتعامل معها.
وأكد الدكتور عبدالغفار أن مواجهة الشائعات لا تقتصر على الرد السريع بعد رصدها، بل تتطلب سياسات إعلامية استباقية تعزز الشفافية وتبني ثقة المواطن، خاصة مع تكرار الشائعات الموسمية خلال فصل الشتاء وبداية العام الدراسي.
ووجه الوزير اللواء عمرو عايد، مساعد الوزير لنظم المعلومات والتحول الرقمي، بتزويد فريق المرصد الإعلامي بأحدث الأدوات والبرمجيات التكنولوجية التي تمكّنهم من رصد وتحليل وتصنيف المحتوى المغلوط بسرعة ودقة عالية، بما يوفر الوقت ويرفع كفاءة الأداء.
من جانبه، أوضح الدكتور حسام عبدالغفار، مساعد الوزير للإعلام والتوعية والمتحدث الرسمي، أن المرصد يتابع على مدار الساعة كل ما يُنشر عبر الصحف والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي، للتحقق من صحة المعلومات المتداولة والرد الفوري على الشائعات والمعلومات المغلوطة ببيانات واضحة وشفافة، حفاظًا على الوعي المجتمعي وثقة المواطنين في المنظومة الصحية.