في الثاني عشر من ديسمبر 2023، وجهت منظمات مجتمع مدني إسرائيلية رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، تطلب فيها من الإدارة الأمريكية التدخل العاجل وممارسة الضغوط على إسرائيل لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتغيير سياستها والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بصورة غير محدودة، وفقا لاحتياجات السكان"، وأكدت الرسالة "أن القرارات بشأن توزيع المساعدات في داخل قطاع غزة وبشأن الكميات المطلوبة يجب أن يتم اتخاذها من قبل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في القطاع، وليس من قبل إسرائيل"، وطالبت بإتاحة عبور البضائع والمساعدات الإنسانية غير المحدودة لتصل إلى منظمات الإغاثة وإلى القطاع الخاص.

قالت منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية في رسالتها إلى الرئيس الأمريكي، المنشورة في إعلان بصحيفة نيويورك تايمز: "رسالتنا هذه لا تتطرق إلى جميع الشبهات الخطيرة بشأن انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب، وإنما فقط إلى الكارثة الإنسانية الحادة الحاصلة في قطاع غزة هذه الأيام وإلى الحاجة الملحة إلى تغيير السياسة الإسرائيلية في هذا المجال". وأضافت: "منذ بدأت الحرب، فاقمت السياسة الإسرائيلية الأزمة الإنسانية في القطاع بدرجات كبيرة جدًا، وكجزء من هذه السياسة، أوقفت إسرائيل منذ الأيام الأولى للحرب بيع الكهرباء والماء إلى غزة، وأغلقت المعابر بينها وبين غزة ومنعت، بصورة تامة، إدخال الغذاء، والماء، والوقود والأدوية، ومنذ ذلك الحين، جددت إسرائيل بصورة جزئية تزويد المياه إلى الجنوب، لكن بدون الكهرباء لا تستطيع أغلبية السكان المدنيين في غزة الحصول على مياه صالحة وآمنة للشرب". وتابعت: "منذ الحادي والعشرين من أكتوبر، تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات بصورة محدودة عن طريق معبر رفح، ثم سمحت لاحقا بإدخال كمية قليلة من الوقود، لكن هذه كلها بعيدة تماما عن تلبية الاحتياجات المتراكمة لسكان القطاع الذين يتعرضون لعمليات قصف متواصلة دون توقف".

وأكدت رسالة المنظمات الإسرائيلية أن "وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة تشهد على أن الواقع في قطاع غزة هو كارثيّ وأنها لم تعد قادرة على مساعدة أكثر من مليونيْ إنسان سكان القطاع. ناهيك عن أن هذه المساعدات التي يتم نقلها فيها لا يمكنها توزيعها على سكان القطاع بسبب القصف المتواصل دون توقف، وتدمير البنى التحتية والقيود التي تفرضها إسرائيل عليها، وهكذا يبقى السكان جياعًا وعطاشًا دون أية إمكانية لتلقي علاجات طبية مناسبة وبسبب الظروف المتردية الناجمة عن الاكتظاظ غير المحتمل وانعدام المياه، أصبحت الأمراض التلوثية تتفشى في القطاع، لكن هذا الواقع غير القابل للتصور، يزداد تفاقمًا وتدهورًا أكثر فأكثر يومًا بعد يوم". وطلبت المنظمات الإسرائيلية من الرئيس الأمريكي التأثير على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياستها والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بصورة غير محدودة، وفقا لاحتياجات السكان ولواجباتها بحسب القانون.

وشارك في التوقيع على الرسالة الموجهة للرئيس الأمريكي كل من: "أكاديمية المساواة، والمركز الإسرائيلي لمعلومات حقوق الإنسان - بتسيلم، وصوت حاخامات لحقوق الإنسان، وآباء وأمهات ضد اعتقال الأطفال، ومقاتلون للسلام، ومحسوم ووتش، ومعهد عكيفوت، وأخصائيو صحة نفسية لحقوق الإنسان، ونشطاء غور الأردن، ومجموعة العمل السياسي".

وفي السابع من ديسمبر 2023، وتحت عنوان " الكارثة الإنسانية.. سياسة مُتعمَّدة"، أصدر "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة - بتسيلم" تقريرًا يحذر من عواقب الكارثة الإنسانية في قطاع غزّة، وأكد أن إسرائيل "أغلقت جميع معابر الدخول إلى القطاع مع بدء الحرب ومنعت فتح معبر رفح على الحدود مع مصر، ولم تسمح بإدخال شاحنات الإغاثة الإنسانية إلا بأعداد محدودة لا تقترب حتى من تلبية احتياجات السكان في القطاع". وقال المركز الإسرائيلي: "جميع موادّ الإغاثة التي تدخل إلى القطاع تمرّ من معبر رفح فقط".

لقد سقط وفد هيئة الدفاع الإسرائيلية في مستنقع الأكاذيب المفضوحة عندما حاول التهرب من الاتهامات الموجهة لإسرائيل في ثانية جلسات الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بالادعاء كذبًا أن مصر تتحمل وحدها المسؤولية الكاملة عن معبر رفح وحاول التنصل من أي دور لسلطات الاحتلال في السيطرة على المعبر من الجانب الفلسطيني وعرقلة دخول مساعدات الإغاثة الإنسانية، وتناسى أن أكاذيبهم المفضوحة تتناقض مع تقارير عدد من منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية، وهي "شاهد من أهلها"، كما تتناقض مع تهديدات أصحاب القرار في حكومة "نتنياهو" وغيرهم من كبار المسؤولين في الكيان الصهيوني والتي تتضمن إقرارًا صريحًا بمسؤولية سلطات الاحتلال عن منع وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح منذ السابع من أكتوبر 2023م.

وأخيرًا وليس آخرًا، نقول وبكل ثقة: إن الأكذوبة الإسرائيلية الهشة المفضوحة لن تحقق أضغاث أحلام حكومة بنيامين نتنياهو، وإن غدًا لناظره قريب.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة الکارثة الإنسانیة إلى القطاع فی القطاع قطاع غزة معبر رفح فی قطاع

إقرأ أيضاً:

حماس ترفض تقرير العفو الدولية وتتهمه بتبني الرواية الإسرائيلية

رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الخميس، تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر في وقت سابق الخميس واتهم فصائل فلسطينية مسلحة بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. 

واعتبرت الحركة أن التقرير يستند إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي ويتضمن مغالطات وتناقضات جوهرية، في وقت يواصل فيه الاحتلال التغطية على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.

حماس: تقرير العفو "مغلوط ومشبوه"
قالت حماس في بيان رسمي إنها ترفض "بشدة" ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية، معتبرة أنه "يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم خلال عملية طوفان الأقصى"، وأنه يتجاهل الحقائق التي وثقتها منظمات حقوقية، بعضها إسرائيلية. 

وأكدت الحركة أن التقرير "مغرض ومشبوه" ويحتوي على "مغالطات وتناقضات" تتناقض مع ما أثبتته تسجيلات ووثائق وتحقيقات ميدانية.

وأشارت الحركة إلى أن بعض مزاعم العفو الدولية، مثل "تدمير مئات المنازل والمنشآت"، ثبت أنها وقعت بفعل القوات الإسرائيلية نفسها عبر القصف الجوي والبري. 

كما أوضحت أن "الادعاء بقتل المدنيين" يناقض تقارير عدة أكدت أن جيش الاحتلال هو من قتلهم في إطار تطبيقه "بروتوكول هانيبال" الذي يجيز إطلاق النار على الإسرائيليين لمنع أسرهم.

اتهامات بالاستناد إلى رواية الاحتلال
ورأت الحركة أن ترديد التقرير "أكاذيب الاحتلال" حول العنف الجنسي والاغتصاب وسوء معاملة الأسرى يؤكد أن الهدف الحقيقي هو "التحريض وتشويه المقاومة"، مشيرة إلى أن "العديد من التحقيقات الدولية" سبق أن فندت تلك الادعاءات. 

وشددت حماس على أن "تبني منظمة العفو لهذه المزاعم يضعها في موقع المتواطئ مع الاحتلال، ومحاولاته شيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية".

وطالبت الحركة المنظمة الدولية بالتراجع عن التقرير "غير المهني" ورفض الانجرار خلف الرواية الإسرائيلية الهادفة – بحسب البيان – إلى طمس حقيقة جرائم الإبادة الجماعية التي تحقق فيها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.


غياب المنظمات الدولية عن غزة
وأكدت حماس أن حكومة الاحتلال منعت منذ الأيام الأولى للحرب دخول المنظمات الدولية وفرق الأمم المتحدة إلى قطاع غزة، كما حظرت وصول فرق التحقيق المستقلة إلى مسرح الأحداث. 

وأوضحت أن "الحصار المفروض على الشهود والأدلة" يجعل أي تقارير تصدر عن جهات خارج القطاع "غير مكتملة ومنقوصة"، ويحول دون الوصول إلى تحقيق مهني يعتمد على الحقائق الميدانية.

تقرير العفو الدولية
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت في وقت سابق الخميس تقريرا موسعا من 173 صفحة، اتهمت فيه فصائل فلسطينية – وفي مقدمتها حماس – بارتكاب "انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أو ما تلاه من احتجاز وإساءة معاملة للرهائن.

وجاء في التقرير أن الفصائل الفلسطينية "واصلت ارتكاب الانتهاكات" عبر احتجاز الرهائن وسوء معاملتهم، واحتجاز جثامين تم الاستيلاء عليها، مشيرا إلى أن "قتل أكثر من 1221 شخصا في إسرائيل" – وفق تصنيف المنظمة – يرقى إلى "جريمة إبادة ضد الإنسانية".

كما تضمن التقرير اتهامات بالاغتصاب والعنف الجنسي، رغم أن المنظمة أقرت بأنها لم تتمكن من توثيق سوى "حالة واحدة فقط"، الأمر الذي حال دون تقدير حجم الانتهاكات المزعومة بدقة.

إبادة إسرائيلية في غزة
وفي المقابل، تجاهل تقرير العفو الدولية – بحسب حماس – حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين شن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة خلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب تدمير 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية وتهجير معظم سكان القطاع قسرا.

وأفرجت حماس خلال مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء لديها، إضافة إلى تسليم جثامين المتوفين، باستثناء أسير واحد قالت إنها ما تزال تبحث عنه.

مقالات مشابهة

  • “يونيسف” تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة وتدعو لتكثيف المساعدات الإنسانية
  • الإغاثة الطبية في غزة تحذر: الأزمة الإنسانية تتفاقم
  • صلاح عبد العاطي: المساس بالأونروا مساس مباشر بالقضية الفلسطينية وحقوق اللاجئين
  • إسرائيل تواصل خنق غزة بمنع المساعدات
  • ترحيب فلسطيني بالإجماع الدولي على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية بشأن "أونروا"
  • عاجل | الجمعية العامة للأمم المتحدة: اعتمدنا قرارا يدعو إسرائيل إلى تطبيق قرار محكمة العدل بإدخال المساعدات إلى غزة
  • صحيفة إسرائيلية: إسرائيل وافقت على تحمل تكاليف إزالة الركام بغزة
  • حماس: تقرير العفو الدولية مغلوط ويتبنى الرواية الإسرائيلية
  • حماس ترفض تقرير العفو الدولية وتتهمه بتبني الرواية الإسرائيلية
  • مركز حقوقي يحذر من كارثة وشيكة للنازحين بغزة نتيجة القيود “الإسرائيلية”