هل تنجح إسرائيل في محو تاريخ غزة؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
لا شك أن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم تشكل جريمة حرب كاملة العناصر لو كان المجتمع الدولي يريد أن يرى ما يحدث بعين الحقيقية. فقد أودت الحرب بأكثر من 24 ألف فلسطيني 70% منهم أطفال ونساء. وأصبح قطاع غزة بأكمله مجرد ركام على الأرض، ما يعني أن 2.
ورغم فداحة هذه المشاهد فإن جرائم الاحتلال أبشع من ذلك بكثير؛ فمدينة غزة شهدت محوًا كاملًا لكل تاريخها وآثارها، وإذا كانت المباني السكنية والبنية الأساسية قابلة لإعادة الإعمار، فكيف يمكن إعمار التاريخ والآثار التي هدمها حقد الاحتلال.
وكان واضحًا أن تعمل منذ اليوم الأول على محو كل شيء في غزة.. الإنسان وتاريخه وتراثه، حيث دمّرت مئات المساجد منها ما يعود إلى حقب زمنية قديمة جدًا، والمواقع الأثرية والكنائس والمتاحف.. ثم عملت على جرف كل ما بقي قائمًا. وإذا كان نتانياهو قد كرر أكثر من مرة أنه يخوض حرب «حضارة» مقابل «البربرية»، فكيف يمكن أن نفهم «حضارته» التي تستبيح كل هذا التراث الإنساني والثقافي؟! إن منطق الاحتلال وصل إلى مرحلة من التفكك التي تثير الضحك والسخرية.
ولم يقتصر التدمير «الحضاري» على آثار المسلمين فقط، ولكنه طال أيضا التراث المسيحي ما يعني أن الاحتلال هدفه تدمير كل شيء متعلق بالفلسطينيين سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين.. وهذا دليل على أن المحتل لا يفقه في الحضارة شيئًا أبدًا.
لم تكن غزة مجرد مدينة هُجّر لها الفلسطينيون في النكبة الأولى وبعد النكسة، بل هي مدينة متخمة بالتراث والآثار الإنسانية التي تشهد على عراقتها ومكانتها التاريخية، ولأن الاحتلال يريد محو كل هذا التاريخ الذي يشهد على عراقة الإنسان الفلسطيني وآثاره على أرضه.
لكن هذه الفلسفة الإحلالية التي يتبعها الاحتلال لا يمكن أن تنجح ما دام الفلسطينيون مصرّين على التمسك بأرضهم وبتاريخهم وبتراثهم، فهم اليوم يبنون تاريخًا جديدًا من تواريخ المدينة والإنسان الفلسطيني.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
سواعد شباب سمائل تنجح في تطوير المسارات الداخلية لقرية سرور
سمائل- العُمانية
جسّد عدد من شباب قرية سرور بولاية سمائل في محافظة الداخلية صورة مميزة من المواطنة الفاعلة والمشاركة المجتمعية عبر إطلاق مبادرة تطوعية تهدف إلى تطوير المسارات الداخلية للقرية وتبليطها، إلى جانب تركيب الإنارة في عدد من المواقع.
وتعكس المبادرة حرص الشباب على صون الموروث المحلي وإبرازه كعنصر جذب سياحي وثقافي، وتطوير مرافق الولاية بما يبرز هويتها الأصلية.
ويقول معاذ بن عمر الندابي أحد القائمين على المبادرة: إن فكرة المبادرة كانت تراودنا منذ أكثر من أربع سنوات بدافع الانتماء لكل سكة وحارة فيها، وكانت واحات النخيل والأفلاج مصدر إلهام لنا، إلى جانب تجارب القرى المجاورة في صناعة هويات بصرية خاصة بها، وكلها أسباب دفعتنا لإطلاق المبادرة والعمل على تحقيقها.
ويوضح أن العمل بدأ بوضع خطة شاملة تضمنت إعداد توجه بصري متكامل للقرية وترويجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ورسم خريطة تفصيلية للمسارات لتكون مرجعًا لخطط التطوير، وصولًا إلى تنفيذ أعمال الرصف والتحجير والإنارة.
ويؤكد الندابي أن الهدف الأسمى للمبادرة هو إبراز قرية سرور كـ "متحف مفتوح" يعكس تاريخها ويحتفي بشعرائها وأدبائها وعلمائها، ويبرز عناصرها الطبيعية من أشجار ونخيل وأفلاج، بما يجعلها وجهة سياحية تستقطب السكان والزوار، بفضل طبيعتها الجبلية والسهول الخضراء والمعالم التاريخية التي تحكي تاريخ المنطقة وعاداتها وتقاليدها.
وتتوزع المسارات الداخلية بين مسار الشريعة، ومسار سكة الحيلي، ومسار سكة الدروس، ومسار سكة الشعراء، ومسار سكة الأوسط، ومسار حارة العقر، وكلها مسارات تمتاز بمرورها بين واحات النخيل والأفلاج مثل فلج الحيلي وفلج الأوسط وفلج بو جدي.
ويذكر الندابي أن طول المسار يمتد إلى مسافة تتراوح بين أربعة إلى خمسة كيلومترات، مع إمكانية العودة عبر مسار مختلف تمامًا، مما يتيح للزوار فرصة المرور على مواقع تاريخية وتراثية داخل القرية.
ويلفت إلى أن كل فريق تطوعي تولى مسؤولية تطوير جزء محدد من القرية بأسلوبه الخاص بهدف بناء شبكة من المسارات المترابطة والمتنوعة تجمع بين الاستدامة والابتكار.
وبرز مسار سكة الشعراء كنموذج فريد يجمع بين العمران الحديث والقديم، حيث جرى توظيف التقنيات الحديثة مثل الواقع المعزز والخرائط التفاعلية لتعزير تجربة الزائر وربطها بالتراث الثقافي للقرية.
ويطمح شباب المبادرة لمواصلة العمل على مشروعات مستقبلية تسهم في تعزيز المقومات السياحية للقرية ودعم حراكها المجتمعي.
وتتميز قرية سرور بتنوع مناظرها الطبيعية ووفرة أفلاجها ومزارعها الخضراء، وكانت تعرف منذ القدم بأنها "جنة خضراء وافرة المياه"، وقد تغنى بجمالها الشعراء والكتاب.