هل تنجح سوريا في تنفيذ اشتراطات إلغاء قانون قيصر؟
تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT
تنفس السوريون الصعداء بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر" ورفع العقوبات المفروضة على بلادهم، لكن الخطوات المنتظرة منهم تجعلهم أمام تحديات عديدة، كما أوضح محللون لبرنامج "ما وراء الخبر" ضمن حلقة (2025/12/11).
ورحبت سوريا على لسان وزير خارجيتها أسعد الشيباني بالخطوة الأميركية، حيث وصفها بـ"الإنجاز التاريخي والانتصار للحق، ولصمود الشعب السوري"، واعتبر أن إلغاء القانون يعكس إدراكا متزايدا لأهمية دعم سوريا في مرحلتها الحالية.
وينص مشروع القانون على أن إلغاء العقوبات يخضع لشروط معينة تتم مراجعتها كل فترة ومنها، أنه يجب على سوريا أن تحترم حقوق الأقليات، وأن تثبت أنها تتخذ خطوات ملموسة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وأن تمتنع عن العمل العسكري الأحادي الجانب ضد دول الجوار.
بيد أن الاشتراطات الأميركية لإلغاء "قانون قيصر" في نظر الكاتب والباحث السياسي حسن الدغيم، لا تتناقض مع المصلحة الوطنية السورية، باعتبار أن سوريا لها مثلا خبرة في مكافحة الإرهاب وترى أن التهديد الإرهابي يقوض أمنها واستقرارها، كما أن من مصلحتها جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال.
وعن الخطوات التي يتعين على الحكومة اتخاذها، يعتقد الدغيم -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر- أن الحكومة حققت إنجازات داخلية ونجاحات في تعاملها مع الخارج، مشيرا إلى أنه لا توجد معارضة، بل هي مجرد "أصوات ومطالبات"، وأن الخطوات التي تتخذها يجب أن تكون على أرضية صلبة، لأن وحدة البلد -حسبه- لا تزال مهددة.
أولى الخطواتوفي المقابل، يعتقد مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة في واشنطن، محمد العبد الله، أن على الدولة السورية أن تقوم بخطوات أولى في سبيل تنفيذ اشتراطات إلغاء "قانون قيصر"، منها مساعدة المستثمرين للقدوم إلى سوريا عبر تقديم قوانين مساعدة للاستثمار مثل قوانين الشفافية المالية ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي من البنود الواردة في اشتراطات رفع "قانون قيصر".
إعلانومن الناحية السياسية، يتعين على الحكومة السورية -يضيف العبد الله- أن تعمل على تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية عبر تمثيل فعلي.
وبينما وصف رفع العقوبات عن سوريا بأنه ممتاز وسيريح الشعب والاقتصاد، انتقد العبد الله ما وصفها ببعض الإجراءات الحكومية مثل التعيينات الاقتصادية وتركيز السلطة بيد مجموعات ضيقة.
ويعتبر الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن الاشتراطات الأميركية لإلغاء "قانون قيصر" معظمها سياسية وليست تقنية اقتصادية، ولكنّ المهم فيها هو رفع العقوبات عن سوريا، ما سيؤدي إلى ضخ الأموال والاستثمارات في هذا البلد وخاصة من طرف دول الخليج، وستكون سوريا خلال الفترة المقبلة أكثر حرية على الصعيد الداخلي.
ويرى مكي أن النظام السوري سيكون حريصا على المضي قدما في تحقيق النتائج المنتظرة منه، لأنه على المستوى الداخلي يدرك أنه تحت المراقبة الشعبية.
ويذكر أنه بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر"، سيتم إرساله إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه الأسبوع المقبل على أن يُرسل لاحقا إلى الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي "قانون قيصر" لمعاقبة أركان نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.
ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع التي تأسست في مارس/آذار 2025.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات قانون قیصر
إقرأ أيضاً:
بعد إلغاء قانون قيصر وكشف شروط الكونجرس.. هل نصبت واشنطن فخا لسوريا ؟
صوّت الكونجرس الأمريكي، امس الأربعاء، لصالح إلغاء قانون قيصر كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026 لكن مع وضع عدد من الشروط وفقا لسياسة إعادة التأهيل التي تنتهجها واشنطن لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا.
قانون قيصر ضد سوريافرض قانون قيصر، الذي سُنّ عام 2019، عقوبات على نظام الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد وحلفائه المقربين عقابًا لهم على انتهاكات ارتُكبت ضد المدنيين خلال الحرب الأهلية السورية.
يمثل هذا الإلغاء تحولًا كبيرًا في نهج واشنطن تجاه دمشق، إذ ينتقل من سنوات من العزلة والعقوبات إلى سياسة تهدف إلى إعادة دمج البلاد في المجتمع الدولي، مع خضوعها لآليات رقابية ومراجعات دورية لسلوك الحكومة السورية.
رحبت دمشق بهذه الخطوة باعتبارها "خطوة بنّاءة نحو إعادة بناء سوريا وإعادة دمجها اقتصاديًا ودبلوماسيًا".
شروط الكونجرس لإلغاء العقوبات ضد سورياوبهذا القرار تنتقل سوريا من الوقوع تحت طائلة العقوبات، إلى سياسة إعادة تأهيل بشروط محددة، حيث تربط الولايات المتحدة إلغاء العقوبات بتقديم تقارير دورية كل 180 يومًا إلى الكونجرس الأمريكي، تُقيّم التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب، وحماية حقوق الأقليات، وضمان عدم استخدام القوة العسكرية ضد الدول المجاورة.
وتُشير هذه الشروط إلى أن إلغاء العقوبات ليس "تبرئة كاملة" لسوريا، بل هو محاولة لإعادة ضبط علاقتها مع المجتمع الدولي على أسس سياسية وأمنية.
ووصفت الحكومة السورية الإلغاء بأنه بداية "عهد جديد" لإعادة الإعمار والاستقرار، عهد من شأنه جذب الاستثمارات الأجنبية، وإنعاش المساعدات الدولية، وإعادة فتح قنوات التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.
وأضافت دمشق أن هذه الخطوة تُتيح للحكومة الجديدة فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وترميم المدن التي دمرتها الحرب.
كما أن هذا التحول سيمنح سوريا، في حال امتثالها للشروط، شرعية دولية قد تُنهي سنوات من العزلة السياسية والاقتصادية إلا أن عدم الامتثال للتقارير الدورية الأمريكية قد يؤدي إلى إعادة فرض العقوبات.
تفاؤل في سوريا بعد إلغاء قانون قيصروتفتح هذه التطورات الباب أمام عودة تدريجية للاستثمارات وإعادة الإعمار وقد يُشجع رفع العقوبات، إلى جانب آليات المراقبة، الدول والشركات على الاستثمار في قطاعات البناء والطاقة والبنية التحتية والعقارات، لا سيما في المدن الخارجة من الصراع.
كما قد يُؤدي ذلك إلى تحسن نسبي في الظروف المعيشية للشعب السوري فإذا انفتحت سوريا على المساعدات الدولية والتجارية، فقد يتحسن توافر السلع الأساسية والكهرباء وخدمات المياه، وقد يعود بعض النازحين، مما قد يُخفف الضغط على السكان.
سوريا تواجه شبح عودة العقوباتوعلى الرغم من التفاؤل الكبير، إلى أن البابا يبقى مفتوحا أمام إعادة فرض العقوبات ضد سوريا، لأن إلغاء قانون قيصر مرتبط بتقييمات دورية، فإن أي تقصير في الوفاء بالالتزامات، بما في ذلك جهود مكافحة الإرهاب أو حماية حقوق الأقليات، قد يؤدي إلى فرض عقوبات جديدة.