تونس.. حالة الطوارئ ضرورة لتحقيق الاستقرار
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
أحمد عاطف (تونس)
أخبار ذات صلةتباينت وجهات نظر الخبراء والمحللين السياسيين حول تمديد قانون الطوارئ في تونس بين مؤيد ومعارض، إلا أن معظمهم يجمع على أهمية القرار؛ نظراً للظروف الأمنية، والمخاوف من التمدد الإرهابي المحيط بالبلاد ومصالحها، معتبرين أنها تأتي أولوية لحماية الشعب والمؤسسات، وتدعم استقرار البلاد.
واعتبر الخبير الاستراتيجي والمحلل الأمني التونسي فيصل الشريف، أن تمديد حالة الطوارئ يبدو إجراء روتينياً دخل حيز التنفيذ منذ 1978، ويتم تمديده دورياً لمدد تتراوح من شهر إلى 3 أشهر، وفقاً للأمر المنظم له بعد أول إضراب عام للاتحاد التونسي للشغل آنذاك، إلا أنه يبدو هذه المرة قد أخذ بعداً مهماً بعدما تمت تصفية مجموعة من الإرهابيين بجبل الشعانبي.
وأضاف الشريف، في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن حالة الطوارئ تسمح للسلطة التنفيذية باتخاذ إجراءات استثنائية لملاحقة كل من تخول له نفسه المس بالاستقرار الداخلي للبلاد أو التخابر مع جهات أجنبية أو ملاحقة الفاسدين، ومن الناحية القانونية تعطي صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية.
وكانت الرئاسة التونسية قد أصدر تقراراً بتمديد حالة الطوارئ في البلاد طوال شهر يناير الجاري، في خطوة فسرها سياسيون بأنها «إجراء وقائي تحسباً لأي هجمات إرهابية» أو لاندلاع «أعمال عنف واحتجاجات واضطرابات طلابية ونقابية وسياسية عنيفة» على غرار ما شهدته تونس خلال يناير في أعوام سابقة.
من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، إن قرار تجديد حالة الطوارئ لمدة شهر ليس أمراً جديداً، خاصة أنها قد أعلنت منذ العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد في 2015، وبالتي يهدف ذلك إلى استمرار تعزيز عمل قوات الجيش والأمن الوطني والحرس الوطني للتصدي للخطر الإرهابي.
ولفت منذر في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أنه في الآونة الأخيرة تمكنت قوات الأمن من إيقاف وتفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، وبالتالي تمديد الطوارئ ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأي مساس بالحريات العامة أو بالحقوق الأساسية للشعب، لا سيما أن التظاهرات مسموح بها وكذلك النشاط الجمعيات والعمل الميداني يسير بشكل عادي.
وشدد منذر على أن القرار يهدف للتصدي لخطر الإرهاب الذي يتمدد بشكل كبير مرة أخرى في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، خاصة في شمال مالي وعودة نشاط تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الدين، وبالتالي هو لتعزيز العمل الميداني لقوات الأمن للتصدي للجماعات الإرهابية واستباق أي اعمليه وإحباطها في المرحلة.
في السياق ذاته، يختلف المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان في الرأي، ويرى أن تونس تشهد حالة من التقدم على المستوى الأمني تمثل قدراً من الاستقرار الذي لا يستدعي تمديد حالة الطوارئ، إلا إذا كانت هناك معلومات وتقارير أمنية تقول عكس ذلك، لافتاً أنه من الناحية الاقتصادية ليست هناك مصلحة في ذلك، لأنها تعطي رسالة سيئة للمستثمر المحلي والأجنبي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تونس حالة الطوارئ
إقرأ أيضاً:
البطالة وأثرها على الاستقرار المجتمعي
علي بن عبدالله بن منصور السليمي
دائمًا ما نسمع عبارة: "الباحثون عن عمل"، ولعلّك -عزيزي القارئ- واحدٌ منهم الآن. ولكن، هل تساءلت يومًا عن حقيقة هذه المشكلة التي تواجهها؟
أو عن الآثار التي قد تخلّفها، سواء على حياتك الشخصية أو على المجتمع بأسره؟
وهل حاولت في وقتٍ ما أن تبحث عن حلّ جذري لها؟
أنا لا أشك في ذلك... لكن في السطور القادمة، سنحاول أن ننظر إلى هذه المعضلة من زاوية مختلفة، لعلنا نستلهم منها شيئًا، أو يلتمس -ولو أحدنا- طريقًا نحو المستقبل الذي ينشده.
لا شكّ أنّ مشكلة "البطالة" باتت من القضايا العالمية الملحّة، فلا يكاد يخلو بيت -تقريبًا- من باحث عن عمل. ومع توالي الأزمات العالمية وتفاقم الصراعات الدولية، تتعاظم هذه الظاهرة، ويكون أول المتضررين منها هو المواطن الصالح البسيط، الذي يسعى بشرف إلى لقمة عيشه.
وعلى الرغم من الجهود الجادة التي تبذلها الحكومات في سبيل احتواء هذه الأزمة، إلا أننا نلاحظ -مع مرور الوقت- ازدياد أعداد الباحثين عن عمل، دون تحسّن ملموس في الأوضاع. ومن هنا، بات من الضروري عقد لقاءات موسعة ومناقشات جادة لإيجاد حلول واقعية وعملية لهذه الآفة، التي تنهش في نسيج المجتمع مثل سوسةٍ تأكل في صمت، حتى تحدث فيه شرخًا يصعب رأبه.
فهل ننتظر -لا قدّر الله- أن يبلغ السيل الزُبى؟
هل ننتظر انتشار الفقر، وازدياد معدلات الجريمة، وظهور الانحرافات السلوكية في مجتمعنا؟ بالتأكيد لا.
إنّ مجتمعنا المسلم المحافظ، يدرك تمامًا أن البطالة قد تفضي إلى هذه المشكلات الخطيرة، فهي نتيجة طبيعية للفراغ، واليأس، وانعدام مصدر الدخل.
وقد حث الإسلام على العمل والكسب الحلال، واعتبره من أسباب الكرامة والعيش الكريم، فقال تعالى:
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك: 15).
وقال أيضًا: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105).
كما قال النبي ﷺ: "مَا أَكَلَ أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِهِ..." (رواه البخاري).
إذاً يجب على كل امرئ فينا أن يسعى في طلب رزقه، ويطرق جميع الأبواب حتى يحقق مبتغاه.
وفي المقابل يجب أن تكون هناك تسهيلات كبيرة من لدن الدولة؛ حتى تتحقق للفرد الوظيفة المناسبة له التي يستطيع من خلالها أن يعيش حياة كريمة.
فلا يمكن للإنسان -بطبيعة الحال- أن يكون كائنا خاملا وسط الخلية المنتعشة التي تتطلب كل ذرة قوة فيها حتى تنمو وتزدهر، وإلا سيتم إقصاؤه بعيدًا.
إلا أن هذا الأمر لا يتحقق إلا إذا تكاتف الجميع، وعملوا فيما بينهم على إصلاح الخَلَّة، ومعالجة العِلَّة، فلا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا إذا تظافرت جميع الجهود من أعلى الهرم إلى أدناه.
ولربما هناك بعض الحلول التي من شأنها أن تسهم في تقليص حجم هذه المشكلة ومضرتها، وسنسردها لكم فيما تبقى من سطور قليلة قادمة...
ولمواجهة هذه الظاهرة، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي سياسات تنموية واقتصادية شاملة، تستند إلى رؤى واقعية وفاعلة. ومن أبرز هذه السياسات: تنشيط الاستثمارات في القطاعات المنتِجة لفرص العمل، ودعم ريادة الأعمال والمبادرات الفردية، والعمل على مواءمة مخرجات التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل. كما ينبغي تشجيع الشباب على الانخراط في المهن الحرفية والتقنية، ونشر ثقافة الإنتاج والعمل الجاد، باعتبارها أساسًا لبناء مجتمع متماسك واقتصاد مستدام.
وفي الختام، فإنّ البطالة ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل هي تحدٍّ حضاري يمسّ كيان المجتمع واستقراره وأمنه.
ومن هذا المنطلق، يجب علينا -أفرادًا ومؤسسات- أن نستشعر حجم المسؤولية، ونتكاتف جميعًا في السعي الجاد نحو إيجاد الحلول، وتوفير بيئات محفزة للعمل، وتمكين الشباب من أداء دورهم الحقيقي في بناء أوطانهم.
ولنأخذ بأسباب النجاح والتوكل على الله، متيقنين بأن العمل شرف، والكسب الحلال عبادة، وأن في الجد والاجتهاد تُصنع الأمم وتنهض الحضارات.