يتعرض الكثيرون حول العالم لما يسمى بالإجهاد الناتج عن الصدمة الثانوية، أو إرهاق الصدمة غير المباشرة، وهي مصطلحات تستخدم لوصف الظواهر التي يتأثر فيها الفرد بصورة غير مباشرة بتجربة سيئة يتعرض إليها الآخرون، مثل حوادث الطرق التي لا تكون طرفا فيها، أو أخبار الحروب والكوارث الطبيعية والنزاعات الإقليمية أو العمل في مجال يتطلب متابعة أو الانخراط في حوادث وأزمات يواجهها أشخاص آخرون مثل مجالات الإغاثة والرعاية الصحية أو تقديم المساعدة النفسية لضحايا الكوارث، أو المحاكم والمحاماة وتغطية أخبار الحروب والحوادث، وهو ما يطلق عليه أيضا إرهاق التعاطف والرحمة.

وتشير دراسة للشبكة الوطنية لصدمات الأطفال (منظمة أميركية) إلى أن 50% من العاملين في مجال رعاية الأطفال معرضون بشكل كبير لخطر الإصابة بالصدمة الثانوية أو الحالات ذات الصلة باضطراب ما بعد الصدمة. وأي محترف يعمل بشكل مباشر مع الأطفال المصابين بصدمات نفسية، ويكون في وضع يسمح له بالاستماع إلى سرد التجارب الصادمة، يكون معرضا لخطر الإصابة الثانوية أيضا.

%50 من العاملين في مجال رعاية الأطفال معرضون بشكل كبير لخطر الإصابة بالصدمة الثانوية (بيكسلز)

ووفق تقرير لموقع سيكولوجي توداي، يمكن أن تختلف أعراض الصدمة الثانوية ويمكن أن تشمل:

اللامبالاة. الشعور باليأس والإحباط. السخرية. الرغبة في العزلة. الغضب. التأملات الشديدة في الصور المؤلمة واجترار الأحزان. الشعور بالتعب. الشعور بالذنب. الألم الجسدي غير المبرر عضويا.

ورغم تعرض الجميع للأحداث المؤلمة بصور مختلفة طوال الوقت، تظل هناك بعض المواقف المزعجة التي تهدد شعور الفرد بالأمان.

ووفقا لدراسة أجراها معهد سيدران، بولاية ميريلاند الأميركية، 7.3% من جميع تشخيصات اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى البالغين تتطور نتيجة مشاهدة شخص آخر يتعرض لصدمة نفسية.

عوامل ظهور الصدمات الثانوية

يعتقد المعالج النفسي الدكتور امير ليفين أن هناك 3 عوامل رئيسية تزيد من التعرض لتأثير الصدمات الثانوية.

الاتصال التكنولوجي الفائق عبر وسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية، والتعرض للقصص الإخبارية المخيفة حول العالم، وهنا ليس المقصود تجنب متابعة النشرات الإخبارية ومواقع التواصل، ولكن التعرض المكثف للحوادث المؤلمة يساهم في تطور أعراض ما بعد الصدمة.

الكوارث تفرض نفسها في السنوات الأخيرة، فالعيش في عصر يتسم بالكوارث الطبيعية والحروب وعدم الاستقرار السياسي، يخلق بيئة متشابكة من الخوف والعجز، وهو ما يُشعر الكثيرين بأن الخطر قادم لا محالة، وأن كارثة تحدث في أبعد البلاد قد تنعكس على أحوالنا الشخصية بصورة ما.

التشابك التكنولوجي والعزلة الحقيقية، فرغم أننا مترابطون من الناحية التكنولوجية كما لم يحدث من قبل، فإننا في نفس الوقت منفصلون ومعزولون ووحيدون إلى حد غير عادي. فقد أدت الهجرات والتطورات التكنولوجية إلى انفصال وعزلة عاطفية واجتماعية عميقة.

ووفقا لتقرير حالة التواصل الاجتماعي العالمي الذي تم إجراؤه في 142 دولة في عام 2023، أفاد 51% من الأشخاص أنهم يشعرون بالوحدة، بينما يشعر 21% بالوحدة الشديدة. وتعد الوحدة عامل خطورة لتطور الصدمة العاطفية وقد تؤثر على قدرة الشخص على المرونة في مواجهة الصدمة.

إستراتيجيات استباقية للوقاية

لا ينبغي الانتظار لحين التعرض لآثار الصدمات الثانوية، خاصة لهؤلاء الذين يعملون في مجالات الإغاثة وتقديم الدعم للضحايا، حيث عليهم أن يكونوا على دراية بأعراض إجهاد الصدمة من خلال تنمية الوعي بالأعراض المحتملة. إن معرفة ما يجب مراقبته يسمح بالتدخل ومعالجة الأعراض قبل أن تصبح متأصلة بشكل أعمق.

كتابة اليوميات بمثابة تنمية حوار نشط مع الأفكار والمشاعر لتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات النفسية (بيكسلز) العناية بالجسم: من خلال النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة قد يساعدان في التخلص من المحتوى المؤلم الذي يتعرض له الأفراد في حياتهم اليومية أو المهنية. تغذية العقل بمحتوى صحي وإيجابي: قد يخفف من آثار الصدمات غير المباشرة مع توجيه الانتباه إلى المحتوى المهدئ للنظام العصبي، مع تقليل وقت التعرض لوسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية، فضلا عن توخي الحذر بشأن التأثير المحتمل للمعلومات المستهلكة يوميا. تحصين الجسم والعقل: تميل أنظمتنا العصبية إلى أن تكون أكثر عرضة لتأثيرات الصدمة عندما نشعر بالاستنزاف والإرهاق. لذلك، من الضروري تحصين الجسم والعقل من خلال الانخراط في الأنشطة التي تدعم الشعور بالحيوية، والتركيز على الرعاية الذاتية، إذ يعد النوم المناسب وسيلة لحماية الجسم من الاستنزاف. تدوين اليوميات: الكتابة اليومية بمثابة تنمية حوار نشط مع الأفكار والمشاعر لتعزيز المرونة في مواجهة الصدمات النفسية، ووسيلة تعافٍ قوية، تؤثر بشكل ملحوظ على استجابة الجسم للضغط النفسي، ومن ثم تحسين المزاج والنوم والمناعة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الإسكان: إعداد كود لحماية الشواطئ من آثار التغيرات المناخية

كشف الدكتور محمد مسعود السعداوي، رئيس مجلس إدارة المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، عن إعداد كود جديد يهدف إلى حماية الشواطئ المصرية من التداعيات المتزايدة للتغيرات المناخية، التي باتت تمثل تحدياً عالمياً، لا سيما في المناطق الساحلية والدلتا.

تقرير يفضح «كذبة» مشروع الرصيف الأمريكي على شاطئ غزةتصل مساحتها 5 كيلومترات .. استمرار مكافحة تسرب بقعة الزيت علي شواطئ أبورديس

وأوضح السعداوي، خلال لقائه مع الإعلامية منى العمدة في برنامج "هنا الجمهورية الجديدة" على قناة النهار، أن المركز يعمل حالياً من خلال لجنة متخصصة على وضع معايير فنية وهندسية لحماية المنشآت والاستثمارات بالمناطق الساحلية، في ظل الارتفاع المتوقع لمنسوب مياه البحر وتأثيراته المحتملة على البنية التحتية والثروات العقارية.

وأشار إلى أن المركز يسابق الزمن لمواكبة التغيرات المناخية المتسارعة، وذلك في إطار التزامه برؤية مصر 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالاستدامة البيئية وحماية الموارد الطبيعية.

وفي هذا السياق، نظم المركز عدة جلسات نقاشية تحت عنوان "الإدارة العمرانية المتكاملة للمناطق الساحلية بالساحل الشمالي"، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ التابعة لوزارة الموارد المائية والري، وبمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال حماية الشواطئ، لوضع استراتيجية شاملة تسهم في تطوير كود موحد لحماية الشريط الساحلي المصري.

 

طباعة شارك الإسكان الشواطئ المصرية حماية الشواطئ

مقالات مشابهة

  • 10 أطعمة تخلصك من دهون البطن قبل ارتداء ملابس الصيف
  • محمود الونش: أزمات الزمالك تهد جبل
  • «وزير التعليم»: إجراءات تأمينية مشددة لضمان سير امتحانات الثانوية العامة بشكل ناجح ومنظم
  • دراسة تكشف: لماذا نفضل التعاطف مع الجماعات بدلا من الأفراد؟
  • غزة وإيران والحوثيون.. أزمات إسرائيل تتراكم وترامب يعيد رسم المشهد
  • "الحياة اليومية بائسة".. أزمات عديدة تواجه سكان شطر كشمير الباكستاني
  • متلازمة غزة.. اضطرابات ما بعد الصدمة تضرب إسرائيل وجنودها
  • أرقام عن الجنون والصدمة لدى الجنود الإسرائيليين جراء القتال بغزة
  • الإسكان: إعداد كود لحماية الشواطئ من آثار التغيرات المناخية
  • 5 عادات بسيطة لتدريب العقل على السعادة