سواليف:
2025-07-07@06:58:13 GMT

ماذا بعد ؟

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

#ماذا_بعد ؟ د. #هاشم_غرايبه

بعد اليوم المائة على شن أشرس حملة في هذا القرن على أمتنا، من قبل محور الشر ذاته – العدو الاستعماري التاريخي لها، ثبت له فشله في تحقيق الهدفين المعلنين (تحرير المحتجزين والقضاء على المقاومة).
ولكن، كما في كل الحملات العسكرية، هنالك هدف مضمر لا يفصح عنه المعتدي، لأنه يظهر حقيقة نواياه ويكشف مأربه الحقيقي، لذلك للتعمية عليه وصرف الأنظار عنه، يكثر من التصريحات حول الأهداف المعلنة.


ليس صعبا معرفته، بل يمكننا التوصل إليه من رصد ثلاثة عناصر هي: خفايا التحركات السياسية، وفلتات ألسنة المسؤولين لديهم، والتشريعات والقرارات المتخذة.
التحركات المكثفة لوزير الخارجية الأمريكي في المنطقة العربية ليست لاجراء محادثات، بل هي في اتجاه واحد، أي إيصال رسائل وتعليمات، وتصريحاته عن فحوى الرسائل التي كان يوصلها للمسؤولين العرب، تبين أنه يسعى للإطمئنان على إدامة تجريم فعل المقاومة الذي تعهدت الأنظمة بضبط شعوبها لنبذه والتخلي عنه، من خلال ما أسمته العملية السلمية، ومن جهة ثانية الاطمئنان على استمرار مسار التطبيع، كونه الوسيلة الأنجع لضمان هيمنة وأمن وحماية الكيان اللقيط.
ومن خلال تصريحات الوزير الصحفية عقب كل زيارة، يظهر أن ذلك كان المضمون الوحيد لما جرى في اللقاء، وأن ما يعلنه المسؤول العربي من جانبه عن أنه قد جرى الحديث عن وقف اطلاق النار ليس صحيحا، بل هو تصريح للإستهلاك المحلي ليس إلا.
وإذا استعرضنا التحركات التشريعية والقرارات الرسمية في أمريكا وأوروبا، نلاحظ أن القاسم المشترك بينها هو محاصرة الأصوات الحرة وبالأخص الفكر الإسلامي، ولعل أحدثها أغرب تشريع أقره البرلمان البريطاني بالإجماع!، وهو تجريم الانتساب الى أحزاب إسلامية، فقد أقر عقوبة الانتساب لحزب التحرير أو دعمه أو التبرع له بالسجن أربعة عشر عاما!، في الوقت الذي تتبجح فيه بريطانيا بأنها تحترم المعتقد السياسي، ولا تمنع الأحزاب السياسية حتى تلك التي تتبنى الكفاح المسلح، وبالطبع شهدت أغلب الدول الأوروبية تشريعات مماثلة موجهة فقط للفكر الإسلامي، حتى سويسرا التي يرتكز دستورها على الحياد التام، خالفته للمرة الوحيدة بإعلانها تجريم الإسلام السياسي تحديدا وحصرا.
هكذا نلاحظ أن المشترك الوحيد في قلق أوروبا هو ما يسمونه الإسلام السياسي، أي الجـ-ـهاد بمفهومنا نحن، وهو العنوان الجامع لكل سياسات الغرب تجاه منطقتنا، حيث يرى مصالحه فيها مصانة وأمن الحارس الموثوق عليها (الكيان اللقيط) مستتبا، الخطر الوحيد الذي يتهددها هو العودة الى الحصن المنيع من الخنوع والاستسلام للمستعمر وهو الإسلام.
الإسلام الذي يخشونه ليس العبادات ولا الأدعية وألأوراد، بل الإسلام المقاوم أي السياسي، لأن معركة الطوفـ.ـان أثبتت أنه أقوى من صواريخهم وبوارجهم.
لذلك كانت خيبة أملهم الأشد، هي في فشل العدوان في تحقيق الهدف المضمر، وهو القضاء على الروح الجـ-ـهادية، فبعد أن اعتقدوا بأنهم سيطروا عليها، وأنهم على وشك اقتلاعها من نفوس الأمة بالقمع والمصادرة والتيئيس، إلا أنها عادت بفضل استبسال المقاومة الإسلامية، وبصورة أشمل، فعمت كل بقاع الأمة.
فشل الهدفين المعلنين لا يقلقهم كثيرا، فليسوا على عجلة، لأن لديهم الامكانيات لإعادة الكرة مرة بعد أخرى، لكن ما يقلقهم فشل الهدف المضمر، وانقلاب كيدهم الى ضده، لأن ذلك يعني الكثير، منها:
1 – القلق على بقاء منظومة (سايس – بيكو) التي انفقوا قرونا حتى تمكنوا من إنشائها.
2 – أصبح الخوف جديا من إمكانية الزوال القريب للكيان اللقيط الذي أنفقوا مئات المليارات على إدامته.
3 – الخسارة الأفدح تمثلت في الفشل في ترسيخ الصورة المضللة للإسلام، رغم الإمكانيات الهائلة والتقنيات المتقدمة، إلا أن الإنقلاب عليها وانكشاف الحقائق أدت الى ردة فعل عكسية بين الشعوب الغربية، وهذا أكثر ما يقلقهم، لأن ذلك يعني تفتح العقول التي نجح التعصب في إغلاقها قرونا، للدخول في الإسلام، وبذلك بعد أن كانوا غزاة عسكريا لديار المسلمين، يجري غزوهم فكريا في عقر دارهم.
فماذا بعد؟
لكي نغتنم ما حدث من انقلاب السحر على الساحر، فتستعيد الأمة ما أضاعه المتخاذلون عليها، على الجماهير المؤمنة التنبه للإختراق الوحيد الذي سيضيع هذه الفرصة التاريخية.
ويتمثل ذلك بالتصدي لقطار التطبيع، الذي كاد يصل الى محطته الأخيرة والأهم، وهي الجزيرة العربية، فأراد الله لنا هذه المحنة لينبهنا الى خطورة ما كان سيتم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ماذا بعد

إقرأ أيضاً:

(نص+فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447هـ



أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

السَّلَامُ عَلَى سِبطِ رَسُوْلِ الله، سَيِّدِ الشُّهَدَاء الإِمَامِ الحُسَيْن، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات فِي كُلِّ السَّاحَات وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

وَعَظَّمَ اللَّهُ لنَا وَلَكُمُ الأَجْر، فِي ذِكْرَى الفَاجِعَةِ الكُبْرَى: ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" الإِمَامِ الحُسَيْنِ، مَعَ أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِهِ الأَوفِياء، فِي كَرْبَلَاء، سَنةَ إِحْدَى وَسِتِينَ لِلهِجرَة.

إن إحياءنا لهذه الذكرى هو أولاً: من المواساة لرسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده، لكان العزاء له، وفي منزله في المدينة.

وثانياً: لما يعنيه لنا الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والامتداد الأصيل له في موقع الهداية، والقدوة، والقيادة، والأسوة، وهو كما قال فيه وفي أخيه الحسن "عَلَيْهِمَا السَّلَامُ":((الحَسَنُ وَالحُسَين سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّة))، وكما قال عنه أيضاً:((حُسَينٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسِين، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَينًا، حُسَينٌ سِبطٌ مِنْ الأَسبَاطِ))،إضافةً إلى غير ذلك من النصوص النبوية، التي تُعَرِّفُنا من هو الحسين، وماذا يعنيه لنا، وما هي منزلته عند الله تعالى، وعن دوره في الإسلام، وعن كماله الإيماني العظيم، الذي تجلَّى أيضاً مع النصوص النبوية في مسيرة حياته، وتجلَّى في أعلى المستويات في نهضته "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في مرحلةٍ مصيريةٍ، تُشَكِّل خطورةً رهيبةً جدًّا على المسلمين في إسلامهم؛ وبالتالي في حُرِّيَّتهم، وكرامتهم... وكل المبادئ والقيم العظيمة، التي أتى بها الإسلام، وأخرجهم بها من ظلمات الجاهلية، إلى نور الله ونهجه الحق، بكتابه القرآن الكريم، ورسوله خاتم النبيين محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".

فالحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجاً للحياة، وأساساً لمسيرة الأُمَّة المنتمية للإسلام.

الإسلام الذي يُحَرِّر الناس من كل أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين.

الإسلام الذي يُزَكِّي النفوس، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بالإنسان في قيمه وأخلاقه ومبادئه؛ فتتجلَّى في أعماله، ومواقفه، وتصرفاته، ويتطهَّر من الرذائل والمفاسد، ويتنزَّه من الجرائم، كما كانت مهمة التزكية من المهام الأساسية في الرسالة الإلهية؛ ولـذلك أتى الحديث عنها في القرآن الكريم في هذا السياق: في الحديث عن مهام رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بقول الله تعالى:{وَيُزَكِّيهِمْ}، وتكرَّرت في القرآن الكريم كثيراً، وتحدث القرآن كثيراً عن أهمية التزكية في رسالة الله تعالى، وعن القيم والأخلاق التي تُحقِّق زكاء النفس.

الإسلام الذي يَمْقُتُ الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويُقَدِّم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}[النساء:135]، وآياتٍ كثيرة عن هذا المعلم المهم للإسلام.

الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والأخيار من الأُمَّة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤوليةً قائمةً على الأُمَّة في كل زمان، تتحرَّك فيها على أساس القرآن الكريم منهجاً، والنبي قدوةً وهادياً، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّة، وإذا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أيضاً أي خير، وهي كما أعلنها الله في القرآن الكريم، في قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110].

الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]، وكما قال تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح:29]، وكما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة:54]، أُمَّةً تحقِّق لنفسها السلام الحقيقي، من موقع القوَّة، والقدرة، والثبات على الحق؛ وليس عبر الاستسلام، بالتنازل عن المبادئ والقيم، والعرض والأرض، والخنوع للكافرين، ثم تسمِّي ذلك سلاماً وتطبيعاً.

الإسلام بنوره، وهدايته، وبصيرته، بالقرآن الكريم، والرسول "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"،في معلمٍ أساسيٍ من معالم الإسلام، ومهام الرسالة الإلهية، كما في قول الله تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]، وكما في قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المائدة:16]، وكما في قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام:104]، بهذا النور، وبهذه البصيرة، وبهذا الهدى، مقترناً أيضاً بالهداة الذين يسيرون بالأُمَّة عليه، يرتقي الإسلام بأتباعه والمنتمين إليه، وبحسب إقبالهم، وتقبُّلهم، والتزامهم، إلى أرقى مستوى من الوعي والفهم، ويُحَصِّنهم ويحميهم من كل المضلِّين، والمخادعين، والملبِّسين، والمحرِّفين، والمزورين، والمنحرفين، من الكافرين والمنافقين، ومن كل وَسْوَاسٍ خَنَّاس، يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

هذا الإسلام، أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"،بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا، وانتقل بالعرب من أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتَئِدُ البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً؛ نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم؛ فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميَّزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر.

هذا الإسلام، الذي هو إرث الأنبياء والرسل "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِين"، بخاتمهم، وأكملهم، وأعلاهم منزلةً عند الله: رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الذي اصطفاه الله، ليكون هو القائد، والقدوة، والأسوة، والهادي لهذه الأُمَّة، وللبشرية جمعاء؛ وبالقرآن الكريم، أعظم كتب الله، وأقدسها، والمهيمن عليها، والمحفوظ من الله في نصه المبارك إلى قيام يوم الدين، والنور التَّام، والهدى الكامل، والمعجزة الكبرى الباقية الدائمة للرسول والإسلام.

هذا الإسلام، الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأُمَّة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمْنِيَّةٍ يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأُمَّة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف، إلى درجة أن يكون سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو النسخة الأصلية الراقية للإسلام في كل معالمه تلك، وفي تلك المرحلة المبكِّرة من التاريخ، يواجه تلك الغربة، وذلك التخاذل، ثم يتجنَّد عشرات الآلاف لقتله، وقتل أهل بيته ورفاقه، في حادثةٍ لم يسبق مثلها في تفاصيلها الإجرامية والوحشية في تاريخ العرب، حتى في جاهليتهم الأولى، وفي يومٍ فريدٍ في حجم المظلومية والمأساة، وكان ذلك بقدر الموقف الجاهلي من القيم والحق والمبادئ الكبرى للإسلام، التي يحملها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، واستمرَّت مأساة الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فما الذي حدث؟ إنَّه الانقلاب الأموي على الإسلام.

إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وشنَّت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية... وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكَّة، حيث ظهر أمر الله وهم كارهون، وحينها استسلمت الزُمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بـ (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يُبَيِّن حقيقتهم؛ حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين، أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو مِنَّةً على المسلمين.

وقد يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكَّة، وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام، من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن؛ فقررت الانتقال إلى مُرَبَّعٍ آخر، وهو مُرَبَّع النفاق؛ لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات.

وكان رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" قد حذَّر الأُمَّة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني، الإجرامي، المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أُمَيَّة، إذا استحكمت قبضتهم على الأُمَّة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة، قال عنهم:((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، إلَّا أنَّهم استفادوا من الغفلة، والأخطاء، وما هندسوا له من فتنٍ، وما مارسوه من أساليب الخداع والإغراء من بعد وفاة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"... وغير ذلك من الأسباب والأساليب التي استخدموها وساعدتهم للوصول- في نهاية المطاف- إلى موقع القيادة، والسلطة، والتحكُّم بالأُمَّة، ثم ساروا فيها بتلك السيرة، التي حذَّر رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" أمَّته منهم ومنها، فعملوا على الإفساد للناس، والتحريف لمفاهيم الدين، والاستعباد للناس بالترغيب والترهيب، وتحويل الأُمَّة وإمكاناتها ومقدراتها إلى ثروةٍ بشريةٍ وماديةٍ لهم، وفرَّغوا الإسلام من مضمونه الحقيقي، وأسسه الكبرى؛ لتبقى بعض طقوسه وشعائره مفصولةً عن أهدافها وغاياتها، ومحرَّفةً حتى في شكلها، ثم كانت الطَّامة الكبرى عندما أتوا بيزيد، ليجعلوه حاكماً على رقاب المسلمين، ومن هو يزيد؟

للاختصار نذكر ثلاثة عناوين، تكشف عن حقيقة شخصيته:

- العنوان الأول: كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عِدَّة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله:

لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل

وهو هنا يجحد بالوحي (بالقرآن الكريم)، وبالوحي على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وتصوره عن رسول الله أنَّه مجرَّد انتهازي ومخادع للناس باسم الوحي والرسالة، وهذه رؤية كفر، ونظرة كفر.

- ثانياً: كان حاقداً شديد الحقد على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"،ويحمل عقدة الانتقام منه، ويريد أن يصفِّي حساباته في الثأر لجده عتبة، وكذلك لخاله الوليد، ولأخيه وقومه الذين قُتِلوا في غزوة بدرٍ الكبرى، وهم يقاتلون رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، ويقاتلون المسلمين، وكان قد اتَّخذ قراره أن يحقق هذا الثأر من رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بقتل عترته، وقتل أيضاً من حضر من صحابة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" في غزوة بدرٍ الكبرى، ممن بقي منهم على قيد الحياة، إلى حين وصل يزيد إلى موقع السلطة، فهو اتَّخذ قراراً بقتل من بقي منهم جميعاً، وكذلك بقتل الأنصار، والاستباحة لهم، (الأوس، والخزرج)، الذين يعتبر أنَّ لهم الدور الكبير في نصرة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".

- ثالثاً: كان مستبيحاً لكل الحرمات، معلناً بالفسق والفجور، ومُحِلاً لما حرَّم الله، وكان صريحاً في ذلك، لا يُقِرُّ بحلال ولا بحرام، ينتهك كل الحرمات، ومعلناً بذلك.

- رابعاً: كان مستبيحاً لحرمة كل المقدَّسات؛ ولـذلك استباح قتل عترة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والاقتحام لمدينة رسول الله، والاستباحة لحرمة مسجد رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والقتل حتى للمستضعفين من أهل المدينة على قبر رسول الله حتى أغرقه بالدماء، والاقتحام لمكَّة، والإحراق للكعبة، والقصف لها بالمنجنيق.

- خامساً: كان غشوماً، مسرفاً في الدماء، ظلوماً، ليس لديه أي حرمة للنفس البشرية.

بكل هذه المواصفات الإجرامية والفظيعة، كان تمكُّنه واستحكام قبضته على الأُمَّة، يعني: ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ":((وَعَلَى الإِسْلَامِ السَّلَام، إِذ قَد بُلِيَّتِ الأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلَ يَزِيد)).

وقد تجلَّت الآثار السيئة بشكلٍ كبير جدًّا للدور الأموي في واقع الأُمَّة، فحينما نهض الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّة بمكانته، ومقامه، ومنزلته، إضافةً إلى أنَّه يحمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحرَّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل.

لقد كانت الوضعية كما عبَّر عنها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" بقوله:((أَلَا تَرَونَ أَنَّ الحَقَّ لَا يُعمَلُ بِه، وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، هذا هو التأثير للدور الأموي، يصل بالأُمَّة إلى ألَّا يبقى للحق لديها أي قيمة، الحق في الموقف، الحق في المبدأ، الحق في المعتقد، الحق في كل مجالاته، لا يبقى له أي قيمة في حيِّز الواقع، وفي مقام العمل، والالتزام، والاتِّباع، بقي عنواناً قد يُطْلَق على سبيل التحريف على مضامين باطلة.((وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، وهي حالة خطيرة حينما تصل الأُمَّة إلى درجة التَّقَبُّل للباطل، الخنوع للباطل، عدم الاستيحاش من الباطل، فيبقى الباطل سائداً لا يُتَنَاهى عنه،((لِيَرغَبِ المُؤمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ مُحِقًّا، فَإِنِّي لَا أَرَى المَوتَ إِلَّا سَعَادَة، وَلَا الحَيَاةَ مَعَ الظَالِمِين إِلَّا بَرَمًا وَشَقَاوَة))؛ لأن هذا ضاع الحق من واقع الحياة، وحلَّ محلَّه الباطل؛ يَحِلُّ الظلم، والطغيان، والجبروت، ويسوء واقع الحياة، وتضيع القيم، يتحوَّل واقع الحياة إلى واقع سيء جدًّا.

ومع كل ما عاناه الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، من جهة المتخاذلين، وأيضاً من الناكثين والغادرين، وما عاناه أيضاً من وحشية وطغيان وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين؛ إلَّا أنَّه قدَّم للأُمَّة من بعده، وإلى قيام الساعة، أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعِزَّة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقِلَّة القليلة من الأنصار في قافلته، حيث قدَّم أعظم الدروس في الإيمان، والصدق، والوفاء، والثبات على الحق، في أقسى الظروف، وأصعب المراحل، وكسر حاجز الصمت، وأحيا في الأُمَّة الحُرِّيَّة؛ فتتابعت الثورات من بعده؛ حتى أطاحت بطغاة بني أميَّة، وأعطى للحق دفعاً وامتداداً عبر الأجيال، وكانت كلماته الخالدة، وقد حاصره الأعداء، الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء، ووضعوه بين خيارين: إمَّا الذِّلَّة، والاستسلام للطغاة المجرمين، أمثال: ابن زياد، ويزيد؛ وإمَّا الحرب، والقتل، والإبادة؛ فقال "عَلَيْهِ السَّلَامُ":((أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَامِ))، كانت هذه الكلمات وغيرها أيضاً في خطبه ورسائله، مصحوبةً ومقترنةً بأعظم المواقف، وأعظم التَّضحيات، مدرسةً هاديةً وملهمةً لكل الأجيال، ولمواجهة الطغاة في كل زمانٍ ومكان، ولاتِّخاذ القرار الصحيح، حينما توضع الأُمَّة بين هذين الخيارين: إمَّا السِّلَّة، وإمَّا الذِّلَّة، في كل زمان، وفي كل ساحةٍ من ميادين المواجهة، وليبق للحق امتداده، وليسعَ المؤمنون إلى استعادة الإسلام في نقائه وكماله، ومعالمه الكبرى، ومبادئه الأساسية، التي تتحقَّق بها ثمرته في الدنيا: تَحَرُّراً من الطاغوت، وسمواً بالأخلاق والقيم، وعِزّاً وكرامة، وعدلاً، ونوراً، وبصيرةً، ومنهجاً ربَّانياً للحياة.

أيُّها الإخوة والأخوات في كل الساحات: إنَّ معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي هي من هذا المنطلق، فما يمثِّله العدو الأمريكي والإسرائيلي من خطرٍ على الأُمَّة: في طمس هويتها الدينية، واستهداف مقدَّساتها، والسعي للسيطرة عليها، والاستعباد لها، ولإذلالها واستباحتها، وما يرتكبه العدو بحق هذه الأُمَّة، بدءاً بما يفعله في فلسطين، من: إبادةٍ جماعية، وهتكٍ للأعراض، وانتهاكٍ لحرمة المقدَّسات... وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي؛ وفي حربه الناعمة، المفسدة، المُضِلَّة، الشيطانية، التي يستهدف بها الأُمَّة والمجتمعات البشرية؛ وفي مخططه الظالم العدواني، الهادف إلى الاحتلال للأوطان، ونهب الثروات، واستعباد المجتمعات؛ كلُّ هذا يُحَتِّم علينا كمسؤوليةٍ إيمانيةٍ، دينيةٍ، أخلاقيةٍ:

- أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي.

- وأن نتصدى لإجرامهم.

- وأن نتحرَّك ضد فسادهم وباطلهم.

- وألا نقبل أبداً بالخنوع لهم، ولا بالطاعة لهم؛ لأن في ذلك الخسارة في الدنيا والآخرة، والخزي والذل.

ومهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم التَّضحيات، فالقضية مقدَّسة، تستحق منَّا التَّضحية، التي لها أعظم ثمرةٍ في الدنيا وفي الآخرة:

- في الدنيا: أن نكون أحراراً، أَعِزَّاء، نتشرَّف بذلك، ونتشرَّف بالإسلام، بشرفه وقيمه، وننعم بذلك.

- وفي الآخرة: ما وعد الله به من الجنَّة، والرضوان، والنجاة من عذاب الله، والفوز العظيم.

وهي الخيار الأسلم، في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع، التي ثمنها فظيع، ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة.

إنَّ انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقةٍ تامَّة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة في أُمَّتنا، في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ومن النماذج الرَّاقية: هذا الصمود والثبات والاستبسال في غزَّة، ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران، وأحرار العراق، والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان، وأحفاد الأنصار، بزخمها المليوني، وتضحياتها الكبيرة، وثباتها الحديدي، وصبرها العظيم، واستمرارها دون كللٍ ولا ملل.

وإننا في يوم الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، يوم الوفاء والعطاء، والتأكيد على الثَّبات على الموقف الحق، نؤكِّد على التالي:

- أولاً: نؤكِّد ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أساس التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتَّحَرُّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في: الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

- ثانياً: نؤكِّد ثباتنا على موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني، والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي هو عدوٌ للإسلام وللمسلمين، ويشكِّل خطورةً على الأُمَّة الإسلامية بكلها، ومخططه الصهيوني هو مخططٌ عدوانيٌ تدميريٌ، يستهدف الأُمَّة في دينها ودنياها؛ ولـذلك فلن نألو جهداً في مواجهة ذلك العدو، مع إخوتنا في المحور (محور القدس والجهاد والمقاومة)، ومع أحرار الأُمَّة.

- ثالثاً: مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى اللوم، والضغوط، والهجمات الإعلامية... وغير ذلك مما نُوَاجَه به من كل أشكال الحروب والاستهداف، من أمريكا وإسرائيل، ومن عملائهم الموالين لهم، المؤيِّدين لهم، المعادين لأي توجُّه لا يقبل بالخنوع معهم لأمريكا، فإنَّ ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم، الذي لا يمكن التراجع عنه، ونحن مستعينون بالله تعالى، متوكِّلون عليه، واثقون به، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ الكَبِير فِي هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِلثَّبَاتِ عَلَى نَهجِهِ الحَقّ، فِي دَرْبِ الْإِمَامِ الحُسَينِ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، دَرْبِ الهُدَى، صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيم، طَرِيقِ الحَقِّ، وَالِاقْتِدَاءِ بِرَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، طَرِيقِ أَعْلَامِ الهُدَى، طَرِيقِ الأَخْيَارِ وَالصَّالِحِين مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّة.

وَنْسَألُ اللهَ تَعَاَلَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.

السَّلَامُ عَلَى سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاء الْإِمَامِ الحُسَينِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْإِخْوَة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛.

مقالات مشابهة

  • (نص+فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447هـ
  • العمل والسعي لطلب الرزق.. الإفتاء توضح مفهوم العبادة في الإسلام
  • بنعبد الله ينتقد استمرار ظاهرة العزوف السياسي والأحزاب التي لا يمكنها كسب مقاعد دون مال أو قفف
  • ماسك يعلن تأسيس حزب أمريكا ويكشف هدفه: التغيير السياسي
  • يُشعل حرارة الجو.. ماذا تعرف عن منخفض الهند الذي يضرب البلاد؟
  • أمينة الفتوى: مقولة على قد فلوسهم تخالف تعاليم الإسلام
  • «حزب أمريكا».. هل يقلب ماسك المشهد السياسي الأمريكي؟
  • رسالة لشباب اليوم..
  • برلماني: ثورة 30 يونيو أنهت مشروع الإسلام السياسي فى الإقليم
  • هل يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها دون علمه؟.. يسري جبر يُجيب