وصف اللواء احتياط الاحتلال، إسحاق بريك وحدة المتحدث باسم الجيش،  بأنها "أكبر عملية احتيال على الإطلاق"، متهما إياها بالكذب المتعمد، وخداع الجمهور، وإخفاء الحقائق، وتضخيم صورة الجيش الإسرائيلي على حساب الحقيقة والمهنية والجاهزية العسكرية.

وقال بريك، في مقال نشرته صحيفة معاريف، إن الغرض المعلن من وحدة المتحدث هو "تعزيز ثقة الجمهور بجيش الدفاع الإسرائيلي، وتعزيز شرعية أنشطته، وردع العدو من خلال التأثير على الفضاء الإعلامي العام بطريقة عملية ومبتكرة، غير أنها تحولت إلى أداة لتلميع صورة الجيش، وتضليل المواطنين، وتقديم روايات مختلقة، بإشراف مباشر من القيادة العليا".



وأوضح أن هذه الوحدة تضم مئات الجنود والضباط، وتستهلك ميزانيات هائلة من دافعي الضرائب، لكنها لا تقول الحقيقة، بل تعمل على خلق واقع افتراضي يخدم هدفا سياسيا وعسكريا محددا، مؤكدا أن "ثقافة الكذب" أصبحت جزءا لا يتجزأ من سلوك المتحدث باسم الجيش.

وأشار إلى أن المتحدثين العسكريين يتلقون توجيهات من رئيس الأركان مباشرة، وأن الهدف الأساسي لهم ليس إيصال المعلومات، بل ترسيخ صورة زائفة عن قدرة الجيش، بما يخدم القيادة السياسية والعسكرية، ويمنع إجراء الإصلاحات الضرورية.

وأكد بريك أن هذه "السياسة هي التي أوصلت إسرائيل إلى كارثة السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وإلى المأزق الراهن في قطاع غزة، حيث يعيش الجيش حالة من التدهور الشديد، لا سيما على مستوى الروح المعنوية والانضباط والجاهزية".

وقال: إن "الجمهور يعيش في وهم مدروس، نتيجة خطاب إعلامي خادع، تروجه وحدة المتحدث باسم الجيش، بدعم كامل من القيادة العليا، وبمساعدة المراسلين والمحللين العسكريين الذين أصبحوا أداة في يد المؤسسة العسكرية، ويفضلون الحفاظ على علاقاتهم مع المتحدثين بدلا من نقل الواقع للجمهور".

وأضاف أن هؤلاء المراسلين شاركوا بفعالية في إخفاء حقيقة ما جرى يوم 7 أكتوبر، وواصلوا التغطية على الإخفاقات الكبرى للجيش خلال عملية "عربات جدعون" في غزة، وأنهم ما زالوا يروجون لانتصارات وهمية غير موجودة.

وانتقد بريك بشدة تصريحات المتحدث باسم الجيش حول السيطرة على 75 بالمئة من أراضي قطاع غزة، مؤكدا أن هذه التصريحات كاذبة ولا تستند إلى أي حقائق ميدانية، مشيرا إلى أن هيكل القوات الفعلي في القطاع أصغر بعشرات المرات من الذي يروج له الجيش، بسبب انخفاض نسبة الحضور في القوات النظامية والاحتياطية.

وكشف عن أن آلاف الجنود سرحوا أو تركوا الخدمة القتالية بسبب مشكلات نفسية حادة، وأن قيادة الجيش تتعمد التغطية على ذلك، موضحا أن حالة "الرفض الصامت" تتسع، وأن الكثير من الجنود من وحدات النخبة لم يعودوا مستعدين لمواصلة القتال.



وشكك بريك في الأرقام التي يعلنها الجيش عن عدد شهداء حماس، قائلا إن "الإحاطات التلفزيونية الأسبوعية التي يدلي بها المتحدث باسم الجيش لا تعكس الواقع الحقيقي، وإن المقاتلين على الأرض لا يواجهون العدو وجها لوجه، بل يتعرضون لعبوات ناسفة وهجمات من داخل الأنفاق دون اشتباكات مباشرة".

وسخر بريك من تصريحات قادة الألوية بأن عدم رؤية مقاتلي حماس دليل على السيطرة، وقال إن حماس تعتمد تكتيك حرب العصابات ولا تسعى لمواجهات مكشوفة، وهو ما لم تستوعبه قيادة الجيش بعد عامين من الحرب.

وكشف عن رسالة تلقاها من جندي في كتيبة هندسة في ممر نتساريم تؤكد أن الجنود لا يرون أي عدو في الميدان، وأن معظم ما يعلن عن أعداد القتلى ليس له أي دليل ميداني، بل هو تضليل متعمد.

وقال بريك إن الأكاذيب التي يروجها المتحدثون الرسميون لا تقف عند حدود غزة، بل تشمل أيضا محور فيلادلفيا، والأنفاق الممتدة من سيناء، والتي زعم الجيش سابقا أنه دمرها بالكامل، ليتضح لاحقا أنه لم يدمر سوى أقل من عشرين بالمئة منها، وأن حماس استعادت قوتها كاملة بنحو أربعين ألف مقاتل.

وأضاف أن المقاتلين لا يرون مقاتلي حماس لأنهم يتحصنون داخل الأنفاق ويشنون هجماتهم من هناك، ويختفون فورا، ما يفسر الخسائر التي يتكبدها الجيش مقابل نتائج محدودة للغاية.

وأشار إلى أن المراسلين العسكريين يواصلون الترويج لأرقام وبيانات عارية عن الصحة، وأن رئيس الأركان نفسه ادعى مقتل ألفي عنصر من حماس في رفح، في حين أن القادة على الأرض لم يشهدوا سوى بضع عشرات من القتلى.

وانتقد بشدة أداء رئيس الأركان الحالي، إيال زامير، وقال إنه يواصل سياسات الفشل نفسها، ويدفع الجيش إلى مستنقع غزة من جديد، بدلا من الاستعداد لأي حرب إقليمية محتملة.

وحذر من أن الجيش لا يملك القدرة على مواجهة التهديدات على مختلف الجبهات، لا من حيث العتاد ولا من حيث القوى البشرية، ولا حتى على صعيد مواجهة الطائرات المسيرة أو الصواريخ الباليستية، مؤكدا أن القيادة السياسية والعسكرية تكذب على نفسها وعلى الجمهور.

وقال بريك إن الطريق الوحيد للخروج من الكارثة هو وقف فوري لإطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، وإعادة تأهيل الجيش من جذوره، من خلال تدريب المشاة والهندسة، وتعزيز قدراته، واستعادة الاقتصاد والعلاقات الدولية.

ودعا إلى تفكيك وحدة المتحدث باسم الجيش بالكامل، وبنائها من جديد على أساس الصدق والشفافية وروح الجيش، مع تقليص حجمها إلى عشرات الأفراد بدلا من مئات، ووضع لافتة فوق مدخلها كتب عليها: "لا ينشر هنا إلا الحقيقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الأكاذيب غزة الاحتلال المقاومة أكاذيب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المتحدث باسم الجیش وحدة المتحدث

إقرأ أيضاً:

مصادر مصرية: جماعات فلسطينية موالية لإسرائيل تتوسع في غزة

أفادت رويترز عن ثلاثة مصادر أمنية وعسكرية مصرية بإن الجماعات الفلسطينية المناهضة لحركة حماس، والمدعومة من إسرائيل، كثفت نشاطها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة منذ بدء الهدنة الأخيرة، مشيرة إلى أن عدد مقاتلي هذه الجماعات ارتفع إلى نحو ألف عنصر، بزيادة 400 مقاتل منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر.

وبحسب المصادر، تعمل هذه الجماعات على توسيع عملياتها في ظل غياب اتفاق شامل بشأن مستقبل القطاع، متوقعة أن يزداد نشاطها خلال الفترة المقبلة مع استمرار حالة الجمود السياسي.

وتشارك مصر، المتاخمة لغزة، بعمق في المفاوضات المتعلقة بالصراع، ويتوقع مسؤولوها أن تزيد هذه الجماعات نشاطها في ظل غياب اتفاق شامل بشأن مستقبل غزة.

ورغم أن هذه المجموعات ما تزال صغيرة ومحلية الطابع، فإن ظهورها يضيف ضغوطا جديدة على حركة حماس التي تعيد تثبيت قبضتها في المناطق التي تسيطر عليها داخل غزة، ما يخلق حالة من التعقيد أمام أي جهود تهدف إلى استقرار القطاع الذي دمرته الحرب على مدى العامين الماضيين.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أقر منتصف العام بدعم إسرائيل لهذه التحركات العشائرية المناهضة لحماس، لكنه لم يقدم تفاصيل حول طبيعة هذا الدعم أو حجمه.

 وفي الأسبوع الماضي، قتل ياسر أبو شباب، الشخصية المحورية في جهود تشكيل قوات مناهضة لحماس في منطقة رفح جنوبي غزة. وقالت مجموعته، "القوات الشعبية"، إنه قتل أثناء وساطة في نزاع عائلي من دون تحديد الجهة التي قتلته. وتولى نائبه، غسان دهيني، القيادة متعهدا بمواصلة النهج ذاته.

حماس، التي تسيطر على غزة منذ 2007 وترفض حتى الآن نزع سلاحها بموجب خطة وقف إطلاق النار، وصفت هذه الجماعات بأنها "عملاء"، وهو توصيف يقول محللون فلسطينيون إنه يحظى بقبول واسع بين الجمهور. وقد تحركت سريعا ضد فلسطينيين تحدوا سيطرتها بعد بدء الهدنة المدعومة أميركيا، وقتلت العشرات، بينهم من اتهمتهم بالعمل مع إسرائيل.

يعيش نحو مليوني فلسطيني في مناطق تسيطر عليها حماس، حيث تعمل الحركة على إعادة تثبيت قبضتها، ويقول أربعة مصادر من حماس إنها ما زالت تقود آلاف المقاتلين رغم الخسائر الكبيرة أثناء الحرب.

لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على أكثر من نصف غزة ، وهي مناطق ينشط فيها خصوم حماس بعيدا عن متناولها. ومع بطء تقدم خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بغزة، لا تلوح في الأفق أي انسحابات إسرائيلية إضافية قريبا.

ونقلت رويترز عن دبلوماسي قوله إن الجماعات المناهضة لحماس لا تحظى بأي قاعدة شعبية، لكنه أضاف أن ظهورها يثير مخاوف بشأن استقرار القطاع، ويزيد مخاطر نشوب صراع داخلي بين الفلسطينيين.

ومنذ مقتل أبو شباب، نشرت مجموعته ومجموعتان أخريان تسجيلات تظهر عشرات المقاتلين مجتمعين، بينما يسمع قادة وهم يصفونه بالشهيد ويتعهدون بالاستمرار.

ويظهر مقطع مصوّر نشر في 5 ديسمبر، دهيني وهو يخبر المقاتلين بأن مقتل أبو شباب "خسارة فادحة"، ويضيف أنهم "سيواصلون هذا الطريق بقوة، وبقوة أكبر".

 وتحققت رويترز من موقع التصوير في محافظة رفح، وهي منطقة ما تزال القوات الإسرائيلية منتشرة فيها عبر مطابقة المباني والجدران والأشجار مع أرشيف الصور وصور الأقمار الصناعية.

وفي 7 ديسمبر، أعلن دهيني إعدام رجلين قال إنهما من مقاتلي حماس، اتهمهما بقتل أحد أفراد مجموعته. وقال مسؤول أمني في تحالف الفصائل المسلحة بقيادة حماس إن مثل هذه الأعمال لا "تغير الحقائق على الأرض".

وقال حسام الأسطل، قائد فصيل آخر مناهض لحماس في منطقة خان يونس، إنه اتفق مع دهيني على أن "الحرب على الإرهاب ستستمر" خلال زيارة لقبر أبو شباب في رفح. وأضاف: "مشروعنا، غزة الجديدة (...) سيمضي قدما".

وقال الأسطل، في اتصال مع رويترز أواخر نوفمبر، إن مجموعته تتلقى أسلحة وأموالا ودعما آخر من "أصدقاء" دوليين امتنع عن تسميتهم. ونفى تلقي دعم عسكري من إسرائيل، لكنه أقر بوجود تواصل معها بشأن "تنسيق دخول الغذاء وكل الموارد اللازمة للبقاء".

وأشار إلى أنه يتحدث من داخل غزة، في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية قرب "الخط الأصفر" الذي انسحبت خلفه القوات الإسرائيلية. وقال إن مجموعته استقطبت مجندين جدد بعد الهدنة، وصارت تضم عدة مئات من الأعضاء، من مقاتلين ومدنيين. وأكد مصدر قريب من "القوات الشعبية" أنها توسعت كذلك، دون تقديم عدد محدد.

وقال المتحدث باسم حماس حازم قاسم إن الأجهزة الأمنية ستلاحق المتعاونين "حتى القضاء على هذه الظاهرة". لكنه أوضح أنهم "محميون من جيش الاحتلال في المناطق التي تتواجد فيها هذه القوات، ما يصعّب عمل الأجهزة الأمنية"، وذلك في تصريحات لرويترز قبل مقتل أبو شباب.

مقالات مشابهة

  • كيفية التعامل مع كلاب الشوارع الضالة.. المتحدث باسم الطب البيطري يرد
  • مسؤولون أمريكيون: قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حماس
  • الصحة: 105ملايين خدمة طبية قدمها التأمين الصحي بالمرحلة الأولى
  • “حماس”: قطاع غزة يعيش كارثة حقيقية بفعل المنخفض الجوي ومنع الإعمار
  • بلدية غزة: تصريف مياه الأمطار انخفضت إلى 20% فقط وسط أوضاع كارثية للنازحين
  • بلدية غزة: نحتاج إلى معدات ثقيلة للتعامل مع أطنان الركام بالقطاع
  • حماس: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • مصادر مصرية: جماعات فلسطينية موالية لإسرائيل تتوسع في غزة
  • جوتيريش يندد بإحالة الحوثيين بعض موظفي الأمم المتحدة المحتجزين للمحكمة
  • الصحة: نعمل على وضع تشريع للصيدليات الإلكترونية لمنع بيع الدواء دون روشتة