أصدرت الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم العددَ الجديد من نشرة "جسور" الشهرية، وذلك تحت عنوان "رجب الأصب ورحلة المواساة الإلهية"، حيث يتناول العدد بعضًا من القضايا المتعلقة بأحكام شهر رجب المبارك، كما يتطرق إلى رحلة المواساة الإلهية للرسول صلى الله عليه وسلم "رحلة الإسراء والمعراج"، وكذلك يرد على الشبهات المرتبطة بهذه الرحلة المباركة، كذلك يطوف العدد على مستجدات القضية الفلسطينية محتفيًا بالمسيرة الخالدة لفضيلة الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية.

ويكتب افتتاحية العدد فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- وذلك بعنوان "رحلة الإسراء بين الصبر والأمل" يتحدث فيها عن رحلة الإسراء والمعراج وما سبقها من أحداث كانت سببًا فيها لتكون رحلة نستلهم منها قيمًا مهمة مثل الثقة بنصر الله وحسن التسليم والتوكل عليه والأخذ بالأسباب.

 

كما يستعرض العدد مجموعة من أهم أخبار المؤسسات الإفتائية وحالة الإفتاء حول العالم وذلك ضمن باب "عالم الإفتاء".

وفي باب "رؤى إفتائية" يتناول فريق التحرير قضية "الإسراء والمعراج" وبعض الإشكاليات المثارة حولها وذلك في تقرير بعنوان "الإسراء والمعراج والرد على الشبهات"، حيث يستعرض فريق التحرير رحلة "الإسراء والمعراج" باعتبارها معجزة كبرى من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف كانت اختصاصًا وتكريمًا من الله جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وبيانًا لشرفه ومكانته عند ربه.

أما في باب المؤشر العالمي للفتوى، فيجيب فريق التحرير على السؤال الأبرز "هل الإعلام الغربي متحيز في تغطية القضية الفلسطينية؟"

وتحت عنوان: "المقدسي الحق .. "مفتي القدس" صوت فلسطين ومنبع نضالها الذي لا ينضب" يستعرض فريق التحرير في باب "أعلام المفتين" بروفايلًا خاصًّا لفضيلة الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية.

كما يثري الدكتور إبراهيم نجم، -مستشار مفتي مصر والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم- العدد بمقال مهم يأتي تحت عنوان "وقفات إيمانية من معجزة الإسراء والمعراج"، ويستعرض فيه الخصال والعبر والفضائل والفوائد العظيمة التي يجب أن يستلهمها المسلم من هذه الرحلة المباركة.

وكذلك يكتب هاني ضوة نائب المستشار الإعلامي لمفتي مصر ومدير تحرير جسور مقالًا آخر بعنوان "الإسراء والمعراج .. رحلة المواساة الإلهية للنبي بالروح والجسد"، وكيف كانت إحدى المعجزات التي أيَّد الله بها سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم وخفف به عنه ما ألمَّ به في عام الحزن من وفاة عمه أبي طالب وزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، لتكون رحلة مواساة إلهية في توقيت مهم.

وفي القسم الإنجليزي من العدد يستعرض فريق التحرير جولة إخبارية في أخبار المؤسسات الإفتائية، كما يكتب الدكتور إبراهيم نجم مقالًا بعنوان" The Night Journey: When the Unseen is Reveale” وموضوعًا آخر بعنوان "The Sacred Month of Rajab".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسراء والمعراج صلى الله علیه

إقرأ أيضاً:

رحلة العمر

(1)

ربما أنا أشهر مَن في هذا الوجود.. ربما لا يحظى كائن بما لديّ من مكانة.

فمهما كانت لغة القوم أو بلادهم أو زمانهم، ستجد صُوَري على جُدران شوارعهم وحواريهم، وستراني مرسوما هنا وهناك، وأنا حاضر دائما في كراريس المراهقين، وفي رسائل جهابذة الأدب والفكر، لا يعلو صوت على صوتي أبدا، ورغم ذلك لا يعرف الناس حقيقتي.

لا يعرفون أنني جوهر روحيّ لطيف، ومركز الإدراك، والتكليف، والإيمان، وأنا السرّ الذي يخطو بالمرء نحو الله قبل أن تخطو قدماه، وأنا الرسالة التي لا تُرى، وكتاب الإنسان الذي يُقرأ يوم القيامة قبل كُتبه، وأنا المكان الوحيد الذي إذا تطهّر، صار الإنسان معه أكبر من العالم، وإذا فسد، ضيّع العالم كله مِن بين يديه.

أنا -يا سادة- محلّ نظر الله.. فأي شرف هذا؟

بل أنا النافذة التي يَرى بها الإنسان ربه والعالم ونفسه، أنا تلك اللطيفة الربانية المتعلِّقة بالروح، التي تعي وتُريد وتُحب وتكره، أنا جوهر علوي لطيف يُدرِك المعاني، وأنا المخاطَب والمُطالَب، وأنا المقبول والمردود، باختصار أنا موضع العقل، موضع الإيمان، موضع الهوى، وأنا مَلِك الجوارح، فإذا صلح  أمري صلحت كلُّها.

أنا القلب يا سادة.

(2)

يخلط الناس بيني وبين القلب المعروف، هذا العضو المادي، تلك المضخة العضلية التي تَدفع الدم عبر الجسم، بأُذَينيه وبُطينيه وصمّاماته، وعمله الفيزيولوجي.

أما أنا، فأقع في باطن الإنسان لا في جسده المادي، ويسميني العلماء: القلب المعنوي، أو القلب الروحاني، أو اللطيفة الربّانية، أو النفس العاقلة.

وقد قال العلماء: إن بيننا ارتباطا لا تطابقا، مثل العلاقة بين الروح والجسد؛ فالقلب العضوي هو المَقر الذي أرتبط به أنا "القلب الروحي"، لكنه -بلا شك- ليس إيّاي، فالقلب يُطلق على العضو، ويُطلق أيضا على المعنى القائم بالإنسان، وهو محل العقل.

إعلان

نعم، القلب يطلق على اللحم الصنوبري، ويطلق عليّ كجوهر لطيف رباني هو حقيقة الإنسان، ولهذا قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾، ورغم أني قلب معنوي إلا أن الخالق قال: ﴿فِي الصُّدُورِ﴾ للإشارة إلى ارتباط المعنوي بالعضوي، لكن دون مساواتهما.

وإذا كان الأمر غير مفهوم لك دعني أقدِّم لك مثالا:

القلب العضوي مثل جهاز الكمبيوتر (الهارد وير)، أما أنا -القلب الروحي- فمثل نظام التشغيل (السوفت وير).

الجهاز مهم، لكن الذي يوجِّه، ويختار، ويحدِّد الوظائف هو البرمجة الداخلية.

المشكلة الكبرى هي أن الناس لا تفرِّق أحيانا بيني وبين العقل، ينسون أن العقل وظيفة وليس عضوا، بل هو صفة لي أنا القلب حين أُدرِك وأُميز وأَستبصر

(3)

وإذا كان الفرق بين القلب العضوي والقلب الروحي بات واضحا لك، فإني متأكد أن المشكلة الكبرى هي أن الناس لا تفرِّق أحيانا بيني وبين العقل، ينسون أن العقل وظيفة وليس عضوا، بل هو صفة لي أنا القلب حين أُدرِك وأُميز وأستبصر، فالعقل صفة أو فعل للقلب، ليس شيئا قائما بنفسه، نعم العقل نور يقذفه الله في القلب، العقل هو قدرة القلب على التمييز.

إذن العقل هو النور الداخلي الذي يمنحني أنا القلب القدرة على الفهم، أنا مثل الوعاء الذي يحمل الفهم والإرادة والنية، والعقل هو القوة التي تمكِّنني من التمييز بين الحق والباطل.

أنا الذي يرفع الإنسان أو يُرديه.

ولهذا كان النظر الإلهي إليّ وحدي، لا إلى الصورة، ولا إلى الذكاء.

العقل يُحلل لكن القلب هو الذي يختار (شترستوك)

نعم العقل يُحلل، لكني أنا الذي أختار.

العقل يرى الطريق، لكني أنا الذي أُحدِّد الوجهة.

وقد يعرف الإنسان الصواب ولا يفعله؛ لأن العقل أَدرك، لكن أنا القلب لم أوافق.

العقل قوة معنوية يستعملها القلب لفهم الحقائق ووزن الأمور؛ لأن التفكير في المنظور القرآني ليس مجرد تحليل، بل تحليل، زائد ضمير، زائد بصيرة، زائد نية، زائد خُلُق، وهذا كله يتجمَّع عندي أنا القلب بوصفي مركز الإنسان الداخلي، ولهذا يقول الله عن الكفار: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ ، العقل هو آلة التمييز التي يستخدمها القلب؛ فالقلب يرى، والعقل يفسر، العقل يحلل المعلومات، بينما القلب يوجّه النية والاختيار، العقل يشتغل بالبرهان، والقلب بالبصيرة، وهذا هو حال من أُوتوا الذكاء ولم يُؤتَوا البصيرة.

(4)

لكن دعني أعترف بعيوبي، فأنا -رغم ذلك- مسرح تتصارع فيه قوى متضادة، وهذا ما يجعل الإنسان مخلوقا عجيبا، قادرا على أن يكون شفيفا حتى تظن أن الملائكة تحفه، وقادرا في اللحظة ذاتها أن ينحدر إلى ظلمات الشهوة حتى يبهت وجهه، فأنا قابل للانجذاب نحو الأعلى أو الأسفل، أتقلّب بين الأضداد، بين الحِكمة والهوى، بين النور والظلمة، ولذلك قال عني حذيفة بن اليمان: إن ساعة تأتي علي أمتلئ بالإيمان، حتى لا يكون للنفاق فيّ مغرز إبرة، وتأتي ساعة عليّ أمتلئ بالنفاق، حتى لا يكون للإيمان بي مغرز إبرة.

القلب مسرح تتصارع فيه قوى متضادة، وهذا ما يجعل الإنسان مخلوقا عجيبا، قادرا على أن يكون شفيفا حتى تظنّ أن الملائكة تحفّه، وقادرا في اللحظة ذاتها أن ينحدر إلى ظلمات الشهوة حتى يبهت وجهه

هذا هو لبّ المشكلة، فبداخلي استعدادان متعاكسان، استعداد للهداية والتعقل والحكمة، واستعداد للغواية والأهواء، ولذلك فإني بحاجة إلى ميزان دائم، وإلا هُزم صاحبي؛ فالإنسان لا يُهزم من الخارج، بل من الداخل، من قلبه، فإذا ضاع الميزان في الداخل، اختلّت الخطوات في الخارج.

إعلان

وعلى هذا تصبح حياة الإنسان بطولها وعرضها ليست سوى رحلة تهذيب للقلب من أجل الوصول إلى الله، وإذا كان التقلّب مشكلتي الدائمة، فإن مشكلتي الأخطر ربما هي ما يصيبني -أنا القلب- من أمراض، بل أحيانا من خراب، وقد قال ابن القيم "إن مرض القلب خروج عن صحته واعتداله، فإن صحته أن يكون عارفا بالحق، محبّا له، مؤثرا له على غيره، ومرضه إما بالشك فيه، وإما بإيثار غيره عليه".

وهكذا يقضي المرء عمره وهو يجاهد نفسه، حتى لا يميل الميزان، وحتى لا ينتصر الطالح على الصالح، إنها رحلة مستمرة وطويلة مع القلب، لا تنتهي إلا بنهاية العمر، لتصبح رحلة العمر -مهما طالت أو قصرت-  ليست إلا رحلة إلى تطهيري،  للوصول إلى الله.

مقالات مشابهة

  • هل المبلغ المدخر في البنك عليه زكاة إذا تم سحب جزء منه ؟ .. أمين الفتوى يجيب
  • مفتي الجمهورية يحذر: الجهل والأمية الرقمية والدينية أخطر ما يهدد وعي المجتمعات
  • وائل جسار وبهاء سلطان ومدحت صالح يتألقون في حفل كامل العدد
  • مفتي الجمهورية: الجهل والأمية الرقمية والدينية أخطر تحديات تواجه المجتمعات
  • نيابة غرب الأمانة تصدر العدد الأول من مجلة “الوعي القانوني” الإلكترونية
  • حكم ترك صلاة الجمعة بسبب البرد الشديد والمطر.. مفتي الجمهورية يوضح
  • حكم إخراج الزكاة في تسقيف البيوت.. مفتي الجمهورية يوضح
  • عادل نعمان: الإسراء والمعراج أنكرهم عدد كبير من العلماء
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
  • رحلة العمر