كلما طال أمد حرب إسرائيل على قطاع غزة، ابتعدت عن تحقيق أهدافها المعلنة، بتدمير حماس عسكريا وسياسيا، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين من قبضتها، ويترافق هذا مع ازدياد قناعة المجتمع الإسرائيلي، بأن جيشه لا يزال يراوح مكانه في القطاع، من دون تحقيقه لأي إنجازات عسكرية. ومع مرور الوقت على المعارك في القطاع، تضخ وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عبر العالم على مدار الساعة، المزيد من صور الدمار، الذي ألحقته وتلحقه القوات الإسرائيلية به، وكذلك صور الضحايا من المدنيين والأوضاع الإنسانية السيئة الآخذة بالتفاقم، ما يزيد من الضغوط الدولية لإنهاء الحرب.
إن إسرائيل مجتمعا ومؤسسات سياسية وعسكرية، لا تزال تعيش صدمة هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، هذا الهجوم كان فتيل إشعال حربها على غزة، تحت شعار «الحرب الوجودية»، الذي روجت له حكومة نتنياهو، والذي تكبدت وتتكبد إسرائيل فيها خسائر، سياسيا وعسكريا واقتصاديا وفي صورتها عالميا، بشكل غير مسبوق. كما يتسم المشهد الإسرائيلي بالانقسام بشأن طريقة إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بين من يرى أن الضغط العسكري المستمر كفيل برضوخ حماس للمطالب الإسرائيلية لتحريرهم، ومن يرى ضرورة وقف الحرب، وإنجاز صفقة تبادل «الكل مقابل الكل»، ثم العودة للقتال بعد ذلك.
وفي صراعه من أجل البقاء، يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب ما أمكنه، للبحث عن انتصار، أو على الأقل عن صورة انتصارحكومة نتنياهو، عملت على توظيف الحرب بكل ما ألحقته من دمار وإبادة جماعية في قطاع غزة، لتمتين إئتلافها ومنع تفككه لخدمة مشروع اليمين المتطرف، وبقائه في سدة الحكم، ولمواجهة الفلسطينيين، ليس فقط في غزة، وإنما في الضفة الغربية وأراضي 48 أيضا. ومع ذلك فإن الإجماع الإسرائيلي على الحرب، بدأ يشهد تصدعا بالاحتجاج ضد اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، الذي لا يزال مستمرا في إرسال مزيد من الجنود، للقتال في معركة تبدو لكثير من الإسرائيليين، أن تحقيق أهدافها التي حددتها حكومتهم غير المتجانسة والمنقسمة على نفسها، بعيدة المنال. وفي رأي محللين صحافيين وعسكريين إسرائيليين، فإن إعلان نتنياهو المتكرر، بأن الحرب لن تتوقف إلا بهزيمة حماس، و»تحرير» المحتجزين الإسرائيليين من قبضتها، هما هدفان متناقضان، فيما تزداد الضغوط على حكومة نتنياهو، للتوصل إلى صفقة للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، حتى لو تم تأجيل الصراع مع حماس لسنوات مقبلة. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى أن وثيقة عسكرية إسرائيلية حصلت عليها تفيد، بأن إسرائيل كانت تتوقع السيطرة على مدن غزة وخان يونس ورفح بحلول ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلا أن تموضع الجيش الإسرائيلي وتقليص وجوده في شمال القطاع، خلق فراغا سرعان ما ملأته حماس بإعادة فرض سيطرتها في هذه المنطقة، وحسب الوثيقة أيضا فإن الشرطة التابعة لحكومة حماس والعاملين في مؤسساتها للرعاية الاجتماعية، بدأت بتقديم الرعاية للسكان فيها.
وفي صراعه من أجل البقاء، يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب ما أمكنه، للبحث عن انتصار، أو على الأقل عن صورة انتصار، تساعده على إطالة عمره السياسي، بعد أن شهدت شعبيته وشعبية حزب الليكود الذي يترأسه، تراجعا حادا حسب استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي. ففي سؤال في استطلاع أجرته (القناة 13) حول دوافع نتنياهو للحرب، قال 53% من المستطلعة آراؤهم، إنها دوافع شخصية، مقابل 33% قالوا إن دوافعه تتعلق بمصالح دولة إسرائيل. وفي سؤال آخر حول من هو الأفضل لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، قال 48% إنهم يفضلون رئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس مقابل 30% أعربوا عن تفضيلهم لنتنياهو، وحسب الاستطلاع أيضا، فإن حزب غانتس سيحصل على 37 مقعدا في الكنيست، إذا جرت الانتخابات اليوم، مقابل 16 مقعدا لحزب الليكود برئاسة نتنياهو. نتنياهو لديه قرار استراتيجي بمواصلة حياته السياسية، وهو غير آبه باستطلاعات الرأي، ولا بتحليلات المعلقين السياسيين، لأن لديه الأغلبية في الكنيست لمواصلة الحكم حتى انتهاء ولاية حكومته، ولإدراكه أيضا بأنه ستتم محاكمته بتهم الفساد التي تطارده، وربما يسجن عند نزوله عن سدة الحكم، ولهذا فإن تشكيل حكومة جديدة من دون نتنياهو ومن دون إئتلافه الموغل بالتطرف، أمر مستبعد على المدى المنظور، طالما أن الحرب على غزة مستمرة، إلا أن الإطاحة بنتنياهو يمكن أن تتم، إذا تصدى له منافسون في حزب الليكود لرئاسته، وتمكن أي منهم من ذلك، أو في حالة ازدياد وتيرة المظاهرات في الشارع الإسرائيلي، المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، على غرار الاحتجاجات التي شهدتها شوارع المدن الإسرائيلية، ضد خطة حكومته للإصلاح القضائي خلال العام الماضي. ونتنياهو أمضى أطول فترة في سدة الحكم في تاريخ إسرائيل، إذ تربع على كرسي رئاسة الوزراء بشكل متواصل منذ عام 2009 وحتى عام 2021، وعاد إلى الحكم في نهاية 2022، وكان من الدهاء بحيث تمكن من السير تحت حبات المطر، من دون بلل، إلا أنه اليوم يخوض معركة شخصية من أجل البقاء، تتقدم في أولويتها على حرب إسرائيل على غزة، وهو في سبيل ذلك لن يتوانى عن إلصاق تهمة القصور في هجوم 7 أكتوبر وعدم تحقيق النصر في الحرب لاحقا بالمؤسسة العسكرية. وحسب تقارير صحافية إسرائيلية، فإن نتنياهو يسعى لتأسيس حزب جديد من اليمين الاجتماعي «المعتدل»، لاستقطاب من ينسلخ عن الليكود ليحول دون انضمامه لمعسكر غانتس.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة نتنياهو الفلسطينيين فلسطين غزة نتنياهو الاحتلال مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من دون
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: نخشى أن نتنياهو يريد صفقة ومواصلة الحرب
ناقش محللون إسرائيليون مفاوضات إنهاء الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وركزوا على قضية المساعدات الإنسانية باعتبارها أكثر القضايا تعقيدا، والخلاف القائم بين من يريد إعادة طريقة العمل السابقة، ومطالب إسرائيل بمواصلة سيطرتها على المساعدات الإنسانية.
وقالت غيلي كوهين مراسلة الشؤون السياسية في قناة كان 11 إن الفلسطينيين يريدون إعادة طريقة العمل السابقة، وإسرائيل تريد استمرار سيطرتها على المساعدات الإنسانية، لافتة إلى أن إسرائيل تعتقد وبشكل صريح أنها ستبقى في محور موراغ ورفح (جنوبي قطاع غزة) ومحور فيلادلفيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: اتفاق قريب جدا على صفقة أسرى وحماس لم تهزمlist 2 of 2جدعون ليفي: أطلقوا سراح جميع الرهائن إسرائيليين وفلسطينيينend of listوأشارت إلى أنها لا تدري إن كانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ستمر عليها هذه النقطة.
وحسب مقدم البرامج السياسية في القناة الـ12 حاييم ليفنسون، فقد طلبت حماس ضمانة أميركية بأن الحرب لن تستمر، وقد حصلت عليها.
صفقة شاملةوفي تعليقه على التطورات الجارية، حذر الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش يسرائيل زيف من عدم التوصل إلى صفقة شاملة خلال الأسبوع المقبل، وقال إن "الصفقة الشاملة ستؤدي إلى عملية سياسية بهدف إبعاد حركة حماس".
ورأى أن عدم التوصل إلى صفقة سيكون فشلا إستراتيجيا مطلقا، ورئيس الأركان سيواجه مصيدة صعبة جدا باعتبار أنه "بذل كل جهوده من أجل التوصل إلى صفقة مكملة من أجل المخطوفين وحسب أهداف الحرب".
وعبّر زيف -في جلسة نقاش على القناة الـ12- عن مخاوفه من أن "نتنياهو هو نتنياهو، فهو يريد صفقة ويريد مواصلة الحرب".
وقال إن "كان نتنياهو ذاهبا إلى خطوة سيواصل في نهايتها الحرب فإن الأثمان ستكون أخطر بكثير، لكن إن ذهب إلى إنهاء الحرب فليذهب إلى صفقة شاملة، لماذا يجعلها على مدى شهرين؟".
من جهتها، ذكرت القناة الـ12 أن نقاشا حادا وقع لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ووضع رئيس الأركان إيال زامير والمستوى السياسي في صدام حقيقي، وجاء على خلفية خطط الجيش في القطاع إن لم يتم التوصل إلى صفقة أسرى خلال الأيام المقبلة.
إعلانوخلال الاجتماع قال نتنياهو "يجب العمل على خطة إخلاء واسعة لسكان قطاع غزة إلى جنوبه"، كما دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى فرض حصار على شمال غزة بحجة تقويض حماس في وقت قصير.
وأضاف أن رئيس الأركان رد بالقول "هل تريدون حكما عسكريا؟ من سيتولى إدارة حياة مليوني شخص؟"، وردّ عليه نتنياهو وهو يصرخ "الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل".