د. رشا سمير تكتب: الكتاب…حلم المثقفين
تاريخ النشر: 25th, January 2024 GMT
مع حلول موعد إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب من كل عام يتجدد الحلم، وهذا العام نحتفل بالدورة الخامسة والخمسين من المعرض، هنا يجب أن ننحني إحتراما لأصحاب الفكرة التي كان منبعها يوما إحتفالية ألفية القاهرة، يومها عرض الفنان عبدالسلام الشريف فكرة إقامة المعرض تزامنا مع هذا التوقيت على الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة أنذاك.
رحب الوزير الواع المثقف بالفكرة، ومن ثم عهد إلى الكاتبة سهير القلماوي، الإشراف على إقامة أول نسخة لمعرض الكتاب.. وفي مساء ٢٢ يناير ١٩٦٩، إنطلقت شرارة افتتاح أول معرض للكتاب بأرض المعارض بالجزيرة بمشاركة خمس دول أجنبية، ونحو مائة ناشر، على مساحة تصل إلى ألفي متر.
كانت تلك هي الشرارة الأولى التي نسجت في قلوبنا حلم ووثقت علاقة أجيال مع الأدب العربي، بل وأصبحت مصر منبرا ثقافية ووجهة للعالم العربي كله للإستفادة من تجربتها الرائدة.
على الرغم من المأزق الاقتصادي الذي تمر به البلاد حاليا وفي الأعوام السابقة، وهو ما أفقد معظم المصريين قدرتهم على الحلم والإحتفاء بالأشياء التي لم تعد في متناول أيدي الكثيرين، إلا أنه برغم كل التحديات لازال معرض الكتاب حدث ينتظره الناس بالفرح وكأنه عيد.. عيد للثقافة.
لازال الشباب يتدبرون المال استعدادا لشراء الاصدارات الجديدة حتى لو وصلت أسعار الكتب لأكثر من ثلثمائة جنيه للكتاب الواحد!، ولازالت الأمهات تشجع أبنائها على إقتناء الكتب وهي ظاهرة محمودة تستحق أن نزكيها لدى الأجيال القادمة.
المشكلة الكبرى التي يواجهها الناشرون والقراء معا هي زيادة أسعار الورق بشكل مخيف مما أحدث ربكة حقيقية في آليات النشر، فدور النشر أصبحت لا تراهن إلا على الحصان الفائز، فإما هو كتاب موضوعه يستحق أو هو كاتب إسمه يستحق، بخلاف ذلك النشر أصبح مخاطرة قد تنتهي بالربح أو بالخسارة، وهو ما سيكون مردوده الرئيسي في حجم القوة الشرائية هذا العام، هل سيصبح الأقبال علي زيارة المعرض مجرد رحلة للترويح عن النفس أم ستكون هناك حركة شراء حقيقية؟! العلم عند الله..فلننتظر ونرى.
يبقى السؤال المعتاد..ماذا نتوقع من المعرض؟
الواقع أنه بشهادة كل رواد المعارض وأنا منهم، فمعرض القاهرة الدولي للكتاب هو من أهم وإن لم يكن أهم معرض كتاب في الشرق الأوسط، لتمتعه بنسبة إقبال لا مثيل لها وقوة شرائية لا تقارن بأي معرض آخر، بعكس العديد من المعارض الكبرى التي تتمتع بشكل خارجي جميل وبروباجاندا هائلة لا تتماشى مع حجم البيع الحقيقي.. وهو ما يجعل القاهرة وجهة الأدباء والناشرين مهما كان الأمر.
المشكلة التي أتمنى أن يجدوا لها حلا هذا العام هي الندوات الثقافية التي تعاني من سوء التنظيم وتتسم بارتباك شديد يتضح في عدد الحضور الضئيل جدا، وعدم التنويه عن الندوات ومحتواها، أملنا هذا العام أن يتحسن الجوهر متماشيا مع المظهر الأنيق للمعرض.
نقل المعرض منذ سنوات من مكانه المعتاد في مدينة نصر إلى محور المشير رغم بُعد المسافة عن قلب القاهرة، كان خطوة هامة ونقلة حضارية استحقتها مصر، لكن والمحزن حقا هو سلوك الزوار الذي تسبب في عدم نظافة القاعات والأهم دورات المياه التي تجعل زيارة المعرض بالنسبة للقراء أو التواجد طوال اليوم بالنسبة للناشرين مهمة مستحيلة.
في السنوات الماضية كان عدم التنويه عن الندوات في ميكروفونات القاعات وعدم وضع إعلانات أو لوحات إرشادية لأماكن الندوات بشكل واضح، سبب في عدم الإقبال على القاعات وقلة الحضور..
أكتب اليوم وكلي أمل في تحسن قد يحدث عام بعد عام، خصوصا مع تغيير أغلب القائمين على تنظيم المعرض هذا العام أملين في ضخ دماء جديدة قادرة على إحداث تغيير للأفضل.
يستحق معرضنا العريق أيضا أن يتم فيه إستضافة أسماء لامعة من الأدباء العالميين أسوة بالمعارض العربية الأخرى حتى لو تم تخصيص ميزانية أكبر لوزارة الثقافة تمنحها مساحة كافية للحركة والإنجاز.
الثقافة إرادة ورؤية..فإن غابت إحداهما غاب الإنجاز..
كل معرض كتاب ومصرنا الغالية بخير..
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: هذا العام
إقرأ أيضاً:
تحول جذري فى صناعة التصوير … معرض عالمي يبرز قوة كاميرات الهواتف الذكية
تشهد صناعة التصوير الفوتوغرافي تحولًا جذريًا مع التطور السريع لكاميرات الهواتف الذكية، وهو ما برز بشكل واضح في المعرض العالمي الذي نُظّم مؤخرًا لاستعراض نخبة من الأعمال الفنية الملتقطة بالكامل عبر الهواتف المحمولة.
وقد نجح المعرض في تسليط الضوء على قدرة الهواتف الحديثة على منافسة الكاميرات الاحترافية، بعد وصولها إلى مستويات لافتة من الدقة، وضبط الإضاءة، ومعالجة الألوان.
وقدّم المعرض الذى نظمته هواوى العالمية تجربة بصرية غنية من خلال مجموعة واسعة من الصور التي أبرزت تنوع استخدامات التصوير بالمحمول.
فقد لفتت الأنظار صور الطبيعة، ومنها لقطات لطيور الفلامنغو التي ظهرت بتفاصيل دقيقة وتباين لوني واضح، إضافة إلى صور مقرّبة لريش الطاووس تعكس قدرة الكاميرا على التعامل مع تصوير الماكرو بدقة تُظهر أدق تفاصيل الريش وتدرجاته اللونية.
كما تميزت صور قناديل البحر بإظهار شفافية الطبقات تحت إضاءة منخفضة، في مشهد لا يقل جودة عن ما تقدمه العدسات الاحترافية.
وفي الجانب الإنساني، برزت صور توثيقية تُجسّد الحياة اليومية، من بينها صورة امرأة تطل من نافذة منزل تقليدي حيث بدت التفاصيل الدقيقة للجدران وتوزيع الظلال واضحة بشكل يحاكي التصوير الاحترافي.
وضمّ المعرض كذلك أعمالًا حضرية أظهرت قدرة الهواتف على التقاط العمق والمنظور، مثل صورة لشخص يعبر ممشى ضيقًا بين مبانٍ شاهقة، مع إبراز الانعكاسات الضوئية وتعقيد المشهد بدقة عالية.
كما تناولت مجموعة أخرى الحياة الريفية والثلجية من خلال صور لأطفال يتزلجون باستخدام أدوات تقليدية، ظهرت فيها درجات اللون الأبيض والظلال بانسجام وتوازن واضحين.
وأكد منظمو المعرض أن الهدف من هذا الحدث العالمي هو إبراز النقلة النوعية التي حققتها الهواتف المحمولة، والتي باتت قادرة اليوم على إنتاج صور تُعرض في معارض دولية وتحظى بتقدير المحترفين، بعدما كانت تُستخدم في السابق لالتقاط الصور السريعة فقط. وأشاروا إلى أن التطور في تقنيات المعالجة والعدسات المدمجة أسهم في تقليل الفجوة بشكل كبير بين كاميرات الهواتف والكاميرات المتخصصة.