قلة من المهجرين من يستطيع العمل على مشاريع خدمية وتعليمية في زحمة الانشغال والسعي الدائم وراء لقمة العيش، لما في اللجوء والتهجير من صعوبة ومشقة، سيما فيما يعانيه العالم من أزمات اقتصادية يدفع اللاجئون والمهجرون الثمن الأكبر فيها.

إلا أن السيدة “أمل الجبوري” تجاوزت كل التحديات التي يعيشها المهجرون في بلدان اللجوء، وأثبتت أن المرأة قادرة حتى على تحقيق ما يعجز عنه كثير من الرجال في بعض الأحيان، وذلك من خلال فكرة نموذجية أنشأتها في العاصمة التركية أنقرة، تقوم على مقهى وملتقى ثقافي في آن واحد، تساهم من خلالها في تنمية المواهب الفكرية والثقافية لدى المهجرين.

وعن بزوغ الفكرة وبدايتها تقول (أمل الجبوري) وهي لاجئة عراقية في تركيا لموقع هيومن نيوز: “ولدت الفكرة لدي انطلاقاً من شغفي وحبي الكبير للقراءة واهتمامي بالشعر والأدب والرسم والفنون، والتي كانت نتيجة عدم تمكني من إكمال الدراسة في العراق بسبب ظروف وعادات قبلية وعشائرية، فأصبح حلم عمل شيء يملأ هذا الفراغ يراودني دائماً، وقد صحبني حتى في بلد اللجوء تركيا الذي استقريت فيه منذ الحرب العراقية”.

وتضيف (أمل): “في تركيا كان من الصعب إيجاد كتب عربية وإن وجدت فكانت أسعارها كبيرة جدا، فقررت بناء على ذلك أن يكون لدي مشروع يتعلق في تأمين الكتب وتسهيل وصولها لمن يرغب من القراء بيعاً أو تأجيراً، وكانت البداية من بسطة كتب صغيرة ومتواضعة اسميتها مكتبة (دار السلام)، وكان لأولادي الدور الكبير والأساسي في تشجيعي والوقوف إلى جانبي في بداية انطلاق المشروع”.

ولكن أمل الطموحة لم تقف عند حدود المكتبة الصغيرة والمتواضعة، وعندما صارت تملك الأدوات المناسبة ولدت لديها فكرة إنشاء منتدى ثقافي يهدف إلى تحقيق تفاعل واتصال وتواصل بين المهتمين بالأدب والقراءة، وكان الجمهور المستهدف في البداية اللاجئون العراقيون بحكم أنهم مجتمع أمل وصلة تواصلها الأولى سيما في بلاد الغربة، وبالفعل أصبح المنتدى مكان التقاء مجموعة من المثقفين العراقيين وبات يحقق حضوراً لا بأس فيه بالأوساط العراقية ومن ثم العربية فيما بعد.

وتقول (أمل): “حاولت بعد ذلك أن أوسع من انتشار الفكرة واستعنت بوسائل التواصل الاجتماعي وهو ما حقق لي تفاعلاً أكبر وسبيلاً لوصول المشروع والفكرة إلى شريحة أوسع، وعندها نقلت المكتبة إلى مركز العاصمة التركية أنقرة وتحول المشروع إلى ملتقى لجميع الجاليات العربية وصارت النشاطات أكثر عدداً وتنظيماً وحضورًا وأهمية”.

وعن أقسام المكتبة والمنتدى تقول أمل إنها تنوعت اليوم وتعددت وضمت إلى الآن عدة أقسام أبرزها، قسم الشعر وقسم خاص بمشاركات أعضاء المنتدى وقسم الموسيقا والغناء والقسم الترفيهي وقسم التبادل الثقافي، فضلاً عن قاعة خاصة بالقراء ومعارض للرسم والفنون والأعمال اليدوية.

ونظراً لأن مثل هذه المشاريع وفي ظل ظروف اللجوء والنزوح لا بد أن تواجه بكثير من الصعوبات والمعوقات تحدثنا (أمل): “كوني أجنبية في تركيا فهذه كانت المعضلة الأولى التي واجهتني فلم أتمكن بدايةً من ترخيص المشروع باسمي ما اضطرني إلى الاستعانة بأحد الأصدقاء الأتراك، ثم تلاها بعد ذلك الانتقادات والنصائح السلبية التي قدمها كثير من الأشخاص وفحواها أن هذا المشروع مصيره الفشل المحتم، كما زادت جائحة كورونا من صعوبة الأمر، وهو ما حملني كثير من الأعباء حتى استطعت اكمال المشروع والحفاظ عليه”.

إلا أن المشكلة الأكبر التي دائماً ما تلقي بعاتقها على أمل وتحاول أن تعيق من تقدمها، أنها امرأة في مجتمع ذكوري لم يكن من السهل عليه تقبل مثل هكذا مشروع تقوم عليه سيدة، فضلاً عن انشغال الناس بظروف العمل وعزوف الكثير منهم عن القراءة والأدب والفن، لكن أمل استطاعت بإصرارها وعزيمتها تخطي كل الصعوبات ووصلت بمشروعها إلى مرحلة متقدمة.

استطاعت "أمل" بعد جهد وعناء أن تصنع مشروعها المتميز وأن تحافظ عليه أمام كل التحديات والظروف والعوائق، لكن ما زالت تسعى لما هو أفضل من ذلك، حيث تقول: “تطلعاتي المستقبلية والتي أعمل بجد أكبر من أجلها أن يتوسع هذا الصرح الثقافي ليشمل كل الولايات التركية، بل ويصبح له فروع في دول أخرى”.

وترى "أمل" أنه لا بد من إعادة المواطن العربي إلى ساحة الأدب والفن والثقافة، وإثبات أننا أولو حضارة عريقة وأننا قادرون على تحقيق ذلك رغم كل الظروف الصعبة التي نعانيها وتعانيها بلادنا.

يشار إلى أن "أمل الجبوري" تنحدر من مدينة بغداد العراقية وهي من مواليد 1978، أم لأربع بنات وولد، اضطرت للهجرة من بلدها بعد الحرب العراقية، واستقرت في تركيا وكان عليها أن تعمل لإعالة عائلتها نتيجة إصابة زوجها في الحرب.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الحرب العراقية العراق مدينة بغداد مكتبة دار السلام فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

الحجاج يواصلون التوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية

يواصل حجاج بيت الله الحرام التوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية صباح اليوم الجمعة الثامن من شهر ذي الحجة 1445 هـ،، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير.

 

وبينت الشريعة السمحة أن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة سنة مؤكدة.

 

ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواءً داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد "النفرة" من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 - 11 - 12 - 13)، ورمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجّل، (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى).

 

ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر".

 

ووفقاً لـ"واس"، يُعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم - عليه السلام - الجمار، وذبح فدي إسماعيل - عليه السلام -، ثم أكد نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم - هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، وأسّتن المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.

 

معالم تاريخية في منى

 

ويشتهر مشعرمنى بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد "الخيف"، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: "شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف"، ومازال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.

مقالات مشابهة

  • تكسير مقهى وإطلاق نار ووفاة شخص.. قوى الأمن أوقفت جميع المتورّطين وهذا ما كشفته عن الحادثة
  • قُوةُ الاعتِذَار
  • تركيا: مقترحات بوتين بشأن السلام في أوكرانيا تبعث على الأمل
  • مكتبة محمد بن راشد تحتفي بالثقافة الفلبينية عبر أمسية شعرية
  • بمناسبة عيد الأضحى المبارك.. قافلة أضاحي من أبناء الحديدة بأكثر من 700 ماشية للمرابطين في الجبهات
  • الحجاج يواصلون التوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية
  • الإطاحة بثلاثة إرهابيين في صلاح الدين
  • في إحاطة لـ "مجلس الأمن".. غروندبرغ يحذر من مغبة التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن "نص الإحاطة"
  • الإصلاحات الإقتصادية
  • مكتبة محمد بن راشد: إطلاق 5 إصدارات جديدة من الرسائل العلمية