اختبار دم جديد يحدد سبب إصابة الدماغ عند حديثي الولادة
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
تشير دراسة جديدة إلى أن اختبار الدم يمكن أن يحدد سبب إصابة الدماغ عند الأطفال حديثي الولادة، ويساعد في تحديد أفضل علاج لهم.
ونظرت الدراسة إلى الأطفال الذين يعانون من نوع من إصابات الدماغ الناجمة عن نقص الأكسجة (نقص الأكسجين).
ووجدت أن الإشارات التي يمكن اكتشافها في الدم يمكن أن تشير إلى سبب الإصابة وتخبر الأطباء ما إذا كان من المحتمل أن يستجيب الطفل لعلاج التبريد، الذي يستخدم عادة لعلاج إصابات الدماغ.
واقترح الباحثون في إمبريال كوليدج لندن أن النتائج يمكن أن تؤدي في النهاية إلى اختبار بسيط لتشخيص إصابات الدماغ بسرعة عند الأطفال حديثي الولادة والمساعدة في اتخاذ قرارات العلاج.
وشملت الدراسة أطفالا من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل (LMICs) وكذلك البلدان المرتفعة الدخل (HICs).
ووجدت اختلافا ملحوظا في التعبير الجيني، العملية التي يتم من خلالها تنشيط جينات معينة لإنتاج البروتين المطلوب، بين المجموعتين، ما يشير إلى سبب أساسي مختلف لإصابة الدماغ.
إقرأ المزيدووفقا للباحثين، تشير النتائج إلى أن إصابات الدماغ عند الأطفال حديثي الولادة في البلدان الفقيرة يمكن أن تكون نتيجة لعوامل متعددة مثل سوء التغذية أو العدوى. بينما في البلدان الأكثر ثراء، فمن المرجح أن يكون سببا واحدا مثل المضاعفات أثناء الولادة.
وقال كبير الباحثين البروفيسور سودهين ثايل من قسم علوم الدماغ في جامعة إمبريال كوليدج لندن: "إن أنماط التعبير الجيني التي رأيناها عند الأطفال من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل كانت مشابهة لما قد تراه في الأشخاص الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم، مما يشير إلى أنهم عانوا من نقص الأكسجة المتقطع في الرحم وفي ولادة. نعتقد أن هذا يحدث بسبب العديد من الضغوط المزمنة أثناء الحمل مثل سوء التغذية أو العدوى، بالإضافة إلى عملية المخاض الطبيعية وانقباضات الرحم، ما يؤدي إلى مزيد من نقص الأكسجة وإصابة دماغ الطفل في نهاية المطاف".
وأضاف: "من ناحية أخرى، تشير أنماط التعبير الجيني لدى الأطفال من البلدان المرتفعة الدخل إلى سبب واحد حاد لإصابة الدماغ، على سبيل المثال مضاعفات أثناء الولادة مثل نزيف الأم، ما يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في مستويات الأكسجين في الدم لدى الجنين".
إقرأ المزيدوتابع البروفيسور ثايل: "المفتاح بالنسبة للأطباء، في أي مكان في العالم، هو أن يكونوا قادرين على تحديد نوع إصابات الدماغ التي يتعاملون معها في أسرع وقت ممكن، وهذا شيء نعمل عليه حاليا".
ويقول الخبراء إنه في جميع أنحاء العالم يعد اعتلال الدماغ الإقفاري بنقص التأكسج (HIE)- وهو نوع من إصابات الدماغ يُشار إليه أحيانا باسم الاختناق الولادي، والذي يحدث عندما لا يحصل دماغ الطفل على كمية كافية من الأكسجين قبل الولادة أو بعدها بفترة قصيرة - سببا رئيسيا للوفاة والإعاقة، بما في ذلك الشلل الدماغي والصرع والصمم والعمى، بين الأطفال الذين يولدون في فترة الحمل الكاملة، ما يؤثر على نحو ثلاثة ملايين طفل كل عام.
نشرت النتائج في مجلة JAMA Network Open.
المصدر: إندبندنت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار الصحة اطفال البحوث الطبية الصحة العامة الطب امراض دراسات علمية طب حدیثی الولادة عند الأطفال یمکن أن
إقرأ أيضاً:
شكل جديد للعولمة - وجهة نظر صينية
ظلت الولايات المتحدة تحسب تكاليف ومكاسب العولمة بهدف حماية هيمنتها ومصالحها الوطنية. وإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة مؤشر على اتباعها سياسات «أمريكا أولا» لذلك ستواجه العولمةُ تحدياتٍ أكبر.
خروج الولايات المتحدة من الأنظمة الدولية والمنظمات متعددة الأطراف خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى أعاد تشكيل العولمة سلفا. لكن ذلك لم يوقف أو يبطئ التفاعلات الاقتصادية والتكامل بين الاقتصادات الأخرى. بل ظهر شكل جديد من التبادلات أو نوع جديد من العولمة.
تهدف استراتيجية الحكومة الأمريكية في تفكيك العولمة إلى تأمين امتياز ووضع خاص للولايات المتحدة في النظام الاقتصادي العالمي تنوي من خلالهما التمتع بنفس المزايا أو أفضل منها مع تحمل تكاليف ومسئوليات أقل.
أولا: تستخدم الإدارة الأمريكية الرسوم الجمركية كأداة للضغط على البلدان الأخرى. وبفرضها رسوما متفاوتة تحاول التلاعب بالتجارة ودق أسافين بين بلدان جنوب العالم التي تسعى لتعزيز هذا النوع الجديد من العولمة. تفعل ذلك بالحفاظ على العلاقات التجارية مع بلدانه التي تخضع لرسومٍ منخفضة وفرض تكاليف باهظة على تلك التي تخضع لرسوم مرتفعة. تهدف الولايات المتحدة من خلال قيامها بذلك إلى عرقلة تقدم هذه العولمة الجديدة.
تظل الولايات المتحدة باعتبارها بلد أكبر سوق في العالم شريكا تجاريا جذابا لبلدان جنوب العالم. وبفرضها معدلات رسوم جمركية متفاوتة تواجه هذه البلدان حظوظا متباينة في السوق الأمريكية. وقد يغير ذلك دينامية التجارة (قواها المحركة) ويوجد انقسامات في المصالح والمواقف وسط هذه البلدان.
ثانيا: تعتبر الولاياتُ المتحدة التقنيةَ والابتكارَ عاملَين بالغي الأهمية لقدرتها على المنافسة ونموها الاقتصادي. نتيجة لذلك تستمر في تطبيق سياسات «تقنية قومية» صارمة تهدف إلى الحد من التقدم التقني للبلدان الأخرى.
وإذا عجزت بلدان جنوب العالم عن الاستفادة من التقنية بتعزيز الإنتاجية وتحريك التنمية قد تفقد العولمةُ الجديدة زخمها وتعرِّض هذه البلدان نفسَها إلى مخاطر التهميش في النظام العالمي.
من بين بلدان جنوب العالم، لدى الصين القدرة الأكبر لفك الحصار التقني الأمريكي نظرا إلى إمكاناتها التقنية الكبيرة وتقدمها المهم في مجالات تقنية عديدة. لذلك جعلت الولايات المتحدة الصين هدفَها الأول. فبعدما وضعت في اعتبارها المشهد المتغير للتطور التقني ومكامن القوة النسبية لكلا البلدين شددت الولايات المتحدة من القيود على التصدير وحدَّت من الاستثمارات التقنية في الصين وقلصت التبادلات التقنية العادية، فعلت كل ذلك في محاولة لعرقلة تقدم الصين التقني.
تعتقد الولايات المتحدة أنها بتقييد تطوير وتطبيق التقنيات المفتاحية الجديدة في الصين وبلدان جنوب العالم الأخرى يمكنها إضعاف الأساس التقني للعولمة الجديدة وبالتالي وقف زخمها بشكل عام.
ثالثا: تسعى الولايات المتحدة لتحويل الدولار إلى سلاح. لقد تأسست العولمة التي تقودها الولايات المتحدة على نموذج «الدولار مقابل السلع المصنَّعة» والذي ظل قائما بفضل الهيمنة العالمية للدولار. (بموجب هذا النموذج تزوِّد الولاياتُ المتحدة البلدانَ الأخرى بعملة الدولار وبالتالي تسجل عجزا تجاريا وذلك مقابل تزويدها بالسلع من قبل هذه البلدان التي تحقق بذلك فائضا تجاريا، وهو النموذج الذي ساد بعد فك ارتباط قيمة الدولار بالذهب في بداية السبعينيات- المترجم) .
الإدارات الأمريكية المتعاقبة تؤكد دائما وتدافع عن هيمنة الدولار ليس فقط فيما يتعلق بقيمته المتزايدة ولكن وهذا هو الأهم عن دوره المركزي في النظام النقدي العالمي. فطالما حافظ الدولار على هذا الوضع المسيطر يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في التأثير على النظام الاقتصادي العالمي.
من بين المخاوف الرئيسية للولايات المتحدة احتمال أن يقود الشكل الجديد للعولمة إلى تفكيك الدولرة وإضعاف الوضع المهيمن للعملة الأمريكية حتى إذا لم يكن ذلك هدفا لهذه العولمة. في الواقع أكبر تهديد لمكانة الدولار كثيرا ما ينشأ عن السياسات الخاطئة للولايات المتحدة مثل الاقتراض المفرط أو تحويل عملتها إلى سلاح لأغراض سياسية. لكن الولايات المتحدة لا ترغب في الإقرار بذلك. بل تفترض أن الدولار سيحافظ على وضعه المهيمن في النظام العالمي طالما استمرت البلدان الأخرى في استخدامه.
نتيجة لذلك عبَّرت الولايات المتحدة عن قلقها العميق بشأن موقف بلدان جنوب العالم إزاء الاستمرار في استخدام الدولار مع ظهور العولمة الجديدة. لقد طالبت الإدارة الأمريكية صراحة بلدان البريكس بالإبقاء على ارتباطها بالنظام المالي المرتكز على الدولار وعدم إيجاد أو دعم أية عملة عالمية بديلة. كما هددت بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البلدان التي تختار خلاف ذلك. في الحقيقة تستخدم الولايات المتحدة تدابير عقابية لإكراه البلدان الأخرى على الاستمرار في الاعتماد على الدولار.
وفي حين قد تكون آثار «الرسوم التبادلية» الأمريكية قصيرة الأمد على بلدان جنوب العالم إلا أن مثل هذه السياسات الحمائية تفاقم التشظي الاقتصادي العالمي وسيكون لها في نهاية المطاف رد فعل عكسي وتضرّ بمصالح الولايات المتحدة نفسها.
لنأخذ على سبيل المثال القيود التقنية الأمريكية على الصين. ففي حين شكل الحصار التقني تحدياتٍ لتقدم الصين تقنيّا إلا أنه بالمقابل قَوّى عزيمتها على تحقيق الاعتماد الذاتي في التقنية وعزز تطوير نظام بيئي تقني مستقل باطراد عن الولايات المتحدة. واستمرار الولايات في فرض قيودها التقنية على الصين وتصعيد استراتيجيتها من «ساحة صغيرة وسياج عالٍ» إلى «ساحة أكبر وسياج أعلى» مؤشر على فشل احتوائها التقني للصين. (تحاول مقاربة الساحة الصغيرة والسياج العالي عزل الصين عن الغرب بزعامة الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على القيادة التقنية لأمريكا. تدعو هذه المقاربة إلى التحديد الدقيق للتقنيات المفتاحية للمصلحة القومية الأمريكية مثل تقنية الجيل الخامس وأشباه الموصلات واتخاذ اللازم لحمايتها من هيمنة الصين. ويعد بعض المحللين الصينيين هذه المقاربة أحد جانبي ما أسموه سياسة تقليل المخاطر أو فك الارتباط التدريجي والانتقائي بالصين في عهد الرئيس الأمريكي السابق بايدن - المترجم).
على نحو مماثل، سياسةُ الولايات المتحدة بفرض هيمنة الدولار متناقضة في جوهرها. فهي تسعى إلى تقليل العجوزات التجارية وفي ذات الوقت الحفاظ على التفوق العالمي للدولار. وهذان هدفان متعارضان اقتصاديا. فالعجز التجاري الأمريكي شرط مسبق لاحتفاظ الدولار بمكانته العالمية.
من منظور دبلوماسي، المقاربة الأمريكية المتشددة بإجبار البلدان الأخرى على استخدام الدولار لها أثر عكسي، فبلدان عديدة في جنوب العالم متوجسة من الدولار وتعتبره رمزا للهيمنة الأمريكية، واستخدام الولايات المتحدة الدولار كسلاح لأغراض سياسية عزز الاستياء حول العالم، ولن يفعل تهديد الإدارة الأمريكية شيئا سوى تسريع جهود هذه البلدان للتخلص من «الدولرة».
سياسات الإدارة الأمريكية الحالية توجه ضربة خطرة لحرية التجارة التي تشكل حجر الزاوية للعولمة.
وفي المستقبل من المتوقع تعايش وتنافس العولمة التي تقودها الولايات المتحدة مع العولمة الجديدة التي شيَّدتها معا بلدانُ جنوب العالم الأمر الذي يستلزم من كل البلدان تعديل اقتصاداتها وتكييفها مع الديناميات (القوى المحركة) الجديدة.
بصرف النظر عن نموذج العولمة، يجب معالجة القضايا بالغة الأهمية بما في ذلك الشمول (إشراك البلدان في الاستفادة من الموارد العالمية) وتأمين السلع العامة (التي تفيد جميع الدول كالهواء النقي مثلا) والتنسيق بين القوي الكبرى.
السياساتُ الأمريكية الحالية لا تمضي قُدُما في معالجة هذه القضايا. ونظرا إلى أن مسار تطور العولمة الجديدة لا يتطابق مع تفضيلات الولايات المتحدة قد تتخذ واشنطن تدابير مختلفة لتقويض تطوره.
على أية حال، لقد ظهر نوع العولمة الجديد وكشف عن قدر كبير من الحيوية. وردا على نموذج «أمريكا أولا» يجب على بلدان جنوب العالم والتي هي الراعية الرئيسية لهذا النوع الجديد من العولمة تعزيز زخمها الداخلي لزيادة جاذبيته وتقوية تأثيره في المشهد العالمي المتغير.