مستشار شيخ الأزهر: المساواة بين الجنسين من المبادئ الأساسية التي أقرها الإسلام
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
أكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، أ.د نهلة الصعيدي، خلال كلمتها بجامعة محمدية مالانج بإندونيسيا، أن الدعوة الإسلامية لم تكتف فقط بالمساواة بين الرجل والمرأة، بل وضعت لذلك المعايير المحددة، التي يمكن من خلال الاستدلال بها والاعتماد عليها، الوصول إلى تلك الغاية وهذا الهدف، فجعلت من المساواة بين الجنسين، واحدًا من المبادئ الأساسية التي أقرها الدين الإسلامي، وهو ما يتبين عبر التأكيد القرآني على وحدة الجنس البشري .
أضافت أن معيار التفاضل بين بني الإنسان، ذكرا أو أنثى، في المقام الأول، هو الأخلاق الحسنة والتقوى والعمل الصالح، وقد بين لنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف حين قال " لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمَ ، وآدمُ من ترابٍ"، في بيان واضح، على أن مقصوده صلى الله عليه وسلم-، أن التقوى والعمل الصالح، وليس الجنس ذكرا أم أنثى، هما أساس التفاضل بين بني البشر.
أوضحت مستشار شيخ الأزهر، أن للمرأة المسلمة عبر التاريخ، دورها المشهود، وإسهاماتها البارزة العظيمة فيما وصلت له دولة الإسلام عبر تاريخها من نهضة كبيرة وتوسعات غير مسبوقة، وبما يجعلها تقف على قدم المساواة مع الرجل، بل قد تفوقه في كثير من الأحيان، في هذا الجانب، وأن التاريخ الإسلامي مليء بالكثير من المواقف المشهودة، والنماذج العظيمة، التي تثبت ما للمرأة من كفاءة وندية، جعلتها على قدم المساواة مع الرجل، والتاريخ الإسلامي مليء بالكثير من النماذج التي قدمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، وفي جميع العصور اللاحقة، ومن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر.
ما قدمه لنا نبينا الكريم محمد "-صلى الله عليه وسلم-"، من قدوة ونموذج وسلوك، يرسخ للمساواة بين الرجل والمرأة، وبين جميع البشر، كأساس لدعوته مشيرة الى أنه صلى الله عليه وسلم هو القائل «لو كنتُ مُفضِّلًا أحدًا لفضَّلتُ النِّساءَ»، فأرسى بما لا يدعم مجالا للشك، لقيمة المرأة العظيمة ومكانتها الكبيرة في الإسلام، بل كان على يديه الشريفتين، نهاية عصور من الظلم للمرأة والانتقاص من حقوقها.
•وما أقره سيدنا "أبو بكر الصديق"، رضي الله عنه، والذي كان نموذجا يحتذى في العدل والصدق، في بيانه الذي ألقاه على الأمة الإسلامية بمناسبة توليه مسؤولية خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم-، ففيه بأن الناس جميعا في نظر الإسلام متساوون، الرجال والنساء، الحاكم والمحكوم، والعرب والعجم، والأبيض والأسود، وهو من المبادئ التي اعتمدت لاحقا، كأساس يمكن الاعتماد عليه في بناء مجتمع مسلم قوي.
• النموذج الثالث تاريخيا في المساواة بين الجنسين، ما عبر عنه سيدنا عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" حين قال " إنا كنا في الجاهلية ما نَعُدّ للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم.."، في إرساء صريح منه للمبدأ الذي أقره قبله نبينا الكريم، وصاحبه "اأبو بكر رضي الله عنه" من مساواة بين الرجل والمرأة، إدراكا منه لمكانة المرأة الصحيحة في الإسلام، وما أقره لها من عدل ومساواة ورحمة، فنالت المرأة في عهده الكثير من الحقوق الاجتماعية والروحية والأسرية.
المساواة بين الرجل والمرأة
أشارت مستشار شيخ الأزهر الى ان التاريخ الإسلامي مليء بالكثير من النماذج التي أرست للمساواة بين الرجل والمرأة، والمواقف التي تأكدت على يد نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وخلفائه الراشدين، والعصور اللاحقة، فتأكدت بذلك كله أن المرأة كفؤ للرجل، ونظيرة له، وشقيقته، فانتهت بذلك عصور من الجهل والظلم والنكران، والوأد للمرأة، لا لشيء إلا لجنسها، فارتفعت بعد ذل، وكرمت بعد هوان، ونالت حقوقها كاملة غير منقوصة.
كانت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أ.د نهلة الصعيدي قد توجهت إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا في زيارة علمية موسعة تستغرق بضعة أيام
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مستشار شيخ الأزهر الوافدين الجنسين المبادئ الأساسية إندونيسيا صلى الله علیه وسلم بین الرجل والمرأة مستشار شیخ الأزهر المساواة بین
إقرأ أيضاً:
الحياة مدرسة
#الحياة_مدرسة
د. #هاشم_غرايبة
سألت صديقي الشاعر: هل ما تكتبه من عبارت الغرام والهيام تحس به حقا.
قال: أبدا، إنما هي عبارات جميلة أتخيلها، وصور بيانية مخترعة، تطرب النفوس، وبدونها لا يكون الشعر شعرا.
لا شك أن دخول مفاهيم الحب والغرام لتفسير العلاقة بين الرجل والمرأة، وجدت منذ وجدا، وهذه المفاهيم رغم أنها اختراع بشري، إلا أنها المدخل الوحيد لهذه العلاقة، التي فطر الكائنات الحية عليها لأجل بقاء الجنس بالتناسل.
العلاقة بين الذكر والأنثى في المملكة الحيوانية فطرية بسيطة ومباشرة، لكنها عند الإنسان الأرقى معقدة، لأنها لا تقتصر على تلبية المتطلب الفطري، بل تكوين مؤسسة الأسرة، المبنية علاقتها على السكينة والتواد والتراحم.
فالسكينة والمودة والرحمة ليست الحب المعروف قطعاً، فمن أين جاء البشر بمفهوم الحب إذاً!؟.
لنتفكر في قوله تعالى (خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، فذلك يعني أن العلاقة الزوجية عميقة مرتبطة بالنفس، وليست كأية علاقة تعاونية قائمة على تبادل المصالح، لذلك وبما أن خلق البشر جاء على صورتين: الذكر والأنثى بهدف التزاوج والإنجاب والتكاثر، والمولود يحتاج الى رعاية وعناية وتربية، فكان لا بد من إيجاد رابط قوي يدفعهما للإلتقاء للتزاوج أولا، والتفاهم على تأسيس أسرة ثانيا، وإدامة هذه المؤسسة ثالثا، وهذا الرابط يجب أن يكون دائما باقيا لا يقتصر على الإعجاب المظهري لأنه متغير متبدل، ولا الرغبة الجنسية فقط فهي حالة عارضة تحضر وتغيب، ولا على المصلحة الأنانية لأنها متقلبة.
هذا الرابط الذي أوجده الله يتلخص بخاصيتي المودة والرحمة، و(جعل بينكم)، تعني أنهما لم تكونا موجودتين مسبقا في نفسي الشخصين قبل الزواج، لكن الله جعلها متمكنة من نفسيهما بعد ان ارتبطا معا بهذا الرابط المقدس ” وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” [البقرة:21].
هاتان الصفتان يوجدهما الله في الزواج الناجح، الذي يقوم على التقوى، وفي نفسي الزوجين على السواء، والأتقى منهما هو من تكونان متمكنتان من نفسه أكثر، ونقيضهما الأنانية، فكلما قويت نزعتها لدى أحدهما غابتا عنده، وعندما يحس الطرف الآخر بذلك، تبدأ عاطفتا الود والرحمة لديه بالفتور تدريجيا.
هكذا نفهم لماذا يكون شهر العسل هو الحالة المثلى في تلك العلاقة، فالشحنة التي زودهما الله بها تكون في أعلى درجاتها، ولا ينقص منها إلا النزعة الأنانية، التي تبدأ بالتصارع مع المودة والرحمة، وبحسب قوة هذه النزعة أو ضعفها تتحدد درجة برود العلاقة الحميمة الابتدائية، فتصمد أو تتلاشي.
أنانية الرجل تتمثل بالرغبة في التسلط والتملك والإستبداد، ثم تتطور الى عدم القناعة بما لديه، ثم عدم مراعاة مشاعر الطرف الآخر، وتجاوز احتياجاته النفسية والمادية.
أما أنانية المرأة فتبدأ بالسعي للإستئثار بالزوج وقطع ارتباطاته إلا من خلالها، وتتطور الى تحميله أحمالا كثيرة، وإنهاكه في اللهاث لنيل رضاها.
عندما تستنفد أنانية أحد الطرفين المتفاقمة الرصيد المختزن من الذخيرة الأساسية (المودة والرحمة)، تذبل العلاقة الزوجية، ولا يعود يبقيها غير ذلك الخيط الرفيع الباقي مشتركا بينهما وهو مصلحة الأولاد وبقاء البيت الذي يؤويهم.
في كثير من الأحيان عندما يتزوج الرجل مرة ثانية بلا مبرر، بل تلبية لنزوة إعجاب بامرأة أخرى، لا يتسم هذا الزواج بمثلما وجده في الزواج الأول من مودة ورحمة، إذ هو قائم على تلاقي مصالح: شهوانية الرجل مقابل منافع المرأة، والتي سرعان ما تتعارض، لذلك نجد في أغلب الحالات، أن من عددوا الزوجات بدافع شهوانيتهم، لا يجدون في زواجهم الجديد تلك السكينة التي جعلها الله في زواجهم الأول، فتجدونهم في أعماقهم يحنّون الى زوجتهم الأولى التي سكنت نفوسهم إليها، لكنهم لا يستطيعون اليها سبيلا.
مما سبق نجد أن مفاهيم مثل الحب والعشق والغرام، هي ابتداع بشري، وكانت لإرضاء غرور الأنثى، التي بطبيعتها (كما في كل الحيونات الأخرى)، ترغب بأن يظهر الذكر الرغبة بها وحدها، وبما أن الإنسان كائن ناطق فهي تحب أن يتودد لها الرجل بحلو الكلام.
لذلك تفنن الشعراء والأدباء (الرجال)، في ابتداع العبارات المنمقة، وتطور ذلك فأصبح الباب الأدبي الأول.
الطرفان الذكر والأنثى يطربهما ذلك لا أكثر، لكنهما يحبان أن يصدقا أنه من القلب.
ما يقرُّ في القلب حقيقة هو المودة والرحمة، وما يصدر عنه هو الشيء الصادق..وكل ما عداه مجرد كلام معسول.