كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر د.ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "نفحات بين رجب وشعبان".


أكد الدكتور ربيع الغفير أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام فى هذا الزمان نفحات مباركة، أخبرنا بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه النفحات التي جرت هذه الأيام، هى نفحات تنصب على كرم الله وحبه لهذه الأمة، وعنايته ولطفه بها.

فأمة الإسلام أمة محبوبة، فهى خير أمة أخرجت للناس، لافتا إلى أن شهر رجب هو من أحب الشهور إلى الله، أكرم الله عزّ وجلَّ فيه نبيه ﷺ برحلة خالدة خارقة، خُرقت فيها كل قوانين البشر، وطُمست فيها كل قواميس المادة.

وأضاف خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، وعنوانها "نفحات بين رجب وشعبان":"حينما أُسرى به ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، ثم عُرج به إلى السماوات العلى، وشاهد ما شاهد من آيات ربه الكبرى، ورأى مالم يراه نبى قبله، فى مكان لم يصل إليه أحد؛ عند سدرة المنتهى، تسمر عنده رفيق الرحلة جبريل ولم يتحرك، فيقول له سيدنا محمد ﷺ "أهنا يترك الخليل خليله؟" فيرد عليه سيدنا جبريل ويقول: "لكل منا مقام معلوم. يا رسول الله إذا أنت تقدّمت اخترقت وإذا أنا تقدّمت احترقت." وصل النبى ﷺ إلى هذا المقام الذي تعجز عن وصفه فصاحة الفصحاء، وبلاغة البلغاء.

وأشار إلى عظم منزلة رسولنا الكريم ﷺ عند ربه، فسيدنا موسى عليه السلام طلب من الله رؤيته، لكن المولى عزّ وجلَّ قال له لن ترانى، وفى ليلة المعراج نودى على الرسول ﷺ تعال يا حبيبي لترى نورى، قال سيدنا موسي: رب اشرح لى صدرى، ورب العالمين لمحمد قال: ألم نشرح لك صدرك. قال سيدنا موسي: وعجلت إليك ربى لترضى، ويقول النبى ﷺ وعزتك وجلالك لا أرضى وواحد من أمتى في النار.

وأضاف: كانت رحلة الإسراء والمعراج رحلة تكريم للرسول وللأمة فى شخصه ﷺ، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية الآن على أعتاب شهر شعبان، شهر الفرح بعد الضيق، والفرج بعد الهم، والمنحة بعد المحنة، وهو شهر تحويل القبلة، حيث وقعت محن لرسول الله ﷺ أراد المولى عزّ وجلَّ أن يكافئه بعدها فكان تحويل القبلة، ففى الحديث (صلينا مع النبيِّ نحو بيت المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا وصُرف إلى القبلةِ)، نزل الأمر الإلهي بتحويل القبلة فى شهر شعبان، فهو شهر توحيد الأمة، وشهر قبول الدعاء، قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}. كانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تداعب النبى ﷺ فتقول: "ما أرى ربك إلا يسارع في هواك".

وأردف: كان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين، فأما المسلمون فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا: (آمنا به كل من عند ربنا)، وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم. وأما المشركون فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا، يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق، وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيا لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء، وأما المنافقون فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه، إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. وكان تحويل القبلة بعد هجرة النبى ﷺ بقرابة العامين، وبعد حادثة الإسراء والمعراج.

واسترسل خطيب الجامع الأزهر: كان هناك اختبارات أربعة الأول كان اختبار عقيدة وثبات، والثاني اختبار التضحية، وما أصعب الخروج من الوطن، والثالث كان اختبار طاعة وقيام فكان تحويل القبلة، وأما الرابع فكان اختبار الجهاد، وهو أصعب اختبار فهو "جهاد النفس والشيطان".

وحث الغفير، المسلمين على تدبر هذه النفحات العظيمة، واستلهام العبرات والعظات منها لأنها جاءت تكريماً لرسول الله ولأمته فى شخصه ﷺ، الإسراء والمعراج تكريم، وتحويل القبلة تكريم، نزول القرآن ببراءة السيدة عائشة - رضى الله عنها - تكريم، فهذه أمة يحبها الله، وهى أمة مكرمة عند الله.

وذكّر، المسلمين بأن كل ما يحل بأمة الإسلام من انتكاسات، وأزمات، وفقر، وغلاء ماهو إلا مرحلة من مراحل المد والجزر التاريخي، وستزول بقدر الله، ولا يمكن أن تدوم، فلها أعمار كأعمار بنى آدم، ولكل شدة مدة، فالأمة تمرض، وتختبر، وتمتحن، لكنها لا تموت، ثم بعد ذلك يأتي النصر والعزة لهذه الامة، حتي تفيق من غفلتها وتعود من كبوتها، حتى ندرك أن التقدم الحقيقي يكون فى الصلة بالله العلي العظيم، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: سعر الفائدة كأس الأمم الإفريقية أسعار الذهب سعر الدولار مخالفات البناء الطقس فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 خطبة الجمعة الجامع الأزهر جامعة الأزهر طوفان الأقصى المزيد الإسراء والمعراج النبى ﷺ

إقرأ أيضاً:

ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: «أليست نفسا» مبدأ إسلامي شامل في التعامل مع الإنسان

استأنف ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" بالجامع الأزهر الشريف، فعالياته الأسبوعية أمس، الثلاثاء، تحت عنوان: “الإسلام وحقوق الإنسان”.

وحاضر  في ملتقى هذا الأسبوع، كل من؛ الدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين، والدكتور محمود الصاوي، الوكيل السابق لكلية الدعوة بجامعة الأزهر،  وأدار الملتقى الإعلامي سمير شهاب.

في بداية الملتقى، أكد فضيلة الدكتور محمود الصاوي، أن الإنسان هو خلق الله سبحانه وتعالى، لهذا جاءت الشريعة الإسلامية بضوابط لصيانة حقوقه الكاملة، التي تضمن سير الحياة في سياق منضبط، كما راعى الإسلام الاتزان بين الحقوق والواجبات بين الأفراد، فإذا ما راعى الإنسان منظومة الحقوق كما بينتها الشريعة الإسلامية، وصل المجتمع إلى أرقى المستويات، هذا النموذج الراقي هو الذي جعل المجتمع الإسلامي الأول مجتمعا حضاريا لم تشهد البشرية نموذجا مثله.

وقال إن الحضارة التي وصل إليها المجتمع الإسلامي الأول،  كانت بفضل قيم التعايش والتكافل التي ميزت أفراده، حيث تحول بفضل مبادئ الشريعة إلى مجتمع متحضر وراق، رغم التنوع الثقافي والديني والعرقي الذي كان يتسم به.

وأضاف فضيلة الدكتور محمود الصاوي أن منظومة القيم التي أرستها الشريعة الإسلامية تتميز بشموليتها، فهي تضمن حقوق الإنسان  دون نقصان، حيث تقوم فلسفة هذه المنظومة المتكاملة على مبدأ أساسي وراسخ هو الحيلولة دون أي تعد من فرد على حقوق غيره، سواء كان هذا التعدي ماديا يمس ممتلكاته أو جسده، أو معنويا يمس كرامته وسمعته، من هذا المنطلق، لم تكن القاعدة الفقهية العظيمة "لا ضرر ولا ضرار" مجرد مبدأ نظري، بل هي حجر الزاوية الذي بنيت عليه تشريعات الإسلام، لتكون بمثابة صمام أمان يحمي المجتمع من الفوضى والظلم، ويضمن لكل فرد العيش في بيئة يسودها العدل، هذه القاعدة تعكس جوهر الشريعة في حفظ الحقوق ودفع المفاسد، وتؤكد على أن المصلحة الفردية يجب ألا تتعارض مع المصلحة العامة، وأن الضرر يُزال حيثما وجد، سواء كان ذلك الضرر يقع على النفس أو على الآخرين.

من جانبه، أوضح الدكتور مجدي عبد الغفار، أن القرآن الكريم قد عبر عن حقوق الإنسان بأسلوب راق في العديد من آياته، ويتجلى ذلك في قوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" هذه الآية تؤسس لمبدأ الكرامة الإنسانية كحق أصيل لكل فرد، بغض النظر عن لونه أو جنسه أو معتقده، كما تتضح هذه الفلسفة في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، حيث تؤكد هذه الآية على مبدأ المساواة بين البشر، وأن الهدف من هذا التنوع هو التعارف والتعاون لا التنافر والصراع، مما يرسخ أساسا متينا لاحترام حقوق الآخرين.

دعاء النبي عند الحر الشديد .. ردد أفضل 14 تغفر ذنوبك وتدخلك الجنةأجمل دعاء فى الصباح.. ردده يسخر الله لك من يقضي حاجتك ويفرج كربتك

وبين فضيلة الدكتور مجدي عبد الغفار أن النفس البشرية بنيان الله -سبحانه وتعالى- ومن هدمها ملعون، وهو ما بينه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من أعان على قتل امرئ مسلم ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله"، يُظهر هذا الحديث  خطورة  المشاركة في إزهاق الأرواح ولو بشيء يسير وهو جزء من كلمة، فما بالنا بمن يسفكون الدماء ويقتلون الأطفال والناس بغير حق؟ مستخدمين أبشع طرق القتل والتعذيب والتنكيل، إضافة إلى التمثيل بالقتل، فهولاء لا يعرفون للبشرية حقا ولا للإنسانية طريقا.

وذكر فضيلة الدكتور مجدي عبد الغفار، أن النصوص الشرعية، في ترسيخها للأحكام والقواعد الشرعية، استندت إلى ثلاثة مبادئ أساسية: أولا، الوعي قبل السعي، أي الفهم الصحيح للنصوص قبل تطبيقها، فسوء الفهم يؤدي إلى تطبيقها في غير موضعها، ثانيا، الإنسان قبل البنيان، بمعنى أن قيمة الإنسان مقدمة على أي شيء آخر، وهو ما يتجلى في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس"، وقوله أيضا: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وهذا ما يفسر موقف الإسلام من العنصرية، كما يتضح من قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مرت جنازة يهودي: "أليست نفسا؟، مما يؤكد على احترام النفس البشرية بغض النظر عن دينها أو عرقها، ثالثا، الساجد قبل المساجد، أي أن قيمة العابد مقدمة على قيمة مكان العبادة، وهذا يعني أن غاية العبادة هي تزكية النفس وصلاحها، وليس مجرد إقامة الشعائر دون مراعاة لحقوق الإنسان.

وفي ختام الملتقى، شدد الإعلامي سمير شهاب، على ضرورة إدراك حقيقة جوهرية، وهي أن الدين الإسلامي قد سبق جميع الدساتير والقوانين الدولية الحديثة في إقراره الشامل لحقوق الإنسان، ولم يكن الإسلام مجرد سباق زمني، بل كان رائدا في تأسيس منظومة متكاملة ومتوازنة لحقوق الفرد والمجتمع،  بل حمى الإسلام الحقوق الشخصية بكل دقة وتفصيل، مقدما بذلك نموذجا فريدا في صيانة كرامة الإنسان وحريته، بينما جاءت الدساتير والقوانين الدولية لاحقا لتعكس جزءا من هذه المبادئ التي أُرسيت جذورها في الشريعة الإسلامية منذ قرون عديدة.

جدير بالذكر أن ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" يُعقد الثلاثاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، حيث كان بمسمى "شبهات وردود" وتم تغييره لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، بعد نجاحه طوال شهر رمضان والذي كان يعقد يوميًا عقب صلاة التراويح، ويتناول هذا الملتقى في كل حلقة قضية تهم المجتمع والوطن، والعالَمَين العربي والإسلامي.

طباعة شارك الأزهر للقضايا المعاصرة الإسلام وحقوق الإنسان الجامع الازهر

مقالات مشابهة

  • مدير الجامع الأزهر: سورة لقمان بدأت بحروف متقطعة عجز العلماء عن تفسيرها|فيديو
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر
  • فضل صلاة الضحى وثوابها للمسلم.. اعرف كيفية أداؤها
  • بعد أزمة القبلة.. راغب علامة يحيي حفلا غنائيا بباريس في هذا الموعد
  • يسري عزام: المقوقس أرسل للنبي محمد عسلًا من «بنها»
  • هل من أدرك الصلاة في التشهد الأخير يأخذ ثواب الجماعة؟.. الأزهر يجيب
  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: «أليست نفسا» مبدأ إسلامي شامل في التعامل مع الإنسان
  • التلوث ينهش العراق.. قوانين بلا أنياب وغرامات بلا جدوى
  • أستاذ بالأزهر: محاولات تحويل الغضب العالمي من إسرائيل إلى مصر وقاحة غير مسبوقة
  • هل نسيان البسملة في الفاتحة يبطل الصلاة؟.. الأزهر يجيب