موقع النيلين:
2025-12-02@17:21:24 GMT

في الحاجة إلى الفلسفة الإسلامية

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT


لم يعد الدارسون عموماً اليوم يحصرون مفهوم الفلسفة الإسلامية في الإرث النظري والعملي الذي ورثه الفلاسفة المسلمون عن اليونان، وقرؤوه قراءات مرتبطة بهمومهم النظرية والعملية والثقافية، بل أصبح الاتجاه هو توسيع مجال هذا المفهوم ليضم التصوف وعلم الكلام والعلوم كما مثّلها الخوارزمي وابن الهيثم والرازي وغيرهم، بل إن بعض الدارسين المعاصرين لا يرون غضاضة في توسيع «ما صدق» الفلسفة الإسلامية لأكثر ليضم كل ما هو «إنساني مستوعب في العقل»، حيث تعتبر أن الفلسفة ما دامت يونانية، فحيثما دخلت إلى ثقافة أخرى، فإن الناتج لا يكون فلسفة يونانية، بل يكون «الفلسفي بحسب الثقافة المستقبلة»، ولابد من «تقصّي هذا الفلسفي وإرهاف السمع إلى صوته مختلطاً بعديد الأصوات الأخرى، واستخراجه واسترداده لينظر فيه المشتغلون بالفلسفة»، ومن هنا يصبح الأدب التخييلي جزءاً من فضاء الفلسفة، بل يجب التماس الفلسفة في الشعر الجاهلي، وكذا شعر أبي العلاء والمتنبي، دون إغفال هذه الطائفة التي«لا تحسب عادة على أهل العقل من أمثال ابن قتيبة وابن أبي الدّنيا وابن حبان، وبخاصة ما صنفوه في الأخلاق والعقل والفضيلة والإنسان الفاضل»، وكذا الانتباه إلى«أنظار اللغويين والنحاة حين يبحثون في الدلالة وعلاقات الكلمات بالأشياء».

ويدعو لين غودمان، ممثل هذا الاتجاه، إلى التماس الحكمة في مقامات بديع الزمان الهمذاني باعتبارها«مقامات تأملية عنوانها الكبير التهكم».

إن أصحاب هذا الاتجاه على وعي بأن هذا الفلسفي هو نوع من«الفلسفة بالمعنى الضعيف»، لذا تجده يلتفت إلى ما يسميه«الفلسفة بالمعنى القوي»، لكن دون إقامة أي تراتبية تفضيلية بينهما، مع دعوة إلى أخذ فلاسفة الإسلام المعروفين مأخذ الجد. ومع ذلك فقد اختلف الدارسون في نعت هذه الفلسفة؛ فبعضهم يرى تسميتها بالفلسفة العربية أو الفلسفة العربية الإسلامية متنكّبا عن تسميتها بالفلسفة الإسلامية، على أساس أنها«استعارت المفاهيم والمصطلحات العربية التي تم نحتها وصياغتها باللغة العربية حصراً، وذلك لاستيعاب الفكر الفلسفي اليوناني في العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية»، وبعضهم يميل إلى التمييز بين ما سماه«فلسفة الإسلام»، ويقصد بها علم الكلام باعتباره علماً إسلامياً أصيلاً عنده، وبين الفلسفة الإسلامية، ويقصد بها الأنظار المتأثرة بفلسفة اليونان، وتخص الفلاسفة الإسلاميين كالفارابي وابن سينا.

لكن الفلسفة الإسلامية عانت دائماً من نقيصتين؛ موقف سلبي تراوح بين حضاراتنا الإسلامية التي كانت تمج التفلسف عموماً وتقدح في أهلها، وبين الحضارة الغربية التي بادر مستشرقوها إلى التهوين من شأن الفلسفة الإسلامية باعتبارها وجهاً من وجوه الفلسفة اليونانية ليس غير. موقف أيديولوجي زجّ بالفلسفة الإسلامية في إطار الصراع الإيديولوجي وأخرجها من إطارها العلمي.

والموقفان معاً جاهلان بالفلسفة الإسلامية وبقضاياها وبإسهامها في النهضة الحضارية. إن البحث في مكانة الفلسفة الإسلامية يقتضي البحث في مكانتها في تاريخ الفلسفة ومكانتها في تاريخ الفكر الإسلامي أيضاً، فالفلسفة الإسلامية جزء أساس من تاريخ الفلسفة، وعلومها هي جزء أساس من تاريخ العلوم، فقط يجب العمل على تحقيق النّصوص الفلسفية وترجمتها إلى اللغات الحية لتصبح متاحة للقارئ العربي، وتبرز مساهمة المسلمين في التاريخ الفلسفي والعلمي الكوني في مختلف فروع المعرفة، وكذا حجم التأثير الفلسفي الإسلامي في الحضارة الأوروبية. وقد أصبحت أطروحة «رينان» التي تعتبر الفلسفة الإسلامية مجرد ترجمة للفلسفة اليونانية تقاوَم بأبحاث تبرز تفاعل الفلسفة الإسلامية المبدع مع التّراث اليوناني القديم، وإسهامها في تطوير كثير من فروع العلوم الفلسفية.

د. ابراهيم بورشاشن – مدير مركز الدراسات الفلسفية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية
جريدة الاتحاد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الفلسفة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

كنت بخاف الناس تقول بعدما شاب ودّوه الكُتّاب.. الحاجة فاطمة تختم القرآن في عمر الـ80

في قصة ملهمة تعيد تعريف الإرادة، روت الحاجة فاطمة عطيتو، صاحبة الثمانين عامًا، تفاصيل رحلتها الاستثنائية لحفظ القرآن الكريم كاملًا في هذا العمر، لتثبت أن التعلم لا عمر له، وأن النور يمكن أن يبدأ من أي نقطة في الحياة.

وتحدثت الحاجة فاطمة خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "صباح الخير يا مصر" المذاع عبر فضائية الأولى المصرية، قائلة إن حكايتها بدأت منذ نحو عشرين عامًا، حين كانت في سن الستين وقررت اتخاذ أول خطوة في طريق لا يشبه سواه.

مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم تنتهي من تصفيات الـ"أون لاين"محافظ قنا يكرم سيدة أتمت حفظ القرآن الكريم بعمر 80 عاما"كنت بمشي في الشارع مكسوفة".. بداية طريق التغيير

استعادت الحاجة فاطمة ذكريات اللحظة التي اتخذت فيها قرار الالتحاق بفصول محو الأمية، وقالت:"كنت بمشي في الشارع مكسوفة، خايفة الناس تقول بعد ما شاب ودّوه الكتّاب".

ورغم الشعور بالخجل، إلا أنها قررت أن تتحدى نظرة المجتمع وأن تبدأ من جديد، فخطفت بيديها فرصة ثانية للحياة.

حرف وراء حرف.. نور يتسع كل يوم

وأوضحت أنها تعلّمت القراءة والكتابة بصبرٍ كبير، وأن كل حرف كانت تتقنه كان يفتح أمامها بابًا جديدًا من المعرفة والثقة، لتبدأ بعدها الانجذاب نحو حفظ القرآن الكريم، وهو الهدف الذي لم تكن تتخيله يومًا ولم يمض كثير من الوقت حتى أصبح القرآن جزءًا من يومها، تحفظ وتراجع وتعيد حتى يرسخ في القلب قبل الذاكرة.

عشرون عامًا من المثابرة 

على مدار سنوات طويلة، واظبت الحاجة فاطمة على الحفظ رغم مشاق العمر وضغوط الحياة اليومية، وتمسكت بحلمها خطوة بعد خطوة ولم يكن الطريق سهلاً، لكن عزيمتها كانت أقوى، فمضت بثبات حتى أتمت ختم القرآن كاملًا وهي في عمر الثمانين.

قدمت الحاجة فاطمة عطيتو نموذجًا حيًا لإرادة لا تنطفئ، ورسالة واضحة بأن العمر لا يقف يومًا أمام الحلم، وأن من يمسك بطرف الأمل يستطيع أن يصل مهما طال الطريق.

طباعة شارك الحاجة فاطمة الحاجة فاطمة عطيتو صاحبة الثمانين عامًا

مقالات مشابهة

  • "تعليم الدولة" تستضيف طلبة برنامج دكتوراه الفلسفة في القيادة التربوية بجامعة نزوى
  • بريطانيا تحث على دخول المساعدات دون عوائق لقطاع غزة
  • كنت بخاف الناس تقول بعدما شاب ودّوه الكُتّاب.. الحاجة فاطمة تختم القرآن في عمر الـ80
  • جيولوجيا الأخلاق
  • خطوات طلب شهادة وفاة بدل تالف عبر أبشر
  • وفيات الاثنين .. 1 / 12 / 2025
  • خاص| أول صور لأحد المختطفين في مالي.. وابن خالته لـ “صدى البلد”: تم استيقافه أثناء توجهه لمصر.. والجهود أعادته لحضن زوجته وابنته
  • حين يغيب المبدأ
  • الفلسفة الراهنة في مواجهة التحديات المعاصرة
  • وفيات الأحد .. 30 / 11 / 2025