#سواليف

قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وبعد مرور 15 يومًا على صدور قرار #محكمة_العدل_الدولية الذي ألزم إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع ارتكاب #جريمة_الإبادة_الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع #غزة، وثق مواصلة الجيش الإسرائيلي ارتكابه لتلك الجريمة بذات الوتيرة، من خلال قتل المدنيين على نحو واسع، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، واستمرار حصارهم وتجويعهم وإبقائهم دون غذاء وماء ودواء.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن الجيش الإسرائيلي يستمر في تنفيذ عمليات تدمير منهجي وواسع النطاق للمناطق والأحياء السكنية والبنية التحتية المدنية ومرافقها، مما جعل معظم القطاع بحكم الأمر الواقع مكانًا غير قابل للحياة والسكن.

وأضاف الأورومتوسطي أنه وثق قتل الجيش الإسرائيلي لأكثر من 1864 فلسطينيًّا، من بينهم 690 طفلًا و441 امرأة، إضافة إلى أكثر من 2933 إصابة، منذ صدور قرار المحكمة، ما يرفع عدد الضحايا القتلى للهجوم المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 35880 شهيد، من بينهم 13880 طفل، و7910 امرأة.

مقالات ذات صلة تحذيرات من مجزرة عالمية في حال اجتياح رفح 2024/02/10

بذلك، فإن إسرائيل تواصل انتهاك التزاماتها الدولية وقرار المحكمة الأعلى في العالم، بارتكابها جريمة كل الجرائم، جريمة الإبادة الجماعية، التي تصب إسرائيل في إطار تنفيذها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والقائمة كجرائم بحد ذاتها، ضد الفلسطينيين وعلى نحو كلي في قطاع غزة.

وذكر الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي نسف ما لا يقل عن 43 مربعًا سكنيًّا خلال هذه المدة، يحوي كل مربع بين 20-50 منزلاً، خاصة في خانيونس جنوب قطاع غزة، واستمر في قصف منازل وتدميرها، رغم انتهائه من عملياته العسكرية فيها منذ أسابيع.

وأظهر تحليل صور قمر صناعي أوروبي حجمًا مهولاً للدمار في قطاع غزة، إذ تبين أن ما لا يقل عن 68% من المباني مدمرة أو متضررة شمال قطاع غزة، و72% على الأقل بمدينة غزة، و39% بالمعسكرات الوسطى، و46% في خان يونس. أما في مدينة رفح جنوب القطاع التي تلوح إسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية فيها، فبلغت نسبة الدمار فيها نحو 20%، بحسب رصد القمر الصناعي.

وتشير التقديرات الدولية والأممية على أن إزالة الأنقاض ستستغرق سنة على الأقل، وما بين 7 و10 سنوات لإعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة، كما أن الاقتصاد في القطاع لن يتمكن من استعادة مستويات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 إلا في عام 2092، مع استمرار تدهور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والظروف الاجتماعية والاقتصادية. وبأحسن الأحوال، وفي حال تم رفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل إلى جانب بدء عملية إعادة الإعمار على الفور، فإن ذلك يمكن أن يتحقق في عام 2035.

وأكد الأورومتوسطي على أن الجيش الإسرائيلي يواصل عملية التدمير الشامل لكل المباني السكنية وتجريف الأراضي الزراعية في حدود يتراوح بين 1 إلى 1.5 كم بمحاذاة السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة وشماله، في إطار سعيه لإقامة منطقة عازلة تقتطع قرابة 15% من مساحة القطاع الذي لا يتعدى 365 كيلومترًا مربعًا، ويعد ضمن أعلى المناطق كثافة سكانية في العالم.

كما اقتحمت القوات الإسرائيلية أمس الجمعة عدة مدارس تؤوي آلاف النازحين في مخيم خانيونس، وقتلت تسعة منهم على الأقل، واعتقلت الرجال بعد أن أجبرتهم على التعري، فيما أجبرت النساء على المغادرة باتجاه إما منطقة مستشفى غزة الأوروبي أو منطقة مواصي خان يونس ورفح.

وبدلاً من تسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة، صعدت إسرائيل من إجراءاتها لتقييد وصول هذه المساعدات عبر عدة آليات، منها السماح لمجموعات من المستوطنين المتطرفين بموافقة الشرطة الإسرائيلية وبناء على أوامر وزير المن القومي “إيتمار بن غفير” بتعطيل مرور شاحنات المساعدات من معبر “كرم أبو سالم”، وتكرر ذلك عدة مرات.

ونتيجة القيود الإسرائيلية، يعاني مئات الآلاف من السكان في شمال قطاع غزة من جوع حقيقي وحرمان متواصل وشديد من المواد الغذائية، فيما تبقى هناك مؤشرات عالية على بدء انتشار المجاعة في تلك المنطقة، وتسبب ذلك بخسران جميع السكان أكثر من 1200 طن من أوزانهم، نتيجة الحرمان من الغذاء الكافي، وهو ما سيكون له تأثيرات مستقبلية خطيرة على صحتهم وجهازهم المناعي، وسيؤدي إلى حالات وفاة كبيرة تفوق الأعداد الكبيرة الناجمة عن القتل المباشر.

وأشار في هذا الصدد إلى ما أعلنه المفوض العام للأونروا “فيليب لازاريني”، أن آخر عملية توزيع للمواد الغذائية في شمال وادي غزة نفذتها الأونروا كانت في 23 كانون ثانٍ/ يناير الماضي، وأن إسرائيل رفضت منذ بداية العام نصف طلبات إرسال المساعدات التي قدمت للشمال. وأضاف “لازاريني” أن الأمم المتحدة حددت مناطق عميقة من المجاعة والجوع في شمال غزة، فيما أكدت المعطيات الواردة في تقارير آليات عمل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أنه بحلول 7 شباط/فبراير 2024 سيكون جميع سكان قطاع غزة، أي بنسبة 100%، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد الشديد، بينما سيكون أكثر من نصف مليون شخص في مرحلة المجاعة، ويعانون من الحالة القصوى من حرمان الغذاء، وازدياد في حالات الوفاة الناتجة عن الجوع أو سوء التغذية أو الأمراض المرتبطة بهما.

وكان المرصد قد وثق حادثة وفاة المسن الفلسطيني أحمد شاكر عايش عن عمر يناهز 70 عاما، الذي أفاد أقاربه أنه مات جوعا في مخيم الشاطئ في مدينة غزة في 28 يناير.

يذكر أن إسرائيل شنت حملة تحريض جديدة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تعد الجسم الأكبر لتقديم المساعدات للفلسطينيين في القطاع، بدعوى مشاركة 12 من موظفيها في هجوم 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي. تلا ذلك قيام 18 دولة بقطع تمويل الوكالة الأممية التي تقوم بإيواء أكثر من 1.2 مليون لاجئ من أصل 1.9 مليون لاجئ في قطاع غزة. ومن شأن قطع التمويل الذي يأتي كشكل من أشكال العقاب الجماعي للفلسطينيين بأكملهم أن يوقف عمل الوكالة الأممية مع عدم وجود بديل عنها، الأمر الذي يعني تكريسًا لحالة التجويع وانتشار المجاعة واليأس وانقطاع الخدمات الأساسية في قطاع غزة.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن إسرائيل تواصل استهداف ما تبقى من المنظومة الصحية في قطاع غزة، وتعطيل أي قدرة لديها لإنقاذ حياة الفلسطينيين باستمرارها القصف المباشر وإطلاق النار على المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، مع بدء الشهر الخامس على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد القطاع.

وأبرز الأورومتوسطي أنه وثق في الأيام الماضية العديد من الهجمات العسكرية الإسرائيلية الخطيرة، التي نتج عنها تعطيل العودة الجزئية لعمل المستشفيات، خاصة في مدينة غزة وشمالها، والتي تأتي في إطار هجوم إسرائيل واسع النطاق الذي طال القطاع الصحي بمكوناته المختلفة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأوضح الأورمتوسطي أنه إلى جانب عمليات القصف الإسرائيلي التي لا تتوقف، بما فيها تدمير منازل سكنية على رؤوس ساكنيها وقتل النازحين قسرًا بعد ترويعهم واستجابتهم لأوامر إخلاء إسرائيلية غير قانونية، فإن إسرائيل تواصل هجومها على ما تبقى من النظام الصحي في غزة، وتحاصر المستشفيات التي بقيت تعمل جزئيًّا في خانيونس جنوبي القطاع وتستهدفها بشكل مباشر، حيث يقترب كل من “مستشفى ناصر” الحكومي و”مستشفى الأمل” التابع للهلال الأحمر من التوقف التام نتيجة الحصار والاستهداف المتكرر.

وأكد أنه بالتزامن مع إعداد هذا البيان، اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى “الأمل” في خانيونس، بعد 20 يومًا من الحصار والقصف الذي أدى إلى مقتل وإصابة العشرات داخل المستشفى، وإجبار حوالي 8000 شخص على النزوح الفوري، دون أن يكون لهم أي وجهة أخرى معلومة يتخذونها ملجأ، فيما بقي هناك أربعون نازحًا فقط من كبار السن، بالإضافة إلى حوالي 80 مريضُا وجريحُا ومائة من الطواقم الإدارية والطبية.

بموازاة ذلك تم كشف وتوثيق إقدام الجيش الإسرائيلي على قتل وإصابة عشرات النازحين الفلسطينيين وحرق وتدمير منازل سكنية ومقرات مؤسسات عامة مثل جامعة “الأقصى” ومدارس تابعة للأمم المتحدة ومراكز تسوق في منطقة الرمال الجنوبي غرب مدينة غزة بعد انسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية منها في الساعات الأخيرة.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل لم تظهر أي جدية إزاء التحقيق في جرائم مروعة، بما فيها عمليات قتل وإعدام لأسرى ضمنهم مدنيون، وعمليات نهب وحرق منازل تجري بشكل ممنهج، وفق ما اعترف به طبيب في الجيش الإسرائيلي خدم لمدة شهرين حسب ما أوردت صحيفة “معاريف” العبرية هذا اليوم. ولم تباشر إسرائيل حتى تاريخه بالتحقيق في تلك الانتهاكات أو مساءلة ومحاسبة أي من المسؤولين السياسيين أو العسكريين أو الأشخاص المدنيين المتورطين في التحريض على إبادة الفلسطينيين في القطاع.

ورصد الأورومتوسطي عددًا من مقاطع مصور ما تزال تتكشف لضباط وجنود إسرائيليين في الميدان يشيرون مباشرة إلى التحريضات الرسمية الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك “توجيهات العماليق” مع بيانات إضافية تفيد بالنية الإبادية، وتأكيد تنفيذها عمليًّا على أرض الواقع، وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، كمقطعين مصورين لكل من الضابط افي الجيش الإسرائيلي “هيا بن هيمو”، والضابط “اتسيك وولف” وكذلك الأمر فيما يخص مقطعًا مصوّرًا نشره جندي إسرائيلي آخر، يروج لمحل الحلاقة الذي يملكه وهو واقف بجانب جثامين ثلاث ضحايا فلسطينيين، من بينهم امرأة، معلقًا: “هذا ما يستحقونه، أولاد العماليق”.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى إجراء تحقيقات دولية في الانتهاكات الموثقة منذ بدء إسرائيل هجومها العسكري على غزة، وإلى ضرورة إسراع المحكمة الجنائية الدولية بإجراءات تحقيقها، ووضع ما يجري في قطاع غزة ضمن أولويات عملها، والعمل لإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب التي تتمتع بها إسرائيل، وتقديم جميع مصدري الأوامر ومنفذيها إلى العدالة ومحاسبتهم، بما يضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم.

وجدد المرصد الأورومتوسطي دعوته إلى المجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية والدولية تجاه نفسه وتجاه سكان قطاع غزة، وضمان تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، والعمل فورًا على وقف جريمة الإبادة الجماعية، التي قررت المحكمة رسميًّا بشبهة وقوعها هناك، والعمل والضغط على نحو حاسم لإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية إلى قطاع غزة بشكل فوري وسريع ودون عوائق، من أجل وقف انتشار المجاعة في القطاع، والضغط من أجل مرور لجان التقصي والتحقيق الدولية والأممية إلى القطاع منعًا لتدمير الأدلة المرتبطة بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل هناك.

وحذر الأورومتوسطي من التبعات الخطيرة لاستمرار قيام العديد من الدول المانحة بتعليق تمويلها لـ “الأونروا” في ظل الأوضاع الراهنة الكارثية والمجاعة الآخذة بالانتشار في القطاع، باعتبارها الوكالة الإنسانية الرئيسة في قطاع غزة، ويعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة، واصفًا القرار بالانتهاك الخطير للالتزامات الدولية لهذه الدول، خاصة فيما يتعلق بحماية الفلسطينيين من جريمة الإبادة الجماعية.

وأخيرًا، دعا الأورومتوسطي إلى تكثيف العمل من قبل المؤسسات الوطنية والدولية والأممية لمراقبة ورصد وتوثيق انتهاكات إسرائيل والإبلاغ عنها ونشرها على أوسع نطاق، من أجل تعزيز القدرة على مساءلة إسرائيل ومحاسبتها، خاصة فيما يتعلق بانتهاكها لقرار المحكمة العدل الدولية، وتقديم الأدلة اللازمة إلى المحكمة بعد انتهاء المهلة، ومدتها شهر، التي منحتها المحكمة لإسرائيل من أجل رفع تقرير حول تنفيذ التدابير التي انطوى عليها القرار.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الأورومتوسطي محكمة العدل الدولية جريمة الإبادة الجماعية غزة جریمة الإبادة الجماعیة المرصد الأورومتوسطی الجیش الإسرائیلی العدل الدولیة فی قطاع غزة مدینة غزة فی القطاع أکثر من خاصة فی من أجل

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي .. خطةالاحتلال الجديدة للمساعدات في غزة تنتهك القانون الدولي ومُصمّمة لتهجير السكان

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ الآلية الإسرائيلية الجديدة لإدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، والمزمع تشغيلها الأسبوع الجاري، تُشكّل انتهاكًا لقواعد القانون الدولي، وقد صُمّمت في جوهرها لاضطهاد السكان الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا من أجزاء واسعة من القطاع، وترسيخ السيطرة العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي عليه، فضلًا عن كونها محاولة لتضليل الرأي العام العالمي الذي بدأ يلتفت أخيرًا إلى الواقع الإنساني الكارثي في غزة.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الأحد، أنّ المعلومات المتوفرة حول الآلية الإسرائيلية تشير بوضوح إلى أنها صُمّمت كأداة سيطرة قسرية على السكان المدنيين، تقوم على تقديم طرد مساعدات واحد فقط أسبوعيًا لكل عائلة، بكمية محدودة، وبشروط أمنية تقييدية، في انتهاك صريح لمبدأ عدم التمييز، ولمعيار الكفاية والاستمرارية في المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أنّ هذه الآلية لا تفي بأي من شروط الإغاثة المحايدة والفعّالة، بل تُستخدم وسيلة لإخضاع المجتمع الفلسطيني عبر التحكم في مقومات بقائه الأساسية.

وأضاف أنّ هذه الآلية وُضعت لدفع سكان محافظة شمالي غزة ومحافظة غزة – اللتين تضمان قرابة نصف عدد سكان القطاع – إلى النزوح القسري نحو مناطق الوسط والجنوب، حيث تتركز نقاط التوزيع، إلى جانب إخضاع جميع أرباب الأسر لفحص أمني دقيق، بما يعرّضهم لخطر الإخفاء القسري أو الاعتقال التعسفي، لا سيما في ظل تمركز قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب نقاط التوزيع وعلى امتداد الطرق المؤدية إليها.

الآلية الإسرائيلية تفتقر من حيث الأساس إلى أي شرعية قانونية أو إنسانية، إذ تنتهك قواعد القانون الدولي وأبسط معايير العمل الإغاثي، وتستغل المساعدات كأداة للسيطرة والتهجير

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ الآلية الإسرائيلية تفتقر من حيث الأساس إلى أي شرعية قانونية أو إنسانية، إذ تنتهك قواعد القانون الدولي وأبسط معايير العمل الإغاثي، وتستغل المساعدات كأداة للسيطرة والتهجير، فضلًا عن كونها غير قابلة للتطبيق فعليًا، إذ خصص جيش الاحتلال أربع نقاط تسليم فقط لأكثر من مليوني شخص محاصرين في قطاع غزة، في ظل منع شامل لدخول المساعدات والبضائع منذ الثاني من آذار مارس الماضي.

مقالات ذات صلة مصدر يكشف أسباب تعثّر مفاوضات الدوحة الأخيرة بين “حماس” والاحتلال 2025/05/25

وأكد الأورومتوسطي أنّ هذا التوزيع المحدود لا يعبّر عن أي استجابة إنسانية، بل يُمثّل سياسة متعمدة لإدارة الجوع دون إنهائه، عبر التحكم المنهجي في تدفق الغذاء المحدود لإبقاء السكان في حالة عوز دائم، واستغلال حاجتهم للغذاء كوسيلة للضغط والسيطرة والتهجير القسري.

وبحسب المعلومات المتداولة، أنشأ جيش الاحتلال الإسرائيلي نقطة توزيع واحدة جنوبي محور نيتساريم وسط قطاع غزة، وثلاث نقاط أخرى قرب محور “فيلادلفيا” في أقصى الجنوب، ما يُجبر ممثل كل عائلة في محافظات القطاع الخمس على قطع مسافات قد تصل إلى 30 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا أسبوعيًا للحصول على مساعدات غذائية شحيحة، في ظل انعدام الطرق المعبّدة، وغياب وسائل النقل أو الارتفاع الحاد في تكلفتها، واستمرار منع الجيش الإسرائيلي مرور السيارات عبر شارع “الرشيد” غربي غزة، وهو الطريق الوحيد الذي يُسمح فيه للسكان التنقل بين شمالي وجنوبي غزة حاليًّا، بعد إغلاق الجيش الإسرائيلي طريق “صلاح الدين” شرقي القطاع.

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى مشقة الطريق، يُجبر السكان على اجتياز هذه المسافات تحت خطر القصف والاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يُحوّل المساعدات إلى عبء ثقيل بدلًا من وسيلة للبقاء، ويجعل الوصول إليها مستحيلًا بالنسبة للجائعين والمرضى وكبار السن، في مشهد يُفرغ الفعل الإنساني من مضمونه، ويكشف الطابع الإبادي للآلية الإسرائيلية التي تتجاهل عمدًا شروط الوصول الآمن والسلامة والكرامة الإنسانية.

وبحسب تقييم الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي المنتشر في مختلف مناطق قطاع غزة، فإن المراكز الأربعة التي أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن تلبّي احتياجات السكان بأي شكل آمن أو فعّال. ففي السابق، كانت مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية تعتمد على ما يقارب 400 نقطة توزيع منتشرة في مختلف أحياء مدن وبلدات القطاع، قبل أن تمنعها إسرائيل من مواصلة عملها. ورغم هذا الانتشار الواسع وعدم اشراط الفحوصات الأمنية وغياب العراقيل المقصودة، كان السكان يضطرون أحيانًا للانتظار لساعات طويلة للحصول على حصصهم الغذائية، ما يوضح استحالة تلبية الحاجات الحالية عبر نظام تقييدي ومركزي تتحكم فيه القوة القائمة بالاحتلال.

وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال “أحمد سمير” (30 عامًا) وهو معيل لخمسة أفراد: “عندما سمعت عن آلية المساعدات الجديدة أصبت بالغضب والإحباط، فأنا أسكن في شمالي مدينة غزة، ولا أستطيع على الإطلاق الذهاب أسبوعيًا إلى وسط أو جنوبي قطاع غزة للحصول على مساعدة قد لا تسد جوع عائلتي. هذا أشبه بمغامرة غير مضمونة العواقب. على افتراض استطعت الوصول بسلام إلى هناك، من سيضمن لي أنّ الجيش الإسرائيلي سيسمح لي بالعودة إلى شمالي غزة بعد استلام المساعدة؟ تحملّت جميع أنواع القصف والتجويع خلال الشهور الماضية في سبيل عدم النزوح إلى جنوبي القطاع، ولن أفعل ذلك الآن بالتأكيد، ولكنّي في ذات الوقت في أمس الحاجة للمساعدة”.

وأضاف أنّه “عندما كانت المؤسسات الإغاثية المعروفة توزع المساعدات في السابق، كنت أتوجه إلى مركز التوزيع الذي كان على بعد نحو كيلو متر واحد من مركز الإيواء الذي أقيم فيه. كنت أذهب سيرًا على الأقدام وأستخدم عربة صغيرة أجرها بيدي لنقل الطرد الغذائي الذي كان يزن في المتوسط 20 كيلو غرامًا. أما وفق الآلية الجديدة، فمن المستحيل أن أقطع هذه المسافة الطويلة والخطيرة. لا أريد شيئًا سوى العودة للنظام السابق في استلام المساعدات، وقبل ذلك توقف الحرب نهائيًا”.

وفي إفادة أخرى، قال صحافي (فضّل عدم ذكر اسمه) لفريق المرصد الأورومتوسطي: “أعمل في أحد المواقع الإلكترونية المحلية. خلال الحرب، دمّر الاحتلال الإسرائيلي منزلي في مخيم خانيونس جنوبي القطاع، وأنا حاليًا نازح في دير البلح وسط القطاع حيث تقطن عائلة زوجتي. نواجه صعوبة بالغة في توفير احتياجاتنا من المواد الغذائية. لدينا بعض المعلبات اشتريناها بسعر باهظ، في حين يوشك الدقيق أن ينفد ولا يوجد لدينا أي مخزون آخر”.

وأضاف: “لم أستفد شيئًا من المساعدات القليلة التي دخلت خلال الأيام الماضية. وفي ذات الوقت، أتابع بقلق المعلومات عن الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في نقاط محددة تحت حراسة شركة أمنية أميركية في منطقة تتواجد فيها قوات الاحتلال. لا أعتقد أنني سأكون قادرًا على الذهاب هناك والمخاطرة بحياتي، فقوات الاحتلال حولت الصحافيين إلى أهداف للقتل والاعتقال”.

وتابع: “أنا مدني ولكن من يضمن سلامتي إذا ذهبت هناك؟ سأتحمل المزيد من الجوع أنا وأسرتي لحين وجود حلول إنسانية، وأتمنى أن تكون هناك حلول أخرى. لدينا تجربة ممتازة مع “أونروا” لماذا يتم تجاهلها؟ هناك عشرات آلاف الأسر لن تستطيع أن تحصل على المواد الغذائية وفق هذه الخطة، هل يعني أنّه سيحكم عليها وعلينا بالموت جوعًا؟”

ونبّه إلى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” صرح علنًا الأسبوع الماضي أنّ تهجير السكان من قطاع غزة يندرج ضمن شروط حكومته لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، كما قال في ذات الوقت وزير المالية وعضو المجلس الأمني والسياسي المصغر “بتسلئيل سموتريتش” إنّ الجيش الإسرائيلي يعمل الآن في غزة لهدم كل المباني وتكديس الناس في جزء ضيق من رفح، تمهيدًا لتهجيرهم إلى الخارج والسيطرة على قطاع غزة.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، تتحمّل التزامًا قانونيًا بموجب القانون الدولي الإنساني بضمان دخول المساعدات الإنسانية وتلبية احتياجات السكان المدنيين في قطاع غزة، لكن هذا الواجب لا يخولها بأي حال من الأحوال إدارة تلك المساعدات أو التحكم في توزيعها، مشددا على أنّ مهمة توزيع المساعدات يجب أن تبقى حصرًا بيد جهات إنسانية محايدة ومتخصصة، وأنّ أي تدخل عسكري أو سياسي من قبل إسرائيل في هذا المجال يُعد خرقًا جسيمًا للقانون الدولي، وانحرافًا عن الغاية الإنسانية للعمل الإغاثي، وتحويلًا للمساعدات إلى أداة ابتزاز وإخضاع جماعي للسكان المحاصرين.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ الحكومة الإسرائيلية، التي تستخدم التجويع كأداة مركزية لتنفيذ الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بهدف القضاء عليهم كجماعة، لا يمكن أن تكون طرفًا في العملية الإنسانية بأي شكل من الأشكال، إذ إنّ إشراكها في تنظيم المساعدات أو الإشراف على إيصالها يُفضي حتميًا إلى تحويلها إلى وسيلة للسيطرة على مصير السكان، وفرض خيارات قسرية تمهّد لطردهم من أرضهم، في إطار مشروع استعماري يسعى إلى محو وجودهم وضم أراضيهم بالقوة.

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ امتناع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية المستقلة عن التعاون مع الآلية الإسرائيلية، نظرًا لافتقارها لأدنى المعايير الإنسانية، يجب أن يشكّل إنذارًا واضحًا ودافعًا جديًا لجميع الدول لتصعيد الضغوط على إسرائيل، من أجل ضمان تدفق فوري وغير مشروط للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ووقف العمل بأي آليات تُستخدم كأدوات قمع وتهجير، والمضي فورًا نحو إنهاء جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق سكان القطاع منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الدول إلى العمل فورًا على استعادة الوصول الإنساني ورفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني عن قطاع غزة، باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بوقف التدهور الإنساني المتسارع وضمان دخول المساعدات الإنسانية والبضائع، في ظل الخطر الوشيك بحدوث مجاعة، وضمان إنشاء ممرات إنسانية آمنة بإشراف الأمم المتحدة لضمان وصول الغذاء والدواء والوقود إلى جميع مناطق القطاع، مع نشر مراقبين دوليين مستقلين للتحقق من الامتثال.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر شامل لتصدير الأسلحة إليها أو قطع الغيار أو البرمجيات أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري والاستخباراتي والأمني المقدمة لإسرائيل فورًا، بما في ذلك تجميد الأصول المالية للمسؤولين السياسيين والعسكريين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر على سفرهم، وتعليق عمل شركات الصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في الأسواق الدولية، وتجميد أصولها في المصارف الدولية، إضافة إلى تعليق الامتيازات التجارية والجمركية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تُسهِم في تمكينها من مواصلة ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعمق جرائم الإبادة في غزة وإسبانيا تدرس فرض عقوبات على “إسرائيل”
  • الأورومتوسطي .. خطةالاحتلال الجديدة للمساعدات في غزة تنتهك القانون الدولي ومُصمّمة لتهجير السكان
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي
  • شرطة العدو “الإسرائيلي” تقمع متظاهرين يطالبون بوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين
  • النجمة الفرنسية كاترين دونوف توقع على رسالة تدين الإبادة الجماعية في غزة
  • “هند رجب تطارد الجيش الإسرائيلي”.. بيرو تفتح تحقيقا ضد جندي إسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة
  • الأورومتوسطي يدعو لتجميد أصول مسؤولين إسرائيليين وملاحقتهم قضائيا
  • مجلس أوروبا: مأساة غزة قد "ترقى لمستوى الإبادة الجماعية"
  • بعد ضجة ترامب ورامافوزا.. إليكم مفهوم الإبادة الجماعية بالأمم المتحدة وإن كان ينطبق بجنوب أفريقيا